المجلس التأديبي للقضاة في لبنان يعزل القاضية غادة عون

حقّقت في ملفات فساد كبرى

المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون (رويترز)
المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون (رويترز)
TT

المجلس التأديبي للقضاة في لبنان يعزل القاضية غادة عون

المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون (رويترز)
المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون (رويترز)

قرر المجلس التأديبي للقضاة فصل المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون من الخدمة، بناء على دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها، ولمخالفتها تعليمات رؤسائها، وفق ما أفاد مصدر قضائي وكالة الصحافة الفرنسية اليوم (الخميس).
وذاع اسم عون خلال السنوات القليلة الماضية بعد ادعائها على مسؤولين بارزين ومصرفيين وموظفين متورطين في ملفات فساد كبرى، وفق القرارات الصادرة عنها. لكنّ ولاءها لرئيس الجمهورية المنتهية ولايته ميشال عون جعل عملها عرضةً لانتقادات ومثيراً للجدل بعدما طالت إجراءاتها جهات سياسية على خصومة مع الرئيس السابق إجمالاً. وقال المصدر القضائي: «اتخذ المجلس التأديبي للقضاة برئاسة القاضي جمال الحجار قراراً قضى بفصل عون من العمل». وهو قرار قابل للاستئناف.
وجاء قرار المجلس بناء على قرار صادر عن هيئة التفتيش القضائي، استناداً إلى «دعاوى عدّة مقامة ضد عون من جانب متضررين من إجراءات اتخذتها بملفات عدة، ولمخالفتها القرارات الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى وتعليمات رؤسائها»، وفق المصدر ذاته. واستدعيت عون إلى قصر العدل، حيث تبلّغت قرار فصلها.
ومن أبرز الملفات التي تعاملت معها عون منذ بدء الانهيار الاقتصادي في لبنان في خريف 2019 الادعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وشقيقه وابنه في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 بتهمة «الإثراء غير المشروع» عبر حصولهم على قروض سكنية مدعومة.
وفي يناير (كانون الثاني) 2021 ادعت على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومسؤولة في المصرف المركزي بتهمة «الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة». ثمّ أصدرت مطلع 2022 قراراً بمنعه من السفر على خلفية شكوى قدّمتها ضده مجموعة نشطاء تتّهمه بسوء الإدارة المالية. وفي 17 مارس (آذار) 2022 أوقفت شقيقه رجا سلامة على خلفية شكوى تقدم بها ناشطون ضد الشقيقين في شبهات اختلاس وتبييض أموال.
ورفض رياض سلامة مراراً المثول أمام عون، معتبراً أن ملاحقتها له تأتي في سياق «عملية ممنهجة لتشويه» صورته، ومؤكداً أنه «لا يمكن للقاضي أن يكون خصماً وحكماً في آن واحد». وتمرّدت عون مراراً على قرارات صادرة عن مراجع قضائية، بينها مجلس القضاء الأعلى. وأصرّت على متابعة التحقيقات في ملفات رغم كفّ يدها عنها.
ورغم الانتقادات التي طالت عملها، فإن حقوقيين رأوا في قرار عزلها «وصمة عار» في تاريخ القضاء في لبنان، البلد القائم على المحسوبيات والتوازنات الطائفية، وحيث تتدخل السياسة حتى في التعيينات القضائية.
وقال المدير التنفيذي للمفكرة القانونية نزار صاغية إنّ من أصدر القرار التأديبي بحق عون «لم يعر أي انتباه للتحقيقات التي أجرتها في أكبر قضايا الفساد»، معتبراً أنّ القرار «سيبقى وصمة عار في تاريخ المجالس التأديبية القضائية».



ما حدود الدعم العسكري المصري للصومال؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود يشهدان توقيع بروتوكول تعاون عسكري بالقاهرة في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود يشهدان توقيع بروتوكول تعاون عسكري بالقاهرة في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

ما حدود الدعم العسكري المصري للصومال؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود يشهدان توقيع بروتوكول تعاون عسكري بالقاهرة في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود يشهدان توقيع بروتوكول تعاون عسكري بالقاهرة في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)

طرح الإعلان الصومالي المتكرر بشأن تلقي دعم عسكري من مصر، تساؤلات حول حدود هذا الدعم المقدم إلى حكومة مقديشو، التي تتنازع مع أديس أبابا، ومساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي.

وكشف وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، عن تلقي بلاده «مساعدات عسكرية وذخائر من مصر»، مضيفاً في تصريحات صحافية السبت، أن «القاهرة تلعب دوراً داعماً للصومال، ودائماً ما دافعت عن مقديشو تاريخياً».

وعدّد خبراء وعسكريون صور الدعم العسكري المصري إلى الصومال، وقالوا إنه يتضمن «الدفاع المشترك وتبادل المعلومات، مع المشاركة في قوات حفظ السلام الأفريقية»، في ضوء التحديات الأمنية التي يواجهها الصومال في الفترة الحالية.

