رفات طفل توفي قبل 12600 سنة يسلط الضوء على أصل سكان أميركا

دليل جيني يؤكد أن الهنود الحمر هم أول سكان القارة

رفات طفل توفي قبل 12600 سنة يسلط الضوء على أصل سكان أميركا
TT

رفات طفل توفي قبل 12600 سنة يسلط الضوء على أصل سكان أميركا

رفات طفل توفي قبل 12600 سنة يسلط الضوء على أصل سكان أميركا

أظهر تحليل جينات طفل توفي قبل 12.600 سنة أن جميع سكان الأميركتين الأصليين يبدو أنهم ينحدرون من مجموعة واحدة بذاتها من الأجداد. وقد لا نستطيع أن نعرف أبدا هوية هذا الطفل الذي ينتمي إلى الأنزيك، وأسباب موته وهو في سن الثالثة من عمره في سفوح جبال الروكيس الأميركية، وأسباب دفنه قبل 12.600 سنة تحت مخبأ كبير من أحجار الصوان التي جرى شحذ رؤوسها؟ كما قد لا نعرف لماذا تركه قريبه مع أداة مصنوعة من العظام كان عمرها آنذاك 150 سنة.
الشيء الوحيد المؤكد كان الاعتقاد السائد بالحياة الثانية، الذي كان من الأمور العادية. وقد أعلن علماء الجينات أخيرا أن هذا الطفل هو من أقدم الأميركيين الذي خضع أطلسه الجيني (الجينوم) للتحليل التسلسلي. وقد لا يمكن تصديق أنه ظهر أنه الجد المباشر لغالبية القبائل القاطنة في أميركا الوسطى والجنوبية، وربما الولايات المتحدة أيضا، فضلا عن قرابته الشديدة للقبائل الكندية.
«إنه لأمر يدعو إلى الجنون»، يقول إسكي ويلرسليف من جامعة كوبنهاغن في الدنمارك، الذي قاد التحليل الجيني، الذي تابع معلقا: «إن العثور على شخص هو الجد المباشر لمجموعة سكانية لقارة برمتها، هو أمر لا يحدث عادة. ولا أعتقد أنه يحصل في أوروبا، أو في سيبيريا، فثمة أماكن قليلة يمكن أن يحدث فيها مثل هذا الأمر». والسبب كما يضيف: «وجود هذا الهيكل العظمي قريبا من المصدر، أي قرب الجد الأصلي، وربما هذا هو التفسير الوحيد»، وفق ما نقلته مجلة «نيوساينتست» العلمية البريطانية.

* دليل جيني
وهذا الاكتشاف يقدم الدليل الجيني الأول على ما يزعمه الأميركيون الأوائل طوال الوقت من أنهم ينحدرون من الأميركيين الأصليين الأولين، كما يؤكد أن الأميركيين الأوائل يمكن تعقبهم لفترة 24 ألف سنة إلى الوراء على الأقل، إلى مجموعة من الآسيويين الأوائل، وكذلك مجموعة من الأوروبيين الذين تزاوجوا قرب بحيرة بايكال التي هي سيبيريا حاليا، كما أنها تبدد نظرية مثيرة للجدل من أن القاطنين الأوائل للأميركتين كانوا من أوروبا الغربية الذين عبروا المحيط الأطلسي بصورة ما. وكان قد عثر على رفات هذا الطفل في ولاية مونتانا في الولايات المتحدة في عام 1968 عندما كان العمال يحفرون في أرض تملكها عائلة من الأنزيك فوقعوا صدفة على مخبأ كبير من العدد والأدوات الحجرية. وهذه الأدوات المصنوعة من الصوان، هي من الأشياء النموذجية التي تعود إلى فترة «كلوفيز»، التي هي فترة أثرية قصيرة في أميركا الشمالية، دامت قبل 13 ألفا إلى 12.500 سنة مضت، وتحتها عثر على بضعة أعمال ومصنوعات من العظام، فضلا عن هيكل عظمي.
ومثل هذه الأعمال والأدوات التي تعود إلى فترة «كلوفيز» Clovis (وهي مرحلة وضعها علماء الآثار للمصنوعات التي أنتجها سكان أميركا الأصليون) موجودة ومنتشرة في جميع أرجاء غرب الولايات المتحدة. ويعتقد علماء الآثار بشكل كبير أن الأميركيين الأوائل وصلوا عن طريق جسر بري من آسيا قبل نحو 15 ألف سنة، وأن بعضهم ذهب لتطوير أدوات «كلوفيز». واستطاع ويلرسليف ورفاقه انتزاع ما يكفي من الحمض النووي الفعال من الرفات والعظام التالفة لرسم الخريطة الجينية بكاملها. وقاموا بعد ذلك بمقارنتها بعينات مأخوذة من 143 مواطنا عصريا غير أفريقي، بمن فيهم 52 من جنوب أميركا ووسطها، ومن قبائل كندية.

* أصول مشتركة
وأظهرت المقارنة خريطة للأسلاف، فالطفل الأنزيك هذا قريب جدا من القبائل العصرية في وسط أميركا وجنوبها، ما يعني أن عائلته كانت من الجدود المشتركين. أما في الشمال فقد كانت القبائل الكندية من الأقارب القريبين. وأظهرت مقارنات الحمض النووي مع سكان سيبيريا وآسيا وأوروبا، أن مواطني الغرب البعيدين من ألاسكا وما بعدها، هم أبعد قرابة من الطفل الذي عثر على رفاته.
وتبقى عملية التسلسل الجيني من الأمور النادرة، لذا أجريت غالبية التحليل عن طريق النظر إلى العلامات الجينية التي تعرف بالتعدد الفردي للنيوكليوتيدات (إس إن بي). ولتأكيد هذا النمط، قام ويلرسليف وفريقه بتحليل تسلسل جميع الجينات منطلقا من ثلاثة أفراد عصريين من المايا والكارتيانا من سكان وسط أميركا وجنوبها. وقدمت هذه النتائج تأكيدا وراثيا أن الأميركيين الأوائل عبروا الجسر البري الذي كان يمتد سابقا من سيبريا إلى ألاسكا عبر مضيق بيرينغ.وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي نشر ويلرسليف الخريطة الجينية (الجينوم) لرفات طفل قديم يعود إلى 24 ألف سنة خلت باسم «مالتا»، وجد على شواطئ بحيرة بايكال الروسية. وأظهر الحمض النووي للطفل أنه منحدر من تزاوج بين ألآسيويين الأوائل والبروتو - أوروبيين (أي أوائل مجموعات الأوروبيين)، وأنه قريب من سكان أميركا الجنوبية العصريين. وهو على غرار الحمض النووي لسكان أميركا الجنوبية العصريين، والحمض النووي للأنزيك، فإنه خليط من «مالتا» وغيره من الحمض النووي الآسيوي، مما يشير إلى مصدر سكان الأميركيين الأوائل، وربما في سيبريا الشرقية.
ولكن كم عدد الأميركيين الأوائل الذين كانوا هناك؟ وهل جاءوا كلهم مرة واحدة، أو على دفعات بطيئة؟ السيناريو الأقرب احتمالا هو احتمال حدوث هجرة واحدة إلى قلب أميركا الشمالية قبل 15 ألف سنة تقريبا، مما أوجد سلالة من المعاصرين لمرحلة «كلوفيز» التي تضم سكانا أميركيين عصريين، وفقا لمايك واترز من جامعة تكساس، الذي شارك ويلرسليف في دراسته الأخيرة. ويراهن الأخير على أن المجموعة الأولى التي جاءت من سيبيريا كانت عبارة عن 100 فرد من الأقوياء، لتتبعها أفواج أخرى من المصدر ذاته تحمل التراث الجيني ذاته، ولكن من طرق ساحلية أخرى، وفقا لباحثين آخرين.

