امرأتان تتنافسان على رئاسة أكبر حزب ليبرالي في مصر بعد ثورة 25 يناير

دخل حزب الدستور، الذي يعد أكبر حزب ليبرالي في مصر أُسس بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. مرحلة جديدة من تاريخه أمس، بانعقاد مؤتمره العام الأول، لانتخاب رئيس للحزب خلفا للدكتور محمد البرادعي، نائب الرئيس الجمهورية السابق للعلاقات الدولية، مؤسس الحزب. وسط منافسة امرأتين، إحداهما مسيحية، على رئاسة الحزب في سابقة هي الأولى من نوعها بمصر.
وتولى السفير سيد المصري، رئاسة الحزب مؤقتا، عقب استقالة البرادعي في منتصف أغسطس (آب) الماضي، ومغادرته البلاد مبتعدا عن الحياة السياسية. ويتنافس على رئاسة الحزب في الانتخابات التي جرت أمس كل من: جميلة إسماعيل، نائب رئيس الحزب، وهالة شكر الله أمين التثقيف بالحزب، بالإضافة إلى الشاب حسام عبد الغفار، الأمين العام السابق للحزب.
وقال شريف الدسوقي، عضو الأمانة القانونية للحزب لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الانتخابات تجري في جو ديمقراطي مثالي، حيث يعقد المؤتمر العام بنقابة التجاريين في القاهرة بحضور رئيس الحزب وأعضاء الهيئة العليا والمندوبين». وأضاف: «سيتم التصويت في البداية على أولوية تعديل لائحة الحزب أم انتخابات الرئاسة». لكن حتى كتابة التقرير لم تظهر النتيجة بعد.
ويعقد المؤتمر العام الأول للحزب في غياب رموزه السياسيين من مؤسسيه، وعلى رأسهم البرادعي الذي استقال من منصبه عقب فض قوات الأمن اعتصامي رابعة والنهضة لأنصار الرئيس السابق محمد مرسي، بالإضافة إلى حسام عيسى نائب رئيس الوزراء وزير التعاليم العالي، وأحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي.
وقالت أميمة ماهر، أحد الأعضاء المؤسسين للحزب لـ«الشرق الأوسط»، إن «مؤشرات الانتخابات في الأمانات الفرعية التي سيصوت على أساسها المندوبون، ممن لهم حق التصويت في المؤتمر العام، تشير إلى فوز هالة شكر الله، وإن كانت المنافسة ستكون قوية مع جميلة إسماعيل، صاحبة التجربة السياسية البارزة في تأسيس حزب الغد مع زوجها السابق أيمن نور».
وأضافت ماهر، أن «شكر الله، مسيحية لكننا داخل الحزب نكرس لفكرة المواطنة بعيدا عن الانتماءات الدينية». وتعد شكر الله استشارية في مجال التنمية، وذات ميول يسارية وتخوض الانتخابات على رأس قائمة «فكرة توحدنا»، لتكون أول سيدة مسيحية مرشحة لرئاسة حزب سياسي مصري.
وتابعت: «تولي أي من جميلة أو هالة رئاسة الحزب سيكون حدثا كبيرا، وشيئا مميزا نجح حزب الدستور في تحقيقه بعد الثورة، وهو المتعلق بتمكين المرأة وتوليها مناصب عليا في المجتمع، وربما يكون بسمة الأمل لتحقيق باقي أهداف ثورة 25 يناير التي لم تتحقق بعد».
ومن المقرر أن يتم انتخاب نواب الحزب وأمناء اللجان أيضا، كما سيناقش الحزب، فكرة اندماجه مع أحزاب سياسية أخرى على رأسها المصري الاجتماعي الديمقراطي، وإن كان أغلب الأعضاء يرفضون ذلك. وبدا جليا خلال أعمال المؤتمر أمس، تقدير أعضاء الحزب للبرادعي ومواقفه، رغم استقالته ومغادرته خارج البلاد، حيث ابتعد نهائيا عن المشهد السياسي. حيث ردد شباب الحزب أثناء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر هتافات مؤيدة للبرادعي، منها «مافيش رجوع يا برادعي، الدستور طالع طالع في الحواري والشوارع».
وفي الجلسة الافتتاحية تلا السفير سيد المصري، كلمة البرادعي، مؤسس الحزب التي بعثها للأعضاء بمناسبة المؤتمر العام الأول له. وقال البرادعي في كلمته «أهنئكم بانعقاد المؤتمر العام وأقول لكم إن هذا الحزب قام بالشباب، ومن أجل الشباب، وتعلموا من أخطائكم، وأكملوا المشوار لأنكم الوحيدون الذين ليس لهم أجندات خاصة، وتمسكوا بأهداف ثورتكم».
ووجه البرادعي رسالة إلى شباب حزب الدستور والثورة، دعاهم فيها إلى الاحتكام إلى العقل والوحدة ونبذ التطرف والاستبداد. وقال البرادعي، في تغريدة على حسابه على موقع «تويتر»: «إلى شباب الدستور والثورة: أنتم الآن السراج المنير في ظلمة الإفك والجهل والتطرف والاستبداد». وأضاف: «وحدوا الصفوف، استعيدوا القيم واحتكموا إلى العقل». وأنشئ الحزب في سبتمبر (أيلول) 2012. وقال البرادعي حينها إن «هدفه استعادة تحقيق أهداف ثورة يناير ونقل السلطة لجيل الشباب الذي فجر الثورة، والعمل على تكوين كوادر تتسلم مقاليد الحكم بعد 4 سنوات»، ويعد الحزب أحد المكونات الرئيسية في جبهة الإنقاذ التي ساهمت في عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
من جانبه قال المصري، رئيس الحزب المؤقت، إنه «عندما أطلق البرادعي صيحة مدوية في وجه النظام بثورة 25 يناير، والتف حولها الشعب المصري، أجبر النظام على الرضوخ لمطالب الثورة والتنازل عن الحكم، لكنه لم يكن يفكر في إطلاق الحزب، إلا أنه استجاب لضغوط الشباب قائلا سأقرضكم اسمي». وتابع المصري «الحزب واجهته الكثير من المحن والاعتصامات، إلا أنه إيمانا من القائمين على الحزب بضرورة انطلاقه من خلال عقد مؤتمر عام، وانسحاب قياداته من قواعد الحزب، ما يؤكد أننا لم نكن نطمع في أي مناصب في الحزب».
وأشار إلى أن الحل الأمني للأزمة التي تشهدها مصر الآن ليس الحل الأمثل، معربا عن رفضه لأي محاولات للإساءة لثورة 25 يناير، كما أدان كل ممارسات التعذيب والمعاملة المهينة للسجناء الذين ألقي القبض عليهم بشكل عشوائي. وأكد أن موقف الحزب من الانتخابات الرئاسية سيتحدد بعد إعلان المرشحين كافة برامجهم الانتخابية، معلنا عن رغبته في استمرار جبهة الإنقاذ الوطني ومواصلتها العمل لتكون مدافعا عن الديمقراطية.