كينيا: هل انتهى «الحوار الوطني» قبل أن يبدأ؟

بعد إعلان المعارضة رفضها المشاركة في المحادثات

مؤيدون لأودينغا خلال احتجاجات مارس (رويترز)
مؤيدون لأودينغا خلال احتجاجات مارس (رويترز)
TT

كينيا: هل انتهى «الحوار الوطني» قبل أن يبدأ؟

مؤيدون لأودينغا خلال احتجاجات مارس (رويترز)
مؤيدون لأودينغا خلال احتجاجات مارس (رويترز)

تتجه الأمور في كينيا إلى التأزم مجدداً، وسط إصرار الرئيس والمعارضة على مواقفهما المتعارضة بشأن حوار سياسي تم التوصل إلى عقده لإنهاء احتجاجات قادها تحالف المعارضة بقيادة رايلا أودينغا.
ورفض رايلا أودينغا الثلاثاء عرض الحكومة لإجراء محادثات في البرلمان، وهدد بالانسحاب من الحوار، كما دعا إلى استئناف الاحتجاجات بعد انتهاء شهر رمضان. وقال أودينغا إن الرئيس ويليام روتو «أضعف البرلمان، واستولى على مؤسسات الدولة، واختار أعضاء السلطة القضائية لتوطيد السلطة»، وأضاف موجهاً حديثه للرئيس، أن «السلطة في النهاية ملك للشعب، وهو يستعيدها الآن ويطالبك بالمساءلة المباشرة».
وكان أودينغا صرح الأسبوع الماضي بأن «التحالف سيواصل التحضير للمفاوضات، لكن الحكومة فشلت حتى الآن في تلبية مطالبه»، مشيراً إلى ما وصفه بـ«مؤشرات على تعنت حكومي». واتهم أودينغا حكومة الرئيس روتو بمحاولة «فرض إرادتها على مواقفه على طاولة المفاوضات». وقال مخاطباً تجمعاً حاشداً لأنصاره إن «مخاوف الشعب الكيني بشأن ارتفاع تكاليف المعيشة والأوضاع الاقتصادية السيئة أساسية، ولا يمكن تجاهلها أو تأجيلها». وأضاف أن «رغبتنا هي تحقيق إصلاح شامل لأوضاعنا مع إشراك الشعب من جميع شرائح مجتمعنا في كل مرحلة».
ويصر الرئيس على أن يكون الحوار السياسي عبر ممثلي الحكومة وتحالف المعارضة في البرلمان، فيما تصر المعارضة على ألا يتقيد الحوار بالإطار البرلماني وأن يتم دعوة قوى غير ممثلة في البرلمان إلى المفاوضات.
واتهم تحالف المعارضة الذي يقوده أودينغا حكومة روتو بعدم وجود نية للحوار. وقال بيان صادر عن أحد قيادات المعارضة الثلاثاء إن اقتراح الحكومة الهادف إلى تشكيل لجنة مختارة مشتركة في البرلمان «ينم عن سوء نية مطلق». وأضاف البيان أن التحالف لن يشارك في أي عملية برلمانية. ورأى البيان أن العملية البرلمانية البحتة «لا تحقق الأهداف المرجوة من الحوار ولا تخاطب مطالب المعارضة».
ووصف البيان اقتراح الحكومة بأنه «مقنّع على أنه نتاج شراكة حزبية ثنائية في حين أن قيادة المعارضة في البرلمان لم تكن على علم ولم يتم التشاور معها في صياغته»، واتهم روتو بـ«إملاء شروطه على العملية». كما أكد البيان أن «التحالف أنه لا يزال ملتزماً بإجراء حوار خارج البرلمان يتسم بالصدق والشفافية والهادف ويتسم بالحزبية في التصور والتنفيذ».
وقال البيان إن مطالب المعارضة تبقى كما هي وتشمل «خفض أسعار الغذاء والوقود والكهرباء والرسوم المدرسية؛ وفتح وتدقيق خوادم سجلات الانتخابات الماضية، وإصلاح المفوضية العليا للانتخابات والتوقف عن شراء أعضاء البرلمان الذي يهدد الديمقراطية التعددية».
وتمر البلاد بأزمة سياسية على وقْع احتجاجات بدأت في 20 مارس (آذار)، دعا إليها أودينغا واستمرت أسبوعين. وعقب تدخلات إقليمية وخسائر اقتصادية واسعة جراء أعمال العنف خلال الاحتجاجات، أعلن زعيم المعارضة الكينية أنه «علّق الاحتجاجات وأنه مستعد لإجراء محادثات بعد مناشدة من الرئيس روتو».
ووفق منظمات غير حكومية أسفرت الاحتجاجات عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أكثر من 400 شخص، من بينهم ما لا يقل عن 60 من ضباط الأمن. وطالبت الاحتجاجات بحل أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة، وعودة الدعم المرفوع عن السلع الأساسية، كما طالبت بإصلاحات في الهيئة المستقلة للانتخابات، وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في «تزوير محتمل» للانتخابات الأخيرة، التي جاءت بـ«روتو» رئيساً.
من جانبه، كان روتو دعا الأسبوع الماضي المعارضة إلى عدم القيام بمظاهرات. وقال إن الاحتجاجات في الشوارع «لن تفيد أحداً». وأضاف روتو أن قادة المعارضة «يجب أن ينضموا إلى الحكومة في إيجاد حلول»… وتعهد روتو كذلك بخفض أسعار السلع الغذائية الرئيسية.
ورأى الصحافي الكيني محمد عبد اللاهي أن الموقف الحالي يشير إلى أن البلاد في طريقها إلى موجة جديدة من الاحتجاجات. وقال إن «حكومة روتو لن توافق على إجراء محادثات في ظل احتجاجات». واعتقد عبد اللاهي أن «الاحتجاجات ستتركز في العاصمة نيروبي، وهي مركز الثقل الاقتصادي للبلاد، وهو ما سيسفر عن أعباء اقتصادية إضافية على الاقتصاد الذي يعاني في الأساس». كما توقع أن «تحاول الحكومة السيطرة على الاحتجاجات وتحجيمها وأن تستأنف التحقيقات التي تم إيقافها مع قادة المعارضة الذين تم توقيفهم في الموجة الأولى».
من جهته، قال حسن إسحق، الصحافي المتخصص في شؤون القرن الأفريقي، إنه في حالة إصرار المعارضة على استمرار الاحتجاجات في الشارع «فمن المرجح أن يقدم الرئيس تنازلات سياسية فيما يتعلق بإطار وشكل المحادثات».
وتوقع إسحق في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تعود الاحتجاجات بزخم كبير، في ظل تنامي السخط الشعبي بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة وعدم تحقيق اختراقات على الأرض من أي نوع في هذا الملف، علاوة على جهود أودينغا والمعارضة الكبيرة والناجحة في الحشد بعد إحراج الرئيس سياسياً».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.