بعد 10 سنوات من الانسحاب الإسرائيلي.. العقدة الغزاوية عصية على الحل

لا الفلسطينيون تخلصوا من الاحتلال ولا الإسرائيليون نعموا بالأمن

فلسطينيون ينتقلون عبر طريق بين الساحل وما كان مستوطنة نتساريم جنوب مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتقلون عبر طريق بين الساحل وما كان مستوطنة نتساريم جنوب مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

بعد 10 سنوات من الانسحاب الإسرائيلي.. العقدة الغزاوية عصية على الحل

فلسطينيون ينتقلون عبر طريق بين الساحل وما كان مستوطنة نتساريم جنوب مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتقلون عبر طريق بين الساحل وما كان مستوطنة نتساريم جنوب مدينة غزة (أ.ف.ب)

بعد 10 سنوات على انسحاب إسرائيل من جانب واحد من قطاع غزة، لا يزال القطاع الصغير والمحاصر عقدة تستعصي على الحل، بالنسبة لقادة إسرائيل الذين جربوا كل شيء هناك، احتلال، حكم عسكري، وتسليمها للسلطة، وانسحاب، وحروب طاحنة من الخارج والداخل، دون أن يصلوا إلى الهدف الذي سعى إليه أرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل، آنذاك، عندما أجبر 8500 مستوطن على الانسحاب، قائلا لهم إنه سيحقق لمواطني إسرائيل جميعا، أقصى مستوى من الأمن. بعد ذلك، لا الفلسطينيون تخلصوا من إسرائيل ولا الإسرائيليون ينعمون بالأمن.
وعلى مدار سنوات الاحتلال الطويلة، كانت غزة التي يحلوا للإعلام الإسرائيلي تسميتها بـ«طنجرة الضغط»، قنبلة موقوتة بحق، بل إنها يوما بعد يوم تغلي منذرة بانفجار أكبر، وما تصريحات الجنرالات الإسرائيليين المتعاقبة، بأن جولة أخرى من الحرب في غزة مسألة حتمية، إلا تعبيرا واضحا عن استمرار العقدة.
وتعود مشكلة إسرائيل مع غزة منذ البدء.. حتى قبل احتلالها عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري، إذ تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، ثم شن أول هجوم إسرائيلي عليها في 14 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1948، أي بعد ثلاثة أيام من إعلان قيام إسرائيل. وعاد بعد 7 سنوات، أثناء حملة سيناء، لاحتلال القطاع الذي لم يدم طويلا، قبل أن يعود وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان لاحتلاله في 1967.
لم تخضع غزة أبدا للمفهوم الذي تريده إسرائيل «شعب منضبط تحت الحكم العسكري». وسجلت خلال سنوات السبعينات والثمانينات في غزة، عمليات عدة ضد الجيش الإسرائيلي ومحاولات كثيرة لبناء مجموعات مسلحة.
وفي 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وكانت عصية على الانكسار إلى الحد الذي تمنى معه رئيس الوزراء لإسرائيلي الأسبق، إسحق رابين، أن تغرق في البحر.
هربت إسرائيل من غزة عام 1993، وسلمتها للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ولكن في 2001، أطلقت حماس أول صاروخ محلي الصنع على بلدة سديروت الجنوبية.
شنت إسرائيل بعد ذلك 4 حروب على القطاع، حتى قرر شارون في 2005، الانسحاب من غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط أحادي الجانب»، وبحسبها أخلت إسرائيل 21 مستوطنة في القطاع ومعسكرات الجيش الإسرائيلي.
أجبر شارون 8.600 إسرائيلي على ترك المستوطنات، وقال إنه لا مبرر، بعد الآن، ليقول أحد إن إسرائيل تحتل القطاع، مضيفا، أن «خطتي هذه ستحقق أقصى مستوى من الأمن».
غير أن شارون الذي لم يعش طويلا ولم ير أبدا نتائج خطته.
لم تتوقف الصواريخ والعمليات، ونفذت إسرائيل منذ 2005 وحتى اليوم، 7 حروب بين كبيرة وصغيرة، خلفت آلاف القتلى وعشرات آلاف الجرحى ودمارا لا يزال شاهدا على هول النيران الإسرائيلية التي ظلت تصب داخل «طنجرة الضغط».
