المطبخ العماني... خلطة أفريقية هندية عنوانها البهارات والتوابل

«المدفون» من أشهر أطباقه

حلوى تقليدية الصنع (شاترستوك)
حلوى تقليدية الصنع (شاترستوك)
TT
20

المطبخ العماني... خلطة أفريقية هندية عنوانها البهارات والتوابل

حلوى تقليدية الصنع (شاترستوك)
حلوى تقليدية الصنع (شاترستوك)

يتسم المطبخ في سلطنة عمان بالثراء والتنوع؛ إذ يجمع بين الموروث الأفريقي والمؤثرات الهندية في خلطة عنوانها التوابل والبهارات.
ويأتي الشواء أو «المدفون» على قمة هذا المطبخ؛ حيث إنه ذو مذاق لا يُنسى، ولحم يذوب في الفم.
إنها الأكلة العمانية الأشهر في هذا السياق، وتعتمد على قطع اللحوم الكبيرة، المُتبلة في مزيج من البهارات والتوابل المتكون عادة من الهيل المطحون والكمون والفلفل الأحمر والزنجبيل، بالإضافة إلى الكزبرة الجافة والثوم مع الكثير من الخل.
يتم لف اللحم المتبل بأوراق شجر الموز الخضراء، ثم توضع بداخل «جونية» من الخيش التي تتم تغطيتها بسعف النخيل.

اللحم المشوي على الطريقة العمانية ببهاراتها المميزة

هنا يأتي دور حطب «السمر» الذي يتم تجميعه من الأطراف الصحراوية، ويُلقى به داخل حفرة «تنور»، ثم تشعل النار قبل أن نأتي باللحم، ونضعه داخلها لينضج ببطء في مدة لا تقل عن 24 ساعة، ولا تزيد على 48 ساعة.
ويرى الشيف العماني معاذ البادي، أنه رغم وجود أوجه شبه بين المطبخ العماني ونظيره في البلدان الخليجية الأخرى، فإن له نقاط تميز، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك الكبسة المشهورة في الخليج؛ لكنها في عمان تختلف بداية من الاسم، حيث نطلق عليها (القبولي)، ونضيف إليها الكثير من (حب الحمص)، و(الزبيب)».

من أشهر أطباق الحلوى العمانية (الشرق الأوسط)

ويرى أن اختيار حطب «السمر» لم يأت مصادفة، فوحده يعطي المذاق الأطيب لتلك الوليمة الفاخرة، كما أن الدخان والحرارة يجعلان اللحم طرياً لدرجة لا تُوصف، كما يجعلان الرائحة طيبة للغاية.
وليس غريباً أن العمانيين يشرعون في تجهيز التوابل وطحنها قبل المناسبات الكبرى؛ مثل رمضان والعيدين بمدة قد تصل إلى شهر في بعض الأحيان.
وغالباً ما تُقدم تلك الوليمة مع الأرز «البرياني» الأبيض مع إمكانية تقديم نوع من المانجو المخلل يسمى «الأنبا»، كأحد أشكال فواتح الشهية. ويفضل البعض تناول هذا اللحم مع شرائح الليمون الطازج.
ولا تبتعد «المشاكيك» عن فكرة «المدفون» تلك كثيراً، ولكننا نتكلم هنا عن قطع أصغر من لحم البقر أو الأغنام أو الجمال التي تُطهى على أسياخ من الخشب فوق جمرات الفحم محتفظة بـ«تتبيلة» مشابهة. وتعد من الأكلات الشعبية التي تنتشر في الشارع العماني، وتُغمس في صلصة التمر الهندي، وجاءت تسميتها بهذا الاسم؛ لأن اللحم «يُشك» في الأسياخ الخشبية.
أما «المظبي» فتكون قطع الشواء فيه أصغر وأصغر، لحماً أو دجاجاً، يتم شواؤه على قطع صغيرة من الحصى التي تحتفظ بمصدر حرارة بأسفلها والنتيجة طعم فوق العادة.
ويبدو أن غرام العمانيين باللحم اللذيذ وصل إلى وجبة الإفطار، فهناك «المقلاي» أو «التقلية» التي تتكون من قطع لحم صغيرة للغاية متبلة جيداً، وتوضع على النار في إناء مع التقليب المستمر، وتقدم كوجبة ساخنة مع الخبز العماني والعسل العماني الذي يتوافر بكثرة في بعض الجبال بعينها؛ مثل جبال الحجر والروضة وهابط والقمر.

المشاوي من أهم الأطباق في المطبخ العماني

وهناك «العُرسية» التي تعد الطبق الأشهر صباح عيد الفطر أو الأضحى، وتتكون من لحم مسلوق في الماء مضافة إليه خلطة بهارات، فضلاً عن طبق الأرز الذي ينضج على نار هادئة فوق اللحم مع تحريكه بشكل مستمر؛ حتى يصبح مهروساً، وفي النهاية يمتزج اللحم بالأرز مع وضع الكثير من «الترشة»، وهي صلصة طماطم مع حمص مسلوق وزبيب وبعض البهارات، ولا تُقدم تلك الوجبة ساخنة.
وبهدف التنويع، يلجأ العمانيون إلى وجبة تقليدية شهيرة تسمى «معصور العوال»، وتتكون من نوع معين من أسماك القرش المجففة؛ حيث تتم تطريته بالماء والخل، ثم يضاف إليه الليمون والبصل النيء والزعتر، ويؤكل مع الأرز والسمن.
وتعد «الحلوى العمانية» مسك الختام في أي مائدة بالسلطنة، وتتكون عادة من سكر وهيل وزعفران ونشا وماء الورد المحلى المنتج من الجبل الأخضر، وتُطبخ في قدور نحاسية على نار هادئة مع التقليب المستمر؛ ولهذه الحلوى تاريخ قديم يصل إلى 700 عام، وكُتب فيها الكثير من القصائد والأشعار من فرط طيب مذاقها. وكثيراً ما يضاف إليها عسل نحل عماني.
ويرى شيف بادي، أن الحلوى العمانية من نقاط تميز مطبخهم، ويؤكد أن «الحلوى السلطانية» تنسب إلى السلطان الراحل قابوس بن سعيد، وتعد الأفخر والأجمل من خلال الزعفران والمكسرات وماء الورد الجبلي، فضلاً عن «حلوى التين و«اللبان».
ويرى البادي أن المشاركة الجماعية بين الجيران من سمات المطبخ العماني، لا سيما في المناسبات الكبرى مثل الشواء الذي يشارك فيه أكثر من بيت بوضع اللحم في تنور واحد في حالة من الود والحماس والمحبة، فضلاً عن أجواء احتفالية مفعمة بالبهجة، حتى إن البعض يطلق الأعيرة النارية ابتهاجاً بتلك المناسبة.
ويشدد البادي، على استخلاص الكثير من مكونات المطبخ العماني من البيئة المحلية؛ مثل ماء الورد الجبلي والزعتر الجبلي وزيت الزيتون والسمن وبعض أنواع التمور واللبان.



ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
TT
20

ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)

ظاهرة «Dine and Dash» أو الخروج من المطعم دون دفع الفاتورة تعدّ مشكلة متزايدة في كثير من المطاعم في بريطانيا، وبالأخص في لندن.

وفقاً لبعض التقارير والإحصائيات الحديثة، تشير بعض الدراسات إلى أن ثلث المطاعم في لندن ومناطق أخرى في المملكة المتحدة قد تأثرت بهذا النوع من السلوك. هذه الظاهرة ليست جديدة، لكنها في تزايد كبير، وتعود لأسباب عديدة، مثل الازدحام، حيث تعدّ لندن مدينة ذات كثافة سكانية عالية جداً، ومن بين أكثر عواصم العالم من حيث استقبال ملايين السياح سنوياً، وهذا الازدحام يخلق بيئة يسهل فيها على البعض الخروج من المطاعم دون أن يُلاحَظوا من قبل الموظفين، كما أن هناك من يعتقد أنه ليس هناك قانون صارم بما فيه الكفاية، ما يساهم في ازدياد هذه الحوادث.

القانون في بريطانيا قد يتغير قريباً، خاصة أنه تم إصدار حكم بالسجن لمدة عام لزوجين بريطانيين قاما برفقة أبنائهما الستة بالأكل في مطاعم كثيرة في بريطانيا من دون دفع الفاتورة، بالإضافة إلى سرقة منتجات من السوبرماركت، ويبدو أن الحكومة في بريطانيا أرادت أن تجعل من برنارد ماك دونا، وزوجته آن ماك دونا، عبرة لكل من يعتقد أنه سيتمكن من الفرار من دون عقوبة، بعدما ازدادت هذه الظاهرة بشكل كبير.

يتهرب بعض الزبائن من الدفع عند جلوسهم على الطاولات الخارجية (الشرق الاوسط)
يتهرب بعض الزبائن من الدفع عند جلوسهم على الطاولات الخارجية (الشرق الاوسط)

ومن بين الأسباب التي تساعد على حدوث هذا النوع من السرقات هو استخدام بعض المطاعم أنظمة دفع عبر الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية أو «كيو آر كود»، ما يجعل من السهل على الشخص مغادرة المكان دون التفاعل المباشر مع الموظفين، وفي بعض الأحيان قد تكون الأنظمة في بعض المطاعم غير كافية لتوثيق المدفوعات بشكل صحيح، ما يمنح الأشخاص فرصة للهروب من دفع الفاتورة.

