هل بإمكان برنامج المحادثة الآلي «ChatGPT» التخطيط لبرنامج عطلتك؟

إليك كل ما تود معرفته عن استخدام الذكاء الصناعي في السفر

يعتبر «ChatGpt» ثورة حقيقية في عدة مجالات بما فيها السياحة والسفر (نيويورك تايمز)
يعتبر «ChatGpt» ثورة حقيقية في عدة مجالات بما فيها السياحة والسفر (نيويورك تايمز)
TT

هل بإمكان برنامج المحادثة الآلي «ChatGPT» التخطيط لبرنامج عطلتك؟

يعتبر «ChatGpt» ثورة حقيقية في عدة مجالات بما فيها السياحة والسفر (نيويورك تايمز)
يعتبر «ChatGpt» ثورة حقيقية في عدة مجالات بما فيها السياحة والسفر (نيويورك تايمز)

قريباً جداً في زمن الذكاء الاصطناعي، قد تبدأ عطلتك السنوية بإبلاغ هاتفك الذكي برغبتك في شيء من هذا القبيل: «أريد السفر إلى لوس أنجليس في إجازة لـ4 أيام في يونيو (حزيران) عندما تكون أسعار تذاكر الطيران مخفضة، باستخدام نظام نقاط السفر. وأريد زيارة متحف التاريخ، وحديقة عامة، وفي السابعة مساء أتوجه إلى مطعم قريب من الفندق لتناول وجبة عشاء تتضمن وجبات نباتية رائعة»، ليعرض عليك هاتفك بعدها خط السير المقترح.
في الوقت الحالي قد يضطر المسافرون الذين يستخدمون برنامج الذكاء الاصطناعي القوي «ChatGPT» الذي يعرض وصفات طهي مبدعة وأبحاثاً جامعية أن يخفضوا من سقف توقعاتهم.
طلبت أوديت باتات، المديرة العامة بشركة «بريدج بورت» بولاية كونيتيكيت، من تطبيق «Chat GPT» تنظيم برنامج نزهات لعملائها في مدينة «توسكانا» الإيطالية لترى ما إذا كان التطبيق بإمكانه مساعدتها في إنجاز عملها. وبالفعل حصلت من خلال التطبيق على قائمة ضمت 14 نشاطاً، منها جولات لزيارة المتاحف، ثم التوقف لتناول الآيس كريم بميدان العصور الوسطى «سان جيمينجناو».
وقالت باتات: «كنت أعرف كل هذه الأشياء»، لكنها أضافت أن «ChatGPT» وفر عليها متاعب جمع المعلومات وتسليمها بتنسيق متقن، تمكنت من إرساله بالبريد الإلكتروني إلى أحد العملاء.
ظهرت خدمة «ChatGPT» التي شرعت باتات في استخدامها على الساحة في نوفمبر (تشرين الثاني). وبالفعل بدأت في إحداث هزة في القطاعات التي تعتمد على التكنولوجيا، بما في ذلك قطاع السفر. على عكس الذكاء الاصطناعي المألوف لغالبية المستهلكين، فإن روبوت الدردشة «ChatGPT» ابتكاري، بمعنى أن بإمكانه تحليل وتلخيص محتوى من بين كمية ضخمة من المعلومات، بما في ذلك صفحات ويب، والكتب وغيرها من النصوص المتاحة على الإنترنت، واستخدام هذه البيانات لإعداد محتوى أصلي جديد بلغة محادثة مفهومة.
قطاع السفر تغير عن ذي قبل ولم يعد كما كان في السابق، إذ بات بإمكان المسافرين «التحدث» مع التطبيق، ومشاركة المعلومات مثل الوجهة وتوقيت السفر خلال العام، والاهتمامات، واستعراض مسار رحلة معين مزود بأوصاف حية.
إن ثمة قيوداً تحكم التعامل مع «ChatGPT». على سبيل المثال، لا تتجاوز قاعدة المعلومات الخاصة بالتطبيق حالياً عام 2021. ولا يمكنه الوصول إلى البيانات المهمة المتعلقة بالسفر، التي يمكن أن تتغير من لحظة إلى أخرى، مثل جداول رحلات شركات الطيران وتوقعات الطقس.
ولمعالجة هذا الأمر، يجري حالياً تطوير إصدارات جديدة، بما في ذلك ترقية من المقرر إصدارها الأسبوع الحالي، ومن المتوقع أن يستمر في التحسن. كذلك لا يستطيع البرنامج التمييز بين المعلومات الموثوقة وغير الموثوقة على الإنترنت، لذلك قد يقدم إجابات غير صحيحة في بعض الأحيان. وأيضاً يحذر صانع التطبيق «Open AI»، من أن البرنامج قد ينتج أحياناً «محتوى متحيزاً».
بإمكان أي شخص استخدام التطبيق، وهو مجاني ويمكن الوصول إليه عبر موقع Open AI»». ويمكن للمكاتب السياحية أن تطلب من «ChatGPT» كتابة نسخة تسويقية تصف المواقع التي يمكن زيارتها، ويمكن لمستشاري السفر استخدامها في كتابة رسائل بريد إلكتروني لعملائهم وإعداد منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. ويمكن لشركات الطيران والفنادق وتأجير السيارات استخدامها لمساعدة وكلائها في العالم الافتراضي على الإجابة على مجموعة متنوعة من الأسئلة.
قالت إحدى مستشارات السفر إنها استخدمت «ChatGPT» لكتابة «رسالة قوية لكنها ودية لإنهاء علاقة عمل» مع عميل لم تعد ترغب في التعامل معه. ووجّه لها التطبيق عدة أسئلة تطلبت إجابات منها قبل أن يعطيها الصيغة النهائية، وفي النهاية خرجت الرسالة بالصورة التي أرادتها.
وقال بيرت، الذي جرب ChatGPT لإعداد أكثر من 100 وجهة سفر، إن النتيجة كبداية جاءت عظيمة، إلا أنه أردف قائلاً: «لكن ينبغي على وكيل السفر التيقن بنفسه لتعزيز برامجه». على سبيل المثال، يمكن لشخص حقيقي، وليس روبوت، معرفة ما يريده الزبائن فعلياً وما يقولونه. والتطبيق يعطيك ما بين 70 – 80 في المائة مما تتمنى. ولا نريد أقل من ذلك».
في السياق ذاته، قال بيتر كيرن، الرئيس التنفيذي لشركة «إكسبيديا»، إن شركته، إحدى أكبر شركات السفر عبر الإنترنت في العالم، تستخدم الذكاء الاصطناعي منذ سنوات لإعداد توصيات خاصة بها وبرمجة استشاراتها عبر الإنترنت، لكن ChatGPT يعتبر «خطوة جديدة مهمة».
وتبحث الشركة في التكنولوجيا الجديدة باعتبارها وسيلة ممكنة لمنح العملاء وسيلة تخاطب أكثر تفاعلية للتعامل مع «إكسبيديا»، عن طريق التحدث أو كتابة الأسئلة، بدلاً من الإشارة والنقر، بحسب كيرن. ويمكن أن تعمل «إكسبيديا» أيضا مع «ChatGPT» لتوجيه نصائح وتوصيات مخصصة لهذه الشركة من خلال دراسة بياناتها أولاً، ثم دمجها مع ما يتناسب من بيانات تحتاجها الشركة، مثل تاريخ شراء الزبائن لتذاكر الرحلة، وأحدث الأسعار، وتوافر تذاكر الطيران، وغرف الفنادق، وتأجير السيارات.
وتتوقع أيلين كاليسكان، أستاذة علوم الكومبيوتر بجامعة واشنطن، التي تدرس التعلم الآلي وكيف يؤثر المجتمع على الذكاء الاصطناعي، أن تسير شركات السفر الأخرى في الطريق ذاته بأن تضيف بياناتها وبرمجتها إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية، على غرار تلك التطبيقات التي أنشأتها «غوغل» و«أمازون» و«Open AI» لإنجاز مهام محددة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».