لجنة الزاملي تتهم 18 مسؤولاً مدنيًا وعسكريًا على رأسهم المالكي في سقوط الموصل

رئيس البرلمان: بعد عرض تقريرها على مجلس النواب سيحال للقضاء ليقتص من المتورطين

صورة من وكالة «مهر» الإيرانية لإسحاق جهانغيري النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيراني لدى استقباله نوري المالكي النائب المقال للرئيس العراقي في طهران أمس
صورة من وكالة «مهر» الإيرانية لإسحاق جهانغيري النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيراني لدى استقباله نوري المالكي النائب المقال للرئيس العراقي في طهران أمس
TT

لجنة الزاملي تتهم 18 مسؤولاً مدنيًا وعسكريًا على رأسهم المالكي في سقوط الموصل

صورة من وكالة «مهر» الإيرانية لإسحاق جهانغيري النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيراني لدى استقباله نوري المالكي النائب المقال للرئيس العراقي في طهران أمس
صورة من وكالة «مهر» الإيرانية لإسحاق جهانغيري النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيراني لدى استقباله نوري المالكي النائب المقال للرئيس العراقي في طهران أمس

في حين يواصل نائب الرئيس العراقي المقال نوري المالكي زيارته إلى إيران مع عدد كبير من رجال الطبقة السياسية الدينية وقادة الفصائل المسلحة، اتهمت لجنة التحقيق البرلمانية الخاصة بسقوط الموصل في يد تنظيم داعش، المالكي، الذي كان وقتذاك رئيسا للوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، بالتسبب في سقوط الموصل.
وقال رئيس لجنة التحقيق حاكم الزاملي، القيادي البارز في التيار الصدري ورئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، في مؤتمر صحافي عقده في مقر البرلمان أمس، إن «التحقيقات جرت بانسيابية عالية، وإن اللجنة لم تتعرض إلى أي تهديدات أو ابتزاز أو ضغوط، وإنها لم تتبع أية ميول جهوية خلال سير التحقيقات». وأضاف الزاملي، الذي ترأس لجنة من 26 عضوا، إن «سقوط مدينة الموصل كان سببا في احتلال ثلث أرض العراق التاريخية والمقدسة، وسببا في سيطرة الإرهابيين على عدد كبير من الآبار النفطية، وسببا بإعدام الآلاف من أبناء الموصل»، مبينا أنه «أدى إلى نشوء وليد مشوه مسخ يراد له أن يكون له دولة». وقدم الزاملي شكره «للعراقيين على صبرهم وطول انتظارهم لنتائج هذه التحقيقات في مرحلة حساسة وتاريخية لهذه الأمة»، علاوة على شكره «وسائل الإعلام وكل الدوائر والمؤسسات والشخصيات التي ساعدت اللجنة التحقيقية للوصول إلى الحقيقة الناصعة».
واستنادا للتقرير الذي نشرته اللجنة واطلعت عليه «الشرق الأوسط»، فإن الأسماء المتهمة بسقوط الموصل هي: «رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ووزير الدفاع السابق سعدون الدليمي، ورئيس أركان الجيش السابق الفريق بابكر زيباري، وقائد القوات البرية السابق الفريق أول ركن علي غيدان، ومدير الاستخبارات العسكرية السابق الفريق حاتم المكصوصي، ومعاون رئيس أركان الجيش لشؤون الميرة السابق الفريق الركن عبد الكريم العزي، وقائد عمليات نينوى السابق الفريق الركن مهدي الغراوي، والقائد السابق للفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية اللواء الركن كفاح مزهر علي، وقائد الفرقة الثانية في الجيش العميد الركن عبد المحسن فلحي، وقائد شرطة نينوى السابق اللواء خالد سلطان