وبينما يستمر الجدل داخل إسرائيل حول مستقبل القطاع ويزداد اشتعالا، يعيش السكان هناك البالغ عددهم 1.8 مليون مأساة متواصلة، بفعل حصار تفرضه إسرائيل ومصر. لا يمكن لسكان القطاع استيراد الكثير من مواد البناء الأساسية لإعادة بناء ما دمرته الحروب، وهي حالة تزيد من الغليان، وتجعل أي مواجهة مقبلة أقرب من ذي قبل.
ويقول البنك الدولي، إن غزة تمثل، الآن، أسوأ اقتصادات العالم أداء، وبها أعلى معدل بطالة في العالم، إذ يبلغ 43 في المائة. ويمثل من هم في سن 20 - 24 عاما، نسبة 68 في المائة بين العاطلين.
ومنذ عام 1994، انخفض نصيب الفرد من الدخل بما يقرب من الثلث. أما قطاع الصناعة الذي كانت الآمال معقودة عليه في تحقيق الانتعاش الاقتصادي، فقد انكمش بنسبة 60 في المائة.
وقال علي موسى (49 عاما) ويعمل سائق سيارة أجرة في غزة، لـ«رويتر»: «اليهود رحلوا عن غزة ودمروها في الحروب حربا بعد حرب». وأضاف موسى، الذي ظل على مدى عشر سنوات يعمل في مشاريع البناء في إسرائيل، قبل توقف صدور تصاريح العمل: «فهم (الإسرائيليون)، يتحكمون في الحدود والبحر والسماء. فهل فعلا أنهوا الاحتلال؟ لا».
غير أن إدراك الإسرائيليين للانسحاب باعتباره كارثة يتعمق، إذ تساقطت على إسرائيل آلاف الصواريخ المنطلقة من غزة منذ 2005، وأصبح التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين أبعد منالا.
ولخص الباحث معهد دراسات الأمن الوطني، شموئيل ايفن، الوضع في بحث نشره الشهر الماضي بعد عشر سنوات من فك الارتباط بقوله، «الفجوة بين الطموحات والنتائج واسعة». وكتب يقول، إن «فك الارتباط خلق واقعا جديدا أسهم في سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وزيادة حادة في تهريب السلاح، وتقوية الإرهاب، وما نتج عن ذلك من دورة التصعيد».
وأضاف «يبدو أن أغلب الأحداث الأمنية في الجنوب، خلال السنوات العشر الماضية، كانت نتيجة لفك الارتباط». وخلال أيام الانسحاب، أظهرت استطلاعات الرأي، أن نحو نصف الإسرائيليين يؤيدونه. غير أن استطلاعا أجراه مركز «بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية» في الآونة الأخيرة، أظهر أن 63 في المائة يعتقدون، الآن، أنه كان خطأ، ويعارض ما يقرب من النصف، اليوم، أي انسحاب من الضفة الغربية.
ويعتقد معظم الساسة من الإسرائيليين، أن احتلال غزة وإسقاط حماس، معركة لا بد منها في النهاية وسيأتي يوم لخوضها.
لكن ماذا بعد ذلك؟ هذا هو السؤال الذي طرحه عاموس غلعاد، المسؤول الكبير في وزارة الدفاع الإسرائيلي، إبان الحرب الأخيرة على غزة، «السؤال الذي يقض مضاجعنا، ماذا بعد إعادة احتلال القطاع؟ هل تقوم إسرائيل بإدارة شؤون مليون ونصف المليون فلسطيني في جميع مناحي الحياة؟».
إنها «العقدة» الغزاوية التي لا تجد من يحلها.
يقول الكاتب والمؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف، إن «القصة بين إسرائيل وغزة طويلة ومستمرة منذ عام 1948، كانت وما زالت وستبقى، علاقة عنف وضغط وإحباط ويأس واتفاقيات وفرص ضائعة».
كان فك الارتباط نفسه عملية باهظة الكلفة، فقد بلغت التكلفة نحو 11 مليار شيقل (ما يقرب من ثلاثة مليارات دولار). لكن شارون أصر على أنه سيكون ذا فوائد اقتصادية لإسرائيل في الأجل الطويل، إذ سيحسن صورتها وسيجذب الاستثمارات والنشاط التجاري.
وفي هذه النقطة من السهل إثبات صحة وجهة نظر شارون. فعلى الرغم من استحالة قياس الأثر الاقتصادي المباشر للانسحاب، لا مجال للإنكار أن الاقتصاد الإسرائيلي الذي كان راكدا فيما سبق، شهد ازدهارا منذ إخراج المستوطنين من غزة. كذلك فإن تحركات السلام في عام الانسحاب 2005، وضعت نهاية «للانتفاضة الثانية» التي استمرت خمس سنوات، انخفض خلالها نصيب الفرد من الدخل في إسرائيل بالفعل، من 20900 دولار عام 2000 إلى 20376 دولارا عام 2005 وفقا لبيانات البنك الدولي.
ومنذ ذلك الحين تضاعف الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، وارتفع نصيب الفرد من الدخل بنسبة 76 في المائة إلى 36050 دولارا اليوم.



