إنهاء مشاركة ألمانيا في مهمة «باتريوت» جنوب تركيا.. أسباب سياسية أم قرصنة؟

الولايات المتحدة تقرر سحب منظومة صواريخ «باتريوت» من تركيا

صورة أرشيفية لزيارة الرئيس الألماني لتركيا أبريل 2014 حيث استمع لقائد القوات الألمانية عن سير العمل في المنطقة التي نصبت فيها بطاريات الصواريخ (رويترز)
صورة أرشيفية لزيارة الرئيس الألماني لتركيا أبريل 2014 حيث استمع لقائد القوات الألمانية عن سير العمل في المنطقة التي نصبت فيها بطاريات الصواريخ (رويترز)
TT

إنهاء مشاركة ألمانيا في مهمة «باتريوت» جنوب تركيا.. أسباب سياسية أم قرصنة؟

صورة أرشيفية لزيارة الرئيس الألماني لتركيا أبريل 2014 حيث استمع لقائد القوات الألمانية عن سير العمل في المنطقة التي نصبت فيها بطاريات الصواريخ (رويترز)
صورة أرشيفية لزيارة الرئيس الألماني لتركيا أبريل 2014 حيث استمع لقائد القوات الألمانية عن سير العمل في المنطقة التي نصبت فيها بطاريات الصواريخ (رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية يوم أمس، أنها ستسحب منظومة صواريخ «باتريوت» والوحدة العسكرية المكلفة بتشغيلها، من ولاية قهرمان مرعش التركية مع نهاية العام الجاري. هذا في الوقت الذي قالت فيه وزارة الخارجية التركية في بيان لها، أمس، إن أنقرة أجرت مشاورات حول هذا الموضوع مع حلفاء آخرين، مضيفة أن أنقرة وواشنطن تبحثان خطوات أخرى يمكن اتخاذها لضمان أمن تركيا.
القرار الألماني حظي بالدعم من غالبية أعضاء البرلمان خاصة من قبل جماعة حزب الخضر، حيث قالت نائبة رئيس البوندستاغ «هذه خطوة صحيحة وضرورية تجاه شريك الناتو إردوغان (..)». أما سفيم داغدالين، العضو في كتلة حزب اليسار المعارض، فطالبت، علاوة على إنهاء مهمة باتريوت، بـ«وقف فوري لتصدير الأسلحة إلى تركيا».
وفي هذا الصدد، يرى وزير الخارجية الألماني شتاينماير أن إنهاء مشاركة الجيش الألماني في مهمة منظومة الدفاع الصاروخية «باتريوت» في جنوب تركيا، لا يمثل إنهاء لدعم ألمانيا لتركيا. وقال في تصريحات لصحيفة «بيلد إم زونتاغ» الألمانية الأسبوعية في عددها أمس: «إن ألمانيا سوف تظل ملتزمة تجاه أمن تركيا». وأشار إلى أن هذا الالتزام يشمل جهد الحكومة الألمانية في التوصل لحل سياسي للأزمة السورية. وكان البرلمان الألماني قرر، في ديسمبر (كانون الأول) 2012 إيفاد 400 عسكري ألماني، إضافة إلى نشر بطاريتي «باتريوت» في تركيا، حتى 31 يناير (كانون الثاني) 2014. ووفقًا للقرار بدأ الجنود الألمان مهامهم في مدينة قهرمان مرعش جنوبي تركيا، نهاية يناير 2013.
