جولة أممية وأميركية جديدة لمساندة جهود إنجاز السلام في اليمن

الحوثيون يناورون لمكاسب أكبر ويلقون باللائمة على واشنطن ولندن

المبعوث الأممي هانس غروندبرغ يلتقي في صنعاء القيادي الحوثي مهدي المشاط (إعلام حوثي)
المبعوث الأممي هانس غروندبرغ يلتقي في صنعاء القيادي الحوثي مهدي المشاط (إعلام حوثي)
TT

جولة أممية وأميركية جديدة لمساندة جهود إنجاز السلام في اليمن

المبعوث الأممي هانس غروندبرغ يلتقي في صنعاء القيادي الحوثي مهدي المشاط (إعلام حوثي)
المبعوث الأممي هانس غروندبرغ يلتقي في صنعاء القيادي الحوثي مهدي المشاط (إعلام حوثي)

دعماً للجهود التي تقودها السعودية وسلطنة عمان لإحلال السلام في اليمن، بدأ المبعوثان الأممي هانس غروندبرغ والأميركي تيم ليندركنغ، جولة جديدة من المساعي في المنطقة، حيث وصل الأول إلى صنعاء الاثنين للقاء الحوثيين، وتوجه الأخير في اليوم نفسه إلى الرياض ومسقط.
وفيما يأمل الشارع اليمني أن تكلل المساعي الإقليمية والأممية والدولية بالتوصل إلى خريطة طريق تطوي صفحة الصراع الممتد منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية والتوافق اليمني في 2015، تناور الجماعة للحصول على مزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية، زاعمة أن أميركا وبريطانيا تعرقلان مسار السلام.
وذكر إعلام الحوثيين أن رئيس مجلس حكمهم الانقلابي مهدي المشاط وقادة آخرين موالين للجماعة التقوا في صنعاء المبعوث الأممي هانس غرونبرغ والفريق المرافق له، لمناقشة المستجدات الأخيرة المتعلقة بإحلال السلام.
ونقلت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» عن المشاط أنه «أكد أن الوقائع قد أثبتت أن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا هما من تضعان العراقيل أمام كل محاولات إحلال السلام في اليمن».
وزعم القيادي الحوثي الذي يعد واجهة صورية لحكم الجماعة الانقلابية أنه «كلما حدث أي تقارب بين جماعته والسعودية والوصول إلى تفاهمات تسارع أميركا إلى إرسال مبعوثها «المشؤوم» إلى المنطقة، وتفشل كل الجهود”.
وقرأ مراقبون في تصريحات المشاط أنها تأتي في سياق مناورة الجماعة وعدم جديتها في تلقف الحلول المطروحة من قبل الوسطاء الإقليميين والدوليين، مع سعيها للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية، بالتوازي مع عدم تقديم أي تنازلات جوهرية، وفي مقدمها التخلي عن أسلحتها الإيرانية.
وذكر الإعلام الحوثي أن المشاط نقل للمبعوث تحذيرات جماعته ليوصلها للمجتمع الدولي بما في ذلك الدول الأوروبية، مما وصفه «سعي أميركا وبريطانيا للدفع باتجاه التصعيد»، مع تهديده لهما بالتضرر في حال عودة التصعيد. وهو ما يعني تلويحاً من قبل الجماعة باللجوء إلى استهداف المصالح الأميركية والبريطانية في المنطقة. إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية سفر المبعوث إلى اليمن تيم ليندركينغ مطلع الشهر الحالي، إلى منطقة الخليج العربي؛ لـ«تعزيز الجهود القائمة لضمان التوصل إلى اتفاق جديد وإطلاق عملية سلام شاملة».
وبحسب البيان الأميركي، سيجتمع المبعوث الخاص ليندركينغ خلال زيارته إلى سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، بشركاء يمنيين وعمانيين وسعوديين ودوليين؛ لمناقشة جهودهم المنسقة لتعزيز المحادثات الجارية.
وقال البيان إن الولايات المتحدة تعمل بشكل وثيق مع كل من الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وشركاء آخرين؛ للبناء على الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، والتي أتاحت أطول فترة هدوء في اليمن منذ بدء الحرب، وذلك بغرض دعم عملية سياسية شمولية بقيادة يمنية تتيح لليمنيين تشكيل مستقبل أكثر إشراقاً لبلادهم.
يشار إلى أن أكبر إنجاز في مساعي السلام اليمني تمثل أخيراً فيما شهدته صنعاء، الشهر الماضي، من «نقاشات جادة ومكثفة» مع قادة الجماعة الحوثية أجراها وفد سعودي وآخر عماني، إذ تشير التسريبات إلى وجود خريطة يتم بلورتها لتشمل تثبيت وقف النار وتوسيع الهدنة في المسارات الإنسانية، بما فيها الرواتب وفتح المعابر ورفع القيود عن المطارات والموانئ، وانتهاء بالاتفاق على مسار تفاوضي يختتم بالتوصل إلى سلام دائم.
ومع عدم الاطمئنان النابع من «فوضوية» الرسائل التي يبعثها قادة الجماعة الحوثية في تصريحاتهم، والتي يفهم منها عدم جديتهم، فإن الدور الإيراني المطلوب والضغوط الإقليمية والدولية، قد يُفضيان في النهاية إلى إقناع الجماعة بالتخلي عن الرهان على القوة المعززة بالأفكار القادمة من خارج العصر، وفق ما يقوله مراقبون للشأن اليمني. وكانت الخارجية السعودية أفادت، في بيان سابق، بأن الفريق السعودي برئاسة السفير آل جابر عقد مجموعةً من اللقاءات في صنعاء، شهدت نقاشات مُتعمّقة في العديد من الموضوعات ذات الصلة بالوضع الإنساني، وإطلاق جميع الأسرى، ووقف إطلاق النار، والحل السياسي الشامل في اليمن.
وفي حين اتسمت تلك اللقاءات والنقاشات «بالشفافية وسط أجواء تفاؤلية وإيجابية»، أوضح البيان السعودي أنه «نظراً للحاجة إلى المزيد من النقاشات، فسوف تستكمل تلك اللقاءات في أقرب وقت؛ بما يؤدي إلى التوصل إلى حل سياسي شامل ومستدام ومقبول من جميع الأطراف اليمنية».
إسناداً لهذه الجهود، كان أعضاء مجلس الأمن وصفوا، في بيان، محادثات صنعاء التي أجراها الفريق السعودي والوفد العماني بأنها «مثلت خطوة قيمة نحو وقف شامل لإطلاق النار ومحادثات سياسية يمنية - يمنية شاملة، تحت رعاية المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، بناءً على المرجعيات المتفق عليها، وبما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
ودعا أعضاء المجلس جميع الأطراف اليمنية إلى مواصلة الحوار، والمشاركة البناءة في عملية السلام، والتفاوض بحسن نية، مؤكدين استمرار دعمهم القوي للجهود الرامية نحو تسوية سياسية، وإنهاء معاناة الشعب اليمني في نهاية المطاف.


