السلطات الإيرانية تحذر مواطنيها من حمل المخدرات إلى السعودية خلال موسم الحج

ارتفاع عدد وفيات المدمنين 5 % في الأشهر الأربعة الأولى من العام

السلطات الإيرانية تحذر مواطنيها من حمل المخدرات إلى السعودية خلال موسم الحج
TT

السلطات الإيرانية تحذر مواطنيها من حمل المخدرات إلى السعودية خلال موسم الحج

السلطات الإيرانية تحذر مواطنيها من حمل المخدرات إلى السعودية خلال موسم الحج

اعترف قائمقام أمين عام مركز مكافحة المخدرات في إيران، علي رضا جزيني، بوجود مشاكل تتعلق بظاهرة تهريب المخدرات ضمن رحلات الحج على يد الحجاج الإيرانيين. وطالب منظمة الحج والزيارة الإيرانية باتخاذ التدابير الوقائية اللازمة وتحذير الحجاج من مغبة حمل المخدرات عند التوجه إلى المملكة العربية السعودية.
وأكد المسؤول الإيراني في مؤتمر مسؤولي ومديري رحلات الحج والزيارة في قم على ضرورة التصدي لظاهرة تهريب المخدرات، وأوضح أن مركز مكافحة المخدرات يعمل على «تعليم وتوعية الحجاج على يد مسؤولي الرحلات وشرطة المطار.. وباللجوء إلى الخبراء في معرفة المدمنين وحاملي المخدرات في رحلات الحج واستخدام الكلاب المدربة على اكتشاف المخدرات في المطار وتعليم قوات الشرطة لمعرفة مكان إخفائها».
وبحسب وكالة مهر للأنباء الحكومية، هدد جزيني بحرمان الحجاج الذين يتعاطون المخدرات من التوجه إلى الحج وملاحقتهم قضائيا وفقا لقانون الجرائم الإيرانية. وأشار إلى إبطال تأشيرة 47 من الحجاج في العام الماضي ومنع 334 آخرين من التوجه إلى العمرة وشدد على أن «عقوبة من يقدمون على حمل المخدرات تشمل المنع من مغادرة البلاد بين عام إلى خمس أعوام وإبطال جواز السفر، وعند تكرار الجريمة يمنعون من مغادرة البلاد بين 5 و15 عاما». كما نصح من يتعاطون المخدرات «بالإسراع في العلاج، وفي حال تعذره فإنه يجب إطلاع مدير الرحلة على ذلك»، مضيفا أن «المدمن الذي يتوجه إلى الحج لا يمكنه السيطرة على سلوكه بسبب عدم توفر المخدرات، وتزداد عدوانيته ويتشاجر مع الآخرين، ويواجه مشاكل جسمية وروحية ومن الممكن أن يخسر مناسك الحج».
ونوه جزيني على أن «القانون في المملكة العربية السعودية يعتبر حيازة أعشاب طبية مشبوهة وشبه المخدرة وحبوب الهلوسة والميثادون والحبوب المهدئة، جريمة تعاقب من عامين إلى 10 أعوام ويعاقب الإدمان وتعاطي المخدرات من شهر إلى عامين، فلهذا من يريد تهريب المخدرات عليه أن يعرف بأن المملكة العربية السعودية تتعامل بصرامة».
وحول ظاهرة تفشي المخدرات داخل إيران، قال المحامي والباحث الاجتماعي الدكتور جعفر محمد الهاشمي لـ«الشرق الأوسط»: «يمكننا أن ننظر لظاهرة تفشي المخدرات من جانبين: الأول هو التهريب والتجارة في المخدرات والتي تتم بشكل واسع ومغرٍ. والثاني هو تعاطي المخدرات وأسباب الإدمان عليها بين الشرائح المختلفة في المجتمع».
وعن الأسباب التي تدفع المجتمعات في إيران إلى الاتجار بالمخدرات أو تعاطيها، يوضح: «الأسباب النفسية والاجتماعية التي تدفع لتعاطي المخدرات والإدمان عليها كثيرة ومتعددة من أبرزها الوضع المعيشي والنفسي الاجتماعي. فتفشي البطالة والوضع النفسي المتأزم للأفراد وتراجع مؤشر الأمل في الحياة والتخلف الاجتماعي من أهم الأسباب التي تدفع بالشخص للتخلص من واقعه النفسي المرير ويأتي تعاطي المخدرات ليشكل حلاً وعلاجًا للخروج من ذلك». ويرى أنه «يجب أن لا نتجاهل بأن السلطة في إيران تلعب دورا كبيرا في إغلاق أي متنفس للتحرر من هذا العنفوان النفسي، وبالنتيجة لا توجد خيارات متعددة لدى الشباب والآخرين من أجل التغيير ويساعد ذلك على إقبالهم على الإدمان والمخدرات.. من هنا تحولت المخدرات في إيران إلى عنصر للرفاه وأصبحت بديلا للحريات المحرمة والممنوعة وفق القانون الإيراني». ويضيف الهاشمي: «ونعرف أن الكثير من رجال الدين والكثير من الأسر الأرستقراطية تميل بشكل كبير إلى تعاطي المخدرات».
وكان قائمقام أمين عام مركز مكافحة المخدرات قد كشف في مؤتمر صحافي عن ارتفاع عدد الوفيات بين المدمنين بنسبة خمسة في المائة في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام في إيران. وبلغت حالات وفاة المدمنين هذا العام 596 رجلا و70 امرأة في الأشهر الأربعة الأولى من السنة الإيرانية، ما يظهر زيادة بنسبة 5 في المائة مقارنة بالعالم الماضي الذي بلغت فيه حالات الوفيات 3 آلاف شخص من بينهم 300 امرأة.
وتظهر الإحصائيات الرسمية المعلنة من مركز مكافحة المخدرات الإيراني إدمان مليون و325 ألف إيراني على المخدرات، كما ذكرت نصف المدمنين في إيران تحت 34 عاما وتشكل النساء نسبة 10 في المائة.
وعن تعاطي السلطة الإيرانية مع ظاهرة المخدرات أضاف الهاشمي أن «السلطة هي التي ترعى، بأشكال مباشرة وغير مباشرة، تفشي المخدرات في المجتمع لأسباب كثيرة منها سياسية. حيث نلاحظ تفشي هذه الظاهرة في بعض المجتمعات التي فيها بؤرة التوتر واحتمال خروج جماهيري قد يهدد نظام الحكم القائم، وهذا يعزز نظرية أن السلطة حتى لو لم تكن فاعلة إلا أنها تتراخى في عملية علاجها». ويتابع: «ومن جهة أخرى، القوانين المتعلقة بالمخدرات قوانين مطاطة جدا وتتيح القضاة مجالا للتصرف، خاصة أن تجار المخدرات يملكون إمكانيات مادية كبيرة جدا يستطيعون السيطرة بها على السلطة القضائية وتحقيق مآربهم الشخصية المنافية للدستور والأخلاق».
ومع ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات وسقوط عدد كبير من الإيرانيين في الإدمان، بدأت كل من منظمة الرفاه الإيرانية ومركز مكافحة المخدرات مشروع الوقاية من المخدرات مخصصا للأطفال في الروضات منذ فبراير (شباط) الماضي، بهدف توعية الأطفال بمشكلة المخدرات والأضرار الاجتماعية الناتجة عن الإدمان بما يناسب مختلف الفئات العمرية.
وأما فيما يتعلق بمصداقية ودقة الإحصائيات المعلنة من قبل مركز مكافحة المخدرات، يقول الهاشمي إن «من خلال متابعة تفشي ظاهرة الإدمان، لا أعتقد بأن الإحصائيات المعلنة تعكس الواقع الاجتماعي الذي نعيشه ونلمسه ونراه، وتبقى الإحصائيات هذه غير دقيقة».



خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
TT

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم

أغلق المرشد الإيراني علي خامنئي الباب أمام المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، بعدما أرسلت حكومة الرئيس مسعود بزشكيان إشارات إلى إمكانية إنهاء القطيعة مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولى مهامه لولاية ثانية في البيت الأبيض.

ودعا خامنئي، الأربعاء، المسؤولين وصناع القرار في بلاده «ألا يأخذوا طلبات ومواقف أميركا والصهاينة بعين الاعتبار؛ لأنهم أعداء للشعب والجمهورية الإسلامية ويتمنون تدميرها».

وحذر من أنه «إذا استمع المسؤولون في بلادنا في أي مرحلة من مراحل اتخاذ القرار حول القضايا المختلفة إلى التوقعات غير المبررة من الأميركيين، أي مراعاة مصالحهم، فإنهم يكونون قد هددوا ديمقراطية البلاد وجمهوريتها».

والأسبوع الماضي، قال علي عبد العلي زاده، كبير مستشاري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً الملف النووي الإيراني، مع بلوغ طهران مستويات متقدمة من تخصيب اليورانيوم القريب من مستوى إنتاج الأسلحة.

وقد بعثت إدارة ترمب المقبلة وطهران برسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، أم لا.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات التي أجرتها إدارة جو بايدن مع إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي، أم لا؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

ووصف خامنئي العقوبات التي أعاد فرضها ترمب في 2018 بـ«السياسات الخاطئة وغير المجدية»، لافتاً إلى أن «هدفها هو إجبار الاقتصاد الإيراني على الركوع، ولكن الشعب الإيراني حقق أكبر تقدم في مجالات العلم والتكنولوجيا خلال فترة العقوبات، وظهر الشباب الإيرانيون الجاهزون للعمل في مجالات متنوعة».