وصادق مجلس الوزراء الألماني في يناير 2014، على تمديد العمل بمنظومة الدفاع الصاروخي «باتريوت»، واستمرار مهمة الجنود الألمان في تركيا، لسنة إضافية.
يذكر أن «الناتو» وافق على نشر منظومة الدفاع الصاروخي في بعض المدن التركية في 4 ديسمبر (كانون الأول) 2012، وبدأت صواريخ باتريوت في الوصول إلى تركيا مطلع عام 2013. وسبق أن تعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للحكومة التركية في 21 يوم يوليو (تموز) الماضي، بالوقوف معها في مواجهة الإرهاب عقب الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له مدينة سروج التركية. والموقف الألماني داعم للحكومة التركية في هذه المرحلة، ويؤكد على حق تركيا في الدفاع عن أمنها القومي. لكن ألمانيا تعتقد أن تركيا لا تحتاج في هذه المرحلة لتدخل قوات «الناتو»، كونها تملك القدرة والقوة العسكرية الكافية لحماية أمنها.
وفي هذا السياق نشرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» خلال شهر يوليو الماضي، تقريرا يقول بأن منظومة صواريخ «باتريوت» المنصوبة على الحدود التركيّة - السورية والتي تديرها ألمانيا، تلقت «أوامر غير مفهومة من مصدر خارجي»، الأمر الذي أثار مخاوف من أن تكون تعرضت للقرصنة الإلكترونية.
هذه المعطيات وسرعة القرار الألماني بسحب منظومة البطاريات، دون انتظار قرار أو تفويض (البوندستاغ) البرلمان الألماني وبقرار من وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليان، يرجح بأن قرار سحب المنظومة يأتي بسبب تعرضها إلى القرصنة ولأسباب فنية.
وما يزيد في هذا الاعتقاد هو ما كشف عنه تقرير استخباراتي ألماني خلال شهر مايو (أيار) 2015 أشار إلى أن أجهزة كومبيوتر البرلمان الألماني تعرضت إلى هجوم قرصنة كبير. وبحسب وسائل إعلام ألمانية، فإن قراصنة المعلوماتية الذين نفذوا الهجوم عمدوا على مدى أسابيع عدة إلى اختراق الشبكة المعلوماتية لمجلس النواب بشكل عميق، وتمكنوا من سرقة بيانات. وأفادت صحيفة «بيلد» الألمانية، أن الهجوم، أصاب خصوصا أحد أجهزة الكومبيوتر التابعة للمكتب الذي تشغله ميركل في البوندستاغ.
في السياق نفسه، أعلنت أنقرة أن واشنطن أبلغتها بأنها لن تمدد نشر صواريخ «باتريوت» على الأراضي التركية بعد انتهاء مدة مهمتها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وذكر البيان أن صواريخ «باتريوت» المنشورة في أراضي تركيا ستتم إعادتها إلى الولايات المتحدة «من أجل إجراء تحديثها الحيوي الذي سيمكن سلاح الدفاع الجوي الأميركي من التعامل مع التحديات الراهنة الجديدة وحماية تركيا وحلفائها». وأضاف أن هذا القرار يعد جزءا من برنامج «مراجعة الهيكلية الشاملة للدفاع الأميركي المضاد للصواريخ».