مقالات ذات صلة

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)

حملات أمنية حوثية لمنع اليمنيين من الاحتفال بـ«ثورة 26 سبتمبر»

جماعة الحوثي تعيش رعباً حقيقياً؛ لأنها تعلم أن غالبية كبيرة من اليمنيين تنبذ أفكارها وطريقتها في الحكم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي أعلنت شركة ستارلينك بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن (سبأ)

«ستارلينك» تعلن بدء خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن

أعلنت شركة ستارلينك (المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك)، الأربعاء، بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن، ليصبح اليمن الدولة الأولى في الشرق الأوسط…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر قصف إسرائيلي سابق استهدف مستودعات الوقود (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

مسؤولون أميركيون تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي بشأن عرض واشنطن الاعتراف بحكومة الحوثيين في صنعاء مقابل وقف الهجمات الحوثية، بأنها بعيدة عن الحقيقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي سفينة حربية تشارك في عملية «حارس الازدهار» بالبحر الأحمر (رويترز)

«أسبيدس» تعلن نجاح سحب «سونيون» إلى منطقة آمنة

قالت مصادر يمنية وغربية لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية قامت بعملية التنسيق مع كل الأطراف قبيل قطر السفينة «سونيون» التي استهدفها الحوثيون.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
TT

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)

احتفل اليمنيون رسمياً وشعبياً في الداخل والخارج بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت بأسلاف الحوثيين في 1962، وبهذه المناسبة أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أنه «لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني» والمتمثل في الجماعة الحوثية.

ورغم أعمال القمع والاعتقالات الواسعة التي شنتها الجماعة الحوثية في مناطق سيطرتها والاستنفار الأمني فإن السكان في مناطق متفرقة احتفلوا بشكل فردي بذكرى الثورة التي ترى فيها الجماعة خطراً يمكن أن يستغل لتفجير انتفاضة عارمة للقضاء على انقلابها.

