المؤلف الموسيقي شادي مؤنس: الفصحى «منسية» في الغناء المصري

تفاعُل بمهرجان «كوتشيلا» مع أغنية من تلحينه للتشيلية إليانا

المؤلف الموسيقي المصري شادي مؤنس (أرشيفية)
المؤلف الموسيقي المصري شادي مؤنس (أرشيفية)
TT

المؤلف الموسيقي شادي مؤنس: الفصحى «منسية» في الغناء المصري

المؤلف الموسيقي المصري شادي مؤنس (أرشيفية)
المؤلف الموسيقي المصري شادي مؤنس (أرشيفية)

قال المؤلف الموسيقي المصري شادي مؤنس، إن اللغة العربية الفصحى «منسية» في الغناء، إذ يسعى لتقديم «موسيقى تصويرية تتماهى مع لون العمل الدرامي».
وقدَّم مؤنس مجموعة من المؤلفات التي أعادتنا لموسيقى تترات مسلسلات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وذلك في مسلسلي «حضرة العمدة»، و«سوق الكانتو» خلال موسم دراما رمضان المنقضي.
ويواصل مؤنس مزج الموسيقى بالتراث ونسمات الزمن الجميل عبر تعاونه مع مجموعة من الفنانين المصريين والعرب مثل علي الحجار، وفايا يونان، وخاطر الضوا، في أغانٍ جديدة سيتم طرحها قريباً.
وفي المهرجان الدولي «كوتشيلا ڤالي» بكاليفورنيا، قدمت المغنية التشيلية ذات الأصول الفلسطينية إليانا منذ أيام أغنية «موال» من موسيقى مؤنس، وكلمات الشاعر طارق الجنايني.
ولاقت الأغنية تفاعلاً في المهرجان، الذي يعد واحداً من أكبر المهرجانات الغنائية والموسيقية في العالم، ويحضره أكثر من 100 ألف شخص يومياً، وكانت الأغنية عبارة عن موَّال ذي طابع درامي مصري.
وقال مؤنس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «مديرة أعمال إليانا اتصلت بي وأبلغتني بإعجاب المغنية الشهيرة وأخيها الملحن بموسيقى المسلسلات التي قدمتها، وأبدت رغبتها في التعاون الفني معي، فرحبت للغاية وكان التعاون من خلال (موال)».
لم يتوقع مؤنس أن تحقق الأغنية هذا النجاح اللافت، كما لم يُخفِ قلقه من أن تغني إليانا ذات الثقافة الغربية والمقيمة منذ سنوات في لوس أنجليس أغنية بالفصحى.
وأضاف: «أبدعت إليانا، وكانت مبهرة في أدائها وإحساسها، ونجحت في أن تجتذب الجمهور من ثقافات كثيرة إلى الغناء بلغتنا العربية».
لم تكن أغنية إليانا الأولى ولن تكون الأخيرة لمؤنس بالفصحى، بل سبق أن لحَّن وغنَّى هو أيضاً بالفصحى، فقدَّم قصيدة «ليلى» من قبل، وسيقدّم قريباً عملاً آخر. ويرى أن «الغناء بالفصحى أمر ضروري. أحب الكلمة الحلوة الراقية، وذلك تحققه الفصحى، من هنا احتلت مساحة من أعمالي وستزداد خلال الفترة المقبلة».
جدير بالذكر أن هناك أعمالاً بالعامية من جمالها ترقى إلى «حلاوة الفصحى»، وربما تفوقها تأثيراً لسهولتها، فالجميع يستمتع بأعمال فؤاد حداد، وصلاح جاهين، وعبد الرحمن الأبنودي، وسيد حجاب، وإبراهيم عبد الفتاح الذي تعاون معه مؤنس.
وأشار شادي مؤنس إلى أن «الجميع سيُقبل على الأغاني بالفصحى، عندما نُحسن اختيار القصائد، بحيث تكون سهلة وغير معقدة، وسيساعد ذلك على وصولها بسلاسة للشباب في وقت أصبحت فيه (منسية) في الفن، وهو أمر يحزنني كثيراً، ولذلك سأغني قصيدة جديدة، وسيطرح الفنان السوري خاطر ضوا أغنية بالفصحى من تلحيني قريباً».
وفي أزقّة تونس العتيقة وشوارعها الشهيرة، صورت الفنانة فايا يونان، أغنيتها الجديدة «نفرح برشا» والتي تصدرت «الترند»، ولأول مرة تغنّي يونان باللهجة التونسية، وذلك في إطار تجربة فنية غير مسبوقة لها، وهي طرح ألبوم بمختلف اللهجات العربية ومنها الخليجية، وحين تغني باللهجة المصرية فإن ذلك سيكون من موسيقى شادي مؤنس، حيث تعاون معها في أغنية ستطرحها خلال أيام بعنوان «طير الآن».
وقال مؤنس إن «فايا يونان فنانة كبيرة، وصوتها تملأه مشاعر الحب والحياة والسلام والأمل». وسيقدّم مع الفنان علي الحجار أغنية «شيء من كل شيء» التي يعتز بها كثيراً.
ويشار إلى أن بعض مقطوعات الموسيقى التصويرية من فرط ما تزخر به من مشاعر وأحاسيس تبقى حية حتى ينسى المشاهد أو المستمع العمل الدرامي الذي تم تأليفها له ويتذكّرها هي فقط.
وتحقّق ذلك مع الكثير من مؤلفات مؤنس، الذي يقول إن «أشياء كثيرة تتضافر من أجل تحقيق ذلك، ويكون للثقافة الموسيقية والاستماع كثيراً لأنواع مختلفة دور بارز؛ لأنها تمنح المؤلف القدرة على التنقل بين الألوان الفنية، وتقديم موسيقى تتماهى مع لون العمل الدرامي».
ويستمتع مؤنس بالموسيقى الشرقية والكلاسيكية، وهو من هواة الفلامنكو، وتستهويه موسيقى شرق أوروبا، ويحرص على حضور حفلات الموسيقى المحلية عند السفر لأي دولة، وفي مصر عاش عن قرب مع تراث «الكف الصعيدي».
كما أن هناك لمسة صوفية تتسّم بها موسيقى مؤنس دوماً، وعلى الرغم من ذلك لا يعد نفسه صوفياً، ويقول: «أؤمن بأن الموسيقى جسر للسمو والروحانية، وحين تكون صادقة فإنها تمس النفس وتأخذها إلى عوالم من الصفاء والسلام».



التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
TT

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لوكالة «ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة غامرة. وقالت عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، البروفيسورة كاثرين هيمانز، لـ«بي بي سي»: «أحبُّ المجرّة البراقة والمتألِّقة بأضواء عيد الميلاد، كأنّ هذه ما كان عليه الكون وهو يبلغ من العمر 600 مليون عام فقط». تُظهر الصورة 10 كرات من النجوم بألوان مختلفة، تبدو مثل زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون. وهذه المرّة الأولى التي شاهد فيها العلماء كتلاً من النجوم تتجمَّع لتُشكل مجرّة مثل «درب التبانة»، فأطلقوا على المجرّة البعيدة اسم «اليراعة المتألّقة»، لتشابُهها أيضاً مع سرب من اليراعات متعدِّد اللون.

من مداره في الفضاء، من دون عوائق من الغلاف الجوّي للأرض، أظهر لنا أقوى تلسكوب على الإطلاق، مزيداً من المجرّات الأبعد، وبالتالي الأقدم؛ لكنها ليست مثل مجرّتنا في المراحل المُبكرة من التشكيل. ووفق الدكتورة لاميا ماولا، من كلية «ويليسلي» في ماساتشوستس، المُشاركة في قيادة البحث، فإنّ «البيانات الخاصة بما حدث في هذه المرحلة من الكون ضئيلة جداً». وأضافت: «هنا نُشاهد مجرّة وهي تتشكَّل حجراً بحجر. فالمجرّات التي نراها عادة حولنا تشكَّلت بالفعل، لذا فإنها المرّة الأولى التي نشهد فيها هذه العملية».

ووصفت البروفيسورة هيمانز، عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، والمستقلّة عن فريق البحث، الاكتشاف بأنه «رائع، ومهمّ علمياً وبالغ الاحتفاء»؛ وقالت: «مدهش أن يبني البشر منظاراً يتيح التطلُّع إلى الماضي البعيد جداً، فنرى هذه المراحل الوليدة جداً من المجرّة بطريقة احتفالية جميلة كهذه».

لغز الكون وعجائبه (ناسا)

وتختلف ألوان العناقيد النجمية باختلاف مراحل تكوينها، وفقاً للدكتورة ماولا: «إنها جميلة لأنّ الحياة الباكرة للمجرّة نشطة جداً. نجوم جديدة تولد، ونجوم ضخمة تموت، وكثير من الغاز والغبار حولها، وكثير من النيتروجين والأكسجين... بسبب الحالة التي هي فيها، تتراءى هذه الألوان الجميلة». عندما صادفت ماولا المجرّة، لم ترَ قط كتلاً من النجوم بمثل هذه الألوان الزاهية والمتنوّعة. قادها ذلك للاعتقاد بأنّ ثمة شيئاً مختلفاً حول هذا النظام، لذا تحقّقت من مدى بُعد ذلك. لدهشتها تبيَّن أنه يبعد أكثر من 13 مليار سنة ضوئية.

النور الآتي من «اليراعة المتألّقة» استغرق أكثر من 13 مليار سنة ليصل إلينا. صغير جداً وبعيد جداً، حدَّ أنه لم يكن بإمكان تلسكوب «جيمس ويب» رؤيته، لولا حظوظ المصادفة الكونية. وكان هناك تجمّع من المجرّات بين «اليراعة المتألّقة» وتلسكوب «جيمس ويب»، شوَّهت الزمكان لتمدُّد الضوء من المجرّة البعيدة، وتعمل بفعالية مثل عدسة مكبرة عملاقة.

يٌسمّي علماء الفلك هذه العملية «عدسة الجاذبية»، التي، في هذه الحالة، مكَّنت الباحث المُشارك الدكتور كارثيك أيير من جامعة «كولومبيا» في نيويورك، وأعضاء آخرين من الفريق، من أن يروا للمرّة الأولى، تفاصيل مذهلة لكيفية تكوُّن المجرّات الأولى مثل مجرتنا «درب التبانة». وقال: «إنها تأخذ الضوء الآتي من اليراعة وتثنيه وتضخّمه حتى نتمكن من رؤيته بتفاصيل رائعة».