ماسك يسحب دعمه لفاراج ويعزّز انتقاده للحكومة البريطانية

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
TT

ماسك يسحب دعمه لفاراج ويعزّز انتقاده للحكومة البريطانية

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)

في تطور مفاجئ يعكس تدخلاً زائداً في السياسة البريطانية، دعا الملياردير الأميركي إيلون ماسك السياسي البريطاني نايجل فاراج إلى التنحي عن قيادة حزب الإصلاح اليميني.

وقال ماسك، الذي سيقود إدارة الكفاءة الحكومية بعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عبر منصته الاجتماعية «إكس» إن «حزب (الإصلاح) يحتاج إلى قائد جديد. فاراج لا يملك المقومات اللازمة». ويمثّل هذا التصريح انقلاباً في موقف ماسك، الذي صرّح مراراً بأن فاراج وحده قادر على «إنقاذ بريطانيا»، ونشر صورة معه الشهر الماضي. كما لمّح ماسك إلى احتمال تقديمه دعماً مالياً كبيراً لحزب «الإصلاح» لمساعدته في منافسة حزبي «العمال»، و«المحافظين» المهيمنيْن في بريطانيا، قد يصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني (124 مليون دولار).

فاراج ينأى بنفسه

يشنّ ماسك منذ أسابيع حملة مكثفة ضد الحكومة البريطانية التي يقودها رئيس الوزراء العمالي كير ستارمر، الذي يتّهمه بتقييد حرية التعبير. كما يطالب ماسك بإطلاق سراح ستيفن ياكسلي - لينون، مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية اليمينية المتطرفة، المعروف باسم تومي روبنسون، والمناهض للهجرة وللإسلام. ويقضي روبنسون حالياً حكماً بالسجن لمدة 18 شهراً بتهمة ازدراء المحكمة.

ونأى فاراج بنفسه عن تصريحات أدلى بها ماسك دعماً لروبنسون. وقال زعيم حزب «الإصلاح» تعليقاً على أحد منشورات ماسك: «حسناً، هذا مفاجئ! إيلون شخصية استثنائية، لكنني للأسف أختلف معه في هذا. موقفي لا يزال أن تومي روبنسون غير مناسب لحزب (الإصلاح)، ولن أتخلى أبداً عن مبادئي».

ماسك «مخطئ في تقديره»

يستند ماسك في حملته ضد الحكومة البريطانية والإعلام التقليدي، والدعوات للإفراج عن روبنسون، إلى تعامل الحكومة مع فضيحة تاريخية تتعلق باستغلال الأطفال. وفي الأيام الأخيرة، شارك ماسك وتفاعل مع منشورات على منصته «إكس» تنتقد الحكومة البريطانية بعد رفضها الدعوة لإجراء تحقيق عام في فضيحة الاستغلال، بمدينة أولدهام شمال إنجلترا. كما اتّهم ماسك ستارمر بالفشل في تحقيق العدالة فيما يسميه البعض «عصابات الاغتصاب»، عندما كان مدير النيابة العامة بين عامي 2008 و2013. ووصف ماسك الفضائح بأنها تمثل «جريمة هائلة ضد الإنسانية».

وبينما وصف وزير الصحة، ويس ستريتنغ، آراء ماسك بأنها «مخطئة في تقديرها ومُضلّلة بالتأكيد»، إلا أنه دعا أغنى رجل في العالم والمقرب من الرئيس الأميركي المنتخب للعمل مع الحكومة في معالجة قضية الاستغلال الجنسي للأطفال. وقد جادلت الحكومة بأنه يجب على أولدهام أن تحذو حذو المدن الأخرى، وتُكلّف لجنة خاصة بها للتحقيق في الاعتداءات التاريخية التي طالت الفتيات بشكل رئيس.

وخلص تقرير صدر عام 2022، حول إجراءات حماية الأطفال في أولدهام بين عامي 2011 و2014، إلى أن الوكالات المحلية خذلت الأطفال، لكنه لم يجد أدلة على تستر رغم وجود «مخاوف مشروعة» من أن اليمين المتطرف سيستغل «الإدانات عالية المستوى لمجرمين من أصول باكستانية في جميع أنحاء البلاد».

وقال ستريتنغ، في مقابلة مع شبكة «آي تي في» الإخبارية إن الحكومة تأخذ قضية الاستغلال الجنسي للأطفال «على محمل الجد للغاية»، وإنها تدعم إجراء تحقيق في فضيحة أولدهام، لكن يجب أن يُدار محلياً. وأضاف: «بعض الانتقادات التي وجهها إيلون ماسك، أعتقد أنها خاطئة في تقديرها ومضللة بالتأكيد، لكننا مستعدون للعمل مع إيلون ماسك، الذي أعتقد أن له دوراً كبيراً يلعبه مع منصته الاجتماعية لمساعدتنا، والدول الأخرى، في معالجة هذه القضية الخطيرة. لذا، إذا أراد العمل معنا (...) فسوف نرحب بذلك».

مظاهرات اليمين المتطرّف

يبدي ماسك اهتماماً كبيراً بالمشهد السياسي البريطاني منذ فوز حزب «العمال» اليساري بأغلبية ساحقة في انتخابات يوليو (تموز) 2024، التي أنهت 14 عاماً من حكم المحافظين.