وعارضت مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) الماضي مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية، مقابل اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال دولة مستقلة، وعدّت القاهرة الاتفاق «اعتداء على السيادة الصومالية».

تبع ذلك توقيع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، في القاهرة أغسطس (أب) الماضي، على «بروتوكول تعاون عسكري»، كما أعلن السيسي مشاركة بلاده في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، بداية من يناير 2025.

ووفق مستشار الأكاديمية العسكرية المصرية، اللواء طيار دكتور هشام الحلبي، فإن الدعم العسكري المصري للصومال يأتي بناء على «طلب رسمي من الجانب الصومالي، قدّمه الرئيس الصومالي (السلطة الشرعية)».

وأضاف الحلبي لـ«الشرق الأوسط» أن «المساعدات الأمنية والعسكرية المقدمة من القاهرة لمقديشو، تأتي في مسارين، الأول في إطار قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، بمشاركة قوات مصرية بتسليح خفيف، لضمان حفظ الأمن وإنفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية»، بينما المسار الثاني «يأتي في إطار التعاون الثنائي بين القوات المسلحة في البلدين، ويتضمن برامج تدريبية لرفع كفاءة وقدرات الجيش الصومالي».

ويرى الحلبي أن «الدعم العسكري المصري ليس موجهاً ضد أحد، ولا يستهدف الحرب مع أطراف إقليمية أخرى»، مشيراً إلى أن «مصر تستهدف دعم الصومال في ضوء تحديات أمنية، تتعلق بخطر التنظيمات الإرهابية، وتأمين منطقة البحر الأحمر»، وهو «ما يتفق مع محددات السياسة الخارجية المصرية، القائمة على دعم المؤسسات الوطنية للدول التي تواجه نزاعات، حفاظاً على وحدتها وسيادتها، وهي السياسية المصرية ذاتها تجاه ليبيا والسودان واليمن وسوريا»، على حد قوله.

وأعلن الصومال، نهاية أغسطس الماضي، وصول معدات ووفود عسكرية مصرية للعاصمة مقديشو، في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام. أعقبه بيان إثيوبي انتقد «تدخلات خارجية» لدول لم يسمّها عدّها «تشكل مخاطر على المنطقة»، كما أشارت إثيوبيا إلى أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي».

وفي المقابل، انتقد مستشار الأكاديمية العسكرية المصرية التحرك الإثيوبي في الصومال، للحصول على ميناء بحري على البحر الأحمر، مؤكداً أنه «يخالف قواعد القانون الدولي، وأن قلق الصومال مشروع، لأن التحرك الإثيوبي يمهد لانفصال الإقليم رسمياً».

فيما عدّد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، حدود وصور الدعم العسكري المصري للصومال، مشيراً إلى أنه يتضمن «اتفاقية دفاع مشترك، بجانب تبادل المعلومات، وبرامج تدريبية للقوات المسلحة الصومالية، والمشاركة في قوات حفظ السلام الأفريقية»، وقال إن «القوات المصرية في بعثة حفظ السلام قد تصل إلى 10 ألف فرد، سيتولى منهم 7 آلاف المشاركة في حماية الحدود، و3 آلاف يشاركون في حماية الوضع الأمني بالمدن».

وعدّ زهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «رغبة مصر في تحقيق الاستقرار والحفاظ على الصومال قد تجعل مستوى التعاون العسكري لا حدود له، ليصل لأقصى مدى ممكن، في ضوء اتفاقية الدفاع المشترك، وقواعد القانون الدولي».

وأوضح أن «القاهرة دائماً ما كانت مساندة لمقديشو منذ استقلال الصومال»، مشيراً إلى أن «هذا الدعم يزداد في فترات الأزمات، وتتعدد صوره»، واستشهد على ذلك «بزيارة الرئيس الصومالي الحالي للقاهرة 3 مرات منذ توليه المسئولية في مايو (أيار) 2022».

ويواجه الصومال تحدياً أمنياً، بسبب استمرار وجود قوات إثيوبية على أراضيه، وأشار زهدي إلى أن الوضع قد يتأزم حال تمسك أديس أبابا باستمرار قواتها، بعد انتهاء تفويضها بنهاية العام الحالي، ضمن بعثة حفظ السلام الأفريقية.

وكان وزير الخارجية الصومالي قد طالب في تصريحات إعلامية مؤخراً، بضرورة «مغادرة القوات الإثيوبية المشاركة في قوات حفظ السلام الأفريقية الأراضي الصومالية، بنهاية تفويضها هذا العام»، وعدّ بقاءها «احتلالاً عسكرياً، ستتعامل معه بلاده بكل الإمكانات المتاحة»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا لا تسعى للحصول على موانئ بحرية فقط، ولكن السيطرة على الأراضي الصومالية وضمّها لسيادتها».