«كورونا» ليس الأخير... كيف يستعد العلماء للوباء التنفسي المقبل؟

تطوير دواء للأمعاء في شكل «بخاخ أنفي» مضاد للفيروسات

ديفيد نيدهام أستاذ علوم المواد بجامعة ديوك الأميركية يتابع نتائج تجاربه على دواء «نيكلوساميد» (جامعة ديوك)
ديفيد نيدهام أستاذ علوم المواد بجامعة ديوك الأميركية يتابع نتائج تجاربه على دواء «نيكلوساميد» (جامعة ديوك)
TT

«كورونا» ليس الأخير... كيف يستعد العلماء للوباء التنفسي المقبل؟

ديفيد نيدهام أستاذ علوم المواد بجامعة ديوك الأميركية يتابع نتائج تجاربه على دواء «نيكلوساميد» (جامعة ديوك)
ديفيد نيدهام أستاذ علوم المواد بجامعة ديوك الأميركية يتابع نتائج تجاربه على دواء «نيكلوساميد» (جامعة ديوك)

أظهر فريق بحثي من جامعة ديوك الأميركية، أن عقاراً مثبطاً لعملية التمثيل الغذائي يسمى «نيكلوساميد»، ويستخدم تقليدياً لعلاج طفيليات الأمعاء، يمكن استخلاصه وتذويبه بسهولة من الأقراص التجارية بكميات كافية لإنتاج بخاخات الحلق والأنف، استعداداً لمواجهة أي وباء مقبل مستقبلاً.
وبسبب تكوين البشر «بيئة مثالية» تساعد على انتقال الأمراض من الحياة البرية إلى البشر وانتشارها بسرعة في جميع أنحاء العالم، فإن فيروس كورونا المستجد، المسبب لجائحة «كوفيد - 19»، لن يكون الوباء الأخير، كما أكدت منظمة الصحة العالمية في أكثر من مناسبة، وهو ما يفرض ضرورة الاستعداد للوباء المقبل بحلول غير تقليدية، ومنها هذا الحل القائم على دواء «نيكلوساميد».
ومنذ عام 1958. يتم استخدام «النيكلوساميد» لعلاج التهابات طفيليات الأمعاء لدى البشر، وكذلك الحيوانات الأليفة وحيوانات المزرعة، ويتم تسليم الدواء على شكل أقراص عن طريق الفم، ويقتل الطفيليات عند ملامستها عن طريق تثبيط مسارها الأيضي (مسار التمثيل الغذائي) الحاسم وإيقاف إمدادها بالطاقة.
ومع ذلك، فقد قام الباحثون في السنوات الأخيرة باختبار قدرة هذا الدواء على علاج مجموعة واسعة من الأمراض، مثل العديد من أنواع السرطان وأمراض التمثيل الغذائي والتهاب المفاصل الروماتويدي والتصلب الجهازي.
وأظهرت الدراسات المختبرية الحديثة لجامعة ديوك، التي أجريت على الخلايا، ونشرت 28 أبريل (نيسان) بدورية «AAPS Open»، أن العقار دواء فعال مضاد للفيروسات، مما يثبط قدرة الفيروس على التسبب في المرض عن طريق استهداف إمداد الطاقة للخلية المضيفة، التي يتعاون الفيروس معها في التكاثر الذاتي، وهو ما يجعله دواءً محتملاً ليس فقط لفيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض «كوفيد - 19»، ولكن لجميع فيروسات الجهاز التنفسي، بما في ذلك الإنفلونزا وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، ولزيادة استعدادنا للوباء التالي الذي «يبدو أنه من المؤكد سيحدث»، كما يؤكد ديفيد نيدهام، أستاذ علوم المواد بجامعة ديوك، والباحث الرئيسي بالدراسة.
ويضيف في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة: «أظهرنا أيضاً أنه يمكن إذابة الدواء إلى تركيزات عالية بما يكفي لإنتاج بخاخ للأنف والحلق عن طريق تغيير بسيط في درجة حموضة المحلول، وكانت هذه نتيجة مهمة، حيث كان الباحثون يعتقدون سابقاً أن الدواء غير قابل للذوبان بشكل لا يسمح له بتكوين مثل هذه الحلول».
وبعد أن وضع الباحثون طريقة لعمل حلول بخاخ الأنف والحلق بأبسط التقنيات يأمل نيدهام، أن «تدرك شركة واحدة أو أكثر قيمة هذا العمل وتقوم بتحويله لمنتج لإنقاذ الأرواح وتقليل المعاناة في جميع أنحاء الكوكب».
ويعد «البحث عن حلول من الأدوية القديمة، أحد الاتجاهات الحديثة للتعامل مع الطوارئ الصحية، والاستعداد لأي طارئ، لأن فرص اعتماد تلك الحلول سيكون سريعاً» كما يؤكد إبراهيم الشربيني، المدير المؤسس لبرنامج علوم النانو، ومركز أبحاث علوم المواد بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في مصر.
ويوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بينما يحتاج اعتماد بعض الحلول سنوات من التجارب الحيوانية والسريرية، فإن الأدوية المعاد استخدامها للتعامل مع أمراض جديدة، لا تحتاج إلا إلى تجربة إكلينيكية واحدة تتعلق بالسلامة، وهذا يجعل فرص اعتمادها أسرع».
ويضيف: «في هذه الحالة، فنحن أمام دواء معتمد وتمت الموافقة عليه منذ 50 عاماً، لذلك فإن فرص الموافقة عليه سريعاً لغرض علاج الأمراض الفيروسية ستكون كبيرة».



احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
TT

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من جامعة توركو الفنلندية، إلى أنّ الوقوف لفترات طويلة في العمل له تأثير سلبي في قياسات ضغط الدم على مدى 24 ساعة.

وتكشف النتائج عن أنّ الوقوف لفترات طويلة يمكن أن يرفع ضغط الدم، إذ يعزّز الجسم مسارات الدورة الدموية إلى الأطراف السفلية عن طريق تضييق الأوعية الدموية وزيادة قوة ضخّ القلب. وعلى النقيض من ذلك، ارتبط قضاء مزيد من الوقت في وضعية الجلوس في العمل بتحسُّن ضغط الدم.

وتشير الدراسة، التي نُشرت في مجلة «ميديسين آند ساينس إن سبورتس آند إكسيرسيس»، إلى أنّ السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

تقول الباحثة في الدراسة، الدكتورة جووا نورها، من جامعة «توركو» الفنلندية: «بدلاً من القياس الواحد، فإن قياس ضغط الدم على مدار 24 ساعة هو مؤشر أفضل لكيفية معرفة تأثير ضغط الدم في القلب والأوعية الدموية طوال اليوم والليل».

وتوضِّح في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «إذا كان ضغط الدم مرتفعاً قليلاً طوال اليوم ولم ينخفض ​​بشكل كافٍ حتى في الليل، فتبدأ الأوعية الدموية في التصلُّب؛ وعلى القلب أن يبذل جهداً أكبر للتعامل مع هذا الضغط المتزايد. وعلى مرّ السنوات، يمكن أن يؤدّي هذا إلى تطوّر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

وأظهرت دراسات سابقة أنّ ممارسة الرياضة في وقت الفراغ أكثر فائدة للجهاز القلبي الوعائي من النشاط البدني الناتج عن العمل، الذي ربما يكون ضاراً بالصحّة، مشدّدة على أنّ التمارين الرياضية المنتظمة مهمة للسيطرة على ضغط الدم.

وعلى وجه الخصوص، تعدّ التمارين الهوائية الأكثر قوة فعالةً في خفض ضغط الدم، ولكن وفق نتائج الدراسة الجديدة، فإنّ النشاط البدني اليومي يمكن أن يكون له أيضاً تأثير مفيد.

في الدراسة الفنلندية، تم قياس النشاط البدني لموظفي البلدية الذين يقتربون من سنّ التقاعد باستخدام أجهزة قياس التسارع التي يجري ارتداؤها على الفخذ خلال ساعات العمل، وأوقات الفراغ، وأيام الإجازة. بالإضافة إلى ذلك، استخدم المشاركون في البحث جهاز مراقبة ضغط الدم المحمول الذي يقيس ضغط الدم تلقائياً كل 30 دقيقة لمدّة 24 ساعة.

وتؤكد النتائج أنّ طبيعة النشاط البدني الذي نمارسه في العمل يمكن أن يكون ضاراً بالقلب والجهاز الدوري. وبشكل خاص، يمكن للوقوف لفترات طويلة أن يرفع ضغط الدم.

وتوصي نورها بأنه «يمكن أن يوفر الوقوف أحياناً تغييراً لطيفاً عن وضعية الجلوس المستمر على المكتب، ولكن الوقوف كثيراً يمكن أن يكون ضاراً. من الجيد أن تأخذ استراحة من الوقوف خلال العمل، إما بالمشي كل نصف ساعة أو الجلوس لبعض أجزاء من اليوم».

ويؤكد الباحثون أهمية النشاط البدني الترفيهي لكل من العاملين في المكاتب وفي أعمال البناء، وتشدّد نورها على أنه «جيد أن نتذكّر أنّ النشاط البدني في العمل ليس كافياً بذاته. وأنّ الانخراط في تمارين بدنية متنوّعة خلال وقت الفراغ يساعد على الحفاظ على اللياقة البدنية، مما يجعل الإجهاد المرتبط بالعمل أكثر قابلية للإدارة».