وفي مقابلة مع الشيف الإيطالي ألدو زيلي، قال: «الحوادث تزداد بشكل كبير، ولا سيما المطاعم التي لديها جلسات خارجية، فمن الصعب على فريق العمل في المطبخ أن يراقبوا الجالسين في الخارج طيلة الوقت. وبالتالي من السهل على النصابين ترك الطاولة دون أن يدفعوا فلساً واحداً».

وأكثر المطاعم التي تتعرض للسرقة في لندن وخارجها هي المطاعم الفاخرة أو التي تقدم المأكولات الراقية، فقد يجد البعض أن الفاتورة مرتفعة للغاية ولا يستطيعون دفعها، وبالتالي يلجأون إلى الهروب دون دفع. وعن الخسائر المادية التي تتكبدها المطاعم، يقول زيلي: «هذا النوع من السلوك يؤدي إلى خسائر مالية للمطاعم، ويؤثر على أرباحها، خاصة إذا كانت الظاهرة منتشرة في مناطق مثل لندن، حيث يزداد عدد الزبائن بشكل مستمر. وفي حال لم تتدخل الحكومة فستضطر عدة مطاعم لإقفال أبوابها أو سيكون مصيرها الإفلاس».

وتابع الشيف زيلي أنه بدأ يطلب من زبائنه ترك بطاقة الائتمان الخاصة بهم مع النادل قبل طلب الطعام لضمان دفع الفاتورة. في حين يرى البعض الآخر من الطهاة وأصحاب المطاعم أن هذه الطريقة قد تؤثر على علاقة المطعم بزبائنه، ومن الصعب تطبيق هذا الأسلوب.

يعاني الطهاة من الهروب من دفع الفاتورة في بريطانيا (رويترز)
يعاني الطهاة من الهروب من دفع الفاتورة في بريطانيا (رويترز)

مكافحة مثل تلك السرقات مكلفة جداً بالنسبة للمطاعم، فهي تخسر عندما تأتي مجموعات من الأشخاص لتناول الطعام، وغالباً ما يختارون أغلى الأطباق المتوفرة على لائحة الطعام، وبعدها يتركون المطعم والعاملين فيه لتحمل العبء المادي، فبعض المطاعم تحمل الموظفين والندل هذه المسؤولية، وتقوم بخصم المبالغ المسروقة من رواتبهم، كما أن التكلفة الأخرى التي تعاني منها المطاعم تكمن في طرق مكافحة الاحتيال من خلال استخدام تقنيات وأدوات مكلفة، مثل كاميرات المراقبة أو أنظمة الدفع المعززة، لتقليل حدوث هذا النوع من السلوك.

على الرغم من أن ثلث المطاعم في لندن يعاني من هذه الظاهرة، فإن الأمر يعدّ أقل من الظواهر الأخرى مثل الاحتيال أو السرقة في الأسواق الكبرى، لكنه لا يزال يمثل تحدياً لصناعة المطاعم في المدينة.

ومن بين المطاعم التي تعرضت للنصب بهذه الطريقة، مطعم «ذا لادبيري» في منطقة نوتينغ هيل، ومطعم «غوردون رامسي» في مايفير وكينزينغتون، بالإضافة إلى مطعم «هاكاسان» الآسيوي في منطقة مايفير، ويتعرض أيضاً كثير من المطاعم السياحية، مثل كوفنت غاردن وسوهو ونوتينغ هيل وبوند ستريت وأكسفورد ستريت، التي تعدّ من بين أكثر الشوارع التجارية ازدحاماً في لندن، حيث يكثر فيها التسوق وتناول الطعام. ومع وجود حركة مرور دائمة، قد يعتقد البعض أنه بإمكانهم مغادرة المطاعم دون أن يُلاحظ أحد.

ولم تسلم مطاعم الوجبات السريعة من هذه الظاهرة، فيتعرض يومياً كل من «فايف غايز» و«شيك شاك» للسرقة، بالإضافة إلى مطاعم للوجبات السريعة من مناطق مكتظة بالسياح مثل «شورديتش» و«هاكني».

ويقول ألدو زيلي إن عدم دفع الفاتورة لا يقتصر على الهرب فقط من المطعم، إنما على استخدام الأزواج لأطفالهم. ويروي: «الأطفال يتدربون على السرقة أيضاً، فيكونون على دراية بالسيناريو الذي يرسمه الأهل، وهذا الأمر مؤسف للغاية».

ويتابع زيلي: «من أساليب عدم دفع الفاتورة أيضاً هو وضع قطعة من البلاستيك في الأطباق للتهرب من الدفع، والوقاحة تتعدى هذا الشيء لدرجة أن بعضهم يأكلون أغلى الأطباق، وبعد الانتهاء من أكلها يرفضون الدفع لأن الأكل لم يرق لهم».

«الزبون هو دائماً على حق»، لكن هل يحقّ له أن يأكل ويهرب؟ وهل يحقّ له أن يتسبب في إفلاس مطعم وإقفاله؟!