سواحل اليونان.. خطوط المواجهة الأمامية لوقف تدفق اللاجئين

قال الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، إنه مستعد لمساعدة أثينا للتعامل مع التطورات الأخيرة التي تتعلق بتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين وطالبي اللجوء على الجزر اليونانية، وجاء موقف المفوضية الأوروبية في بروكسل، في أعقاب الأنباء التي ترددت عن استخدام الشرطة اليونانية «للعنف» في جزيرة كوس السياحية، للتعامل مع حالة تدافع وفوضى بين المهاجرين، الذين سعوا لتسجيل أسمائهم لدى السلطات المحلية للحصول على وثائق تمكنهم من التحرك لمناطق أخرى في البلاد.
وخلال المؤتمر الصحافي اليومي، أوضحت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، أن بروكسل تراقب الوضع عن كثب وتحرص على العمل من أجل احترام كل القوانين الأوروبية النافذة بهذا الشأن. وأضافت ناتاشا برتود، أن المفوض الأوروبي المكلف بالشؤون الداخلية والهجرة، ديمتريس أفراموبولوس، يجري اتصالات على أعلى المستويات مع السلطات اليونانية، حيث «نريد أن نعرف ما يريدونه بالضبط للتمكن من تقديم العون لهم». وأشارت إلى إمكانية أن يتدخل الجهاز التنفيذي الأوروبي في حال قامت اليونان بتفعيل آلية الحماية المدنية، وهي الآلية الأوروبية التي تمكن دولة عضوًا من طلب مساعدة بقية الدول والمنظمات الدولية لمواجهة وضع طارئ ما. ولم تستبعد المتحدثة أن يتم في مراحل لاحقة العودة إلى مراجعة نظام دبلن 2، الناظم لسياسة اللجوء والهجرة في أوروبا.
وقبل يومين، قالت المفوضية الأوروبية ببروكسل، إنها وافقت خلال الشهر الحالي على 23 من البرامج الوطنية متعددة السنوات للتعامل مع ملف الهجرة واللجوء، وبقيمة إجمالية تصل إلى 2.4 مليار يورو، وذلك في إطار عمل صندوق التكامل من أجل الهجرة واللجوء، وصندوق الأمن الداخلي. وقال الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، إن هذه المبالغ أصبحت الآن جاهزة لتوزيعها على الدول الأعضاء، خصوصًا تلك التي تعتبر في خطوط المواجهة الأمامية مثل اليونان وإيطاليا، كما تستفيد منها دول أخرى أعضاء في الاتحاد تتعامل مع تدفقات الهجرة المتزايدة.
وأشارت المفوضية إلى أنها عملت وبشكل مكثف مع الدول الأعضاء لضمان الإفراج عن أموال الاتحاد الأوروبي على وجه السرعة، خصوصًا بعد أن اعتمدت المفوضية في مارس (آذار) الماضي 22 من البرامج الوطنية حول نفس الغرض، وفي الطريق هناك 13 برنامجًا في انتظار الموافقة في وقت لاحق من العام الحالي.
وقال مفوض الشؤون الداخلية والهجرة ديمتري أفراموبولوس، إن الدول الأعضاء تواجه تحديات غير مسبوقة في الوقت الراهن، فيما يتعلق بمجالات الأمن والهجرة، «وتسعى المفوضية إلى تعزيز العمل من خلال روح التضامن للتعامل مع تحديات الهجرة والأمن، ووفقًا لجدول الأعمال الأوروبي، اتخذت المفوضية إجراءات قوية لتحسين إدارة ملف الهجرة واللجوء، وتعزيز التعاون لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ومن أجل أوروبا أكثر أمانًا للمواطنين».
ولمح المسؤول الأوروبي إلى أن البرامج الوطنية التي وافقت عليها المفوضية تقدم الدعم المالي الكبير للدول الأعضاء لمواجهة تلك التحديات، «وستواصل المفوضية عملها لتعزيز التضامن في هذا الصدد».
ويأتي ذلك بعد أن قال الاتحاد الأوروبي، إن التعامل مع ملف مكافحة الهجرة غير الشرعية يحتاج إلى الشجاعة الجماعية في متابعة العمل عبر إجراءات ملموسة وليست الكلمات الرنانة. وبعد أن أشاد بدور خفر السواحل الإيطالية وقوارب وكالة فرونتكس لمراقبة الحدود على جهود الإنقاذ سواء في الوقت الحالي أو في الماضي، أوضح فرانس تيمرمانس، نائب رئيس المفوضية، أن «الاتحاد الأوروبي يعمل لمنع وقوع المآسي، وضاعف ثلاث مرات، الموارد المخصصة لعمليات البحث والإنقاذ، وجرى إنقاذ 50 ألف شخص منذ مطلع يونيو (حزيران) الماضي، وانخفض عدد ضحايا مثل هذه الحوادث».
ويأتي ذلك، فيما أظهرت إحصائية أوروبية أن «البحر المتوسط تحول إلى مقبرة من مياه بالنسبة لثمانية آلاف وستمائة وسبعة مهاجرين على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية». ووفقًا لتقرير قدمته جامعة فريجي في أمستردام، فقد «شهدت الفترة من عام 1990 إلى 2013، في الواقع، مقتل ثلاثة آلاف ومائة وثمانية وثمانين مهاجرًا يائسًا، حاولوا عبور البحر»، نحو أوروبا «يُضاف إليهم ثلاثة آلاف وأربعمائة وتسعة عشر في الفترة من عام 2014، الذين يتجاوز عددهم مجمل الوفيات في كل السنوات الـ13 السابقة»، وكذلك «ألفا شخص خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي»، وفق المعطيات.
وذكر تقرير الجامعة الهولندية الذي أعد على أساس وثائق وردت من السلطات الإيطالية والإسبانية والمالطية واليونانية، أن ما يجري «كارثة إنسانية لا نهاية لها، لم تتمكن من وقفها عملية (بحرنا) العسكرية الإنسانية، التي أوقفت لعدم فعاليتها الواضحة، ولا حتى عملية (تريتون) التي حلت محلها»، وكشف عن أن «أسباب وفاة المهاجرين غير الشرعيين في الفترة المشار إليها، كانت البرد والجوع والعطش والاختناق والسكتة القلبية».
ونوه التقرير بأن «كثيرًا من المهاجرين، مع ذلك، هم ضحايا عمليات القتل على أيدي مهربين لا يرحمون أو غيرهم من المهاجرين غير الشرعيين»، مشيرًا إلى أن «الضحايا كانوا من الأطفال وكبار السن والنساء والرجال، وأن كثيرًا من الجثث بقيت مجهولة الهوية». أما «الأماكن المصدرة للضحايا فهي تلك المعروفة، أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا والبلقان». واختتم بالقول إن «الموت لم يمتلك تمييزًا بالنسبة لأولئك الذين حاولوا أن يجدوا الخلاص عن طريق البحر».