«قمة فلسطين» اعتمدت الخطة المصرية بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة

TT

«قمة فلسطين» اعتمدت الخطة المصرية بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة

صورة جماعية للقادة والرؤساء وروؤساء الوفود المشاركين في اجتماع القمة العربية الطارئة بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
صورة جماعية للقادة والرؤساء وروؤساء الوفود المشاركين في اجتماع القمة العربية الطارئة بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، أن القادة العرب المجتمعين في إطار القمة العربية الطارئة في القاهرة اعتمدوا خطة إعادة إعمار غزة التي تضمن بقاء سكان القطاع المدمر جراء الحرب في أرضهم.

وقال الرئيس المصري في ختام القمة إنه «تم اعتماد» البيان الختامي و«خطة إعادة الإعمار والتنمية في غزة» التي أعدتها مصر. وهو كان قد أعلن في كلمته الافتتاحية أن الخطة تراعي «الحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه» وتلحظ تشكيل لجنة مستقلة «غير فصائلية» لإدارة القطاع.

وجاء في البيان الختامي للقمة أن القادة العرب اعتمدوا الخطة المصرية بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة باعتبارها خطة عربية جامعة. وأضاف أن «أي محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني أو ضم أي جزء من الأرض الفلسطينية سيكون من شأنها إدخال المنطقة مرحلة جديدة من الصراعات».

وأدان قرار وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة وغلق المعابر. وشدد على ضرورة التزام إسرائيل «بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي ترفض محاولات تغيير التركيبة السكانية في الأراضي الفلسطينية».

وندّد البيان بـ«سياسات التجويع والأرض المحروقة لإجبار الشعب الفلسطيني على الرحيل من أرضه». وأكد أن «الخيار الاستراتيجي هو تحقيق السلام العادل والشامل الذي يلبي جميع حقوق الشعب الفلسطيني».

وتتضمن الخطة المصرية تشكيل لجنة لتتولى إدارة شؤون قطاع غزة في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، على أن تكون مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية «تكنوقراط» تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية.

ووفق الخطة، سيتم توفير سكن مؤقت للنازحين في غزة خلال عملية إعادة الإعمار، ومناطق داخل القطاع في 7 مواقع تستوعب أكثر من 1.5 مليون فرد. وقدرت الخطة إعادة إعمار غزة بـ 53 مليار دولار، وستستغرق 5 سنوات.

وأكد البيان «العمل على إنشاء صندوق ائتماني يتولى تلقي التعهدات المالية من كافة الدول ومؤسسات التمويل المانحة بغرض تنفيذ مشروعات التعافي وإعادة الإعمار».

وجاء انعقاد «قمة فلسطين» الطارئة بناءً على طلب فلسطين؛ بهدف الخروج بخطة بديلة، رداً على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، وتحويل القطاع «ريفييرا الشرق الأوسط».

مواجهة مخططات «التهجير»

وفي إطار مواجهة مخططات «التهجير»، قال السيسي، في كلمته الافتتاحية، إنه «بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، تم تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة من الفلسطينيين الإداريين والتكنوقراط توكل لها إدارة قطاع غزة والإشراف على الإغاثة مؤقتاً»، مشيراً إلى أن «القاهرة تعكف على تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية لتولي مهام الأمن في المرحلة المقبلة».

