كيري ولافروف يبحثان حل الأزمة السورية وتنفيذ وثيقة «جنيف ـ 1»

خوجة يرفض مشاركة الأسد و«زمرته» في هيئة الحكم الانتقالية

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرحب أمس بهيثم منّاع، القيادي في «هيئة التنسيق»، لدى مشاركة الأخير في مباحثات قوى المعارضة السورية في موسكو مع أركان الخارجية الروسية (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرحب أمس بهيثم منّاع، القيادي في «هيئة التنسيق»، لدى مشاركة الأخير في مباحثات قوى المعارضة السورية في موسكو مع أركان الخارجية الروسية (أ.ف.ب)
TT
20

كيري ولافروف يبحثان حل الأزمة السورية وتنفيذ وثيقة «جنيف ـ 1»

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرحب أمس بهيثم منّاع، القيادي في «هيئة التنسيق»، لدى مشاركة الأخير في مباحثات قوى المعارضة السورية في موسكو مع أركان الخارجية الروسية (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرحب أمس بهيثم منّاع، القيادي في «هيئة التنسيق»، لدى مشاركة الأخير في مباحثات قوى المعارضة السورية في موسكو مع أركان الخارجية الروسية (أ.ف.ب)

بدا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا الأسبوع، متفرغًا لبحث كل ملابسات الأزمة السورية من خلال لقاءاته مع أهم اللاعبين الخارجيين والداخليين من الأطراف المعنية بهذه الأزمة. فبعد أن استهل برنامج لقاءاته هذا الأسبوع بمباحثات بالغة الإثارة والأهمية مع نظيره السعودي عادل الجبير الذي فاجأ الداخل والخارج بعدد من التصريحات التي أكد فيها أن «الأسد انتهى ولا مكان له في سوريا»، عاد لافروف واستقبل أمس وفد لجنة المتابعة لمؤتمر القاهرة - 2، بعد لقائه السابق مع وفد الائتلاف الوطني السوري برئاسة خالد خوجة.
وجاء لقاء لافروف أمس مع وفد لجنة المتابعة لمؤتمر القاهرة - 2 في أعقاب إعلان وزارة الخارجية الروسية عن مكالمة هاتفية جرت بين لافروف ونظيره الأميركي جون كيري أكدا فيها «ضرورة العمل من أجل استئناف المفاوضات بين كل أطراف الأزمة السورية تحت رعاية الأمم المتحدة، من أجل التمهيد لتنفيذ وثيقة جنيف - 1».
وأشارت الخارجية الروسية إلى أن المبعوث الشخصي للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، بحث مع رمزي عز الدين، نائب المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، في موسكو «تنفيذ مبادرة دي ميستورا التي تنص على تشكيل أربع مجموعات عمل خاصة بالتنسيق بين مواقف دمشق والمعارضة السورية بشأن المسائل المتعلقة بضمان السلام المدني في سوريا، بالإضافة إلى إنشاء مجموعة اتصال بمشاركة الجهات الإقليمية والدولية المعنية، وذلك بهدف عقد مؤتمر (جنيف – 3)».
إلى ذلك، جدّد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية خالد خوجة، أمس، رفض المعارضة السورية مشاركة النظام السوري في الحرب ضد الإرهاب، وذلك ردًا على مبادرة طرحتها موسكو بتشكيل تحالف واسع يضم القوات السورية والعراقية والجماعات الكردية المسلحة وجماعات المعارضة السورية المعتدلة للتصدي لتنظيم داعش.
وأكد خوجة خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة الروسية موسكو عقب المباحثات التي أجراها ووفد «الائتلاف» مع لافروف وبوغدانوف، أن «تنفيذ هيئة الحكم الانتقالية التي نص عليها بيان جنيف يجب أن لا تشمل المجرم بشار الأسد وزمرته الحاكمة خلال المرحلة الانتقالية ومستقبل سوريا». وأردف: «وجدنا تفهمًا من الجانب الروسي لرؤية الائتلاف فيما يتعلق بالحل السياسي، وأوضحنا أن عملية الانتقال السياسي في سوريا يجب أن تكون ضمن إطار مبادئ بيان جنيف».
كذلك شدد خوجة على «أهمية الخروج من الوضع الراهن في سوريا والفوضى، نتيجة الحرب التي يشنها نظام الأسد ضد الشعب السوري وضرورة العودة إلى وضع يضمن الاستقرار في المنطقة». وعلى أن «الحل السياسي يجب أن يحافظ على وحدة سوريا أرضًا وشعبًا ويحمي مؤسسات الدولة، التي هي ملك الشعب السوري، من الانهيار».