احتفالات بذكرى الثورة اليمنية في مدينة الخوخة المحررة جنوب محافظة الحديدة (سبأ)

وفي المناطق المحررة، لا سيما في مأرب وتعز وبعض مناطق الحديدة الخاضعة للحكومة الشرعية، نظمت احتفالات رسمية وشعبية على نحو غير مسبوق بحضور كبار المسؤولين اليمنيين، الذين حضروا حفل «إيقاد شعلة الثورة».

وحضر الاحتفال الرسمي في مأرب عضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك، ومعه وزراء: الداخلية، والتجارة والصناعة، والمالية، والكهرباء، والمياه والبيئة، والإعلام والثقافة والسياحة.

وفي حين أقامت العديد من السفارات اليمنية في الخارج الاحتفالات بذكرى الثورة «26 سبتمبر» شهدت مدينة تعز (جنوب غرب) حشوداً غير مسبوقة في سياق الاحتفالات الرسمية والشعبية بالمناسبة.

وكان اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين بدأوا دعواتهم للاحتفال بالثورة هذا العام منذ بداية الشهر الجاري، وهو ما جعل الجماعة تستنفر قواتها في صنعاء وإب وذمار والحديدة وتهدد الداعين للاحتفال قبل أن تشن حملات اعتقال شملت المئات، بينهم سياسيون ووجهاء قبليون وصحافيون وحزبيون.

حشود كبيرة تحتفل في مدينة تعز اليمنية عشية ذكرى الثورة التي أطاحت بأسلاف الحوثيين في 1962 (سبأ)

وعلى وقع الاعتقالات الحوثية رأى «التحالف الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» المؤيدة للحكومة الشرعية أن الجماعة الحوثية تحاول «طمس الهوية اليمنية الثورية، وتكرار ممارسات الحكم الإمامي ومحو آثار الثورة السبتمبرية العظيمة».

ودعت الأحزاب في بيان المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى «إدانة الجرائم والانتهاكات الحوثية، والوقوف بحزم ضد هذه الجماعة التي تمثل تهديداً ليس فقط لليمن، بل لأمن واستقرار المنطقة بأسرها».

هجوم رئاسي

بالتزامن مع احتفالات اليمنيين بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» هاجم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الحوثيين، في خطاب وجهه من نيويورك حيث يشارك في الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة، وأشاد بالتمسك بالاحتفال بالمناسبات الوطنية.

وحض العليمي على جعل الاحتفال «دعوة للفعل والتماسك والثبات ونداء مسؤولية وواجب لا يستثني أحداً للانخراط في معركة استعادة مؤسسات الدولة بالسلاح، والمال، والكلمة».

ورأى أن الاحتفالات المبكرة كل عام «تؤكد أن شعلة التغيير ستظل متقدة أبداً في النفوس». وأضاف «هذا الاحتشاد، والابتهاج الكبير بأعياد الثورة اليمنية في مختلف المحافظات هو استفتاء شعبي يشير إلى عظمة مبادئ سبتمبر الخالدة، ومكانتها في قلوب اليمنيين الأحرار، ورفضهم الصريح للإماميين الجدد، وانقلابهم الآثم». في إشارة إلى الحوثيين.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وهاجم العليمي الحوثيين وقال إنهم «اختاروا الفوضى حين ساد الاستقرار، واقترفوا جريمة الانقلاب حين توافق اليمنيون على الديمقراطية وسيادة الشعب، وفرضوا الحرب يوم جنح الجميع إلى السلام، وقاموا بنهب المؤسسات وتخريبها واحتكروا موارد البلاد وأثقلوا المواطنين بالجبايات».

وأشار رئيس مجلس الحكم اليمني إلى أن الجماعة الموالية لإيران اجتاحت المدن والقرى بالإرهاب والعنف وانتهاك الحريات العامة، واختطفت الأبرياء من النساء والأطفال والمسنين، وعبثت باستقلال القضاء وأفرغت القوانين من قيمتها، وحرفت التعليم عن سياقه الوطني والعلمي، وحولته إلى منبر طائفي وسلالي متخلف.

وشدد في خطابه على أنه «لا خيار - في بلاده - سوى النصر على المشروع الإيراني». وقال «إن حريتنا وكرامتنا، تتوقف على نتيجة هذه المعركة المصيرية التي لا خيار فيها إلا الانتصار».

وأكد العليمي على أنه لا يوجد مستقبل آمن ومزدهر لليمن بمعزل عن الدول العربية وفي مقدمها دول تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، والإمارات. وقال «هذا المصير لا يتعلق فقط بهذه المرحلة، ولكن بحقائق التاريخ، والجغرافيا التي تتجاوز أوهام الأفراد وطموحاتهم، وأزماتهم».