وأضاف أن «مصر عملت بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والمؤسسات الدولية المعنية على بلورة خطة لإعادة الإعمار تتضمن الإغاثة العاجلة والتعافي المبكر وصولاً لإعادة الإعمار»، داعياً إلى «اعتماد الخطة المصرية».

وأشار إلى أنه «بالتوازي مع خطة إعادة الإعمار، لا بد من إطلاق مسار خطة للسلام من الناحيتين الأمنية والسياسية»، داعياً إلى «اعتبار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل نموذجاً لتحويل حالة العداء والحرب والرغبة في الانتقام إلى سلام». وقال: «مصر دشنت السلام منذ خمسة عقود وحرصت عليه، وهي لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل وعدم خلق واقع طارد للسكان خارج أراضيهم».

وأعرب الرئيس المصري عن ثقته في قدرة نظيره الأميركي دونالد ترمب على تحقيق السلام فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن «القاهرة سوف تستضيف مؤتمراً لإعادة إعمار غزة الشهر المقبل».

وأكد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، في كلمته، رفض بلاده «أي محاولات للتهجير والاستيطان»، مشيداً بـ«مبادرة مصر بشأن قطاع غزة»، داعياً إلى «دعم الخطة المصرية التي تسهم في تقوية روابطنا الأخوية وحماية أمننا القومي وتعزيز قدرتنا على مجابهة التحديات بما يحفظ مكتسباتنا التنموية».

وقال إنه «تأكيداً على ما جاء في (قمة البحرين)، فإن التمسك بمسار السلام الدائم والشامل، هو الضامن لينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في تقرير المصير استناداً لحل الدولتين كما أكدت المبادرة العربية للسلام وجميع القرارات الدولية في هذا الشأن».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (على اليمين) يرحب بملك الأردن عبد الله الثاني قبل «القمة العربية» بشأن غزة (أ.ف.ب)

وأكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن اجتماع القاهرة يستهدف التأكيد على أربعة محاور، وهي الرفض التام للتهجير والتأكيد على دعم خطة واضحة لإعادة إعمار غزة ضمن جدول زمني تُعرض على الشركاء الفاعلين لكسب الدعم والتأييد الدولي، وثانياً دعم جهود السلطة الفلسطينية في الإصلاح وإدارة قطاع غزة وربطها بالضفة وتوفير الخدمات وتحقيق الأمن.

وأضاف أن «المحور الثالث يتعلق بوقف التصعيد الخطير في الضفة لمنع تفجير الأوضاع، ورابعاً التأكيد على أن حل الدولتين لتحقيق السلام العادل والشامل».

ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، نظيره الأميركي إلى «دعم خطة إعادة إعمار غزة». وقال إن «دور دولة فلسطين مهم في قطاع غزة من خلال المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنية للسلطة التي ستتسلم مسؤوليتها بعد هيكلة وتدريب كوادرها في مصر والأردن». وأكد أهمية «اعتماد الخطة المصرية - العربية لإعادة إعمار غزة، وتشكيل صندوق ائتمان دولي لإعادة الإعمار وإنجاح المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار في مصر».

ودعا إلى «تكليف اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية بإجراء اتصالات وزيارات لعواصم العالم لشرح خطة إعادة الإعمار والتأكيد على دور السلطة الفلسطينية في غزة والعمل من أجل انسحاب إسرائيل من غزة».

وفي سياق الداخل الفلسطيني، أعلن عباس تعيين نائب للرئيس ولمنظمة التحرير الفلسطينية.

وقال عباس «قررنا استحداث منصب جديد وتعيين نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين». وأكد الرئيس الفلسطيني في كلمته أمام القمة إصدار عفو عام عن جميع المفصولين من حركة «فتح»، كما أعلن جاهزيته لإجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، خلال العام المقبل حال توفرت الظروف الملائمة لذلك، في غزة والضفة والقدس الشرقية.

