مصادر: عقبات تعوق نجاح الحراك الروسي في سوريا

قالت إن موسكو تستفيد من أخطاء الآخرين وغيابهم

مصادر: عقبات تعوق نجاح الحراك الروسي في سوريا
TT

مصادر: عقبات تعوق نجاح الحراك الروسي في سوريا

مصادر: عقبات تعوق نجاح الحراك الروسي في سوريا

يوما بعد يوم، تبدو موسكو العاصمة الأكثر دينامية في التعاطي مع ملف الحرب في سوريا. خلال الأسابيع الماضية، أظهرت الدبلوماسية الروسية براعة في تجيير ما آلت إليه الحرب هناك لصالح رؤيتها، مستفيدة من قدرتها على الحديث إلى النظام والمعارضة السوريين على السواء ومن انفتاحها على بلدان الخليج، وخصوصا على المملكة السعودية، ومما تعتبره «تقاربا» مع الجانب الأميركي ناهيك ببعض «التناغم» بينها وبين طهران ومشاوراتها شبه الدائمة مع تركيا.
تقول مصادر دبلوماسية أوروبية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن موسكو تعي بوضوح تام اليوم أمورا ثلاثة، الأول: أن هناك «تعبا عاما» من الحرب في سوريا وخوفا متزايدا إقليميا ودوليا من استقواء التنظيمات الإرهابية والحاجة لمواجهتها. ويكمن الأمر الثاني في أن التحالف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية والذي باشر ضرباته الجوية في العراق ثم في سوريا منذ ما يزيد على العام، لم يحقق سوى نتائج «متواضعة»، وأن الأمور، إذا ما استمرت على هذا المنوال، ستحتاج إلى سنوات من أجل التغلب على «داعش»، ناهيك بـ«النصرة» وأخواتها. أما الأمر الثالث، فهو التخبط الأميركي في التعاطي مع الملفين العراقي والسوري. وترى المصادر الغربية أن أبلغ دليل عليه هو «الفشل الذريع» للخطط الأميركية لتدريب قوات من المعارضة «المعتدلة» تكون مهمتها فقط محاربة «داعش» والغموض الذي يحيط بالاتفاق الأميركي - التركي بشأن إقامة «منطقة آمنة» أو خالية من المخاطر والجهة التي ستضمن حمايتها. وفي العراق، تبدو تصريحات الجنرال أوديرنو التي رأى فيها أن خلاص العراق يكمن في تقسيمه أفضل مثال على فشل السياسة الأميركية في هذا البلد.
بيد أن موسكو، كما تقول المصادر الغربية، استفادت كذلك من أخطاء الآخرين ومن غيابهم. فالدبلوماسية الأميركية مجندة للدفاع عن الاتفاق النووي مع إيران، والدول الأوروبية غير قادرة على التأثير على الوضع إلا على الهوامش، فيما المواجهة القائمة علنا بين بلدان مجلس التعاون الخليجي وإيران في اليمن والخليج والعراق تحرم الطرف العربي من القدرة على المناورة في الملف السوري وتضعه في موقف المتمسك بمواقفه المبدئية. بيد أن الغياب «الأكبر»، وفق المصادر المشار إليها فيتمثل في «اختفاء» المبعوث الدولي ستيفان دي ميتسورا عن الصورة. والواضح أن نهج المبعوث الدولي الذي خلف في منصبه الدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي بحاجة إلى إعادة نظر؛ إذ يقوم على مبدأ «التجريب»، بحيث يطرح أفكارا ثم عند فشلها يطرح أفكارا أخرى، وهكذا دواليك...