وأضاف: «بالطبع، تسببت العقوبات في أضرار للبلاد، ولكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وإن شاء الله سيأتي يوم يحاسبهم فيه الشعب الإيراني على هذه الأضرار».

وقال إن «أحد مطالب الاستكبار، بمن في ذلك مسؤولو الجمهورية الإسلامية، هو مراعاة مصالحهم واعتباراتهم في تصميم القضايا المختلفة».

ومن شأن هذه التصريحات أن تزيد ضغوط المحافظين ووسائل إعلامهم على الرئيس مسعود بزشكيان المدعوم من الإصلاحيين.

لكن خامنئي عبر عن ارتياحه لـ«المواقف الصريحة والحاسمة والشجاعة، لرئيس الجمهورية (مسعود بزشكيان) ضد الكيان الصهيوني ودعم أميركا لجرائمه»، وقال إن «هذه المواقف أسعدت قلوب الشعب».

وقال خامنئي في بداية كلامه إنه موجه إلى «أولئك الذين يرتعبون من سياسات أميركا»، وذلك في خطاب سنوي تقليدي له أمام ممثلين من أهل قم، المعقل الأول لرجال الدين في البلاد، بمناسبة ذكرى مظاهرات دموية شهدتها المدينة قبل الإطاحة بنظام الشاه في 1979.

وأردف في السياق نفسه: «الذين يخافون من سياسات أميركا لا ينبغي أن يكونوا خائفين... على مدار عقود بعد الثورة، ارتكب الأميركيون أخطاء في حساباتهم فيما يتعلق بقضايا إيران، ويجب على الخائفين أن يعيروا اهتماماً كافياً لنقطة الضعف الأساسية والمستمرة في النظام الأميركي».

وقال خامنئي: «بعض الأشخاص يقولون: لماذا تتفاوضون وتتواصلون مع الأوروبيين ولا ترغبون في التواصل والتفاوض مع أميركا؟ أميركا كانت قد امتلكت هذا المكان، لكن تم انتزاعه من قبضتها؛ لذا فإن حقدها على البلاد والثورة هو حقد عميق! ولن تتخلى عنه بسهولة».

وأضاف: «أميركا فشلت في إيران، وهي تسعى لتعويض هذا الفشل».

وطالب خامنئي بالتركيز على العمل الإعلامي والدعائي لمواجهة الولايات المتحدة. وقال: «اليوم، فهم الأميركيون جيداً أنه لا يمكنهم تحقيق أهدافهم باستخدام الأدوات العسكرية فقط»، وأشار إلى «زيادة الأميركيين للبرمجيات الدعائية».

وأشار خامنئي إلى الحرب في غزة، وكذلك اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، وقال: «انظروا إلى ما حدث في غزة، قتلوا هذا العدد الكبير من الناس؛ دبابات، مدافع، قنابل، رشاشات، طائرات مسيرة. قتلوا جميع العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على الحركة... وقاموا بتدمير العديد من العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من تدمير (حزب الله)، ولن يستطيعوا ذلك. لذا يجب عليهم العمل عبر الوسائل الإعلامية الناعمة، يجب عليهم القيام بالدعاية».

وقال: «هذه نقطة مهمة لنا، نحن الشعب الإيراني. العمل الإعلامي الناعم هو اختلاق الأكاذيب لخلق فجوة بين الواقع وتصورات الرأي العام. أنتم تتقدمون بقوة لكنهم يروّجون أنكم تضعفون...هم يضعفون لكنهم يروجون أنهم يصبحون أقوى. أنتم تصبحون غير قابلين للتهديد، وهم يقولون إنهم سيقضون عليكم بالتهديدات. هذه هي الدعاية. وهناك من يتأثرون بها».

وقال: «اليوم، العمل الأساسي والمهم للأجهزة الإعلامية لدينا، للأجهزة الثقافية، للدعاية، لوزارة الثقافة والإعلام، لإذاعتنا وتلفزيوننا، ولنشطائنا في الفضاء الإلكتروني، هو أن يمزقوا وَهْم قوة العدو، أن يكسروا هذا الوهم، وألا يسمحوا لدعاية العدو بالتأثير على الرأي العام».

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد أدلى بتصريحات مماثلة عن أهمية الإعلام، وذلك خلال مؤتمر لـ«الحرس الثوري»، الثلاثاء.

وقال عراقجي: «إلى جانب الميدان (الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري») والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».