تحتفظ الدراما الصعيدية بخصوصيتها بين أعمال الدراما الرمضانية، وتجعلها قادرة على جذب قطاع كبير من الجمهور لمتابعة أحداثها التي تختلف عادة في سياقها وملامح شخصياتها، عن تفاصيل المسلسلات التي تدور في العاصمة والمدن المحيطة بها.
إلا أن قطاعاً من أهل «الصعيد» يعبرون عن عدة انتقادات تخص الدراما الصعيدية التي تعرض هذا العام، معتبرين أنها لا تعكس عالمهم، ولا تُعايش الواقع الصعيدي الذي يختلف على حد تعبيرهم عن الصورة التي تعرضها الشاشة للجمهور.
ومن بين أبرز الانتقادات التي تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة متفرقة ما بين فيديوهات وتعليقات واسعة، هو استخدام الصقور وكأنها موجودة ومتداولة بين أهل الصعيد، كما يظهر الصقر على كتف الفنان أحمد العوضي في مسلسل «ضرب نار»، معتبرين أن الحياة في الصعيد، ليست صحراوية أو قبلية كما تُصر الدراما على تصويرها، وكذلك الإصرار على موضوع «الثأر» باعتباره الثيمة الوحيدة التي تتمسك بها الدراما الصعيدية منذ سنوات. وهناك أيضاً انتقادات تخص كتابة الشخصيات والـ«كليشيهات» التي عادة ما ترتبط بها مثل «يا ولد العم»، و«أنا صعيدي وهعيش راجل وهموت راجل»، والخلافات العائلية القبلية التي تصل لتبادل العنف وتوفر السلاح في البيوت، والتمسك بأنهم لا يزالون يعيشون في «دوار»، رغم أنهم يعيشون في منازل عادية.
وتبدو تلك الانتقادات مصحوبة بدعوات لصناع الدراما بمعايشة الواقع الصعيدي أكثر والكتابة عنه عن قرب، وليس عبر انطباعات لم تعد موجودة في الواقع الراهن، ويعتبر الناقد الفني محمد عدوي أن «الدراما لا يجب بالضرورة أن تطابق الواقع، ومع ذلك فإن هناك صوراً نمطية درامية ما زال الكُتاب يتمسكون بها سواء بسبب الاستسهال أو عدم المعرفة أو عدم المعايشة الحقيقية للمجتمعات وقياس تطورها وتغيراتها، فرغم أن مساحة الخيال مسموح بها في رسم الشخصيات فإن مشكلة الدراما الحالية تكمن في أن خيالها مبني على الدراما القديمة» كما يقول لـ«الشرق الأوسط».
ويضيف عدوي أن «هذه المشكلة لم تعد تخص فقط الدراما الصعيدية، بل تنطبق كذلك على العديد من الدراما التي تُصوّر بيئات مختلفة، كأهل إسكندرية وبورسعيد، الذين لم يعودوا يتحدثون كما تُصوّر لنا الدراما عن صورتهم التقليدية، ودائماً أهل المكان هم الأقدر على تقييم قدرة الدراما عن التعبير عنهم بدقة، أو افتقارها لمعايشة مجتمعهم». على حد تعبيره.
ويبرز هذا العام عدد من مسلسلات الدراما الصعيدية من بينها «عملة نادرة» من تأليف الدكتور مدحت العدل، ومن بطولة الفنانة نيللي كريم وجمال سليمان وإخراج ماندو العدل، و«ستهم» من تأليف ناصر عبد الرحمن ومن بطولة الفنانة روجينا وإخراج رؤوف عبد العزيز، و«ضرب نار» من تأليف ناصر عبد الرحمن ومن بطولة ياسمين عبد العزيز وأحمد العوضي وإخراج مصطفى فكري.
وحسب الناقد الفني محمد رفعت فإن ثمة «تنميطاً» في تقديم صورة الصعيدي في الدراما، ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد أهل الصعيد يتحدثون بهذه الطريقة، ولم يعودوا يرتدون الجلاليب والرداء الصعيدي التقليدي، ففي محافظة مثل أسيوط على سبيل المثال، يرتدي الشباب أحدث الصيحات، وتجلس الفتيات في المقاهي، فهناك طفرة اجتماعية في الصعيد، لم تصل للدراما التي ما زالت تعتمد على الاستسهال في الصورة المقدمة عن الصعيد».
ويضيف رفعت: «أعمال الدراما الصعيدية الشهيرة التي قدمها الكاتب الراحل محمد صفاء عامر مثل (الضوء الشارد)، و(ذئاب الجبل)، كانت مكتوبة بشكل احترافي، عن أحداث وقعت خلال فترات زمنية بعيدة وليست معاصرة».
ويعتبر الناقد الفني أن «الاستسهال في تقديم صور نمطية، لا يشمل فقط أهل الصعيد وإنما يندرج لرسم بعض المهن، كالطبيب والمحامي والتاجر وابن البلد، وكذلك صورة مدن الأقاليم وأهل بحري، ففكرة النمطية لا تقدم الواقع بل تسيئ له» على حد تعبيره.
«كليشيهات» الدراما الصعيدية تثير انتقادات في مصر
متابعون اتهموا صناعها بـ«الانفصال عن الواقع» و«عدم التجديد»
«كليشيهات» الدراما الصعيدية تثير انتقادات في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة