«داعش» ينفذ تهديده بإعدام أول أجنبي مختطف في مصر

الأزهر: مقتل الرهينة الكرواتي عمل شيطاني تتبرأ منه كل الأديان والأعراف

«داعش» ينفذ تهديده بإعدام أول أجنبي مختطف في مصر
TT

«داعش» ينفذ تهديده بإعدام أول أجنبي مختطف في مصر

«داعش» ينفذ تهديده بإعدام أول أجنبي مختطف في مصر

أدان الأزهر بشدة «العمل الإجرامي الخسيس» الذي أقدم عليه أحد التنظيمات الإرهابية من قتل رهينة كرواتي مختطف، وأكد أن هذا العمل الشيطاني تتبرأ منه كل الأديان والأعراف الإنسانية، بل وتحرمه شريعة الإسلام التي تحرم دماء الأجانب تحريما قاطعا.
وكان موقع تابع للفرع المصري لتنظيم داعش الإرهابي على الإنترنت قد بث صورة لجثة توميسلاف سالوبيك الرهينة الكرواتي المختطف في مصر، بعد إعدامه بقطع رأسه، ليكون بذلك أول أجنبي يخطف ويعدم في مصر إذا تأكد خبر إعدامه. فيما أكد خبراء أمنيون لـ«الشرق الأوسط» استحالة تنفيذ الإعدام على أراض مصرية ورجحوا أن يكون ذلك قد تم داخل الحدود الليبية، وأكدوا أن بعض الأجهزة الأمنية المصرية تقوم بجهد بحثي وتحليلي لمعرفة مزيد من التفاصيل.
وقال رئيس الوزراء الكرواتي زوران ميلانوفيتش في مؤتمر صحافي أمس، إنه ليس بوسع حكومته أن تؤكد «بنسبة 100 في المائة» مقتل المواطن الكرواتي، وإن السلطات تحاول التحقق من الصورة. ورفض أي مصدر حكومي مصري «رسمي» التعليق على الخبر، فيما استبق الأزهر الجميع وتقدم بخالص تعازيه لدولة كرواتيا حكومة وشعبا، وإلى أهل الضحية، جاء ذلك في بيان إعلامي لمشيخة الأزهر حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه عبر البريد الإلكتروني، أكد فيه الأزهر أن هذه الجماعات الإرهابية مفسدون في الأرض، وما قاموا به خيانة لله ورسوله وجماعة المسلمين، ولا يجوز نسبة أفعالها إلى الإسلام، مطالبا بضرورة تعقب هذا التنظيم الإرهابي على جرائمه النكراء بحق الآمنين، وسرعة تقديم عناصره الخَطِرة للعدالة.

