كيف تورط تغير المناخ في نقل بعض الأمراض المعدية لأوروبا؟

تنتشر «حمى الضنك» عادة عن طريق بعوضة «الزاعجة»، وترتبط غالباً بزيارة المصابين بها لمناطق في آسيا وأميركا الجنوبية وأفريقيا، لكن إصابة بريطانية كانت عائدة من رحلة إلى مدينة نيس الفرنسية، أثارت التكهنات بشأن دور تغير المناخ على البصمة العالمية للعديد من الأمراض المعدية.
وقرعت منظمة الصحة العالمية جرس الإنذار في أكثر من مناسبة من أن ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الأرض سيؤدي إلى توسع رقعة انتشار نواقل الأمراض، مثل البعوض، لتوجد في مناطق جديدة.
وهذا ما تؤكده الحالة البريطانية التي تم عرض تفاصيلها خلال اجتماع المؤتمر الأوروبي لعلم الأحياء الدقيقة السريرية والأمراض المعدية، الذي بدأ أعماله السبت، ويختتمها الثلاثاء.
وكانت المرأة (44 عاماً) تعاني من حمى وصداع خلف العين وآلام في العضلات وطفح جلدي واسع الانتشار لـ3 أيام تقريباً قبل أن تطلب الرعاية الطبية.
وعادت إلى المملكة المتحدة في اليوم السابق لبدء الأعراض بعد زيارة عائلتها في جنوب فرنسا، وكانت الأسرة التي تقيم معها تعاني الأعراض نفسها، وفي قسم الطوارئ بمستشفى أمراض المناطق المدارية في لندن، أرسل الأطباء عينة عاجلة إلى مختبر مسببات الأمراض النادرة المستوردة من خارج المملكة المتحدة (RIPL)، وأكدت الاختبارات أن المرأة مصابة بعدوى فيروس حمى الضنك الحادة.
ويقول أوين دونيلي، من مستشفى أمراض المناطق المدارية في لندن والباحث الرئيسي في دراسة الحالة التي تم استعراضها خلال المؤتمر الأوروبي لعلم الأحياء الدقيقة السريرية، إنه «مع تغير المناخ، لا سيما ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الأمطار، وارتفاع التجارة العالمية والسياحة، قد نرى المزيد من أجزاء أوروبا تعاني من تفشي مرض حمى الضنك وغيره من الأمراض المعدية».
وتنتشر حمى الضنك عادة عن طريق بعوضة «الزاعجة»، التي تجد البيئة المناسبة للتكاثر مع درجات الحرارة المرتفعة والأمطار الشديدة، وهي الحالة المناخية التي أصبحت سمة مميزة لتغيرات المناخ، كما يوضح دونيلي في بيان نشره المؤتمر الأحد.
ويقول الأستاذ بالبرنامج الطبي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا محمد الحديدي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تفشي مرض (حمى الضنك) وغيره من الأمراض المعدية، يبدأ عندما تكون بعوضة (الزاعجة) حاملة للفيروس فتنقله إلى الشخص السليم، ثم ينتقل من هذا الشخص بعد إصابته إلى بعوضة أخرى غير حاملة للفيروس؛ حيث يكون بمقدور المرضى المصابين نقل العدوى خلال مدة 4 إلى 5 أيام وحتى 12 يوماً بحد أقصى عبر البعوض بعد ظهور الأعراض الأولى عليهم».
ويشير تقرير نشره المنتدى الاقتصادي الدولي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى أن حمى الضنك كانت محصورة تقليدياً في أجزاء من أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأفريقيا، وعند ظهورها لأول مرة قبل 50 عاماً، كانت مقصورة على 9 دول فقط، لكنها اليوم منتشرة في أكثر من 125 دولة، وتتسبب في دخول نحو 500 ألف شخص سنوياً إلى المستشفيات، مما يضع عبئاً كبيراً على النظم الصحية.
ويؤيد ذلك ما ذهبت له دراسة أجراها المعهد الوطني الأميركي للصحة عام 2020؛ حيث أكدت أنه في مقابل كل درجة مئوية واحدة ارتفاع في درجة حرارة الكوكب، ستزيد حالات حمى الضنك بنسبة 35 في المائة، إضافة إلى زيادتها بمقدار 30 ضعفاً على مدار 50 عاماً الماضية.
وتشبه أعراض حمى الضنك الإنفلونزا، ويجب الاشتباه في الإصابة بالفيروس المسبب لهذا المرض عندما تترافق الحمى الشديدة (40 درجة مئوية) مع اثنين من الأعراض التالية، وهي الصداع الحاد، وألم خلف العيون، وآلام العضلات والمفاصل، والغثيان، والقيء، وانتفاخ الغدد، والطفح، كما يوضح الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية.
وسُجل أواخر عام 2015 ومطلع عام 2016 أول لقاح لحمى الضنك، أنتجته شركة «سانوفي باستير» لتحصين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات و45 سنة، ويعيشون في المناطق حيث ينتشر المرض.