العكيلي، ومحافظ نينوى المقال أثيل النجيفي، ونائب محافظ نينوى السابق حسن العلاف، وقائد شرطة نينوى اللواء الركن خالد الحمداني (كان قائدًا للشرطة خلال مدة سقوط المدينة بيد تنظيم داعش)، ومدير دائرة الوقف السني في الموصل أبو بكر كنعان، ووكيل وزارة الداخلية السابق عدنان الأسدي، وآمر اللواء السادس في الفرقة الثالثة بالجيش سابقًا العميد حسن هادي صالح، وآمر الفوج الثاني المسؤول عن حماية الخط الاستراتيجي في نينوى المقدم نزار حلمي، وآمر لواء التدخل السريع السابق العميد الركن علي عبود ثامر، ومسؤول صحوة نينوى عضو مجلس العشائر أنور اللهيبي».
وأوصت اللجنة في ختام تقريرها بإحالة جميع الأسماء الواردة والمتهمين بالفساد والارتباط بـ«الإرهاب» الذين جرى استعراضهم إلى القضاء للتعامل معهم وفق التكييفات القانونية لتلك الاتهامات.
من جهته، أكد عضو لجنة التحقيق في سقوط الموصل محمد الكربولي، عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «التصويت على التقرير تم بحضور 24 عضوا من بين 26 عضوا وقد تم التصويت بالأغلبية؛ حيث صوت عليه 15 عضوا، وتم إرساله إلى هيئة رئاسة البرلمان التي من المتوقع أن تقرأه اليوم بشكل علني، ومن ثم يحال الملف إلى هيئة النزاهة والادعاء العام بمن فيهم المالكي ورئيس الأركان بابكر زيباري ووزير الدفاع السابق سعدون الدليمي»، مشيرا إلى أن «أمر إحالة أي مسؤول ورد اسمه في التقرير إلى القضاء مرهون بالقضاء نفسه، حيث إننا وضعنا سببا أمام كل اسم نحدد فيه مسؤوليته عن عملية سقوط الموصل، وبالتالي فإن القضاء هو من يحدد أن هذه الشخصية يمكن أن تحاكم أو أنها بريئة».
وحول إعلان تقرير اللجنة الذي يتزامن مع وجود أبرز المتهمين، وهو المالكي في إيران، قال الكربولي إن «إيران هي المرجع السياسي للكتل السياسية الشيعية، ومنهم المالكي، وبالتالي فإن أمر زيارته إلى هناك قد لا يكون له علاقة مباشرة بالتقرير، لأن العملية تأخذ وقتا قد يطول. يضاف إلى ذلك أن أعضاء ائتلاف دولة القانون في اللجنة يرون أن الاتهامات الموجهة لزعيم الائتلاف المالكي في التقرير سياسية ولا تشكل نقطة إدانة مباشرة له»، لكنه طبقا لما يراه المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية بغداد، فإن تزامن إعلان تورط المالكي بقضية الموصل مع إصلاحات العبادي جاء بمثابة دفعة قوية للعبادي لكي يواصل عملية التقدم بعد أن وجد المالكي نفسه محاطا بتهمة من هذا الوزن الثقيل.
إلى ذلك، أكد رئيس البرلمان سليم الجبوري أن التقرير سيعرض في الجلسة المقبلة للبرلمان قبل «إرساله إلى الادعاء العام ليأخذ مجراه القانوني». وأكد بيان لمكتبه أنه «لا أحد فوق القانون ومساءلة الشعب، والقضاء سيقتص من المتورطين». وأضاف: «إنجاز التحقيق هو الخطوة الأولى في عملية المحاسبة، وعلى القضاء أن يأخذ دوره بشكل مباشر في محاسبة المتورطين والمتسببين والمقصرين»، موضحا أن «هذا التقرير سيوثق مرحلة مهمة وخطيرة من تاريخ العراق الحديث».
وشدد على أن التقرير سيعرض في شكل «علني ليطلع الشعب العراقي على حقيقة ما جرى من أحداث تسببت في سقوط محافظة نينوى (ومركزها الموصل) بيد عصابات (داعش) الإرهابية، وما تبعه من انهيارات أمنية في عدد من محافظات العراق» في يونيو (حزيران) من عام 2014.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».