تتساءل المصادر الأوروبية عن «حظوظ» موسكو في توفير أرضية مشتركة ومقبولة للحل السياسي الذي تريده كل الأطراف في سوريا وتربط ذلك بأمرين اثنين: مدى قدرتها على التفاهم مع طهران حول المخارج الممكنة في سوريا، ومدى ليونتها للنظر جديا في البحث عن بديل للرئيس السوري بعد مرحلة انتقالية يمكن أن تطول أو تقصر، من شأنها المحافظة على وحدة سوريا وعلى مؤسسات الدولة وتبعد شبح وصول «داعش» إلى دمشق، وتوفر الشروط الضرورية من أجل مجابهة «داعش» والانتصار عليه.
وأهم العقبات التي تواجه موسكو، بحسب ما تقوله المصادر الغربية، في طهران أكثر منه في أي عاصمة أخرى. والحال أن السياسة الإيرانية لم تتغير ولا يبدو أنها مقبلة على تغيرات «سريعة» وفق تشخيص وزير الخارجية الفرنسي الذي كان أول وزير خارجية دولة غربية كبرى تطأ قدماه مطار طهران منذ سنوات. طهران متمسكة ببقاء الأسد على رأس السلطة ولم يبدر منها ما يؤشر إلى العكس، بل إن «المبادرة» الجديدة التي طرحتها تنص في بندها الثاني على قيام حكومة وحدة وطنية تكون تحت رئاسة الأسد، وهو الأمر الذي تؤكد المعارضة أنها لا يمكن أن تقبله. ورغم المواجهة التي بدت في المؤتمر الصحافي المشترك في موسكو لوزيري خارجية السعودية وروسيا بشأن مصير الأسد، فإن أكثر من مصدر يفيد بأن موسكو «أخذت تنظر جديا في البحث عن صيغة» لخروج الأسد من الصورة.
، ما يعني أنها تجاوزت الرفض المبدئي لأي تغيير على رأس السلطة السورية وأن التصريحات العلنية «هي تعبير عن مواقف تفاوضية ولا تعكس بالضرورة ما يمكن أن يقبله أو لا يقبله الطرف الروسي».
من جانب آخر، يؤخذ على التحرك الروسي أنه قصر، حتى الآن، أهدافه «المعلنة» على محاربة الإرهاب، ودعا إلى تحالف يضم السعودية وتركيا والأردن والقوات السورية، أي عمليا نظام الرئيس الأسد. ورغم اقتناع الجميع بالحاجة لمحاربة «داعش»، فإن طرح التحالف من زاوية الإرهاب فقط يفهم منه أنه محاولة لإعادة «تعويم» النظام بحجة أنه يحارب الإرهاب، ما يعيدنا إلى المربع الأول.
تعتبر المصادر الأوروبية أن «الحراك» الروسي، على أهميته، لا يمكن أن يكون كافيا للسير بحل للأزمة السورية وتشعباتها، وأن الطريق الأقصر للوصول إليه هو في «حصول حوار جدي بين الرياض وطهران» ما من شأنه تسهيل المقاربات المشتركة لتبريد النزاعات في المنطقة وصولا إلى إيجاد تسويات لها. والحال أن حوارا كهذا لا يبدو قريب المنال في الوقت الحاضر. لذا، ترى هذه المصادر أن الفكرة التي طرحها دي ميستورا على مجلس الأمن الدولي بتشكيل «مجموعة اتصال» دولية خماسية تضم الطرفين الروسي والأميركي والسعودية وإيران وتركيا، قد تكون مفيدة من أجل إيجاد «إطار» للتفاهم السياسي عالي المستوى الذي من شأنه بلورة حل والقدرة على السير به. لكن ليس من المؤكد أن الأطراف المذكورة كلها تريد لمجموعة كهذه أن ترى النور طالما الخلافات قائمة في سوريا والمواقف متباعدة بين أطرافها.
ربما من المبكر اليوم معرفة مصير اقتراح دي ميستورا. لكن الغموض يمكن أن ينجلي بمناسبة الاجتماعات الهامة التي ستجرى على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل التي ينتظر أن تلعب الدبلوماسية الروسية دورا في إدارتها.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.