لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن رفضاً لاعتداءات إسرائيل

أكد التمسك بالقرار 1701

رئيس الوزراء نجيب ميقاتي مجتمعاً أمس مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء نجيب ميقاتي مجتمعاً أمس مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن رفضاً لاعتداءات إسرائيل

رئيس الوزراء نجيب ميقاتي مجتمعاً أمس مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء نجيب ميقاتي مجتمعاً أمس مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب (دالاتي ونهرا)

قررت الحكومة اللبنانية تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد إسرائيل، على خلفية الغارات التي نفذتها على مناطق لبنانية بعد إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه المستوطنات الإسرائيلية. وأوعز وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى المندوبة الدائمة بالوكالة في نيويورك جانّ مراد، تسليم كتاب الشكوى الذي وجهته الوزارة باسم الحكومة اللبنانية إلى كل من أمين عام الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وجدد لبنان رفضه استعمال أراضيه كمنصة لزعزعة الاستقرار القائم مع احتفاظه بحقه المشروع بالدفاع عن النفس، وأعاد التأكيد على أن إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع الأمم المتحدة وقوات «اليونيفيل» هو السبيل الأمثل لحل المشاكل والحفاظ على الهدوء والاستقرار، مبدياً استعداده للتعاون الدائم مع قوات حفظ السلام على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701، وحرصه على الهدوء والاستقرار في جنوب لبنان.
وحذّر لبنان من خطورة التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة لا سيما القرى الواقعة في الجنوب اللبناني، وفيما أكد تمسكه بسياسة ضبط النفس انطلاقاً من وعيه بأهمية الاستقرار والهدوء، وحرصه الثابت على الوفاء بالتزاماته الدولية، إلا أنه دان الاعتداءات التي نفذتها إسرائيل على مناطق في جنوب لبنان، والتي عرّضت حياة المدنيين وسلامة الأراضي اللبنانية للخطر.

أحد الصواريخ التي عثر عليها الجيش اللبناني أمس (تويتر)

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عقد اجتماعاً مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب؛ لمتابعة البحث في الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان وموضوع الصواريخ التي أطلقت من الأراضي اللبنانية. وتم الاتفاق على توجيه رسالة الشكوى إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، عبر بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة.
ويسود الهدوء الحذر في جنوب لبنان إثر الرد الإسرائيلي على الصواريخ حيث اقتصرت الأضرار على تضرر ورشة صناعية بشكل خفيف نتيجة تطاير أحجار وأتربة، ولم يسجل وقوع إصابات، بحسب «الوكالة الوطنية».
وعثرت وحدة من الجيش اللبناني، أمس، في سهل القليلة في الجنوب على منصات صواريخ وعدد من الصواريخ التي كانت قد أعِدّت للإطلاق منذ أيام، ويجري العمل على تفكيكها.
وفي إطار ردود الفعل، جدّد حزب «القوات اللبنانية» مطلبه لجهة حثّ الحكومة على الاجتماع للبحث في أحداث الجنوب، وهو ما عبّر عنه أمس النائب في «القوات» بيار بو عاصي كاتباً عبر «تويتر»: «حكومة مشلولة أو متواطئة لتحويل لبنان إلى صندوق بريد. على حكومة الرئيس ميقاتي الاجتماع فوراً لاتخاذ خطوات تمنع استباحة السيادة وتعريض أمن اللبنانيين للخطر بأجندات خارجية. إنها تجتمع لأسباب سخيفة وتخرّ صاغرة أمام انتهاك السيادة. هذا استهتار جبان بمصلحة الوطن العليا. بئس زمن رديء».
وسأل النائب كميل دوري شمعون عبر «تويتر»: «إذا كانت المخيمات الفلسطينية فعلاً محاصرة أمنياً من الجيش اللبناني والمقاومة ماسكة الأمن في الجنوب، كيف تمكّنت (حماس) من إطلاق الصواريخ على إسرائيل؟».
بدوره، رأى النائب المستقل بلال الحشيمي أن الحكومة لن تتحمل المسؤولية. وقال في حديث إذاعي: «القضية الفلسطينية في قلب كل عربي ولبناني، ولكن إذا كان علينا أن نرسل رسائل فعلينا أن نزنها إن كانت ستوصل إلى نتيجة أم لا»، سائلاً: «بالنظر إلى قدرتنا، هل نستطيع الوقوف أمام عدو كبير اقتصادياً وأمنياً في مقابل بلدنا الذي يعاني انهيارات مستمرة؟». واستغرب الحشيمي: «كيف أن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب صرح أنه لم يكن يملك معلومات حول أحداث الجنوب».
بدوره، قال النائب السابق فارس سعيد عبر حسابه على «تويتر»: «تظهر الساعات والأيام احترام قواعد اشتباك بين إسرائيل وحزب الله بشكل مدروس؛ حتى لا يزعج أي طرف الآخر إلا صوتياً».


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية بالتوصل إلى وقف إطلاق النار، بتحديد العناوين الرئيسية لخريطة الطريق في مقاربته لمرحلة ما بعد عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، بانسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها تمهيداً لتطبيق القرار الدولي «1701»، وتعد بأنها تأتي في سياق استعداد الحزب للعبور من الإقليم -أي الميدان- إلى الداخل اللبناني عبر بوابة الطائف.

فالبنود التي حددها قاسم في مقاربته لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار تنم، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، عن رغبته في إضفاء اللبننة على توجهات الحزب وصولاً إلى انخراطه في الحراك السياسي، في مقابل خفض منسوب اهتمامه بما يدور في الإقليم في ضوء تقويمه لردود الفعل المترتبة على تفرُّده في قرار إسناده لغزة الذي أحدث انقساماً بين اللبنانيين.

وتعدّ المصادر أنه ليس في إمكان الحزب أن يتجاهل الوقائع التي فرضها قرار إسناده لغزة، وأبرزها افتقاده لتأييد حلفائه في «محور الممانعة»، وكاد يكون وحيداً في المواجهة، وتؤكد أن تفويضه لرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، للتفاوض مع الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، وتوصلهما إلى التوافق على مسوّدة لعودة الهدوء إلى الجنوب، يعني حكماً أنه لا مكان في المسوّدة للربط بين جبهتي غزة والجنوب وإسناده لـ«حماس».

انكفاء الحزب

وتلفت المصادر نفسها إلى أن عدم اعتراض الحزب على المسوّدة يعني موافقته الضمنية على إخلاء منطقة الانتشار في جنوب الليطاني والانسحاب منها، إضافة إلى أن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ صدور القرار «1701»، في آب (أغسطس) 2006، أصبحت بحكم الملغاة، أسوة بإنهاء مفعول توازن الرعب الذي كان قد أبقى على التراشق بينهما تحت السيطرة.

وتقول المصادر نفسها إنه لا خيار أمام الحزب سوى الانكفاء إلى الداخل، وإن ما تحقق حتى الساعة بقي محصوراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار العالق سريان مفعوله على الوعود الأميركية، فيما لم تبقَ الحدود اللبنانية - السورية مشرّعة لإيصال السلاح إلى الحزب، بعدما تقرر ضبطها على غرار النموذج الذي طبقه الجيش على مطار رفيق الحريري الدولي، ومنع كل أشكال التهريب من وإلى لبنان، إضافة إلى أن وحدة الساحات كادت تغيب كلياً عن المواجهة، ولم يكن من حضور فاعل لـ«محور الممانعة» بانكفاء النظام السوري عنه، رغبة منه بتصويب علاقاته بالمجتمع الدولي، وصولاً إلى رفع الحصار المفروض عليه أميركياً بموجب قانون قيصر.

لاريجاني

وفي هذا السياق، تتوقف المصادر أمام ما قاله كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، لوفد من «محور الممانعة» كان التقاه خلال زيارته إلى بيروت: «إيران ترغب في إيصال المساعدات إلى لبنان لكن الحصار المفروض علينا براً وبحراً وجواً يمنعنا من إرسالها، ولم يعد أمامنا سوى التأكيد بأننا شركاء في إعادة الإعمار».

وتسأل ما إذا كان التحاق الحزب بركب «اتفاق الطائف»، الذي هو بمثابة ملاذ آمن للجميع للعبور بلبنان إلى بر الأمان، يأتي في سياق إجراء مراجعة نقدية تحت عنوان تصويبه للعلاقات اللبنانية - العربية التي تصدّعت بسبب انحيازه إلى «محور الممانعة»، وجعل من لبنان منصة لتوجيه الرسائل بدلاً من تحييده عن الصراعات المشتعلة في المنطقة؟ وهل بات على قناعة بأنه لا خيار أمامه سوى التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم أن إسرائيل تتمهل في الموافقة عليه ريثما تواصل تدميرها لمناطق واسعة، وهذا ما يفتح الباب للسؤال عن مصير الوعود الأميركية، وهل توكل لتل أبيب اختيار الوقت المناسب للإعلان عن انتهاء الحرب؟

تموضع تحت سقف «الطائف»

ولم تستبعد الدور الذي يعود لبري في إسداء نصيحته للحزب بضرورة الالتفات إلى الداخل، والتموضع تحت سقف «اتفاق الطائف»، خصوصاً أن المجتمع الدولي بكل مكوناته ينصح المعارضة بمد اليد للتعاون معه لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة.

وتقول إن الحزب يتهيب التطورات التي تلازمت مع إسناده لغزة، وتسأل هل قرر إعادة النظر في حساباته في ضوء أن رهانه على تدخل إيران لم يكن في محله؛ لأن ما يهمها الحفاظ على النظام وتوفير الحماية له، آخذة بعين الاعتبار احتمال ضعف موقفها في الإقليم؟

لذلك فإن قرار الحزب بأن يعيد الاعتبار للطائف، يعني أنه يبدي استعداداً للانخراط في الحراك السياسي بحثاً عن حلول لإنقاذ لبنان بعد أن أيقن، بحسب المصادر، بأن فائض القوة الذي يتمتع به لن يُصرف في المعادلة السياسية، وأن هناك ضرورة للبحث عن القنوات المؤدية للتواصل مع شركائه في البلد، وأولهم المعارضة، مع استعداد البلد للدخول في مرحلة سياسية جديدة فور التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، ليأخذ على عاتقه تنفيذ ما اتُّفق عليه لتطبيق الـ«1701».

وعليه لا بد من التريث إفساحاً في المجال أمام ردود الفعل، أكانت من المعارضة أو الوسطيين، على خريطة الطريق التي رسمها قاسم استعداداً للانتقال بالحزب إلى مرحلة سياسية جديدة، وهذا يتطلب منه عدم الاستقواء على خصومه والانفتاح والتعاطي بمرونة وواقعية لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، واستكمال تطبيق «الطائف»، في مقابل معاملته بالمثل وعدم التصرف على نحو يوحي بأنهم يريدون إضعافه في إعادة مؤسسات البلد، بذريعة أن قوته اليوم لم تعد كما كانت في السابق، قبل تفرده في إسناده لغزة، وما ترتب عليها من تراجع للنفوذ الإيراني، بالتلازم مع عدم فاعلية وحدة الساحات التي تتشكل منها القوة الضاربة لـ«محور الممانعة» الذي لم يكن له دور، ولو بحدود متواضعة، بتوفير الدعم للحزب كونه أقوى أذرعته في الإقليم، وبالتالي هناك ضرورة لاحتضانه لاسترداده إلى مشروع الدولة.