تركيا ترى أفقاً لتسريع المحادثات مع سوريا وإحداث اختراق تطبيعي مع مصر

سياسة «الخطوة خطوة» ستطبَّق مع دمشق.. و«دبلوماسية الزلزال» قرّبتها مع القاهرة

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (أرشيفية - رويترز)
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (أرشيفية - رويترز)
TT

تركيا ترى أفقاً لتسريع المحادثات مع سوريا وإحداث اختراق تطبيعي مع مصر

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (أرشيفية - رويترز)
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (أرشيفية - رويترز)

كشفت تركيا عن خطوات جديدة على طريق مسارَي تطبيع علاقاتها مع كل من مصر وسوريا تشي بالتقدم في المسارين بشكل أسرع في المرحلة المقبلة. وقال وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، إن اجتماعاً لوزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا وإيران سيُعقد في موسكو في أوائل مايو (أيار) المقبل سيمهد لعقد قمة بين رؤساء الدول الأربع. كما أعلن، في مقابلة تليفزيونية (الاثنين)، عن زيارة لوزير الخارجية المصري سامح شكري لأنقرة (قد تتم غداً «الأربعاء») يمكن أن يتم خلالها الإعلان عن تبادل تعيين السفراء بين البلدين.
وعلى الرغم من الطبيعة المعقدة لملف التطبيع بين أنقرة ودمشق فإنه بدا من خلال التطورات في الأيام الأخيرة أن التوافق بين الأطراف الأربعة لعملية التطبيع على الاستمرار في المحادثات لتحقيق مقاربات حول المطالب التي تبدو غير قابلة للتحقيق في المدى القصير وأهمها مطالبة دمشق بالانسحاب التركي من شمال سوريا كأساس لأي مفاوضات.
وكشفت مباحثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لأنقرة، الجمعة الماضي، عن نية جميع الأطراف سواء التركي والسوري أو الروسي والإيراني في المضيّ قدماً في المحادثات واللقاءات ومحاولة التوصل إلى أسس لضمان تحقيق التطبيع بين أنقرة ودمشق بما يلبّي تطلعات الجانبين ويحقق أفضل تعاون في القضايا المطروحة، لا سيما التعاون في مكافحة التنظيمات الإرهابية وتأمين الحدود التي تشكّل أولوية تركية، والذي تقول أنقرة إنه سبب وجود قواتها في شمال سوريا، فضلاً عن ملف اللاجئين الذي ترغب تركيا في الحصول على ضمانات من الحكومة تتعلق به أهمها العودة الآمنة وإعادة الممتلكات إلى السوريين الذين نزحوا بسبب الحرب.
وحسب مصادر دبلوماسية تحدثت إلى «الشرق الأوسط» تدرك جميع الأطراف أن مسار التطبيع التركي - السوري هو عملية طويلة وشاقة وقد تشهد صعوداً وهبوطاً بين وقت وآخر، لكنّ هناك إصراراً من جانب روسيا على إنجاحها والحفاظ على قوة الدفع فيها، لأن عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق ستسهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار.
وأكدت المصادر المنظور التركي للتطبيع وربطه بنجاح العملية السياسية في سوريا عبر مسار أستانة، الذي يشكل المسار الحي الوحيد النشط للحل السياسي، وأن وضع الدستور الجديد وإجراء الانتخابات وتحقيق الاستقرار في سوريا بما يضمن وحدتها، وأن مسألة الانسحاب العسكري التركي يمكن أن تتحقق في ظل ذلك لأن هدف تركيا من الوجود العسكري في شمال سوريا حالياً هو حماية أمن حدودها ومنع تشكيل ممر إرهابي في المنطقة والحفاظ على وحدة الأراضي السورية في مواجهة المخططات الانفصالية.
وكشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش، في تصريحاته (الاثنين)، عن أنه تم التركيز على الحوار بعد الاجتماع على مستوى نواب وزراء الخارجية في كل من تركيا وسوريا وروسيا وإيران، في موسكو الأسبوع الماضي، وجرى مناقشة عقد اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع خلال المباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، في أنقرة (الجمعة)، وكذلك خلال لقائه الرئيس رجب طيب إردوغان، وسيتم السير في خريطة الطريق التي بدأت فعلياً بالاجتماع الثلاثي لوزراء الدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات في تركيا وروسيا وسوريا في موسكو في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ثم انضمّت إيران إلى العملية، وأن خريطة الطريق تتضمن عقد لقاء لقادة الدول الأربع عقب اجتماع وزير الخارجية.
وحرص جاويش أوغلو على التأكيد على أن عقد لقاءات مع النظام السوري أو الأسد أو وزرائه سواء قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في تركيا في 14 مايو المقبل، أو بعدها لا يحقق فائدة لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم أو الرئيس إردوغان في الانتخابات، بل على العكس ربما يجلب الضرر، قائلاً: «لا نُجري حسابات انتخابية في هذا الموضوع».
ولفت إلى ضرورة إيجاد حل للأزمة المتواصلة منذ أكثر 11 عاماً في سوريا، وأن إحلال سلام دائم ضروري من أجل إعادة الإعمار أيضاً، وأن الهدف في النهاية من كل هذه اللقاءات هو إحياء المسار السياسي، وتحقيق الاستقرار والسلام الدائمين، ومكافحة الإرهاب، وضمان وحدة حدود سوريا وترابها، وعودة اللاجئين السوريين من تركيا والدول المجاورة الأخرى إلى بلادهم بشكل آمن».
وأشار إلى أن مجموعات مثل صيغة أستانة والمبادرات الدولية، اجتمعت لكن لم تتحقق أي نتائج بعد. وشدد على أن الحل الدائم والسلام في سوريا مهمان ليس فقط لها بل للجميع على حد سواء.
وأكد جاويش أوغلو أن التدخل العسكري في سوريا منع تشكيل ممر إرهابي على الحدود التركية - السورية، وأنه لم يكن ممكناً منع هذا الممر إلا عن طرق العمليات التركية ضد كل من «داعش» و«وحدات حماية الشعب»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» التي تعدها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني في سوريا.
وأضاف الوزير التركي أن «الوحدات الكردية» لا تزال تشكّل تهديداً لتركيا وتحاول تقسيم سوريا، وأن «قسد» تنشط خصوصاً في شمال شرقي سوريا، لافتاً إلى أن «داعش» بات مشتتاً، لكن هناك خلايا تظهر من وقت لآخر، ونحتاج إلى حرب مشتركة ضد الإرهاب من جانب تركيا وسوريا ودول أخرى، لافتاً إلى أن إيران أيضاً لديها مشكلات بسبب «العمال الكردستاني».
وأوضح جاويش أوغلو أن هناك أكراداً في سوريا لا يتقبلون «وحدات حماية الشعب»، وأنه يجب التمييز بين الإرهابيين والأكراد بشكل جيد، لافتاً إلى أن أحد أسباب الوجود العسكري لتركيا في الشمال السوري هو إعادة السوريين من تركيا والدول المجاورة إلى بلادهم بأمان.

