شغب «إلكتروني» للجماعة و«فشل» الحشد في ذكرى «فض رابعة»

قوات الأمن المصرية تتصدى لمظاهرات محدودة لأنصار الإخوان

أنصار «الجماعة» في أحد الأحياء الشعبية في العاصمة المصرية في الذكرى الثانية لفض اعتصامين لأنصار جماعة الإخوان في مصر أمس (أ.ب)
أنصار «الجماعة» في أحد الأحياء الشعبية في العاصمة المصرية في الذكرى الثانية لفض اعتصامين لأنصار جماعة الإخوان في مصر أمس (أ.ب)
TT

شغب «إلكتروني» للجماعة و«فشل» الحشد في ذكرى «فض رابعة»

أنصار «الجماعة» في أحد الأحياء الشعبية في العاصمة المصرية في الذكرى الثانية لفض اعتصامين لأنصار جماعة الإخوان في مصر أمس (أ.ب)
أنصار «الجماعة» في أحد الأحياء الشعبية في العاصمة المصرية في الذكرى الثانية لفض اعتصامين لأنصار جماعة الإخوان في مصر أمس (أ.ب)

باستثناء مناوشات طفيفة، مرت الذكرى الثانية لفض اعتصامين لأنصار جماعة الإخوان في مصر هادئة، تاركة عشرات المرتكزات الأمنية وقوات التدخل السريع في شوارع خالية في يوم عطلة أسبوعية، أججتها حرارة صيف غير مسبوق. وبينما أثيرت تساؤلات حول أسباب غياب أنصار الجماعة في ذكرى يوم بات مفصليا في وعي جيل جديد من كوادرها، ذهب قادة سابقون في الجماعة إلى أن الإخوان فقدوا قدرتهم على الحشد، وأن مساعي قادتها لتسويق تجاوزهم أزمة الانشقاق الداخلي لم تؤت ثمارها، فيما نجح قراصنة في اختراق الموقع الإلكتروني لمطار القاهرة الدولي، ورفعوا عليه شعار «الأرض لا تشرب الدم».
وفضت السلطات المصرية قبل عامين اعتصامين لأنصار الإخوان خلفا مئات القتلى، لتدشن الجماعة التي تأسست في عشرينات القرن الماضي مرحلة جديدة في صراعها الممتد مع الدولة.
وقال أحمد بان، الباحث في شؤون الجماعة الإسلامية، إن قادة الإخوان حاولوا التسويق لفكرة تجاوزهم الخلافات التي نشبت بين شبابها وشيوخها على قيادة التنظيم، في مسعى لدفع قواعد الجماعة للتفاعل والمشاركة في مظاهرات ذكرى الفض، لكن المظاهرات خرجت هزيلة ومكرورة على النحو الذي رأيناه ونراه في كل دعوة.
وأضاف بان، وهو قيادي سابق في الجماعة، أن تصريحات المتحدث الرسمي باسم حزب جماعة الإخوان المنحل، تركت الجماعة مكشوفة أمام قواعدها، لتسقط ورقة التوت الأخيرة عنها، وتعكس قدر انتهازية قادتها الذين حاولوا المتاجرة بالاعتصام بحثا عن تحسين شروط التفاوض مع السلطات.
ويشير بان إلى تغريدة بثها حمدي زوبع القيادي في حزب الإخوان على حسابه على موقع «تويتر» قال فيها إن الجماعة كانت تعلم أن اعتصام رابعة العدوية لم يكن ليعيد مرسي، ولكنهم كانوا يطالبون أنصارهم بالتصعيد من أجل الوصول لمرحلة التفاوض.
واعتصم قادة الجماعة وأنصارهم في ميدان رابعة العدوية (شرق القاهرة)، قبل أيام من مظاهرات دعت لها حركة تمرد للاحتجاج على حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي في 30 يونيو (حزيران) 2013، وظل الاعتصام قائما بعد توافق بين قوى سياسية وقادة الجيش بشأن عزل مرسي. ما دفع قادة الجماعة لتوسيع الاعتصام وإقامة آخر غرب العاصمة في ميدان «نهضة مصر»، وفي أعقاب إعلان حكومة حازم الببلاوي رئيس الوزراء حينها غلق باب مساعي التفاهم مع الجماعة، اتخذت السلطات قرار فض الاعتصامين.
وقطع أنصار الجماعة أمس عددا من الطرق السريعة التي تربط بين محافظات البلاد، لكن سرعان ما تدخلت القوى الأمنية وأعادت فتحها، كما أجهضت قوات مكافحة الشغب مظاهرات محدودة في القاهرة والجيزة.
وفرقت قوات الشرطة مظاهرتين لأنصار جماعة الإخوان بمنطقتي الهرم (غرب القاهرة) والمطرية (شرق القاهرة). وقالت مصادر أمنية إن «عناصر الإخوان حاولوا التظاهر بشارع الهرم، لكن قوات الأمن تصدت لهم وقامت بتفريقهم في الشوارع الجانبية بمنطقة الطالبية وألقت القبض على 5 منهم».
وأضافت المصادر أن عناصر الإخوان حاولوا أيضا التظاهر بمنطقة المطرية لكن قوات الشرطة تمكنت من تفريقهم، مؤكدة أن جميع قطاعات وزارة الداخلية في حالة استنفار أمني كامل لمواجهة أي أعمال عنف.
ونظمت الجماعة في عدة مدن وقرى مصرية مسيرات محدودة رفعت شعارات مناهضة للسلطات، لكن تلك المسيرات تتجنب في الغالب الخروج إلى شوارع أو ميادين رئيسية لتفادي الصدام مع قوات الأمن.
وسقط خلال العامين الماضيين عشرات القتلى في اشتباكات مع قوات الأمن أغلبهم في القاهرة والجيزة. وتمنع السلطات المصرية التظاهر دون إذن مسبق من السلطات.
وبدا مستغربا أن تنقل الصفحة الرسمية لتحالف دعم الشرعية عن مصدر مسؤول بالتحالف قوله إنه «حتى الساعة الخامسة من مساء اليوم (أمس) نظم مئات الآلاف من المتظاهرين على مستوى محافظات مصر 200 فعالية حاشدة ضمن الموجة النهارية ﻹحياء الذكرى السنوية الثانية لمذبحتي اعتصامي رابعة والنهضة». ودعا التحالف جميع المتظاهرين إلى تنفيذ الموجة الثانية «المسائية».
وتأتي الذكرى الثانية لفض اعتصام رابعة بعد أيام من قرار السلطات التنفيذية تغيير اسم الميدان إلى «ميدان المستشار هشام بركات»، النائب العام السابق الذي لقي مصرعه في عملية اغتيال شرق القاهرة في يونيو الماضي، وقرار آخر من السلطات القضائية بإحالة قيادات الجماعة وعدد كبير من كوادرها إلى الجنايات على خلفية اتهامات من بينها تدبير تجمهر مسلح والاشتراك فيه بميدان رابعة العدوية.
ومنذ فض اعتصام رابعة العدوية الذي مثل بداية تصدع في جبهة القوى السياسية التي دعت إلى إسقاط حكم الإخوان، رفعت جماعة الإخوان شعارا دشنه رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان، وتمثل في كف باللون الأسود طويت إبهامه على خلفية صفراء اللون.
وتعرض موقع مطار القاهرة الدولي لاختراق من قبل مجهولين، قاموا بوضع علامة «رابعة» على الصفحة الرئيسية للموقع، تزامنا مع الذكرى الثانية لفض الاعتصام. وكتب مخترقو الموقع الرسمي لمطار القاهرة: «الأرض لا تشرب الدماء.. الذكرى الثانية لمذبحة رابعة».
وقال رئيس شركة ميناء القاهرة الجوي، أحمد جنينة، إن السلطات أغلقت الموقع الإلكتروني لمطار القاهرة الدولي لمنع محاولات اختراق الموقع، مشيرا إلى أن القراصنة نجحوا في توجيه الدخول من موقع المطار إلى موقع آخر إخواني.
وبدا لافتا دعوة حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية المتحالفة مع جماعة الإخوان، إلى ضرورة «التوصل لحل سياسي عادل بعيدا عن الأطروحات الصفرية التي لن تزيد الوطن إلا رهقا ولن نجني منها سوى مزيد من إزهاق الأنفس وإتلاف الأموال».
وجدد حزب البناء والتنمية دعوة أنصاره إلى الحفاظ على سلمية «نضالهم»، مشددا على أهمية التسارع للحوار بين قوى ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 لبناء رؤية مشتركة فيما عده «معركة الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية بعيدا عن الاستقطابات الآيديولوجية والتراشق الإعلامي».
ومثل فض اعتصام رابعة تحديا للسلطات المصرية التي واجهت موجة عنيفة من الانتقادات الدولية حينها. وتقدم الدكتور محمد البرادعي نائب الرئيس السابق باستقالته من منصبه احتجاجا على عملية الفض التي خلفت قتلى قدرتهم منظمات حقوقية دولية بما يربو على ألف شخص، بينما قال المجلس القومي لحقوق الإنسان شبه الحكومي إن عدد من قتلوا في محيط الاعتصام بلغ 632 قتيلا بينهم 8 شرطيين.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.