280 ألفاً يحيون ليلة القدر في «الأقصى» المبارك

وسط إجراءات أمنية مشددة انتهت بهدوء... وفلسطيني يصيب مستوطنين في الشيخ جراح

مصلون فلسطينيون يحضرون ليلة القدر في المسجد الأقصى المبارك (رويترز)
مصلون فلسطينيون يحضرون ليلة القدر في المسجد الأقصى المبارك (رويترز)
TT

280 ألفاً يحيون ليلة القدر في «الأقصى» المبارك

مصلون فلسطينيون يحضرون ليلة القدر في المسجد الأقصى المبارك (رويترز)
مصلون فلسطينيون يحضرون ليلة القدر في المسجد الأقصى المبارك (رويترز)

أنهى نحو 280 ألف مصلٍّ إحياء ليلة القدر (ليلة السابع والعشرين من رمضان) في المسجد الأقصى، دون أي أحداث تُذكر، لكنّ الليلة لم تنتهِ بهدوء؛ إذ نفّذ فلسطيني هجوماً على سيارة تقل مستوطنين في حي الشيخ جراح وأصابهم بجراح قبل أن يلوذ بالفرار. واكتظت ساحات المسجد الأقصى ومصلياته وأروقته بالمصلين الذين جاءوا من القدس وأراضي 48 والضفة الغربية لإحياء ليلة القدر.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية إن 280 ألفاً توافدوا إلى الأقصى لأداء صلاة العشاء والتراويح وإحياء ليلة القدر. وأُدِّيت الصلوات وسط إجراءات أمنية مشددة. وذكر موقع «واينت» الإسرائيلي، أن قوات من الوحدات الخاصة «اليمام» المتخصصة في إحباط عمليات في إسرائيل والضفة الغربية، شاركت بفرض الإجراءات الأمنية في الحرم القدسي مع رجال الشرطة الآخرين، وذلك على ضوء التوتر الأمني خلال الفترة الأخيرة. وعملت القوات بشكل علني وسرّي، في وقت نشرت فيه الشرطة الإسرائيلية الآلاف من عناصرها في الطرق المؤدية إلى البلدة القديمة، تحسباً لتطورات.
وعدّت وزارة الخارجية الفلسطينية زحف المواطنين نحو القدس ومقدساتها ونحو الحرم الإبراهيمي الشريف، دليلاً قاطعاً على فشل سياسة الاحتلال ومخططاته التهويدية. وعبّرت الوزارة عن استيائها من تراخي المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته في توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وطالبت بإجراءات دولية فاعلة لردع الاحتلال وإجباره على وقف تغوله على الفلسطينيين.
وفي الوقت الذي انتهت فيه جميع الصلوات في الأقصى بهدوء، هاجم فلسطيني سيارة مستوطنين في حي الشيخ جراح وأصابهم بجروح في وقت مبكر من فجر (الثلاثاء). وقال بيان رسمي للشرطة الإسرائيلية في القدس إنه «وردت أنباء عن إطلاق نار على سيارة في منطقة حي شمعون الصديق (الشيخ جراح) في القدس. ونتيجة لذلك، أُصيب اثنان من ركاب السيارة بجروح متوسطة (وفقاً لمسؤولين طبيين)، وتم نقلهما لمزيد من العلاج الطبي».
وقال المسعف في خدمة الإسعاف الإسرائيلية، نير بوزاغلو، إن المستوطنين «استمروا في القيادة وتوقفوا بالقرب من سيارة للشرطة وأبلغوا عن الحادث. وصلنا إلى مكان الحادث بسرعة... كان أحدهم مستلقياً على الطريق والآخر كان يسير في مكان قريب، وكانا واعيين تماماً ويعانيان من إصابات بأعيرة نارية في الجزء العلوي من جسديهما». وقع الحادث في المنطقة التي تعد أحد أكثر الأحياء توتراً في القدس في السنوات الأخيرة، بسبب سعي المستوطنين المتطرفين لطرد السكان الفلسطينيين من هناك، وهي معركة تؤجلها الحكومة الإسرائيلية، بسبب التوترات الناجمة عنها، وكانت قد ساعدت في إشعال حرب استمرت 11 يوماً بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة في عام 2021.
وداهمت الشرطة الإسرائيلية حي «الشيخ جراح» وفتشت عدداً من المنازل ثم حاصرت بناية وأجبرت قاطنيها على مغادرتها، بزعم البحث عن منفذ عملية إطلاق نار على مستوطنين، كما اقتحمت مسجداً في الحي وفتشته. وقال مصدر في الشرطة الإسرائيلية إن عمليات المطاردة ستستمر بشكل مكثف حتى اعتقال منفّذ العملية، مضيفاً أن «الشرطة تستخدم وسائل تكنولوجية مختلفة لتحديد مكان المشتبه به، فضلاً عن اشتمال عمليات البحث على ضباط شرطة وعناصر في وحدات حرس الحدود، إضافةً إلى الكلاب المدربة والفرسان وطائرة هليكوبتر».
وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، تشمل عمليات المسح منطقة وقوع الحدث ودوائر أبعد. وتجري عمليات المطاردة في وقت تم فيه تشكيل غرفة قيادة في منطقة القدس تحت قيادة قائد المنطقة لإدارة المطاردة على المستويات العملياتية والاستخباراتية والتحقيق. وتم تكليف الوحدة المركزية في لواء القدس، والتي تعمل مع الشاباك للتحقيق في الهجوم والقبض على منفّذ العملية الذي استخدم رشاشاً محلي الصنع من نوع «كارلو» وألقى به في مكان قريب، ثم أعلنت الشرطة لاحقاً العثور عليه.
وعزز الهجوم مخاوف إسرائيلية من أن التصعيد لم ينتهِ. وباركت فصائل فلسطينية العملية وقالت حركة «حماس» إن العملية «رد طبيعي على جرائم الاحتلال خصوصاً في القدس والمسجد الأقصى الذي يتعرض لعدوانٍ بشع»، وقالت حركة «الجهاد» إن العملية «استمرار لمقاومة شعبنا لهذا الاحتلال المجرم وردٌّ طبيعي على جرائمه المستمرة بحق شعبنا ومقدساتنا»، كما وصفت فصائل أخرى العملية بأنها جزء من مقاومة شاملة مستمرة في الضفة وساحات أخرى.



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».