وخطف توميسلاف سالوبيك البالغ من العمر 31 عاما، وهو أب لطفلين ويعمل في شركة فرنسية لاستكشاف طبقات الأرض، في 22 يوليو (تموز) الماضي بمدينة السادس من أكتوبر (تشرين الأول) بمحافظة الجيزة (22 كلم جنوب غربي العاصمة القاهرة)، وانتهت يوم الجمعة الماضي مهلة مدتها 48 ساعة حددها التنظيم المتطرف (ولاية سينا - داعش مصر) لإعدامه إذا لم يتم إطلاق سراح «نساء مسلمات» معتقلات في مصر.
وتظهر الصورة التي بثت على الإنترنت رأس الكرواتي وقد قطع ووضع فوق جسده وسال منه الدم بغزارة على الرمال حوله، ونصب خلفه راية سوداء لتنظيم داعش ووضعت إلى جواره السكين التي استخدمت على ما يبدو في ذبحه، وكتب على الصورة «قتل الأسير الكرواتي (المشاركة بلاده في الحرب على داعش) بعد انقضاء المهلة وتخلي حكومة الردة المصرية وبلاده عنه».
وألصقت بها صورتان لخبرين يتحدث أحدهما عن دعم الحكومة الكرواتية لجهود مصر في مكافحة الإرهاب والتطرف ويتحدث الآخر عن دعم كرواتيا لإقليم كردستان العراق.
وكانت وزيرة الخارجية الكرواتية فيسنا بوسيتش قد زارت القاهرة الأسبوع الماضي، للاطلاع على جهود الحكومة المصرية للإفراج عن مواطنها المختطف، وقد أكد لها وزير الخارجية المصري سامح شكري أن بلاده لن تألو جهدا من أجل العمل على حماية الرهينة المختطف.
وكانت الخارجية الكرواتية قد قالت يوم 24 يوليو الماضي إن مسلحين خطفوا مواطنا كرواتيا في منطقة القاهرة الكبرى. وأكد مصدر أمني مصري آنذاك أن الشرطة تبحث عنه، وقالت مجموعة «سي. جي. جي» الفرنسية المتخصصة في جيولوجيا النفط والغاز الأسبوع الماضي، إن أحد موظفيها اختطف في مصر، وإنه محتجز لدى تنظيم داعش.
وقال متحدث باسم «سي. جي. جي» لوكالة رويترز، إنه لا يستطيع تأكيد صحة مقتل سلوبيك، مضيفا أن الشركة لا تملك معلومات سوى تلك المتداولة على الإنترنت وتحاول الحصول على مزيد من المعلومات من السلطات الكرواتية والمصرية، وأشار المتحدث إلى أن سلوبيك كان خبيرا متعاقدا وليس موظفا في الوحدة التابعة لشركته.
وفي فيربوليه مسقط رأس سالوبيك، يصفه جيرانه بالرجل الودود، وقال والده في حديث سابق لوكالة الصحافة الفرنسية مخاطبا خاطفيه: «السبب الوحيد الذي جعله يتوجه إلى بلدكم (مصر) هو الحصول على أي شيء لإعالة أطفاله لا أكثر ولا أقل».
وفي الفيديو الذي بث على منتديات للإرهابيين من ولاية سيناء على الإنترنت في الخامس من أغسطس (آب) بعنوان «رسالة إلى الحكومة المصرية» ظهر سلوبيك وهو راكع على ركبتيه ويرتدي زيا برتقالي اللون قصير الأكمام، وكان يقف خلفه ملثم يرتدي زيا عسكريا كاملا ويمسك بخنجر في يده اليسرى وبجواره راية تنظيم داعش.
وقال سلوبيك، وهو راكع على أرض رملية: «جنود الخلافة (للدولة الإسلامية) بولاية سيناء أسروني يوم الأربعاء 22 يوليو 2015، هم يريدون مبادلتي بجميع الأسيرات المسلمات في السجون المصرية على أن يتم تحقيق ذلك الأمر في مهلة أقصاها 48 ساعة من الآن، وإلا فسيقوم جنود الخلافة بولاية سيناء بقتلي».
وهذه أول مرة تعلن فيها ولاية سيناء خطف رهينة غربي وتعرض شريطا مصورا له، وولاية سيناء أخطر الجماعات الإرهابية في مصر وقتلت المئات من رجال الجيش والشرطة في سيناء، كما أعلنت مسؤوليتها عن هجمات أخرى خارج نطاق سيناء.
وأعلنت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) عام 2014 مسؤوليتها عن مقتل مهندس بترول أميركي عثر على جثته في سيارة في منطقة بالصحراء الغربية بمصر قبل ذلك بأربعة أشهر تقريبا.



«توترات القرن الأفريقي»... كيف يمكن احتواء التصعيد؟

ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)
ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)
TT

«توترات القرن الأفريقي»... كيف يمكن احتواء التصعيد؟

ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)
ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)

تصاعد منحنى التوترات في القرن الأفريقي وسط سجالات بين الصومال وإثيوبيا وهجوم إعلامي يتجدد من أديس أبابا تجاه الوجود المصري في مقديشو، مع مخاوف من تصعيد غير محسوب وتساؤلات بشأن إمكانية احتواء ذلك المنسوب المزداد من الخلافات بتلك المنطقة التي تعد رئة رئيسية للبحر الأحمر وأفريقيا.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن «التصعيد سيكون سيد الموقف الفترة المقبلة»، خصوصاً مع تمسك مقديشو بخروج قوات حفظ السلام الإثيوبية من أراضيها وتشبث أديس أبابا بمساعيها للاتفاق مع إقليم الصومال الانفصالي، لإيجاد منفذ بحري البحر الأحمر رغم رفض مقديشو والقاهرة، فضلاً عن تواصل الانتقادات الإثيوبية الرسمية للقاهرة بشأن تعاونها العسكري مع الصومال.