* العلماء يرجعون تاريخ الكروموسوم «واي» إلى نحو 209 آلاف سنة
بينت دراسات العلماء على ما يطلقون عليه اسم «الذكر حامل الكروموسوم واي»، أنه سار على الأرض قبل 209 آلاف سنة. وهذه الاكتشافات تتناقض مع الأبحاث السابقة التي أظهرت أن نسب أو سلالة الذكر البشري ترجع إلى 338 ألف سنة، أي قبل ظهور سلالات الإنسان الحديث. وكانت تلك الدراسات السابقة قد ذكرت أن الكروموسوم الذكري (واي) قد يكون نتيجة التناسل بين إناث الإنسان الحديث، وذكور من فصائل أشباه البشر. «لكن لا يوجد دليل يدعم ذلك، أي التزاوج مع فصائل أخرى»، وفقا للدكتور إيران الحايك المحاضر في جامعة شيفيلد في بريطانيا، الذي شارك في دراسة جديدة وبحث عن علم الأوبئة الجينية.
ويقول الحايك إن الذكور والإناث من الإنسان الحديث، قد برزوا إلى الوجود في الزمن ذاته. فقد برز أجدادنا هؤلاء، أو وصلوا إلى أفريقيا قبل أكثر من 200 ألف سنة بقليل، ليكونوا تجمعات فيها، وليمرروا معلوماتهم وبصماتهم الجينية إلى السكان العصريين. وللوصول إلى هذه النتيجة قام الباحثون بحساب عمر الكروموسوم «واي» عن طريق ضرب متوسط أعمار الأب والأم لدى إنجابهما طفلهم الأول، بعدد التشوهات الموجودة في الكروموسوم «واي». ثم جرى تقسيم هذا الرقم على معدل تشوهات الكروموسوم، وذلك وفقا لما أفادت به صحيفة «بيزنيس تايمز». وبعد ذلك أجرينا الحسابات مستخدمين أساليب علمية مقبولة، وقررنا أن العمر هو بحدود 209 آلاف سنة، كما ذكر الدكتور الحايك.
لكن بقيت عدة أسئلة لم يجرِ الجواب عليها بعد.. «والسؤال هو: إلى أي حد قام أسلافنا من البشر بالتناسل مع أقرب المقربين إليهم؟ وهو يظل واحدا من أكثر الأسئلة سخونة في علم الإنسان والأنساب، وما يزال مفتوحا للجدل والنقاش».



«نيويورك تايمز» تتحدث عن محنة العلماء الفلسطينيين

صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
TT

«نيويورك تايمز» تتحدث عن محنة العلماء الفلسطينيين

صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية

لعقود من الزمن كان السعي وراء مهنة علمية في الأراضي الفلسطينية محفوفاً بالمخاطر. ثم هاجمت «حماس» إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أشعل حرباً في قطاع غزة مستمرة منذ أكثر من عام.

حوار مع علماء فلسطينيين

ومع قصف إسرائيل وغزو غزة في حملة للقضاء على «حماس»، تم تدمير المدارس واضطر الطلاب إلى مواصلة دراستهم عن بُعد أو وقفها تماماً. أما الأطباء فقد عملوا في ظروف متدهورة على نحو متزايد. وشعر الفلسطينيون خارج المنطقة أيضاً بآثار الحرب.

وقد تحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أربعة فلسطينيين يعيشون في غزة والضفة الغربية والخارج، حول الصراع الذي يَلوح في الأفق بشأن أبحاثهم العلمية وعملهم الطبي: كما كتبت كاترينا ميلر(*).

د. أسيد السر

من فلسطين الداخل... نحو هارفارد

* أسيد السر (32 عاماً): في عام 1948، انتقلت عائلة الدكتور أسيد السر إلى غزة من حمامة، وهي قرية على أرض أصبحت الآن جزءاً من إسرائيل. وقال السر، وهو طبيب مقيم في الجراحة العامة وباحث في تكساس، إنه أكمل دراسته في كلية الطب في غزة عام 2016، ودرس في جامعة أكسفورد لبعض الوقت، ثم انتقل إلى جامعة هارفارد عام 2019 لإجراء بحث حول جراحة الصدمات الطارئة.

وقال إن الدراسة في أوروبا والولايات المتحدة تختلف عن الدراسة في غزة. فالوصول غير المحدود إلى الكهرباء والمياه والإنترنت أمر مفروغ منه، والسفر، في الغالب، غير مقيد. وقال: «كان هذا صادماً بالنسبة لي».

في غزة، اختار والدا السر مكان العيش بناءً على المكان الذي سيكون لديهم فيه وصول ثابت إلى الإنترنت، حتى يتمكن هو وإخوته من متابعة دراستهم. بالنسبة إلى الكهرباء، كان لديهم مولد للطاقة. وإذا نفد غازه، كانوا يعتمدون على الألواح الشمسية والشموع والبطاريات.

وتوفر الدراسة في الخارج مزيداً من الفرص. لفعل ذلك، كان على السر التقدم بطلب للحصول على تصاريح من الحكومات في إسرائيل ومصر والأردن وغزة. وقال إن العملية قد تستغرق شهوراً. واستغرق الأمر منه ثلاث محاولات للحصول على القبول في أكسفورد. تقدم بطلب للحصول على ما يقرب من 20 منحة دراسية وفاز بواحدة. ومع هارفارد، استمر في التقديم. وقال السر إن هذه المثابرة شيء تعلمه من العيش في غزة.

