«ابن الحاج أحمد» ينتزع الكوميديا من أجواء المغامرة

الفيلم المصري بطولة «شيكو» ورحمة أحمد وسيد رجب

فيلم كوميدي ينافس على إيرادات عيد الفطر (الشركة المنتجة للفيلم)
فيلم كوميدي ينافس على إيرادات عيد الفطر (الشركة المنتجة للفيلم)
TT

«ابن الحاج أحمد» ينتزع الكوميديا من أجواء المغامرة

فيلم كوميدي ينافس على إيرادات عيد الفطر (الشركة المنتجة للفيلم)
فيلم كوميدي ينافس على إيرادات عيد الفطر (الشركة المنتجة للفيلم)

وسط واقع بائس حيث للرتابة الكلمة العليا على حياة الشخصيات، وحيث التكرار سيد الموقف في كل تفاصيل الحياة اليومية، تظهر تلك الرغبة الملحة والعارمة في تجربة نمط آخر من العيش يتسم بالتشويق ويلامس حافة الخطر، ولكن هل ستكون تلك الحياة الجديدة مصدراً حقيقياً للسعادة؟
يطرح صناع فيلم «ابن الحاج أحمد» الذي يعرض حالياً بدور العرض السينمائي بمصر هذا التساؤل من خلال العزف على «ثيمة» سينمائية عالمية تتمثل في البحث عن الخطر والتفتيش عنه هرباً من سيناريو الملل القاتل.
«أحمد» شاب محبط فاشل، يعاني من عدم التحقق، فهو يعمل مساعداً لوالده صاحب محل بقالة في حي شعبي وكل إنجازه في الحياة تلك اللافتة التي تعلو المحل «بقالة الحاج أحمد وولده أحمد».
يحلم الشاب بأن يكون بطلاً يواجه الأشرار ويخوض المغامرات ليس فقط من باب البحث عن الإثارة، ولكن أيضاً كي يبهر حبيبته ويصبح جديراً بها، وكذلك يتحرر من حالة الجبن التي تتلبسه إزاء صبية الحي الذين يتنمرون عليه بسبب بدانته.
تتحقق أحلام «أحمد»، الذي يجسده الفنان هشام محمد (شيكو)، على طريقة «احذر من أحلامك فقد تتحقق»؛ إذ يتبين أن والده الضعيف المسالم، الفنان سيد رجب، الذي يتحرك طوال الوقت على كرسي متحرك، شخصية خطيرة ذات ماضٍ سري وتاريخ غامض متورطة مع عصابة عنيفة كانت تبحث عنه طوال 30 عاماً، وحان الآن وقت الانتقام.
تلعب المفاجأة دوراً رئيسياً في الفيلم الذي أخرجه معتز التوني، وسيناريو وحوار أحمد محيي، ومحمد محمدي بمشاركة فادي أبو السعود، فالأب يقوم من الكرسي المتحرك بكامل صحته وعنفوانه ليتبادل إطلاق النيران بالأسلحة الفتاكة مع عتاة المجرمين وسط ذهول الابن الذي يجد نفسه على موعد مع الخطر والتشويق بعد سنوات طويلة من عدم النضج وعدم القدرة على تحمل المسؤولية.
ورغم أن الكوميديا هنا قائمة على الموقف الدرامي والحبكة المشتقة من المفارقات، فإن بعض النقاد والمتابعين يأخذون على «شيكو» عدم تطوير أدائه وتكرار نفسه من حيث لغة الجسد ونظرات العين ونوعية «الإفيهات» التي يطلقها تباعاً.
واعتبر الناقد الفني محمد عبد الرحمن، هذا الفيلم خطوة مهمة للغاية في مسيرة «شيكو» الكوميدية؛ لأنه يقدمه من دون صديقيه أحمد فهمي، وهشام ماجد، الذين ظهروا كثلاثي خطف الأضواء ولفت الأنظار بقوة، وبعد انفصال أحمد فهمي عنهما فنياً ظل مرتبطاً بهشام كثنائي قوي، لكنه يتصدر بطولة الفيلم الجديد.
وأضاف قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «إنتاج الضحك في الفيلم جاء دون المتوقع رغم الفكرة الجيدة التي يقوم عليها العمل، والتي كان يمكن أن يخرج منها قماشة درامية أفضل من ذلك».
وتتمثل المشكلة الأساسية للفيلم في عدم الاعتناء بالشخصيات المساعدة وعدم إعطاء المساحة الكافية للخطوط الدرامية الموازية للخط الرئيسي، والتركيز فقط على شخصية «أحمد» كمحور للأحداث، بحسب عبد الرحمن.
ويعد الفيلم أول ظهور سينمائي قوي للفنانة رحمة أحمد التي تم تقديمها للجمهور بقوة عبر مسلسل «الكبير أوي»، أخيراً؛ إذ تألقت في دور «مربوحة»، الزوجة الشابة التي تتسم بالسلوك الأخرق. كما يعد الفيلم كذلك أول ظهور سينمائي قوي للفنان الشاب مصطفى غريب الذي ظهر في المسلسل نفسه.
ويعد فيلم «سمير وشهير وبهير»، إنتاج عام 2010، نقطة البداية الحقيقية في مسيرة «شيكو» كممثل كوميدي ينتمي لمدرسة جديدة تعتمد على التلقائية والعفوية مع توظيف لغة الجسد البدين وتحويله إلى نقطة تميز. ومن أبرز الأفلام التي قدمها في هذا السياق «قلب أمه»، و«حملة فريزر»، و«بنات العم»، و«الحرب العالمية الثالثة»، إلى جانب مسلسل «اللعبة».


شيكو يلعب البطولة للمرة الاولى بمفرده (الشركة المنتجة للفيلم)



«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».