وتوقعوا سيناريوهين أولهما الصدام مع إثيوبيا، والثاني لجوء أديس أبابا لحلول دبلوماسية مع ازدياد الضغوط عليها بعدّها أحد أسباب التصعيد الرئيسية في المنطقة.

وقدّم وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، الاثنين، «شرحاً للتلفزيون الحكومي حول العلاقات المتوترة بين مقديشو وأديس أبابا»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية للبلاد، التي قالت إن أديس أبابا «انتهكت في 1 يناير (كانون الثاني) العام الحالي، السيادة الداخلية للدولة عقب إبرامها مذكرة تفاهم باطلة مع إدارة أرض الصومال».

وزير الخارجية والتعاون الدولي الصومالي (وكالة الأنباء الرسمية)

ولم تتمكن أديس أبابا من تنفيذ الاتفاق غير الشرعي الذي ألغاه البرلمان الصومالي، كما أن الصومال نجح دبلوماسياً في الحفاظ على سيادة البلاد واستقلال أراضيه، عبر القنوات المفتوحة في كل الاجتماعات بالمحافل الدولية، وفق تقدير أحمد معلم فقي.

وبشأن مستقبل العلاقات الدبلوماسية للبلدين، أشار فقي إلى أن «العلاقات لم تصل إلى طريق مسدودة، فسفارة الدولة مفتوحة وتعمل هناك، بينما تعمل سفارة أديس أبابا هنا في مقديشو، والسفير الإثيوبي حالياً يوجد في بلاده، بيد أن طاقم سفارته موجود، كما أن طاقمنا لا يزال موجوداً هناك».

وكشف فقي في مقابلة متلفزة الأحد، أن الحكومة الصومالية ستتخذ إجراءات سريعة لنقل السفارة الإثيوبية إلى موقع جديد خارج القصر الرئاسي في المستقبل القريب.

وفي أبريل (نيسان) 2024، طرد الصومال السفير الإثيوبي، واستدعى مبعوثه من أديس أبابا، قبل أن تعلن وزارة الخارجية الصومالية أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في إفادة، أنها طلبت من المستشار الثاني في سفارة إثيوبيا لدى الصومال، مغادرة البلاد في غضون 72 ساعة، واتهمته بممارسة «أنشطة لا تتفق مع دوره الدبلوماسي، وتشكل خرقاً لاتفاقية (فيينا) للعلاقات الدبلوماسية الصادرة عام 1961».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض من الحكومة الصومالية ودول الجامعة العربية، لا سيما مصر، التي تشهد علاقاتها مع أديس أبابا توتراً بسبب تعثر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي.

وفي مواجهة تلك التحركات، حشد الصومال، دعماً دولياً وإقليمياً، لمواقفه، ضد المساعي الإثيوبية، وأبرم بروتوكول تعاون عسكري مع مصر، وفي أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو.

إثيوبيا هي الأخرى تواصل الدفاع عن اتفاقها مع إقليم أرض الصومال، وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أواخر أكتوبر الماضي، إن بلاده تسعى للوصول السلمي إلى البحر الأحمر، وتتمسك بموقف واضح بشأن هذه القضية.

وعادت وكالة الأنباء الإثيوبية، السبت، للتأكيد على هذا الأمر، ونقلت عن نائب المدير التنفيذي لمعهد الشؤون الخارجية عبده زينبي، قوله إن سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر أمر بالغ الأهمية، لافتاً إلى أن الحكومة تعمل بشكل وثيق للغاية مع جميع الجهات الفاعلة الإقليمية لضمان ذلك.

وبتقدير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير صلاح حليمة، فإن «تلك التوترات تزيد من حدة السخونة في منطقة القرن الأفريقي»، لافتاً إلى أن «إثيوبيا تتحمل زيادة منسوب التوتر منذ توقيع اتفاقية مع إقليم انفصالي مخالفة للقانون الدولي ومهددة لسيادة الصومال».

وبرأي الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإن «كلا الطرفين (الصومال وإثيوبيا) لا ينوي خفض التصعيد، بل كلاهما يتجه إلى التصعيد والتوترات بينهما مرشحة للتصاعد»، لافتاً إلى أن «كل المحاولات التي تمت الشهور الأخيرة للوساطة، سواء كانت تركية أو أفريقية، لم تفعل شيئاً يذكر لخفض التصعيد».

