أسرار جديدة عن خطة شارون الانفصال عن قطاع غزة

مساعده الأول آنذاك: تركنا غزة لإنقاذ الاستيطان في الضفة ونجحنا عمليًا

أسرار جديدة عن خطة شارون الانفصال عن قطاع غزة
TT

أسرار جديدة عن خطة شارون الانفصال عن قطاع غزة

أسرار جديدة عن خطة شارون الانفصال عن قطاع غزة

كشف المحامي دوف فايسغلاس، الذي كان من أقرب أصدقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرييل شارون، والمدير العام لديوانه، «السر الأكبر»، حسب تعبيره، لخطة الانفصال عن قطاع غزة. وقال خلال ندوة عقدت بمناسبة مرور عشر سنوات على تنفيذها، إن شارون لم يقصد التخلص من احتلال غزة وحسب، إنما أراد أن ينقذ الاستيطان في الضفة الغربية. وأكد أن شارون توصل إلى قناعة بأن الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية مدمر للمجتمع الإسرائيلي، ولذلك كان لا بد من مباشرة عمليات للتخلص منه شيئا فشيئا، وما كان ممكنا فعل مثل هذا الأمر تحت قيادة شخصية ضعيفة في رأس الحكم في إسرائيل، وكان شارون أفضل وأقدر شخصية تقوم بهذه المهمة.
وأضاف فايسغلاس، خلال محاضرته في المركز متعدد المجالات (IDC) في مدينة هرتسليا، أمس، أن شارون قرر الانسحاب من قطاع غزة في عام 2005، من أجل الحفاظ على الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، لتكون ضمن حدود إسرائيل في الاتفاق النهائي، ومن أجل تحسين أمن إسرائيل، فهو الذي كان معروفا على أنه الأب الروحي لحركة الاستيطان الإسرائيلية، اتخذ قراره للانفصال عن غزة في عام 2003، أي قبل سنة ونصف السنة من إعلان الخطة. وقد تعمد أن يكون الانسحاب من مائة في المائة من القطاع، حتى يكسب ثقة الرأي العام العالمي وكذلك الفلسطيني. وأضاف إلى الانسحاب منطقة مالي في الضفة الغربية لكي يبين اتجاهه المستقبلي. واختار أن يزيل مستوطنات لكي يوضح أنه ينسحب حتى لا تعود إسرائيل إلى تلك المناطق.
المعروف أن خطة الانفصال بدأت تنفذ على الأرض في 15 من أغسطس (آب) 2005، واستمرت حتى 22 سبتمبر (أيلول) من السنة نفسها. وبموجبها انسحبت إسرائيل من قطاع غزة، وأخلت وفككت 21 مستوطنة إسرائيلية، كانت على أراضي قطاع غزة، وأربع مستوطنات في شمالي الضفة الغربية.
وروى فايسغلاس أن شارون عقد اجتماعا عاصفا مع قادة المستوطنين، قبل أن يطلق خطته، وفيه أوضح لهم أن حلم إسرائيل الكبرى، الذي يشمل كلا من الضفة الغربية وقطاع غزة، لم يعد ممكنا. وقال شارون في ذات اللقاء: «لقد خسرنا المعركة، ولكن إذا سمحتم لي بالتحرك فإنني سأضمن الكتل الاستيطانية، التي يعيش فيها 80 في المائة من المستوطنين، وإذا أردتم عرقلة ما أريد القيام به فإننا سوف نفقد حتى هذه الكتل الاستيطانية». وأشار فايسغلاس: «هذا هو ما يحدث الآن».
وأضاف فايسغلاس: «مقابل الانسحاب من غزة، حصل شارون على تعهد من الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، ألا يعود اللاجئون الفلسطينيين إلى إسرائيل، في أي اتفاق على الوضع النهائي بشأن حل الدولتين، وإنما يعودون إلى دولتهم التي ستنشأ حديثا. وإن الرئيس بوش تعهد في رسالة إلى شارون، ببقاء الكتل الاستيطانية ضمن الحدود النهائية لإسرائيل (المقصود هو الرسالة التي بعث بها الرئيس الأميركي في أبريل (نيسان) من عام 2004، وتضمنت هذه التعهدات)، فقد كتب الرئيس الأميركي جورج بوش في الرسالة: (على ضوء الحقائق الجديدة على الأرض، بما في ذلك التجمعات السكانية الإسرائيلية الرئيسية القائمة بالفعل، فإنه من غير الواقعي أن نتوقع أن تكون نتيجة مفاوضات الوضع النهائي عودة كاملة إلى خطوط الهدنة لعام 1949، وجميع جهود المفاوضات السابقة على حل الدولتين أقرت بهذا)».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.