وبيّن خوجة أثناء مؤتمره الصحافي أن «الائتلاف» الذي يرأسه «اتفق مع القيادة الروسية على الاستمرار في المشاورات واللقاءات لإيجاد حل عادل في سوريا يحافظ على استمرار العلاقات، وبالتالي ستكون اللقاءات مستمرة مع القيادة الروسية في المرحلة المقبلة».
وفيما يخص محاربة الإرهاب، أوضح خوجة أن «نظام الأسد انسحب أمام تنظيم داعش، وسلمه الكثير من المناطق الاستراتيجية، واستورد ميليشيات طائفية لقتل الشعب السوري، ونفذ هجمات على الأسواق الشعبية والتجمعات السكانية بكل الأسلحة المتاحة له، مما يزيل أي لبس حول أن نظام الأسد هو مصدر الإرهاب والفوضى في المنطقة، وبالتالي لا يمكن أن يكون شريكًا في محاربة الإرهاب».
أما عضو الهيئة الرئاسية في الائتلاف عبد الأحد أسطيفو، فوصف لقاءات موسكو بأنها «مرنة جدًا»، خصوصًا أن الجانب الروسي «بدا متفهّمًا لوجهة نظر المعارضة أكثر من أي وقت مضى». وذكر أسطيفو في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المحادثات مع لافروف وقبله مع بوغدانوف، تركزت على ثلاثة أمور أساسية: الأول مسألة الحل السياسي ومحاربة الإرهاب، والثاني بيان جنيف والقرارات الدولية وتقرير (مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان) دي ميستورا، والثالث العملية الانتقالية للحكم في سوريا». وأردف أسطيفو: «استمعنا إلى وجهة المسؤولين الروس من العملية الانتقالية، كما عبّرنا عن رؤيتنا لسوريا الجديدة وضرورة ألا يكون للأسد أو أي ممّن تلطخت أيديهم بالدماء دور في هيئة الحكم الانتقالية ولا في مستقبل سوريا، وكانت نسبة التوافق على معظم القضايا كبيرة جدًا، ويبدو أننا بحاجة إلى لقاءات متعدّدة على مستوى خبراء».
وعن الأسباب التي جعلت الموقف الروسي أكثر مرونة، رأى أسطيفو أن «تداعيات الاتفاق النووي بدأت بالظهور، فالتحرك الدبلوماسي الروسي ومعه المبادرة الإيرانية المعدّلة وتقرير دي ميستورا، كلها تدلّ على أن المسار السياسي للقضية السورية بدأ بالتحرك وعاد إلى الأولوية، لكن ذلك لا يعني أن الطبخة أصبحت جاهزة، واللافت أن المبادرات بدأت تأتي من حلفاء النظام». وأضاف: «بعد مشاركتي في أغلب اللقاءات مع المسؤولين الروس، فإننا للمرة الأولى نلمس تبدّلاً في المفردات التي استخدمها لافروف وبوغدانوف، لا سيما في البند المتعلّق بمصير بشار الأسد، ومن الواضح أن روسيا بدأت تقتنع بأن 23 مليون سوري لا يمكن اختصارهم بشخص الأسد».
وعمّا يُحكى عن تردد المجتمع الدولي في القبول بإسقاط الأسد حاليًا في غياب البديل، أوضح أسطيفو أن «بيان جنيف واضح، وهو ينص على هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات واسعة، وفور تشكيل هذه الهيئة يبدأ حل المشكلات العالقة وننطلق في (خارطة طريق) نتوصل من بعدها إلى انتخابات حرّة وبناء سوريا الجديدة، ومن المؤكد أن الشعب السوري قادر على حل مشكلاته بنفسه بعد التخلص من الديكتاتور».
هذا، وتأتي لقاءات لافروف وبوغدانوف مع المعارضة السورية ممثلة بـ«الائتلاف الوطني» و«هيئة التنسيق الوطنية» وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، استكمالاً للمباحثات التي كان قد أجراها وزير الخارجية الروسي الثلاثاء الماضي مع نظيره السعودي عادل الجبير في موسكو، حيث اتفق الجانبان على إيجاد حل للنزاع في سوريا على أساس «إعلان جنيف» لكنهما اختلفا على مصير الأسد.
وعلى صعيد آخر، من المقرّر أن يجري لافروف مباحثات الاثنين المقبل مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف المتوقع وصوله إلى موسكو في ختام جولة شملت العراق وسوريا ولبنان.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT
20

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.