اختفاء قسري لعشرات اليمنيين في معتقلات الحوثيين منذ أسابيع

على خلفية المشاركة في جنازة شاب تمت تصفيته في السجن

طفلا اليمني القتيل في سجون الحوثيين حمدي المكحل يزوران قبره في العيد (تويتر)
طفلا اليمني القتيل في سجون الحوثيين حمدي المكحل يزوران قبره في العيد (تويتر)
TT

اختفاء قسري لعشرات اليمنيين في معتقلات الحوثيين منذ أسابيع

طفلا اليمني القتيل في سجون الحوثيين حمدي المكحل يزوران قبره في العيد (تويتر)
طفلا اليمني القتيل في سجون الحوثيين حمدي المكحل يزوران قبره في العيد (تويتر)

تحدى الطفلان اليمنيان عائشة وعمر، القبضة الأمنية التي يفرضها الحوثيون على الحي القديم في مدينة إب القديمة، ورابطا طوال أيام عيد الفطر بجوار قبر والدهما حمدي المكحل الذي تمت تصفيته داخل مركز أمني قبل أكثر من شهر، فيما أكدت مصادر محلية أن العشرات من نشطاء المدينة لا يزالون مغيبين في سجون المخابرات الحوثية منذ أسابيع على خلفية المظاهرة المناهضة لسلطة الانقلاب التي رافقت تشييع المكحل.
في الصورة التي وزعتها عائلة المكحل رغم أنها تخضع لرقابة مخابراتية شديدة منذ تشييع نجلها، ظهر الطفلان عائشة وعمر وهما يرتديان قميصين أبيضين مطبوع عليهما صورة والدهما، وهما يقفان بجوار قبره.
وأكدت مصادر محلية في المدينة لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين منعوا الأسرة من اللقاء بأي نشطاء أو الرد على اتصالات المنظمات الدولية التي تحقق في حادثة التصفية، كما منعوها من تسلم أي مساعدة مالية بما فيها مبلغ الكفالة الذي كان أحد سكان المحافظة التي تحمل الاسم ذاته (إب) قد أعلن التزامه بدفعه شهرياً للأسرة.
ووفقاً لما ذكرته المصادر، فإن الحوثيين تجاهلوا حتى الآن جميع المطالب المحلية والدولية لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في واقعة تصفية حمدي المكحل الذي اشتهر بانتقاداته الحادة للنهج الطائفي للحوثيين قبل أن يعثر عليه جثة هامدة في أحد المباني المجاورة للمعتقل الذي أودع فيه بموجب شكوى أحد القيادات الحوثية.
المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أفادت بأن مخابرات الحوثيين لا تزال حتى الآن تخفي العشرات من الشبان الذين تم اعتقالهم على خلفية المظاهرة التي رافقت جنازة المكحل.
وطبقاً للمصادر، فإن كل المساعي التي بذلتها عائلات هؤلاء المعتقلين من أجل السماح بزيارتهم فشلت، كما ترفض سلطة الحوثيين إحالتهم إلى القضاء إذا كانت هناك تهم حقيقية ضدهم، وأكدت تلك المصادر أنه وبعد انقضاء شهر على حملة الاعتقالات فإن القبضة الأمنية على المدينة القديمة مستمرة وأن عناصر المخابرات تترصد النشطاء الشبان من سكانها، وأن المعلومات المسربة من المعتقل تفيد بأن المختطفين يتعرضون لأساليب متنوعة من التعذيب لإجبارهم على الاعتراف بالاتهامات الملفقة الموجهة لهم.
وبحسب هذه المصادر، فقد أطلقت مخابرات الحوثيين اثنين من المعتقلين في ثاني أيام عيد الفطر وهما علي رسام وأحمد الصنعاني بعد أن أمضيا نحو شهر في سجن المخابرات على خلفية مشاركتهما في المظاهرة التي رافقت الجنازة وشارك فيها الآلاف من سكان المدينة، حيث طافوا الشوارع مرددين الهتافات المنددة بممارسات الحوثيين واتهامهم بتصفية المكحل في المعتقل.
وقالت المصادر إن وجهاء من المدينة سعوا لدى القيادة العليا للحوثيين على أمل إطلاق سراح المعتقلين خلال عيد الفطر، إلا أن تلك المساعي فشلت، في حين تواصل عناصر تنتمي لسلالة الحوثيين نفسها رفع تقارير مخابراتية تحتوي على معلومات كاذبة ضد المعتقلين وتحرض على استمرار حبسهم وتشديد العقوبة في حقهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
وتشهد محافظة إب انفلاتاً أمنياً غير مسبوق، كما يعبث قادة الحوثيين ومشرفوهم بالممتلكات العامة، ومصادرة مساحات كبيرة من الأراضي، وإعادة توزيعها لأتباعهم، كما سحب محافظ الجماعة عملياً السلطة من السلطات الأمنية والعسكرية وأصبحت المحافظة تدار من قبل قادة جهاز المخابرات وقائد المنطقة العسكرية ومدير شرطة المحافظة، وجميعهم ينحدرون من محافظة صعدة التي شهدت ولادة جماعة الحوثي وبداية تمردهم على السلطة المركزية في منتصف عام 2004 قبل أن ينقلبوا على الشرعية في النصف الثاني من عام 2014 عند اجتياحهم العاصمة صنعاء.
وبعد تصفية المكحل، كانت الميليشيات الحوثية كثفت انتشارها الأمني والاستخباراتي في الشوارع الرئيسية والفرعية في مركز محافظة إب وعلى مستوى الأحياء ومداخل ومخارج مركز المحافظة وبعض مديرياتها، وذلك تحسباً لخروج أي مظاهرات جديدة غاضبة تطالب برحيلها.
واستقدمت الجماعة على دفعتين عناصر مسلحين يرتدون أقنعة سوداء من العاصمة صنعاء وريفها ومن صعدة وعمران وذمار إلى مدينة إب بغية الانتقام من السكان ونشر الخوف والهلع في أوساطهم بسبب مشاركتهم الكبيرة في تشييع جنازة الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي حمدي عبد الرزاق المعروف بـ«المكحل».
وعممت الميليشيات - وفق المصادر - على مراكز الشرطة التي يديرها موالون لهم طائفياً بمنع تجول الشبان في بعض الأحياء والشوارع المستهدفة بالمدينة بعد الواحدة ليلاً، خشية من أي تجمعات قد تتحول فيما بعد إلى مظاهرات مناوئة.
المصادر أفادت لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، بأن التوجيهات التي أصدرها الحارس الشخصي السابق لزعيم الميليشيات الحوثية المدعو أبو علي الكحلاني والمعين من قبل الميليشيات مديراً لأمن المحافظة، تضمنت أيضاً إلزام من يسمون «حراس الليل»، وهم عناصر استخباراتية تم استقدامهم من خارج المحافظة، بالانتشار في عدة أحياء في المدينة، ومراقبة جميع تحركات السكان.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.