تسارع عمليات إجلاء الرعايا العرب والغربيين من السودان

الجيش الألماني يبدأ إجلاء الرعايا من السودان (د.ب.أ)
الجيش الألماني يبدأ إجلاء الرعايا من السودان (د.ب.أ)
TT

تسارع عمليات إجلاء الرعايا العرب والغربيين من السودان

الجيش الألماني يبدأ إجلاء الرعايا من السودان (د.ب.أ)
الجيش الألماني يبدأ إجلاء الرعايا من السودان (د.ب.أ)

بدأت العديد من الدول العربية والغربية إجلاء رعاياها من السودان، وذلك بعد اشتداد المعارك بين قوات الجيش و«الدعم السريع»، في وقت تستعد دول أخرى للبدء بهذه العملية في القريب العاجل.
وأفادت وكالة الأنباء الألمانية نقلاً عن مصادر، بأن الجيش الألماني بدأ اليوم (الأحد) مهمة إجلاء رعايا ألمان، مضيفة أن طائرات نقل عسكرية تابعة لسلاح الجو، توجهت إلى السودان للبدء بهذه العملية.
ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن وزارتي الخارجية والدفاع، قولهما على «تويتر»، إن الهدف «هو نقل أكبر عدد ممكن من الرعايا (الألمان) من الخرطوم في ظل هذا الوضع الخطر في السودان. ضمن إمكاناتنا، سننقل أيضاً رعايا من الاتحاد الأوروبي ومن دول أخرى معنا».
من جهتها، أعلنت فرنسا على لسان مصدر دبلوماسي نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنها ستقوم بإجلاء 100 شخص من السودان، على أن يتبعهم 100 آخرون.
وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه: «أقلعت طائرة أولى من الخرطوم، ومن المتوقع أن تصل إلى جيبوتي قرابة الساعة 18:00 (16:00 توقيت غرينيتش)»، على أن تقلع طائرة أخرى «عند الساعة 17:30» وعلى متنها أيضاً ما يناهز 100 شخص. وأكد أن العمليات «شديدة التعقيد»، وقد تمتد يوماً أو يومين إضافيين.
وفي وقت سابق، تعرض موكب فرنسي لإطلاق نار، وأسفر عن إصابة مواطن، وتبادل طرفا الصراع الاتهامات بمهاجمته. وقال الجيش السوداني إن قوات «الدعم السريع» أطلقت النار على الموكب، ما أسفر عن إصابة مواطن فرنسي. بدورها قالت قوات «الدعم السريع» إنها تعرضت لهجوم من طائرة أثناء الإجلاء، ما أدى لإصابة مواطن فرنسي، مضيفة أنها أعادت الموكب لنقطة انطلاقه. ولم تعلق وزارة الخارجية الفرنسية على ما تردد بشأن الهجوم أو الإصابة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1650172176560005122
إيطاليا من جهتها، بدأت اليوم عملية إجلاء رعاياها، ورعايا من سويسرا وأعضاء في سفارة الكرسي الرسولي (الفاتيكان). ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني قوله لقناة «راي 3»: «قمنا بالتواصل مع 140 إيطالياً يوجدون في السودان، ونقوم بكل ما هو ممكن لضمان سلامتهم». وأكد أن العملية ستجري بالتنسيق مع وزارة الدفاع الإيطالية، مشيراً إلى أن الجنود الإيطاليين سيهتمون بـ«نحو مائتي شخص، بينهم مواطنون سويسريون وأعضاء السفارة الرسولية» في السودان. ورفض الوزير الكشف عن عدد الجنود الإيطاليين على الأرض.
وكان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك قال اليوم (الأحد)، إن القوات المسلحة البريطانية أجلت الموظفين الدبلوماسيين وعائلاتهم من السودان.
وكتب على «تويتر»: «أعبر عن تقديري لالتزام دبلوماسيينا، وشجاعة قواتنا المسلحة التي نفذت هذه العملية الصعبة». وأضاف: «نواصل السعي بكل الوسائل لوقف إراقة الدماء في السودان، وضمان سلامة البريطانيين المتبقين هناك».
كما أعلن وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس عزم بلاده نقل وحدات خاصة من الجيش إلى مصر، للقيام بعملية إجلاء في السودان، حسبما نقل التلفزيون الحكومي. وقال دندياس إن مصر وافقت على العملية، مضيفاً أنه سيتم تنسيقها بشكل وثيق مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية. وهناك حوالي 150 شخصاً يحملون الجنسية اليونانية في السودان أعربوا عن رغبتهم في مغادرة البلاد.
وكانت دول عدة سبق وأعلنت بدء عمليات الإجلاء، إذ أجلت قوات خاصة أميركية أمس (السبت)، جميع الموظفين الحكوميين وعائلاتهم، إلى جانب عدد قليل من الدبلوماسيين من بلدان أخرى، من السفارة باستخدام طائرات هليكوبتر أقلعت من قاعدة في جيبوتي، وتزودت بالوقود في إثيوبيا. ولم تتعرض تلك الطائرات لأي إطلاق نار أثناء الإجلاء.