كان السر في تكساس في 7 أكتوبر 2023. لكنَّ عائلته عادت إلى منزلها في غزة، وتعيش بالقرب من مستشفى الشفاء. في العام الماضي، داهمت إسرائيل مستشفى الشفاء. ثم انتقلت عائلة السر المباشرة منذ ذلك الحين إلى الجنوب، ودُمرت منازلهم في غزة، كما قال، فيما كان يواصل تدريبه الطبي في تكساس.

د. وفاء خاطر

فيزيائية بجامعة بيرزيت

* وفاء خاطر (49 عاماً). نشأت وفاء خاطر في الضفة الغربية، وهي منطقة تقع غرب نهر الأردن تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. ثم انتقلت إلى النرويج لمتابعة دراستها للدكتوراه في الفيزياء بجامعة بيرغن.

أتيحت لها الفرصة للبقاء في النرويج بشكل دائم، لكنها عادت إلى الضفة الغربية للتدريس في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال الإسرائيلي. تتذكر قائلةً: «قال لي جميع زملائي النرويجيين في ذلك الوقت: هل أنتِ مجنونة؟ لكنني قلت لهم: «هذا هو الوطن، وأنا في مهمة».

والآن، تعمل خاطر أستاذة في جامعة بيرزيت، وهي من أوائل الفلسطينيين الذين مارسوا مهنة دراسة طبيعة وسلوك الجسيمات دون الذرية. وقالت: «لم يتخيل كثير من الناس أبداً أن هناك علوماً توجد في فلسطين».

وأضافت أن غياب مجتمع بحثي صحي في الضفة الغربية المحتلة يحد من فرصها للتعاون العلمي، لذا فقد سعت إلى بناء شبكة. وقد دعت زملاء أوروبيين للتحدث في جامعات الضفة الغربية، ودفعت طلاب الفيزياء الفلسطينيين لحضور برامج بحثية صيفية في الخارج.

وقالت إن البحث النظري يمكن أن يزدهر في الضفة الغربية، لكنَّ «الفيزياء التجريبية ليست لها أي فرصة تقريباً». وأوضحت أن الجامعات تكافح لدفع ثمن المعدات والبنية الأساسية للمختبرات، وتعتمد على التبرعات.

مرصد جامعة بيرزيت

وقد افتُتح في عام 2015، وهو أحد المرافق الفلكية القليلة في الضفة الغربية. موَّله رامز حكيم، رجل أعمال فلسطيني - أمريكي. وقالت خاطر: «كانت هذه هي المرة الأولى التي يمكن فيها لطلابنا رؤية تلسكوب والنظر إلى السماء».

حتى عندما يتم تأمين التمويل، قد يكون من الصعب استيراد الأدوات التجريبية إلى الضفة الغربية وغزة، لأن بعض المعدات اللازمة للبحث يمكن استخدامها أيضاً لأغراض عسكرية. تصنف إسرائيل مثل هذه السلع على أنها «استخدام مزدوج» وتتطلب إذناً للمدنيين في الأراضي الفلسطينية لشرائها.

التدريس عن بُعد في الضفة الغربية

بعد هجوم 7 أكتوبر، بدأت خاطر وأعضاء هيئة التدريس الآخرون في جامعتها التدريس عن بُعد. وقالت إن زيادة نقاط التفتيش في الضفة الغربية، نتيجة للوجود العسكري الإسرائيلي المتزايد بعد هجوم «حماس»، جعلت من الصعب على الطلاب والأساتذة حضور الفصول الدراسية شخصياً. استؤنفت التدريس وجهاً لوجه بشكل محدود في الربيع الماضي. ولكن بعد ذلك في أكتوبر، بعد وقت قصير من شن إيران هجوماً صاروخياً على إسرائيل تسبب في سقوط الشظايا على الضفة الغربية، أعلنت بيرزيت أن واجبات التدريس والإدارة ستنتقل عبر الإنترنت من أجل السلامة.

أمضت خاطر الصيف في تدريس دورة فيزياء عبر الإنترنت للطلاب في قطاع غزة. وقالت إن تسعة عشر طالباً سجلوا، لكن أكثر من نصفهم تركوا الدراسة لأنهم يفتقرون إلى الكهرباء المستقرة أو الوصول إلى الإنترنت.

