جزيئات البلاستيك بالهواء قد تسبب انخفاض الخصوبة

جزيئات مادة النايلون المتطايرة بالهواء (شاترستوك)
جزيئات مادة النايلون المتطايرة بالهواء (شاترستوك)
TT

جزيئات البلاستيك بالهواء قد تسبب انخفاض الخصوبة

جزيئات مادة النايلون المتطايرة بالهواء (شاترستوك)
جزيئات مادة النايلون المتطايرة بالهواء (شاترستوك)

كشفت دراسة فريدة لجامعة روتجرز الأميركية، أن جزيئات البلاستيك المتطايرة في الهواء، قد تتسبب في انخفاض الخصوبة عند استنشاقها.
وركزت الدراسات السابقة على خطر المواد الكيميائية المضافة للبلاستيك، مثل مادة «بيسفينول أ (BPA)»، التي تجعل البلاستيك أكثر صلابة أو أكثر مرونة، كما ركزت دراسات أخرى على خطر البلاستيك نفسه، عن طريق حقن الحيوانات بالجسيمات الدقيقة والنانوية من مادة البولي أميد، وهي مادة بلاستيكية شائعة معروفة باسم «النايلون»، ولكن الدراسة الجديدة المنشورة في العدد الأخير من دورية «علم سموم الجسيمات والألياف»، هي الأولى التي تدرس خطر استنشاق تلك الجزيئات.
وتقول فيبي ستابلتون، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الأربعاء الموقع الرسمي لجامعة روتجرز: «لقد توصلنا إلى كيفية استنشاق رذاذ النايلون تماماً، كما نتنفسه في الحياة الواقعية، ونتوقع أن يستخدم عدد من المعامل هذه الطريقة لإجراء التجارب في المستقبل».
واعتمد الباحثون في تجربتهم على مسحوق نايلون ناعم للغاية ومتوفر تجارياً، ثم وضعوا المسحوق على وسادة مطاطية ووضعوا الوسادة فوق مكبر صوت، ليرسل المكبر عند تشغيله جزيئات النايلون في الهواء، وترسله تيارات الهواء داخل الجهاز التنفسي في فئران التجارب.
وقام الباحثون بتقييم العواقب السمية للتعرض لجزيئات النايلون، حيث قدروا الرواسب الرئوية منها وقاسوا تأثيرها في التهاب الرئة ووظيفة القلب والأوعية الدموية والالتهابات الجهازية واضطراب الغدد الصماء.
وأشارت النتائج إلى أن الجزيئات المستنشقة تترسب في مناطق رئتي الفئران جميعها دون التسبب في التهاب رئوي كبير، لكنها تنتج تأثيرات معطلة للغدد الصماء، بما يؤدي إلى اضطراب الهرمونات الجنسية التي يفرزها نظام الغدد الصماء، وتحديداً وجدوا انخفاضاً في مستويات هرمون التكاثر (بيتا إستراديول).
وشاع استخدام البلاستيك منذ فترة وجيزة بعد الحرب العالمية الثانية، ووفقاً لأبحاث روتجرز السابقة، أنتج المصنعون نحو 9 مليارات طن متري من البلاستيك في السنوات الستين الماضية، وخلفت هذه الكمية ملايين الجزيئات الصغيرة غير المرئية التي تطفو في الهواء الذي نتنفسه.
وتقول ستابلتون: «القلق من أن هذه الجزيئات الصغيرة يمكن أن تؤثر في صحة الإنسان من خلال تعطيل هرموناتنا، ولسوء الحظ، هناك قليل جداً مما يمكن أن يفعله الناس لتقليل التعرض في الوقت الحالي».
وتضيف: «في حين أنه يمكنك أن ترتدي الألياف الطبيعية، وتتجنب تخزين الطعام في حاويات بلاستيكية، لكن ماذا يمكنك أن تفعل مع الجزيئات البلاستيكية الصغيرة غير المرئية، التي يمكن أن تكون موجودة في كل نفس نأخذه تقريباً».



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».