ميريل ستريب تفوز بجائزة أميرة أستورياس الإسبانية

الممثلة الأميركية ميريل ستريب (أ.ف.ب)
الممثلة الأميركية ميريل ستريب (أ.ف.ب)
TT

ميريل ستريب تفوز بجائزة أميرة أستورياس الإسبانية

الممثلة الأميركية ميريل ستريب (أ.ف.ب)
الممثلة الأميركية ميريل ستريب (أ.ف.ب)

فازت الممثلة الأميركية ميريل ستريب أمس الأربعاء بجائزة أميرة أستورياس الإسبانية، إحدى أبرز الجوائز في البلدان الناطقة بالإسبانية، عن «أدائها الذي لا يُنسى» لـ«الشخصيات النسائية المعقدة» طوال مسيرتها الفنية التي بدأت قبل أكثر من خمسين عاماً.
وأوضحت لجنة التحكيم في بيان أنها منحت الجائزة للممثلة البالغة 73 عاماً في فئة الفنون. واعتبرت أن «الصدق والمسؤولية في اختيار ستريب أدوارها في خدمة قصص ملهمة ومثالية يتجاوز إطار الشاشة».
وأعربت الممثلة في بيان عن اعتزازها بنيلها «هذه الجائزة المرموقة من واحدة من أكثر الدول والثقافات موهبة في العالم». وأدت ميريل ستريب الحائزة ثلاث جوائز أوسكار أدوار البطولة في أكثر من 60 فيلماً، تنوعت بين ناجيةٍ من معسكر اعتقال نازي وربة منزل تؤدي أغنيات فرقة «آبا» السويدية الشهيرة، مما أكسبها مكانة أيقونة سينمائية.
وحصلت على آخر جائزة أوسكار لها عام 2012 عن تجسيدها شخصية رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر في فيلم «ذي آيرون ليدي» (The Iron Lady). وكانت فازت بأوسكارين، أولهما عام 1980 عن «كرايمر فيرسز كرايمر» (Kramer vs. Kramer) والثانية عام 1983 عن «صوفيز تشويس» (Sophie's Choice).
ويحصل الفائز بجائزة أميرة أستورياس على 50 ألف يورو، وهي واحدة من ثماني جوائز تُمنح في مجالَي الفنون والعلوم وسواهما، تمنحها كل عام المؤسسة التي أُطلق عليها هذا الاسم تكريماً للأميرة ليونور، وريثة العرش الإسباني.
ومن بين الفائزين السابقين في فئة الفنون المخرجون الأميركيون مارتن سكورسيزي وفرنسيس فورد كوبولا والنمساوي مايكل هانيكه والمهندس المعماري الأميركي فرانك جيري. ويتسلم الفائزون في مختلف الفئات جوائزهم من ملك إسبانيا فيليب السادس خلال احتفال يقام في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ويتولى التلفزيون الإسباني نقله مباشرة.



غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.