اهتمام مصري بنتائج زيارة السيسي للسعودية

وسط تعويل على انعكاساتها العربية والإقليمية

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة جدة (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة جدة (واس)
TT

اهتمام مصري بنتائج زيارة السيسي للسعودية

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة جدة (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة جدة (واس)

حظيت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى المملكة العربية السعودية، ولقاؤه ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، في جدة (الاثنين)، باهتمام مصري لافت.
وفيما ثمّن محللون وخبراء الزيارة، وعوّلوا على انعكاساتها العربية والإقليمية، ربط آخرون بين توقيتها والتطورات الإقليمية والحراك الذي تشهده المنطقة العربية مؤخراً.
وقال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، لــ«الشرق الأوسط»، إن الزيارة تأتي «ضمن حلقة في سلسلة طويلة من المشاورات التي جرت مؤخراً بين الدول العربية»، مؤكداً أنها «ظاهرة جيدة للغاية بين الدول العربية التي تقف على أقدام ثابتة - وفي مقدمتها السعودية ومصر - أن تتشاور بشكل مكثف بشأن المشكلات والتطورات على المستويين العالمي والإقليمي».
ولفت بيومي إلى أن «الزيارة تطرقت، من المؤكد، لاتفاقية عودة العلاقات السعودية - الإيرانية، والتطورات في القضية الفلسطينية»، مضيفاً أنه «من الضروري أن تكون هذه التطورات الأخيرة محلاً للتشاور بين الدول العربية، بهدف خلق جبهة عربية موحدة».
ودلل بيومي على أهمية التنسيق العربي - العربي، والمصري السعودي بالقول إن «بناء جبهة عربية قوية نجح في تغيير موقف الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي كان يطالب بإقامة حلف عربي ضد إيران سابقاً، بينما جاءت عودة العلاقات السعودية - الإيرانية معبرة عن قرار خاص بالرياض، وفق ما رأت بشأن مصالحها في توقيت ملائم». ورأى بيومي أن المتغيرات الإقليمية التي أحاطت بلقاء الأمير محمد بن سلمان والرئيس عبد الفتاح السيسي من بينها «مساعي عودة العلاقات بين مصر وتركيا، وكذلك ما أثير عن عودة سوريا للجامعة العربية، وبالتالي تكون المحصلة جبهة عربية، وكذلك إسلامية أيضاً تتصدى لكل المشكلات التي نواجهها».
وبدوره، قال السفير رخا أحمد حسين، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، لــ«الشرق الأوسط»، إن الزيارة تأتي «لبحث العلاقات الثنائية المتميزة بين الدولتين، ومناقشة ما هو مشترك سواء العلاقات التجارية والاستثمارية أو السياسية بين البلدين من ناحية، ومن ناحية أخرى مناقشة القضايا العربية». وأضاف أن «توقيت الزيارة يأتي قبل القمة العربية المقررة في مايو (أيار) المقبل، وبالتالي فالتنسيق ضروري بين البلدين، على ضوء ما تشهده المنطقة من متغيرات ومحاولة إزالة التوتر بين العلاقات العربية الإيرانية، وهو ما ينظر إلى تأثيره على الأزمات السورية واللبنانية واليمنية، وكذلك التقارب العربي التركي، الذي ينظر إلى تأثيره على الأزمة الليبية، وبالتالي يتطلب ذلك تنسيقاً عربياً جاداً ومكثفاً».
مصرياً، اهتمت وسائل الإعلام المصرية بالزيارة، ونقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية عن الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، قوله إنه «من المعروف أن مصر والسعودية هما حجر الزاوية في العالم العربي؛ بحكم الجوار الجغرافي ورابطة البحر الأحمر والرابطة التاريخية، وينظر للقاء في أمور كثيرة ليس فقط ما فات منها، ولكن ما سوف يأتي؛ إذ إن المرحلة المقبلة تحتاج إلى درجة كبيرة من التنسيق بين دول الإصلاح العربي الأساسية، لتحديد رؤيتها فيما يتعلق بتحقيق استقرار إقليمي ينبع من المنطقة».
ولفت النظر إلى أن هناك «متغيرات كبيرة تجري في المنطقة؛ فهناك حضور روسي وأميركي وصيني كبير، وتحركات كبيرة في دول الجوار الإقليمي، وهي أمور تحتاج إلى البحث والتنسيق والتدعيم؛ نظراً إلى أن التحركات المقبلة من قبل الطرفين سوف تكون بالغة الأهمية».
كما نقلت الوكالة الرسمية المصرية أيضاً عن اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن «القيادة السياسية المصرية على قناعة كاملة بأن العمل العربي المشترك يمثل الحصن القوي للحفاظ على الأمن القومي العربي، وعلى المصالح العربية، وذلك في ظل المتغيرات المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي».
وأضاف أنه في هذا الإطار، «تأتي الزيارة لتعكس حرص الدولتين على استمرار التنسيق بينهما في كافة المجالات، على قاعدة أن كلاً من مصر والسعودية تمثلان محور الاستقرار في المنطقة، وأن التواصل الثنائي بينهما يمثل ضرورة لا غنى عنها؛ من أجل مواجهة كافة التحديات التي تواجهها المنطقة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.