الجزائر: سعيد بوتفليقة يرفض المحاكمة بداعي «المرض»

في قضايا الفساد المتهم بها مع 56 آخرين

سعيد بوتفليقة في صورة سابقة (الشرق الأوسط)
سعيد بوتفليقة في صورة سابقة (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: سعيد بوتفليقة يرفض المحاكمة بداعي «المرض»

سعيد بوتفليقة في صورة سابقة (الشرق الأوسط)
سعيد بوتفليقة في صورة سابقة (الشرق الأوسط)

عاشت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية في اليومين الماضيين، ظروفاً غير عادية، بمناسبة محاكمة سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، بتهمة الفساد، حيث رفض استجوابه من طرف القاضي بسبب «عارض صحي»، مطالباً بإرجاء الجلسة. غير أن القاضي رفض بحجة أن القضية تأجلت أربع مرات من قبل.
وقال سعيد للقاضي بصوت خافت، إن «حالتي سيئة ولا يمكنني الرد على أسئلتكم»، فيما بدا على رئيس جلسة المحاكمة، التصميم على إعطاء إشارة انطلاقها، غير مكترث للحجج التي تدعو لتأجيلها من جديد، بعد المرات الأربع السابقة، التي طالب فيها معظم المحامين في القضية أيضاً «مهلة إضافية لقراءة متأنية للملف، بغرض تحضير جدي للمرافعات».
ويحاكم في هذه القضية أيضاً، رجال أعمال كانوا في واجهة الأحداث السياسية خلال 20 سنة من حكم بوتفليقة (1999 – 2019)، وهم: علي حداد ومحيي الدين طحكوت وأحمد معزوز، والإخوة رضا وطارق ونوح كونيناف، ومحمد بعيري، وجميعهم يقضون عقوبات بالسجن، صدرت ضدهم في العديد من القضايا ذات صلة بتفشي الفساد وسوء تسيير وتبديد المال العام.
وجرى استدعاء سعيد بوتفليقة ورجال الأعمال، للاستجواب بواسطة المحاكمة عبر الفيديو، وذلك انطلاقاً من سجونهم التي تقع بعيداً عن العاصمة.
وتشمل لائحة الاتهام 56 متهماً، من بينهم برلمانيون وكوادر بأجهزة ومؤسسات حكومية، ومنهم أيضاً أفراد من عائلات رجال الأعمال السبعة. وتتمثل التهم في «إخفاء عائدات إجرامية ناتجة عن جرائم الفساد، وغسل أموال ومخالفة قانون الصرف».
وعلى أساس هذه التهم، دانتهم المحكمة الابتدائية سابقاً بالسجن لمدد تتراوح بين 6 أشهر و15 سنة مع التنفيذ، ومصادرة أملاكهم. أما الوقائع فمرتبطة بمشروعات في الأشغال العامة والبنية التحتية، وصفقات عمومية حصل عليها رجال أعمال بمساعدة برلمانيين، وسعيد بوتفليقة كبير المستشارين بالرئاسة سابقاً، وصاحب النفوذ القوي في البلاد، بخاصة في الفترة التي كان فيها شقيقه الرئيس، عاجزاً عن تسيير دفة الحكم بسبب المرض من 2013 حتى رحيله عن الحكم تحت ضغط الشارع في 2 أبريل (نيسان) 2019.
وعند بدء المحاكمة (الثلاثاء) دخل محامو الدفاع في جدال مع القاضي، بعد رفضه طلبهم تأجيل المحاكمة إلى ما بعد عيد الفطر، مما دفع العديد منهم إلى الانسحاب من الجلسة على أمل تحقيق مبتغاهم. وأمام إصرار القاضي على مواصلة الأشغال، احتج الإخوة كونيناف على محاكمتهم من دون حضور دفاعهم.
واحتدم جدل حول «قضية الرسائل النصية الهاتفية»، التي تبادلها رجال الأعمال مع سعيد بوتفليقة خلال مظاهرات الحراك، التي اندلعت في 22 فبراير (شباط) 2019 لمنع بوتفليقة من الترشح لولاية خامسة.
ووفق تحقيقات الأمن في القضية، احتوت هذه الرسائل قلقاً عبَر عنه رجال الأعمال على مصيرهم في حال سقوط الرئيس، واستندت النيابة إلى ذلك على أنه «دليل فسادهم» أمام احتجاج الدفاع، الذي رفض التعامل مع هذه الاتصالات على أنها شبهة تسمح بإدانة موكليهم. وتواصلت المحاكمة الأربعاء في أجواء متشنجة، وفي غياب الدفاع. وأكد القاضي أنه سيعلق الجلسة في آخر النهار، على أن تستأنف الاثنين المقبل باستكمال طرح الأسئلة على المتهمين.
وسبق أن دان القضاء سعيد بوتفليقة بالسجن 8 سنوات مع التنفيذ، في قضية فساد أخرى. وكانت محكمة عسكرية برأته مطلع 2021 من تهمة «التآمر على الجيش والدولة».
ومطلع العام الحالي، استشاط غضباً عندما وصف ممثل النيابة، خلال إحدى محاكماته، الرئيس الراحل بأنه «راعي الفساد»، فقد ذكر بأن شقيقه الأكبر «حقق إنجازات كبيرة لصالح الجزائر، منذ أن كان في سن الـ25. يحمل رتبة رائد في جيش التحرير الوطني، وعلى الجميع أن يحترم تاريخه».
وقال إنه ضاق ذرعاً بـ«الانتقادات اللاذعة والأوصاف السيئة، التي توجهها وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية ضد شخصي، وضد أخي الرئيس».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».