إتاوات ترهق كاهل اليمنيين في صنعاء والبيضاء

اتهامات للحوثيين بابتزاز المتاجر وتسهيل جرائم السرقات

عنصر حوثي في صنعاء يغلق أحد المتاجر (إعلام حوثي)
عنصر حوثي في صنعاء يغلق أحد المتاجر (إعلام حوثي)
TT

إتاوات ترهق كاهل اليمنيين في صنعاء والبيضاء

عنصر حوثي في صنعاء يغلق أحد المتاجر (إعلام حوثي)
عنصر حوثي في صنعاء يغلق أحد المتاجر (إعلام حوثي)

فرضت الميليشيات الحوثية في محافظتي البيضاء وريف صنعاء الواقعتين تحت سيطرتها إتاوات جديدة على أصحاب المحلات التجارية والقطاع الخاص، استمراراً لحملاتها الممنهجة والواسعة لجباية الأموال وتدمير ما تبقى من مقومات الاقتصاد اليمني، وتهجير رأس المال من مدن سطوتها، وإحلال تجار جدد موالين لها، بحسب ما ذكرته مصادر محلية.
جاء ذلك في وقت تحدث فيه سكان من البيضاء وريف صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن شكاواهم من اتساع حوادث سرقة المتاجر، متهمين عناصر الجماعة الحوثية بتسهيل هذه الجرائم.
في هذا السياق، كشفت مصادر محلية عن قيام الميليشيات الحوثية بتنفيذ حملات ابتزاز وجباية واسعة، أجبرت من خلالها ملاك المحال التجارية الخاصة في مناطق متفرقة من البيضاء وريف صنعاء على دفع مبالغ تحت تسميات غير قانونية.
تزامن ذلك مع تحذيرات عدة أصدرتها تقارير محلية وأخرى دولية من احتمال انهيار الاقتصاد اليمني في ظل استمرار مسلسل الاعتداء والنهب والسلب الذي تمارسه الجماعة الانقلابية.
وفي محافظة البيضاء (268 كلم جنوب شرقي صنعاء)، قالت المصادر إن 12 فريقاً ميدانياً يتبع مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للانقلابيين بالمحافظة نفذوا حملات ميدانية طالت نحو 80 محلاً تجارياً في أحياء مدينة البيضاء، وأجبروا ملاك المحلات على دفع إتاوات متفاوتة بذريعة وجود (مخالفات سعرية).
وكشف ملاك محال تجارية في البيضاء طالهم الاستهداف الحوثي، عن استمرار الحملات الحوثية التي لم تستثنِ حتى المحال الصغيرة؛ بغية ابتزازها وإجبارها، تحت تسميات مختلفة، على دفع مبالغ مالية.
وتحدث مالك متجر وسط المدينة لـ«الشرق الأوسط»، عما وصفه بـ«الإرهاب» الذي يُمارس بحقه وكثير من ملاك المحال في المدينة وضواحيها من قِبَل فرق النهب الحوثية.
وقال مالك المتجر الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية من الانتقام، إن مشرفاً حوثياً أقدم، برفقة 3 مسلحين، على اقتحام متجره الصغير في حي وسط المدينة، مطالباً بدفع مبلغ 10 آلاف ريال (نحو 20 دولاراً)، بحجة عدم وجود قائمة سعرية للمواد الاستهلاكية على باب متجره.
ومع تصاعد حدة الابتزاز الحوثي، أوضح حميد، وهو مالك متجر آخر بأطراف المدينة، لـ«الشرق الأوسط»، أنه فُجِع بتعرض متجره للسرقة ليلاً على يد لصوص مجهولين يعتقد أنهم على صلة بقيادات حوثية.
وقال إنه سارع إلى إبلاغ أجهزة أمن الميليشيات القريبة من الحي بالحادثة، لكنه شعر باليأس لعدم تحريك الانقلابيين أي ساكن، مشيراً إلى أنه حاول إنقاذ نفسه ومتجره من ابتزاز عناصر الميليشيات عن طريق إغلاق المتجر، لكنه وقع ضحية للصوص المحسوبين على الجماعة.
واتهم حميد مشرفين حوثيين في البيضاء بالوقوف وراء تقديم الحماية والدعم لمثل تلك العصابات التي رفعت من معدلات جرائم سرقة المتاجر وجرائم السرقات بشكل عام في المحافظة إلى أعلى المستويات.
ويؤكد سكان في صنعاء والبيضاء ومحافظات يمنية أخرى تحت سلطة الانقلابيين تزايد عمليات السرقة واستغلال عصابات (تقف وراء دعمها قيادات أمنية في الجماعة الحوثية) الإجازات لسرقة شركات ومحال تجارية، وحتى معامل طبية وعيادات.
وفي محافظة صنعاء، تستمر فرق الاستهداف الميداني التابعة لمكتب الصناعة الحوثي بالمحافظة في تنفيذ حملات استهدفت 304 منشآت تجارية، شمل بعضها مولات وأسواقاً تجارية ومطاعم وكافيهات وأفراناً ومحالّ بيع اللحوم، وغيرها، بغية جني مزيد من الأموال تحت ذرائع متعددة.
وبحسب ما ذكرته مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أسفرت الحملة في أيامها الأولى عن إغلاق نحو 45 منشأة تجارية مختلفة، واعتقال ملاك منشآت أخرى، إلى جانب فرض «غرامات تأديبية» ضد أخرى.
وفي حين توعد الانقلابيون بمضيهم في تنفيذ مزيد من تلك الحملات الاستهدافية بحق ما تبقى من ملاك تلك المنشآت في المحافظة، برروا سلوكهم بأنه يأتي «في سياق ما يُسمَّى الرقابة على السوق وأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وضبط المخالفات، وغيرها»، على حد زعمهم.
وأكدت المصادر أن الميليشيات الحوثية تبتكر طرقاً وأساليب إجرامية جديدة ترافق كل حملة، وأنه في حال عدم الاستجابة لمطالبها بدفع إتاوات تباشر على الفور بدهْم المحال التجارية ونهب مواد غذائية مختلفة بزعم أنها تالفة أو مخالفة لتسعيرة الجماعة.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.