وعلقت السفارة عملياتها في السودان بسبب المخاطر الأمنية، لكن موظفيها المحليين بقوا لمواصلة تقديم الخدمات. ولا تعتزم واشنطن تنسيق إجلاء مزيد من المواطنين الأميركيين من السودان، لكنها تدرس خيارات لمساعدتهم على المغادرة.
وروسيا أيضاً أعلنت أنها تخطط لعمليات إجلاء، إذ قال السفير الروسي لدى الخرطوم لوسائل إعلام روسية، إن 140 من أصل 300 مواطن روسي في السودان أعلنوا أنهم يريدون الرحيل. وأضاف أنه تم وضع خطط للإجلاء، لكن لا يزال من المستحيل تنفيذها لأنها تشمل اجتياز جبهات قتال. وتابع بأن هناك نحو 15 شخصاً بينهم امرأة وطفل عالقون في كنيسة أرثوذكسية روسية، على مقربة من قتال عنيف يدور في الخرطوم.
كما ذكرت كندا أنها ستعلق عملياتها في السودان، مضيفة أن الدبلوماسيين الكنديين سيعملون مؤقتاً من موقع آمن خارج البلاد، من دون التعقيب على جهود الإجلاء. وسمحت السويد للحكومة بنشر قوات للمساعدة في إجلاء موظفي السفارة وأسرهم. وأعلنت هولندا أيضاً انضمامها إلى الجهود لإجلاء رعاياها. كما أعلنت هولندا أنها ستنضم لجهود إجلاء المواطنين.
وقال مصدر لوكالة «رويترز» في جيبوتي حيث يتمركز عدد من جهود الإجلاء، إن طائرات من إيطاليا وبريطانيا وكندا تنتظر الضوء الأخضر لتحلق إلى الخرطوم. وقالت كوريا الجنوبية يوم الجمعة إنها سترسل طائرة عسكرية لإجلاء 25 من مواطنيها.
ولم يقتصر الأمر على الدول الغربية، إذ أعلنت العديد من الدول العربية بدء عمليات إجلاء لرعاياها. وحضت مصر مواطنيها خارج الخرطوم على التوجه إلى قنصليتيها في بورتسودان ووادي حلفا في الشمال، استعداداً لإجلائهم. وطلبت من رعاياها في الخرطوم الاحتماء في منازلهم حتى يتحسن الوضع، مشيرة إلى أنه «يجب تنفيذ عملية محكمة وآمنة ومنظمة» لإجلاء مواطنيها البالغ عددهم عشرة آلاف في السودان. وأضافت أن أحد دبلوماسييها أُصيب بطلق ناري، دون الخوض في تفاصيل.
من جهتها، أعلنت السعودية وصول أربع سفن تحمل 158 شخصاً من مواطنيها ورعايا 11 دولة أخرى جرى إجلاؤهم من السودان، حيث وصلوا إلى جدة قادمين من بورتسودان. وتأتي عملية الإجلاء إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بمتابعة ورعاية مواطني المملكة في جمهورية السودان.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1650110557960425472
وقالت وزارة الخارجية عبر بيان إنه جرى وصول مواطني المملكة الذين جرى إجلاؤهم من جمهورية السودان وعدد من رعايا الدول الشقيقة والصديقة، بينهم دبلوماسيون ومسؤولون دوليون، في عملية إجلاء نفذتها القوات البحرية الملكية السعودية بإسناد من مختلف أفرع القوات المسلحة. وأضاف البيان أن عدد المواطنين السعوديين الذين جرى إجلاؤهم 91، فيما بلغ عدد الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم من الدول الأخرى نحو 66 شخصاً، يمثلون مختلف الجنسيات من الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة ومصر وتونس وباكستان والهند وبلغاريا وبنغلاديش والفلبين وكندا وبوركينا فاسو، إذ عملت السعودية على توفير كامل الاحتياجات الأساسية للرعايا الأجانب تمهيداً لتسهيل مغادرتهم إلى بلدانهم.
وأرسل الأردن أربع طائرات عسكرية لإجلاء نحو 260 مواطناً. وقال أمس (السبت)، إن الإجلاء يتم من بورتسودان. وكان لبنان أيضاً أعلن عن إجلاء 60 مواطناً من السودان، وذلك عن طريق البحر، وفقاً لبيان صادر عن رئاسة الحكومة.
وتسببت المعارك منذ 15 أبريل (نيسان) بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، بمقتل أكثر من 420 شخصاً وإصابة 3700 بجروح، ودفعت عشرات الآلاف إلى النزوح من مناطق الاشتباكات نحو ولايات أخرى، أو في اتجاه تشاد ومصر.
ورغم تكرار دعوات التهدئة، وآخرها الأحد من البابا فرنسيس، تتردد في الخرطوم وضواحيها الأحد أصوات إطلاق الرصاص ودوي انفجارات، وفق ما أفاد شهود وكالة «الصحافة الفرنسية».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».