الأزمة الاقتصادية تؤثر على طقوس وعادات اللبنانيين في الأعياد

مسيحيون أرثوذكس في لبنان يضيئون الشموع أثناء احتفالهم بقداس أحد الشعانين التقليدي في كاتدرائية القديس جورج وسط مدينة بيروت، لبنان- (رويترز)- 9 أبريل 2023.
مسيحيون أرثوذكس في لبنان يضيئون الشموع أثناء احتفالهم بقداس أحد الشعانين التقليدي في كاتدرائية القديس جورج وسط مدينة بيروت، لبنان- (رويترز)- 9 أبريل 2023.
TT
20

الأزمة الاقتصادية تؤثر على طقوس وعادات اللبنانيين في الأعياد

مسيحيون أرثوذكس في لبنان يضيئون الشموع أثناء احتفالهم بقداس أحد الشعانين التقليدي في كاتدرائية القديس جورج وسط مدينة بيروت، لبنان- (رويترز)- 9 أبريل 2023.
مسيحيون أرثوذكس في لبنان يضيئون الشموع أثناء احتفالهم بقداس أحد الشعانين التقليدي في كاتدرائية القديس جورج وسط مدينة بيروت، لبنان- (رويترز)- 9 أبريل 2023.

تذكَّر شربل الأيام الخوالي، بينما كان يتجه حاملاً ابنه نحو كنيسة مار نهرا في بيروت؛ للاحتفال بقداس عيد الفصح. تبدلت الأحوال في العائلة، فقبل سنوات، كان يشارك هذه الاحتفالات مع إخوته، ولكنهم الآن يعيشون في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال شربل، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «الفرحة الوحيدة حالياً هي وجود ابني معنا، ولكننا نشتاق لأيام تجمع أفراد عائلتنا بكاملها في بيت جدي، معظمهم سافر، والموجود في لبنان يفضل التقليل من الزيارات؛ لأنها تحمل معها أعباء الهدايا والمأكولات».
ويتشابه وضع شربل مع معظم العائلات في لبنان، فالأزمة الاقتصادية أثّرت على العادات والتقاليد. ويضيف: «قبل أسبوع، كان أحد الشعانين، اشتريت شمعة مزينة لولدي ليحملها في القداس، سعرها 5 دولارات؛ أي حوالي 500 ألف ليرة لبنانية، لا أستطيع حرمان ابني منها، ولكن الأسعار غير منطقية، ومتأكد أن من يصل دخله الشهري إلى حوالي 9 ملايين ليرة، لن يشتريها».
في الأسواق التجارية علَّق أصحاب المتاجر على الثياب أو الإكسسوارات أوراقاً كتبوا عليها أن سعر المنتجات بالدولار، مع تراجع التعاملات بالليرة اللبنانية، في ظل انهيار سعر صرف العملة المحلية.
تصف ريتا، العاملة في محل لبيع الأحذية بمنطقة الأشرفية في العاصمة بيروت، الحركة، خلال الأعياد، بقولها: «المعادلة الواضحة أنه إن كان راتبك الشهري بالدولار فإن تأمين المواد يكون سهلاً، أما لو كان بالليرة فسوف تتجه إلى استبعاد الكثير من المنتجات التي أصبحت تعد من الكماليات». وأضافت: «في 2018 كان أسبوع عيد الفصح له خصوصية في نسبة الأرباح؛ كون العائلات تتجه لشراء الثياب والأحذية. أتذكر في يوم واحد قمت ببيع حوالي 15 قطعة، أما الآن فتنتهي الاحتفالات عند (المسيحيين) الكاثوليك، ويبدأ أسبوع الأعياد عند (المسيحيين) الأرثوذكس؛ أي حوالي أسبوعين، ولم أسجل (بيع) سوى 10 قطع».
تتجه سيارة الأجرة من الأشرفية إلى منطقة طريق الجديدة. قد تختلف بعض مظاهر الاحتفالات بين الأعياد، سواء عيد الفصح أم عيد الفطر، ولكن الأزمة المعيشية واحدة. إحدى العادات المشتركة بين المسيحيين والمسلمين في لبنان هي تقديم طبق (معمول العيد)؛ أي الطحين والتمر، والتي بلغ سعر الـ12 قطعة منها حوالي مليون ليرة لبنانية.