التطبيع مع مصر
وبالانتقال إلى ملف التطبيع مع مصر، يبدو أن المسار بدأ يتحرك بخطوات أكثر إيجابية وسرعة عقب اللقاء بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان في الدوحة في ديسمبر الماضي، والذي أكد جاويش أوغلو أنه شكّل نقلة نوعية في مسار التطبيع.
كما اكتسب هذا المسار دفعة قوية أيضاً عبر ما باتت تُعرف بـ«دبلوماسية الزلزال»، فقد كانت الوقفات التضامنية من جانب دول ارتبطت معها تركيا بخلافات مزمنة تتفاوت في شدتها، دافعاً إلى نوع من التقارب معها، ومنها اليونان، كأبرز الأمثلة، كما أن الموقف الذي أبدته مصر في ظل كارثة زلزالي 6 فبراير (شباط) المدمرين، كان فرصة لدفع مسار التطبيع وإكسابه زخماً أكبر كانت تبحث عنه أنقرة على مدى ما يقرب من عامين من انطلاقه، حيث شهد تباطؤاً وتعليقاً للاتصالات في بعض المراحل بسبب تباين الرؤى في بعض القضايا التي تشكّل أساساً للتطبيع، والتي يقول دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في ليبيا ووجود القوات التركية والمرتزقة السوريين الذين دفعت بهم تركيا إلى غرب ليبيا، كان واحداً من أعقد ملفاتها.
لكن بدا عقب الزيارة التضامنية التي قام بها وزير الخارجية المصري لتركيا في فبراير الماضي، وإسراع مصر في تقديم المساعدات لمنكوبي الزلزال، أن ملف تطبيع العلاقات التي تدهورت على خلفية سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر في عام 2013... بدا أن المسار اكتسب قوة دفع كبيرة، وأن الخطوات ستتوالى من أجل إعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي.
وأعلن جاويش أوغلو، الاثنين، عن احتمال الإعلان، غداً (الأربعاء)، خلال زيارة ينتظر أن يقوم بها وزير الخارجية المصري سامح شكري، لأنقرة بدعوة من جاويش أوغلو، وإصرارٍ منه على أن تتم خلال شهر رمضان، عن خطوة تبادل تعيين السفراء، التي كان ينتظر أن تُترك للقاء رئيسَي البلدين.
وقال جاويش أوغلو إن شكري سيزور تركيا هذا الأسبوع، مضيفاً: «إذا بقي اجتماع الرئيسين (السيسي وإردوغان) إلى ما بعد الانتخابات في تركيا، ربما يمكننا إعلان ذلك خلال زيارة شكري لأنقرة، وننتظره الأسبوع الحالي، وقد نصدر البيان يوم الأربعاء».
وتابع: «شكري زار المناطق المنكوبة بالزلزال في أضنة ومرسين، وتم استقبالنا بشكل جيد في القاهرة، كانت زيارتنا إيجابية للغاية، وحان الوقت الآن لاتخاذ خطوات ملموسة تدريجياً».
وذكر جاويش أوغلو: «قلنا إننا بدأنا العمل على تعيين السفراء، وبعد أن اتخذنا قراراً بإعادة تعيين السفراء، حددنا الأسماء، وفي النهاية نحن في هذه المرحلة، ويمكن توضيح ذلك خلال زيارة شكري. سوف نتشاور عند وصوله».
وزار جاويش أوغلو القاهرة في 18 مارس (آذار) الماضي، للمرة الأولى بعد نحو 10 سنوات توترت فيها العلاقات مع مصر بسبب موقف تركيا من سقوط حكم الإخوان المسلمين في 2013 ودعمها لهم، ما أدى لخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى درجة القائم بالأعمال.
وأكد جاويش أوغلو، في تصريحات عقب الزيارة، أن نقطة التحول الأساسية في تطبيع العلاقات كانت لقاء الرئيسين رجب طيب إردوغان وعبد الفتاح السيسي في الدوحة على هامش افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم في ديسمبر الماضي. ووصف لقاءه وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة بـ«المثمر»، لافتاً إلى أن الجانبين اتفقا على الارتقاء بالعلاقات الدبلوماسية إلى أعلى مستوى، وأنه وجه دعوة إلى شكري لزيارة أنقرة، وعبّر له عن رغبته باستضافته في تركيا خلال شهر رمضان على وجه الخصوص.
وعقب زيارته لمصر، قال جاويش أوغلو إنه قبل لقاء الرئيسين السيسي وإردوغان، لم يكن هناك اختراق في العلاقات وإن الأمر كان مقتصراً على مشاورات أمنية وعدد من اللقاءات الاستكشافية.
وبشأن الملف الليبي، الذي يعد واحداً من أهم الملفات التي توليها مصر اهتماماً في المحادثات مع تركيا، قال جاويش أوغلو إن «القضية التي لا ترتاح لها مصر هي وجودنا في ليبيا. ونحن نقول منذ البداية إن وجودنا هناك لا يشكل خطراً على مصر، وإن هذا الوجود جاء بناءً على دعوة من الحكومة الشرعية في ذلك الوقت (حكومة الوفاق الوطني السابقة برئاسة فائز السراج)، واستمر بناءً على رغبة الحكومات اللاحقة (حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة)، ونصرح دائماً بأن الوجود التركي ليس له أي آثار سلبية على مصر».
وأضاف أن أنقرة والقاهرة اتفقتا على مواصلة التشاور والتعاون الوثيق بشأن ليبيا، وأن مصر ترى أن الوجود التركي في ليبيا أو التعاون العسكري بين الجانبين لا يشكل تهديداً لها، موضحاً أن القاهرة لديها مخاوف أمنية تجاه إشكالية الاستقرار في ليبيا. وأكد أن «تركيا ومصر ليستا دولتين متنافستين على الساحة الليبية، ونتفق في أنه يجب علينا العمل معاً من أجل استقرار ليبيا. وسنكثف مشاوراتنا حول هذا الموضوع».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.