وقد أعاد ماسك نشر انتقادات لستارمر، ووسم TwoTierKeir - وهو اختصار لادعاء بأن بريطانيا لديها «نظام شرطة من مستويين»، حيث يتم التعامل مع المتظاهرين اليمينيين المتطرفين بشكل أكثر صرامة من المتظاهرين في قضايا دعم حقوق للفلسطينيين، أو حركة «حياة السود مهمة»، أو حتى قضايا حماية النساء من العنف.

كما قارن ماسك المحاولات البريطانية لمواجهة المعلومات المضللة عبر الإنترنت بممارسات الاتحاد السوفياتي، ووصل به الأمر إلى ترجيح اندلاع «حرب أهلية» في المملكة المتحدة خلال أعمال العنف المناهضة للمهاجرين، الصيف الماضي.

ودعا ماسك، يوم الجمعة، أيضاً إلى إجراء انتخابات عامة في المملكة المتحدة، بعد ستة أشهر فقط من الانتخابات الأخيرة. وكتب: «الشعب البريطاني لا يريد هذه الحكومة على الإطلاق. انتخابات جديدة»، ملتمساً الملك تشارلز الثالث لحلّ البرلمان.

غضب ألماني من تدخلات ماسك

تثير تدخلات ماسك الخارجية، ولا سيّما في أوروبا، غضباً متصاعداً. وقبل أيام، ندّد المستشار الألماني أولاف شولتس بـ«التصريحات المتنافرة» التي صدرت عن ماسك، وبدعم الأخير لحزب اليمين المتطرّف «البديل من أجل ألمانيا».

وفي مقابلة مع مجلّة «شتيرن»، صدرت السبت، عدّ شولتس أنه «لا بدّ من التسلّح بالهدوء» في وجه تصريحات ماسك، الذي نعت المسؤول الأميركي بـ«المجنون» في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، و«المخبول غير الكفؤ» في 20 ديسمبر (كانون الأول) قبل أن يهاجم الرئيس الألماني فرنك - فالتر شتاينماير، واصفاً إيّاه بـ«الطاغية».

وقبل شهر ونصف الشهر من انتخابات تشريعية مبكرة في 23 فبراير (شباط)، قال المستشار الألماني: «في ألمانيا، تجري الأمور وفق إرادة المواطنين، لا وفق تصريحات متنافرة لملياردير أميركي». وشدّد شولتس في المقابلة على أن «الرئيس الألماني ليس طاغية مناهضاً للديمقراطية، وألمانيا ديمقراطية متينة ومستقرّة، مهما قال ماسك». وبالنسبة إلى المستشار الاشتراكي الديمقراطي، يُعدّ الدعم الذي يقدّمه ماسك لحزب «البديل من أجل ألمانيا»، الذي «يدعو إلى التقارب مع روسيا بوتين، ويريد إضعاف العلاقات الأوروبية - الأميركية، أكثر جدلية بكثير من إهاناته».

وأقرّ «البديل من أجل ألمانيا»، الذي يحتّل المرتبة الثانية في استطلاعات الآراء مع 19 في المائة من نيات التصويت، خلف المحافظين (33 في المائة)، في تصريحات لـ«دير شبيغل» بأنه على تواصل منتظم مع طاقم الملياردير الأميركي. وسيعقد ماسك (53 عاماً) دردشة مع الرئيسة المشاركة للحزب، أليس فايدل، عبر «إكس» الخميس المقبل. وقال شولتس، ردّاً على سؤال من مجلّة «شتيرن» حول نيّته دعوة ماسك إلى محادثة: «لا أظنّ أنه ينبغي خطب ودّ السيد ماسك. وأترك الأمر لعناية آخرين». وذكّر المستشار الألماني بأنه التقى إيلون ماسك في مارس (آذار) 2022، في مناسبة افتتاح مصنع «تسلا» في براندنبورغ قرب برلين، «في فترة كان الفرع المحلي لحزب (البديل من أجل ألمانيا) يحتجّ على إقامة المصنع».