«الدرون» الأميركية تجدد ضرباتها على «القاعدة» بالمكلا

مقتل 5 على الأقل من عناصر التنظيم في شرق اليمن

«الدرون» الأميركية تجدد ضرباتها على «القاعدة» بالمكلا
TT

«الدرون» الأميركية تجدد ضرباتها على «القاعدة» بالمكلا

«الدرون» الأميركية تجدد ضرباتها على «القاعدة» بالمكلا

جددت طائرات «الدرون» ضرباتها ضد تنظيم القاعدة بمدينة المكلا جنوب اليمن، لتستهدف مجموعة من عناصر التنظيم كانوا على شاطئ منطقة «روكب» شرق المدينة، يعتقد أن من بينهم قيادي ميداني في التنظيم.
قال مسؤولون إن طائرة أميركية بلا طيار قتلت خمسة على الأقل من مقاتلي تنظيم القاعدة في شرق اليمن، أمس (الأربعاء)، في الوقت الذي أعلنت فيه جماعات إسلامية متشددة مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات في البلاد التي تمزقها الحرب.
وأضافوا أن القصف استهدف المتشددين في سيارتهم أثناء تحركها في طريق ساحلي شرق المكلا التي سيطر عليها مقاتلو تنظيم القاعدة في أبريل (نيسان) بعد انسحاب قوات الأمن.
وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو أعنف جناح للتنظيم الجهادي العالمي واستغل الحرب بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الموجود حاليًا في السعودية وسيطر على أراضٍ وأصبح نشطًا بشكل أوضح. وتسببت الفوضى أيضًا في ظهور جماعة يمنية تابعة لتنظيم داعش، التي أعلنت، أول من أمس (الثلاثاء)، مسؤوليتها عن تفجير قنبلة قرب سيارة للشرطة في العاصمة صنعاء. ولم يصب أحد في الانفجار.
ويأتي ذلك بعد أن تمكنت القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي من استعادة السيطرة على الغالبية العظمى من المناطق الجنوبية من الحوثيين، بدعم جوي وبري من قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
يأتي هذا رغم الاحتياطات الأمنية التي يتخذها التنظيم لتجنب اصطياد عناصره من قبل هذه الطائرات التي تقلع من البارجات الأميركية بمياه بحر العرب، فقد حد التنظيم من تحركات أفراده داخل المدينة، خصوصًا القياديون منهم، لا سيما بعد أن حصت «الدرون» التي تحلق على مدار الساعة بسماء المكلا منذ 2 أبريل الماضي أرواح العشرات منهم، وعلى رأسهم قائد التنظيم في اليمن أبو بصير ناصر الوحيشي، وأحد المطلوبين دوليًا على رأس قائمة الإرهاب، الذي قتل في غارة استهدفته مع اثنين من مرافقيه بمنطقة كورنيش المحضار على الساحل الجنوبي الشرقي للمدينة، مساء 9 يونيو (حزيران) الماضي.
مصادر في التنظيم قالت إن «التنظيم قلل من أعداد أفراده داخل المرافق الإدارية والأمنية التي أسسها تحسبًا لوقوع أي ضربات جوية مفاجئة، كمقر إدارة (أمن المكلا) الخاص بالتنظيم، وما يحويه من محكمة شرعية تابعة، كذلك مقر إدارة (الحسبة) وهي دوريات تُكلف بالبحث عن المخالفين لبعض تعاليم الشريعة الإسلامية وتنفيذ الحد الشرعي فيهم فورًا، بالإضافة لأكبر معسكرات التنظيم داخل المدينة، والواقع بمعسكر اللواء 27 ميكا التابع للجيش اليمني بعد السيطرة عليه شرق المدينة، الذي يحتضن عشرات المقاتلين أيضًا من قوة المهام الخاصة التابعة للتنظيم».
كذلك نقل التنظيم غالبية السلاح الذي استولى عليه من معسكر اللواء 27 ميكا، وقيادة المنطقة العسكرية الثانية، ومعسكر اللواء 190 دفاع جوي عند دخوله للمدينة في بداية أبريل الماضي، والمقدر بعدد من الدبابات، وقاذفات صواريخ الكاتيوشا، ومدافع متوسطة وثقيلة، وعربات مدرعة، بالإضافة لمستودعات من الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة، ومستودعات من الذخائر، قام بتوزيعها على أكثر من مخبأ خاص به، إضافة إلى 11 موضعًا قتاليًا يتمركز بها التنظيم داخل وخارج محافظة حضرموت، وذلك لاستخدامه في عمليات القاعدة القتالية، وتحسبًا لأي ضربات تتعمد إتلافه سواء من «الدرون» الأميركية، أو مقاتلات التحالف العربي.
وكان التنظيم قد أعدم اثنين من عناصره المتهمين بالتخابر لأميركا وجهات أخرى خارج التنظيم في 17 يونيو الماضي، وقال التنظيم في بيانه الذي تمت قراءته قبيل الإعدام أن مساعد صالح محمد الخاطر المكنى بأبي حسام الخالدي ونائف فلاح زايد الحابوط المطيري المكنى بأبي عامر المطيري قد قاموا بزرع شرائح إلكترونية تساعد الطائرات من دون طيار «درون» على إيجاد أهدافها بدقة.
لتنقل الجثتان بعد الإعدام إلى خور المكلا بوسط المدينة عبر موكب من الأطقم العسكرية التابعة للتنظيم، في شكل مشابه لموكب إحضار الخاطر والمطيري لمكان الإعدام، ليتم صلب الجثتين على أكبر جسرين بالمدينة، وسط ذهول المواطنين المارين، في حادث تشهده المدينة لأول مرة.
وتواصل شخصيات اجتماعية ودينية التفاوض مع قيادة تنظيم القاعدة لمغادرة المدينة، تجنبًا لوقوع أي معارك بها، خصوصًا بعد استعداد التنظيم لمواجهة تقدم الجيش اليمني الموالي لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي أصبح على بعد كيلومترات قليلة من محافظة شبوة المحاذية لمحافظة حضرموت، التي تعتبر المكلا عاصمتها، كما أن مصادر إعلامية بالتنظيم أشارت لـ«الشرق الأوسط» عن رفض التنظيم للجيش اليمني، مع محاولة عدم تكرار سيناريو مدينة «زنجبار» بمحافظة أبين الجنوبية في عام 2012، بعدما دخل التنظيم فيها مع الجيش اليمني حربًا أدت لتدمير المدينة بالكامل، وأكدت رغبة التنظيم في مغادرة المدينة، لكن في الوقت الذي حدده قياداته.
كما أن المجلس الأهلي الحضرمي وهو مجلس يتكون من شخصيات اجتماعية وسياسية، تكون خلال فترة سيطرة القاعدة على المدينة، يحاول بذل جهود ومساعٍ أخرى للتفاوض مع القاعدة بشأن مغادرتها للمدينة، كذلك قدم عدة مبادرات أهلية لسد مبررات القاعدة بأن مغادرتها للمدينة سيتركها في فراغ أمني كبير، حيث إنشاء المجلس عدة إدارات لإدارة المدينة، لعل أهمها الشرطة الأهلية المسلحة التي تجوب شوارع المدينة للحفاظ على الأمن والممتلكات العامة والخاصة.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».