السيول تخطف 10 يمنيين في مناطق الانقلابيين خلال يومين

شارع غمرته مياه الأمطار في صنعاء (إ.ب.أ)
شارع غمرته مياه الأمطار في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

السيول تخطف 10 يمنيين في مناطق الانقلابيين خلال يومين

شارع غمرته مياه الأمطار في صنعاء (إ.ب.أ)
شارع غمرته مياه الأمطار في صنعاء (إ.ب.أ)

أدت السيول الجارفة الناجمة عن الأمطار في مناطق سيطرة الحوثيين خلال يومين إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة تسعة آخرين، مع انهيار سدود وحواجز مائية بقرى ومناطق عدة تتبع ثلاث محافظات يمنية، هي العاصمة صنعاء وريفها، ومحافظة المحويت، وسط اتهامات للجماعة الانقلابية بالتقاعس وتجاهل معاناة السكان.
جاء ذلك في وقت فيه بيانات أممية حديثة عن تضرر 349 عائلة يمنية في شهرين ماضيين جراء الأمطار والسيول، في ظل تحذيرات من اتساع الحوادث جراء الحالة المطرية المستمرة.
في هذا السياق ذكرت مصادر يمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن آخر تلك الحوادث تمثل في وفاة امرأة أربعينية وإصابة ثلاثة أشخاص آخرين، بقرية «قرن الدهور» بمديرية مناخة بريف صنعاء، بسبب تهدم منزل من عدة طوابق جراء السيول.
وذكرت المصادر أن تلك الحادثة سبقتها بأيام نجاة أسرة مكونة من 7 أشخاص في «حي الروضة» بمديرية بني الحارث شمال صنعاء، من حادثة تهدم أخرى لمنزلهم وقعت في أثناء الظهيرة؛ حيث هرع أهالي الحي إلى انتشال أفراد أسرة المواطن عبد الله القيز من تحت الأنقاض وهم على قيد الحياة.
إلى ذلك، شهدت العاصمة نفسها وقوع حادثة أخرى مشابهة، تمثلت في تهدم منزل آخر على رؤوس ساكنيه في «حي البليلي» بمديرية الصافية وسط صنعاء، ما أسفر عن وفاة شابة عشرينية، وإصابة 4 نساء أخريات، بعد أن قام المسعفون من أبناء المنطقة بإخراجهن على الفور من تحت الأنقاض.
وعلى وقع استمرار السيول الجارفة التي خلفت مزيدا من الضحايا والأضرار، أفاد سكان في صنعاء وريفها لـ«الشرق الأوسط»، بأن الميليشيات الحوثية لم تقم بتحريك أي ساكن حيال كل تلك المآسي والمعاناة والخسائر، أو المسارعة إلى حماية الناس ومصالحهم وممتلكاتهم، من قبيل عمليات الإخلاء والتحذيرات المسبقة وتحرك فرق الدفاع المدني.
وعلى صعيد حوادث الغرق وانهيار السدود والحواجز، أوضحت مصادر عاملة في مصلحة الدفاع المدني الخاضعة للجماعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن ما لا يقل عن ثلاثة أطفال وشاب قتلوا في اليومين السابقين في ثلاث حوادث غرق منفصلة وقعت داخل حواجز وسدود مائية بمحافظتي صنعاء والمحويت الواقعتين تحت إدارة وسلطة الميليشيات.
وتوفيت الطفلة مها عبد الغفور (10 سنوات) – بحسب المصادر - غرقا بسد «سيان» بمديرية سنحان بريف صنعاء، وسبقتها بساعات قليلة وفاة طفلين آخرين غرقا في حاجز مائي بمديرية خميس بني سعد بالمحويت، وجاءت الحادثتان بعد يوم من وفاة شاب ثلاثيني يدعى مراد الكميم (32 عاما) غرقاً بسد «شاحك» بمديرية خولان الطيال بمحافظة صنعاء.
وتزامنت تلك الحوادث الثلاث مع تسجيل حدوث واقعة أخرى، تمثلت في انهيار سد «العقبي» بقرية بيت الهندي بمديرية حفاش بمحافظة المحويت شمال غربي صنعاء، بسبب استمرار تدفق السيول إليه، مخلفا 4 قتلى وجريحين، إضافة إلى خسائر مادية كبيرة بمنازل المواطنين وممتلكاتهم الزراعية.
وحمل أهالي قرى بالمحويت ميليشيات الحوثي كامل المسؤولية عن تلك الكارثة، متهمين الجماعة بالوقوف خلف سرقة ونهب جميع المبالغ المخصصة لصيانة السدود والحواجز والخزانات المائية التي تم إنشاؤها في ظل حكومات يمنية سابقة، الأمر الذي قاد إلى تهالك بعضها وانهيار أخرى مخلفة خسائر مادية وبشرية.
وبينما لا يزال موسم الأمطار في أوجه، يواصل ناشطون يمنيون إطلاق نداءات إنسانية متتابعة عبر منصات التواصل الاجتماعي من أجل تكثيف عمليات الإغاثة والإيواء في المناطق المنكوبة من السيول، لا سيما في تلك المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية.
وفي بيان حديث له، توقع مركز الأرصاد اليمني هطول أمطار متفاوتة الشدة على عدة محافظات: صعدة، وحجة، والمحويت، وعمران، وصنعاء، وذمار، وريمة، وإب، وتعز، والضالع، ولحج، والبيضاء.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت حديثا عن تضرر أكثر من 349 أسرة يمنية جراء الأمطار والسيول. وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان في حسابه على «تويتر» إنه خلال يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) 2023، أثرت الأمطار الغزيرة والسيول في ‎اليمن على أكثر من 349 عائلة. وأضاف أن 2.905 من العائلات النازحة حديثاً تلقت مساعدات طارئة ‎في تسع محافظات يمنية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.