ويقول سائق سيارة الأجرة، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «رغم أن يوم الأحد، في الأحوال العادية، عطلة رسمية، فإننا اقتربنا من عيد الفطر، ومن المفترض أن تفتح المؤسسات التجارية أبوابها للبيع، ولكن تكلفة الكهرباء تفرض عليهم الإغلاق». وتابع: «قدرتنا على العمل كانت أكبر، ضمن فترة تحضير العائلات للاحتفال، كنت أبقى في السوق حتى ساعات متأخرة ليلاً بسبب الأعداد الكبيرة من الأسر التي تتسوق وتتنقل بين الأسواق».
بدأت الأسر تستشعر صعوبة المحافظة على عاداتها في عيد الفطر منذ بداية شهر رمضان، مع ارتفاع أسعار المائدة الرمضانية، والتخوف من زيادة الأسعار، عندما يقترب الشهر من نهايته.
ترتبط الأسعار باسم العلامة التجارية والمنطقة. ويتعجب محمود حجار؛ وهو من سكان بيروت، من هذه الفجوة في الأسعار، ويقول لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «الفارق في القيمة أحياناً يصل للضِّعف في الحلويات». وأضاف حجار: «لو كانت تكلفة التنقل منخفضة لتسوقت في مدينة طرابلس في شمال لبنان، فلماذا تكون الأسعار منخفضة في منطقة، ومرتفعة في أخرى، ما الفرق، فالنوعية قد تكون، في المكان الأقل تكلفة، مذاقها أفضل، أم هي القدرة الشرائية لسكان المنطقة؟ ومن قال إننا كسكان بيروت، لدينا القدرة التي كانت لدينا قبل سنوات؟!».
وسجلت «إدارة الإحصاء المركزي» ارتفاعاً شهرياً بنسبة 25.52 في المائة، بمؤشر أسعار المستهلكين في لبنان، خلال فبراير (شباط) 2023، مقابل 8.43 في المائة في يناير (كانون الثاني).
وسجل مؤشر تضخم أسعار المستهلكين زيادة بواقع 189.67 في المائة على أساس سنوي. وأظهر التقرير تبايناً بين المناطق اللبنانية، في مؤشر غلاء المعيشة، إذ سجلت النبطية أكبر زيادة (29.81 في المائة)، تليها بيروت (29.51 في المائة)، والشمال (29.22 في المائة)، والجنوب (28.17 في المائة)، والبقاع (26.66 في المائة)، وجبل لبنان (22.11 في المائة).
ووفق دراسة أجرتها شركة الاستشارات «إرنست آند يانغ» عن القطاع الفندقي في الشرق الأوسط، بلغت نسبة إشغال الفنادق الـ4 والـ5 نجوم في بيروت 36.8 في المائة، خلال يناير 2023، وسجلت بيروت نسبة الإشغال الأدنى في المنطقة، خلال الشهر نفسه. وأشار التقرير إلى أن معدل سعر الليلة في فنادق بيروت بلغ 50 دولاراً، في يناير 2023، وهو أقل رقم في المنطقة. واستند التقرير إلى سعر صرف الليرة مقابل الدولار، الذي استخدمته الفنادق في وقت حجز العملاء للغرف.
وتنشط الحركة في الفنادق، خلال فترة الأعياد، مع قدوم المسافرين، وخصوصاً من المغتربين اللبنانيين. وذكر رئيس «اتحاد النقابات السياحية» ونقيب أصحاب الفنادق في لبنان، بيار الأشقر، في بيان، أن الفنادق في البلاد سجلت حجوزات ضعيفة، قبيل فترة أعياد الطوائف المسيحية، متوقعاً أن ترتفع الحجوزات، مع اقتراب عيد الفطر، بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة.
وأوضح الأشقر أن سبب ارتفاع الحجوزات في الفنادق، مع اقتراب عيد الفطر، يعود إلى كون الدول الخليجية التي يعمل بها عدد كبير من اللبنانيين تمنح عطلة طويلة في عيد الفطر قد تمتد لأسبوعين، الأمر الذي يشجعهم على قضاء فترة العيد في بلدهم.



الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو»: يجب إعادة التفكير في خطط التحول بمجال الطاقة

الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر خلال مشاركته في مؤتمر «سيرا ويك» العام الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر خلال مشاركته في مؤتمر «سيرا ويك» العام الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT
20

الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو»: يجب إعادة التفكير في خطط التحول بمجال الطاقة

الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر خلال مشاركته في مؤتمر «سيرا ويك» العام الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر خلال مشاركته في مؤتمر «سيرا ويك» العام الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

قال الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر، يوم الاثنين، إن صانعي السياسات والمسؤولين التنفيذيين في مجال الطاقة بحاجة إلى إعادة التفكير في خطط التحول في مجال الطاقة، وإلى التوقف عن التركيز على عناصر التحول التي فشلت، مشدداً على الحاجة إلى الاستثمار في الوقود الأحفوري؛ لتلبية الطلب العالمي.

تأتي تصريحات الناصر في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى زيادة إنتاج النفط والغاز إلى أقصى حد، وهو تحول دراماتيكي في سياسة الطاقة الأميركية، بعد أن كان الرئيس السابق جو بايدن قد سنّ تشريعاً لتسريع التحول عن الوقود الأحفوري في أكبر اقتصاد في العالم، وفق «رويترز».

أما في أوروبا، فقد أبطأ صانعو السياسات في أوروبا من طرح سياسات الطاقة النظيفة وتأخير أهدافها مع ارتفاع تكاليف الطاقة عقب الحرب الروسية - الأوكرانية في عام 2022، مما أدى إلى تحويل تركيزهم إلى أمن الطاقة. وقد تراجعت شركات النفط الأوروبية الكبرى عن خططها الرامية إلى بناء تكنولوجيات أكثر مراعاةً للبيئة لأنها أثبتت أنها غير مربحة.

وقال الناصر أمام المديرين التنفيذيين من كبرى شركات الطاقة في العالم في مؤتمر «سيرا ويك» في هيوستن: «يمكننا جميعاً أن نشعر برياح التاريخ في أشرعة صناعتنا مرة أخرى». وأضاف: «لقد حان الوقت للتوقف عن تعزيز الفشل»، مشيراً إلى الهيدروجين الأخضر كمثال على الوقود الذي كان محور سياسات تحول الطاقة، ولكنه لا يزال مكلفاً للغاية بحيث لا يمكن استخدامه تجارياً على نطاق واسع.

وأوضح أن مصادر الطاقة الجديدة يمكن أن تكون مكملة للوقود الأحفوري ولكن لا يمكن أن تحل محله. وشدد على أن هناك حاجة إلى الاستثمار في جميع مصادر الطاقة لتلبية الطلب العالمي على الطاقة، قائلاً: «لقد كانت الاستراتيجية الحالية المتمثلة في التحول المبكر إلى بدائل غير ناضجة مدمرة للغاية. ولا يمكن للمصادر الجديدة أن تلبي حتى النمو في الطلب».

ولفت إلى أن إلغاء الضوابط التنظيمية وتقديم حوافز أكبر للمؤسسات المالية لتوفير «تمويل غير متحيز» ضروريان لضمان استثمارات كافية في مجال الطاقة.

وقال الناصر إن «أرامكو» استثمرت أكثر من 50 مليار دولار العام الماضي، في مشاريع الطاقة التقليدية والمتجددة. وأضاف أن الشركة تستهدف الاستثمار فيما يصل إلى 12 غيغاوات من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول عام 2030.

ودعا الناصر في كلمته أمام المؤتمر العام الماضي الصناعة إلى «التخلي عن خيال التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري».