ناقلة جديدة في الطريق لتفريغ «صافر»... وشكوك حول نجاحها

رئيس الشركة السابق يحذر: استبدال قنبلة موقوتة بأخرى

الناقلة «نوتيكا» في طريقها إلى البحر الأحمر لتفريغ أكثر من مليون برميل من النفط من الناقلة «صافر» المتهالكة الراسية  (UNDP)
الناقلة «نوتيكا» في طريقها إلى البحر الأحمر لتفريغ أكثر من مليون برميل من النفط من الناقلة «صافر» المتهالكة الراسية (UNDP)
TT

ناقلة جديدة في الطريق لتفريغ «صافر»... وشكوك حول نجاحها

الناقلة «نوتيكا» في طريقها إلى البحر الأحمر لتفريغ أكثر من مليون برميل من النفط من الناقلة «صافر» المتهالكة الراسية  (UNDP)
الناقلة «نوتيكا» في طريقها إلى البحر الأحمر لتفريغ أكثر من مليون برميل من النفط من الناقلة «صافر» المتهالكة الراسية (UNDP)

في الوقت الذي صرح فيه المتحدث باسم الأمم المتحدة بأن الناقلة البحرية «نوتيكا» التي تم شراؤها لتفريغ حمولة ناقلة النفط المتهالكة «صافر»، في طريقها من تشوشان في الصين إلى البحر الأحمر، يشكك مختصون في جدوى وفاعلية الخطة الأممية ومدى نجاحها.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن الناقلة الجديدة المتوقع وصولها مطلع مايو (أيار) المقبل، تهدف إلى تفادي حدوث تسرب نفطي كارثي يهدد بوقوع أزمة إنسانية وبيئية، وأن خزان «صافر» عبارة عن ناقلة نفط عملاقة ومتهالكة، معرضة للانهيار أو الانفجار في أي لحظة.
من جانبه، يشكك الكابتن أحمد كليب، المدير السابق لـ«الشركة اليمنية للإنتاج والاستكشاف» المملوكة للحكومة اليمنية، ومالكة الناقلة «صافر»، في نجاح الخطة الأممية، مبيناً: «أن ما سيتم، هو استبدال قنبلة موقوتة بأخرى ليس إلا، في محاولة لتأجيل الكارثة عوضاً عن حلها».
وترسو ناقلة النفط «صافر» قبالة سواحل رأس عيسى بمحافظة الحديدة على البحر الأحمر، وفي خزاناتها 1.1 مليون برميل من النفط الخام، ولم تجر لها أي صيانة منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، في سبتمبر (أيلول) 2014.
وأكد كليب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الخطورة لم تكن في تهالك بدن الناقلة صافر؛ إذ إن سماكة البدن كانت ولا تزال في الحدود الآمنة رغم سنوات التوقف والتآكل الطبيعي»، مشيراً إلى أن «النفط المخزون تم توزيعه في الخزان العائم بطريقة مهنية احترافية، تحميه من التسبب في أي إجهاد على أي جزء من أجزائه، نتيجة الأوزان وعوامل الطقس».
وأضاف: «كان المطلوب بكل بساطة تفريغ الناقلة من النفط، وبيع الكمية مباشرة في السوق العالمية، وهي عملية سهلة لن تتكلف الكثير من النفقات، وبإمكان العديد من الشركات في منطقة الشرق الأوسط القيام بها بكل سهولة وأمان، لكن الأمر تطور إلى شراء باخرة بديلة، وتجهيزها في الحوض الجاف بالحد الأدنى الذي لا يؤهلها للعمل كخزان عائم بديل، كما أن حجمها لن يسمح بدخولها كناقلة إلى أي من موانئ اليمن».
ووفقاً لديفيد غريسلي، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، فإن عملية نقل النفط بين الناقلتين ستتم بمجرد أن يصبح ذلك ممكناً من الناحية العملية والتقنية.
ويتابع الكابتن أحمد كليب حديثه بالقول: «يبدو أن الأمم المتحدة تعمل على تسليم الباخرة الجديدة أو القنبلة الموقوتة الجديدة للحكومة اليمنية بما عليها من نفط خام، بأسرع وقت ممكن»، متسائلاً: «هل فترة الإدارة الأممية للناقلة بعد شحنها بنفط الخزان العائم صافر لفترة 9 أشهر ذهبت أدراج الرياح؟ وهل ستقبل الحكومة اليمنية تسلم الناقلة الجديدة بحمولتها لتكون قد استبدلت بصافر ناقلة أخرى حتى لا تظهر في نظر العالم بمظهر المعرقل للحل الأممي للمشكلة؟».
ويرى المسؤول السابق في شركة «صافر» أن الحديث اليوم عن اتفاق هدنة جديد يمنح فرصة لإعادة النظر في خارطة طريق حل مشكلة «صافر»، ومراجعة آلية حل المشكلة ووقف هدر الجهود والأموال في حين يمكن أن يستفيد البلد من ذلك، بشكل أفضل». على حد تعبيره.
وتابع: «نحن نعرف الصعوبات التي واجهها الفريق الأممي مع أطراف الصراع في اليمن، لكن الوصول إلى هذا الحل الكارثي، مهما حسنت نوايا المساعدة، لا يستطيع عاقل أن يتقبله، ناهيك عن الاحتفاء به وتمجيده».
ولفت كليب إلى أن الأمم المتحدة «اعتمدت على تقديرات خاطئة وسوء فهم للواقع، متجاهلة الأخذ بنصائح الطاقم اليمني الأكثر احترافية بمراحل من الخبراء الذين استعانت بهم».
كما أوضح الرئيس السابق لشركة «صافر» أن خبراء الأمم المتحدة «لم يزوروا الناقلة على أرض الواقع، وحصلوا على تقارير مفصلة من الطاقم الفني، ومقترحات للحلول (...) لكن في تقديري أن الأمور الفنية تم تكييفها بناءً على الأمور السياسية».
«الشرق الأوسط» بدورها أرسلت استفسارات للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة في اليمن بشأن ملف الناقلة «صافر»، وتطورات معالجته والتشكيك في جدواه، ولم تتلق رداً حتى كتابة هذا التقرير الثلاثاء.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.