فلسطينيون نازحون من وسط قطاع غزة يعودون إلى منازلهم في شمال القطاع (أ.ب)

بدوره، عدَّ الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، القمة «حدثاً مهماً في تاريخ القضية، قضية شعب ظُلم ولا يصح أن يظلم مرة أخرى بأن يقتلع من أرضه»، وهي قمة عنوانها «ألا ترتكب في حق الفلسطينيين نكبة جديدة وأن يحفظ للشعب حقه في الاستقلال والحرية والعيش الكريم وتقرير المصير».

وقال أبو الغيط إن «إعادة إعمار غزة نضال نختار أن نخوضه، وإعمار غزة ممكن بوجود أهلها... ممكن إن صمت السلام وانسحبت إسرائيل من القطاع»، معرباً عن «تقديره لكل جهود السلام ولدور الولايات المتحدة التاريخي والحاضر». وأضاف، لكن «القبول بمشروعات غير واقعية يزعزع استقرار المنطقة ويقوض هيكل السلام الذي استقر فيها لعقود»، مجدداً «رفض منطق تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

 

فلسطينيون في سوق أقيمت في الهواء الطلق قرب أنقاض المباني التي دمَّرتها الضربات الإسرائيلية (رويترز)

وكانت قمة البحرين التي عُقدت بالمنامة في مايو (أيار) الماضي، قد تضمنت دعوة مماثلة لـ«نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين».

 

حل الدولتين

وفي تفاصيل «الخطة المصرية» انه «يمكن التعامل مع معضلة تعدد الجهات الفلسطينية الحاملة للسلاح إذا أزيلت أسبابها من خلال عملية سياسية ذات مصداقية»، مؤكدة «ضرورة أن تصبّ الجهود المبذولة في تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية». ودعت إلى «إبرام هدنة متوسطة المدى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لفترة زمنية محددة بالمناطق الفلسطينية كافة».

وأكدت «الخطة المصرية» أن «حل الدولتين هو الحل الأمثل من وجهة نظر المجتمع والقانون الدوليين، وأن القطاع جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية»، كما أدانت «قتل واستهداف المدنيين، ومستوى العنف غير المسبوق والمعاناة الإنسانية التي خلفتها الحرب على غزة».

وحضّت كذلك على «ضرورة مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني وبقائه على أرضه دون تهجير»، مشددة على «ضرورة تكاتف المجتمع الدولي من منطلق إنساني قبل كل شيء لمعالجة الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب». وركزت الخطة على الإشارة إلى أن «محاولة نزع الأمل في إقامة الدولة من الشعب الفلسطيني أو انتزاع أرضه منه لن تؤتي إلا بمزيد من الصراعات وعدم الاستقرار».

مراسلون عرب يشاهدون شاشة تظهر الرئيس المصري (على اليمين) يستقبل رئيس السلطة الفلسطينية (أ.ب)

وفي شأن الهدنة في القطاع، طالبت «الخطة المصرية» بـ«ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة». وقالت: «سيكون من أبرز آثار انهيار وقف إطلاق النار إعاقة الجهد الإنساني وعملية إعادة الإعمار»، مشيرة إلى أن «تنفيذ إعادة الإعمار يتطلب ترتيبات للحكم الانتقالي وتوفير الأمن بما يحافظ على آفاق حل الدولتين».

وذكرت أن هناك «أهمية كبيرة للعمل على مقترح تدريجي يُراعي الحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه، فضلاً عن ضرورة مراعاة حقه في تحقيق تطلعاته المشروعة بإقامة دولته مُتصلة الأراضي بقطاع غزة والضفة»، ومطالبة بضرورة «التعاطي مع القطاع بأسلوب سياسي وقانوني يتسق مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن». وطالبت الخطة المصرية بضرورة «بدء التفكير في كيفية إدارة المرحلة المقبلة للتعافي المبكر بما يضمن الملكية الفلسطينية». وأكدت أهمية «استمرار جهود السلطة الفلسطينية لاتخاذ مزيد من الخطوات لتطوير عمل المؤسسات والأجهزة الفلسطينية».

وتتكون «الخطة المصرية» من نحو «112 صفحة تتضمن خرائط توضح كيفية إعادة تطوير أراضي غزة وعشرات الصور الملونة التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لمشاريع الإسكان والحدائق والمراكز المجتمعية، وميناء تجاري ومركز للتكنولوجيا وفنادق على الشاطئ، بحسب وثيقة حصلت عليها «رويترز».