د. ضحى البرغوثي

طبيبة وابنة عالم في الفيزياء الفلكية

ضحى البرغوثي (25 عاماً). درست الدكتورة ضحى البرغوثي، وهي طبيبة باطنية في الضفة الغربية، الطب لمدة ست سنوات في جامعة القدس. أنهت عامها التدريبي أو التدريب بعد التخرج في أكتوبر من العام الماضي، قبل أسبوع واحد من اندلاع الحرب.

كان مستشفى «المقاصد» في القدس، حيث تدربت البرغوثي، على بُعد بضع دقائق فقط سيراً على الأقدام من منزلها. ولكن حتى قبل الحرب، كان عليها أن تغادر مبكراً لساعات للتنقل عبر نقاط التفتيش المطلوبة للوصول إلى العمل في الوقت المحدد. بعد 7 أكتوبر 2023، داهم جنود إسرائيليون مستشفى «المقاصد»، واعتقلوا المرضى من غزة وأقاربهم.

في أكتوبر الماضي، اعتُقل والد ضحى، عماد البرغوثي، وهو عالم فيزياء فلكية في جامعة القدس، ووُضع قيد الاعتقال الإداري، وهي ممارسة تُستخدم لاحتجاز الفلسطينيين دون توجيه اتهامات رسمية، للمرة الرابعة.

بعد اعتقاله الأول في عام 2015، منعته السلطات الإسرائيلية من مغادرة الضفة الغربية، وهو ما قالت ضحى البرغوثي إنه قيَّد فرصه في التعاون العلمي.

في بيان لصحيفة «نيويورك تايمز»، قال الجيش الإسرائيلي إن عماد البرغوثي اعتُقل بسبب شكوك في «العضوية والنشاط في جمعية غير قانونية، والتحريض والمشاركة في أنشطة تُعرِّض الأمن الإقليمي للخطر». فيما صرّح عالم الفيزياء الفلكية بأنه ليس منتمياً أو مؤيداً لـ«حماس».

بعد ستة أشهر من الاعتقال، أُطلق سراح والدها فيما وصفته البرغوثي بـ«ظروف صحية مروعة»، بما في ذلك فقدان الوزن الشديد، والاشتباه في كسر الأضلاع وتلف الأعصاب في أصابعه.

د. رامي مرجان (الى اليسار)

مركّبات جديدة مضادة للسرطان

* رامي مرجان (50 عاماً). وصف رامي مرجان، الكيميائي العضوي في الجامعة الإسلامية في غزة، حياته المهنية بأنها طريق مليء بالعقبات، حيث قضى سنوات في محاولة إنشاء مجموعة بحثية وقليل من الأدوات العلمية أو المواد الكيميائية التي يمكن استخدامها لإجراء تجارب متطورة. وكتب في نص لصحيفة «التايمز»: «ليست لدينا بنية أساسية للبحث».

يركز مرجان على إنشاء مركَّبات جديدة ذات تطبيقات محتملة في الأدوية المضادة للبكتيريا والفطريات والسرطان. وهو يستخدم التخليق متعدد الخطوات، وهي تقنية تخضع فيها المركّبات المبدئية لسلسلة من التفاعلات الكيميائية لتحويلها إلى المنتج النهائي المطلوب. تتطلب هذه العملية استخدام المذيبات والأجهزة لتحديد التركيب الكيميائي للمركب في كل خطوة، ولكن لأن كثيراً من هذه الأدوات تعدها إسرائيل معدات ذات استخدام مزدوج، فإن مرجان وزملاءه غير قادرين على أداء ذلك بشكل صحيح.

«غزة أجمل مكان في وطني»

تمكن مرجان من نشر بعض أعماله في المجلات الأكاديمية. لكنه قال إن نقص الموارد في غزة حدَّ من إنتاجه البحثي مقارنةً بأبحاث زملائه في الخارج.

وقد حصل على الدكتوراه من جامعة مانشستر في عام 2004، ثم عاد إلى غزة. وقال: «أردت أن أنقل الخبرة والمعرفة إلى شعبي». أجبره العنف على إخلاء منزله في مدينة غزة والانتقال إلى دير البلح، وهي مدينة في الجزء الأوسط من غزة تعرضت لإطلاق النار حيث استهدف الجيش الإسرائيلي ما قال إنها «مراكز قيادة وسيطرة» لـ«حماس» هناك.

واعترف مرجان بأن قراره العودة إلى القطاع منعه من تحقيق أحلامه في مهنة علمية. لكنه لم يندم على ذلك، وقال: «غزة هي أجمل مكان، وهي جزء صغير من وطني».

* خدمة «نيويورك تايمز»

اقرأ أيضاً