وبشيء من التفاصيل، يوضح الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، أن «إقدام الصومال على طرد دبلوماسي إثيوبي رفيع من أراضيه تحت مبررات التدخل في الشؤون الداخلية، يأتي متزامناً مع طبيعة التحركات الرسمية التي تنتهجها مقديشو بشأن التشاور والإعداد لاستبدال بعثة لحفظ السلام في الصومال، تكون أكثر قبولاً وترحيباً عند مقديشو، بالحالية».

ومن المعلوم أن مقديشو «لا تريد قوات إثيوبية ضمن بعثة حفظ السلام الأفريقية» داخل أراضيها، تحت أي اسم بعد مساعيها لإنشاء منفذ بحري مقابل الاعتراف بإقليم انفصالي، لذلك ارتفع صوت الصومال عالياً خلال الفترة الأخيرة مطالباً الاتحاد الأفريقي بضرورة عدم إشراك قوات إثيوبية ضمن البعثة الجديدة التي من المقرر أن تتولى مهامها بحلول عام 2025م»، وفق الحاج.

ولم يتوقف موقف أديس أبابا عند التمسك بمواقفها التي ترفضها مقديشو، بل واصلت مهاجمة وجود القاهرة بالصومال، ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية عن الباحث الإثيوبي يعقوب أرسانو، الأحد، دعوته إلى «ضرورة تقييم دور مصر في الصومال ووجودها الذي قد يؤدي إلى تصعيد عدم الاستقرار في جميع أنحاء منطقة القرن الأفريقي»، متحدثاً عن أن «القاهرة تورطت في الصومال كقوة مزعزعة للاستقرار».

ووفقاً ليعقوب، فإن «نفوذ مصر في الصومال ربما يكون جزءاً من استراتيجية أوسع لإضعاف إثيوبيا»، لافتاً إلى أنه «إذا فشلت مصر في فرض سيطرتها، فقد تقع الأسلحة بأيدي الجماعات الإرهابية، ما يشكل تهديدات فورية لكل من الصومال وإثيوبيا»، عادّاً أن «السماح لمصر بكسب النفوذ قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين إثيوبيا والصومال، وسيقوض أمن واستقرار الصومال على وجه الخصوص».

ويعدّ الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، الهجوم الإثيوبي تجاه القاهرة نتيجة أن «أديس أبابا تفهم جيداً خطورة دور المصري إذا دعمت الصومال، لذا فهي تحاول وقف دور مصري داعم للصومال، لذلك ربما يكون ما يثار بالإعلام الإثيوبي فقط للتضليل».

ويستبعد أن «تصل الأمور إلى حرب بين إثيوبيا والصومال أو إثيوبيا ومصر»، لافتاً إلى أن «انتخابات أرض الصومال في هذا الشهر سيكون لها دور في مستقبل مذكرة التفاهم، خصوصاً إذا فاز عبد الرحمن عرو أمام الرئيس الحالي موسى بيحي عبدي بالانتخابات الرئاسية المقررة في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فيتوقع أن يقوم بإلغاء مذكرة التفاهم لقربه من الصومال».

ويرجع الخبير السوداني، عبد الناصر الحاج، الموقف الإثيوبي تجاه مصر، إلى أنه «منذ توقيع القاهرة ومقديشو على اتفاقية أمنية في أغسطس (آب) الماضي، باتت تجتاح أديس أبابا مخاوف كبيرة من تشكيل حلف عسكري استخباراتي جديد في منطقة القرن الأفريقي يجمع مصر والصومال وإريتريا، وهي ذات الدول الثلاث التي تجري علاقة إثيوبيا بهم على نحو متوتر وقابل للانفجار».

ويرى السفير حليمة أن «احترام إثيوبيا للقوانين وعدم اللجوء لتصرفات أحادية وسياسة فرض الأمر الواقع، السبيل الوحيد لاحتواء أي تصعيد بمنطقة القرن الأفريقي»، مضيفاً أن «هذا يحتاج إيجاد حلول لملف سد النهضة ووقف مساعي إبرام الاتفاقية مع إقليم أرض الصومال، وبدء علاقات قائمة على الاحترام والتعاون مع دول منطقة القرن الأفريقي».