ماذا تحمل «عقيدة روسيا» الخارجية الجديدة لأفريقيا؟

خبراء تحدثوا عن سعي موسكو لدور أكبر في القارة وسط مخاطر محتملة

الرئيس الروسي خلال مصادقته على وثيقة السياسة الخارجية (الرئاسة الروسية عبر «تويتر»)
الرئيس الروسي خلال مصادقته على وثيقة السياسة الخارجية (الرئاسة الروسية عبر «تويتر»)
TT

ماذا تحمل «عقيدة روسيا» الخارجية الجديدة لأفريقيا؟

الرئيس الروسي خلال مصادقته على وثيقة السياسة الخارجية (الرئاسة الروسية عبر «تويتر»)
الرئيس الروسي خلال مصادقته على وثيقة السياسة الخارجية (الرئاسة الروسية عبر «تويتر»)

دفعت مصادقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، على وثيقة تحدد «الاستراتيجية الجديدة للسياسة الخارجية الروسية»، خصوصاً في قارة أفريقيا، إلى تساؤلات حول ماذا تحمل «عقيدة روسيا» الخارجية الجديدة لأفريقيا؟ بينما تحدث خبراء وباحثون عن «سعي موسكو لدور أكبر في القارة»؛ لكنهم حذروا من «مخاطر محتملة».
وتنص الوثيقة على أن موسكو «تقف متضامنة مع الدول الأفريقية في سعيها لإقامة عالم متعدد الأقطاب أكثر عدلاً، والقضاء على التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية (التي تفاقمت بسبب السياسات الاستعمارية الجديدة) لعدد من الدول المتقدمة، تجاه أسرع قارات العالم نمواً»، بحسب ما أوردته وكالة «سبوتنيك» الرسمية الروسية.
وتعهدت الحكومة الروسية في الوثيقة الاستراتيجية بأنها ستعطي الأولوية «لضمان سيادة واستقلال» الدول الأفريقية، من خلال المساعدة في «مجالات الأمن، بما يشمل أمن الغذاء والطاقة والتعاونين العسكري والفني». ووفقاً للسياسة الروسية الجديدة تجاه أفريقيا، تلتزم موسكو «المساعدة في حل والتغلب على تداعيات النزاعات المسلحة في جميع أنحاء أفريقيا على أساس المبدأ الذي صاغه الاتحاد الأفريقي (المشاكل الأفريقية - الحلول الأفريقية)».
علاوة على ذلك، تنص العقيدة الجديدة للسياسة الخارجية على «تعزيز وتعميق التعاون الروسي - الأفريقي في مختلف المجالات على أساس ثنائي ومتعدد الأطراف»، بالإضافة إلى زيادة حجم التجارة والاستثمار مع أفريقيا، والتكامل مع الهيئات الاقتصادية الأفريقية.
يأتي هذا وسط تنافس دولي على النفوذ في القارة، حيث تقود الولايات المتحدة الأميركية جهوداً غربية لمجابهة تزايد نفوذ روسيا والصين في القارة. وترى أميركا تزايداً للنفوذ الروسي في عدد متزايد من دول القارة، حيث عملت مجموعة «فاغنر» (التي صنفتها واشنطن أخيراً منظمة إجرامية عابرة للقارات)، على تقديم خدماتها الأمنية في مواجهة الحركات والمجموعات المسلحة المعارضة، مساندة لأنظمة الحكم هناك.
فيما تكثف روسيا التعاون الروسي - الأفريقي، وشهد هذا العام جولة قام بها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف على عدد من دول القارة، بعد قمة أميركية - أفريقية شهدت حضور معظم القادة الأفارقة، وانتهت بتعهدات أميركية بمساعدات واستثمارات للقارة. وبعد أسابيع قليلة من هذه القمة، قامت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، بجولة أفريقية، في يناير (كانون الثاني) الماضي، ثم زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، منتصف مارس (آذار) الماضي، للنيجر وإثيوبيا.
ويرى حسن أيدين، باحث دكتوراه في العلاقات الدولية بجامعة شنغهاي الصينية، أن روسيا من خلال الوثيقة ترسخ للقارة «شريكاً وحليفاً جيوستراتيجياً أساسياً في ضوء تصاعد العداء مع القوى الغربية، وهو ما قد يمنح القارة أدواراً كبرى في المرحلة المقبلة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «موسكو تسعى من خلال السياسة الجديدة كذلك إلى كسر العزلة الدولية السياسية والاقتصادية التي تعاني منها، من خلال جذب القارة الكبرى كحليف مهم، علاوة على استهدافها كفضاء بديل لاقتصادها الذي يعاني من عقوبات غربية قاسية، حيث القارة الشابة ديموغرافياً تمثل إحدى أكبر وأهم أسواق العالم».
ولفت أيدين إلى أن الوثيقة تمثل «تأكيداً على دبلوماسية وتوجه روسيين قائمين بالفعل يهتمان بالقارة، حيث تصاعد نفوذ موسكو في القارة أخيراً»، مرجحاً أن «الوثيقة تشير إلى أن روسيا تسعى لـ(عالم جديد) ونظام دولي متعدد الأقطاب، ستلعب فيه التحالفات والشراكات الاستراتيجية دوراً محورياً».
فيما يرى رامي زهدي، الخبير في الشؤون الأفريقية، أن الوثيقة برغم ما تطرحه من مزايا وأدوار كبرى للقارة في مجالات التعاون الاقتصادي والاستراتيجي والاستثمار، فإنها قد تدشن لأن «تصبح أفريقيا ساحة لمخاطر جديدة محتملة»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أنه على «الدول الأفريقية تبني مواقف موحدة تعلي مصالحها وتتجنب السقوط في فخ الانحيازات إلى قوى على حساب أخرى».


مقالات ذات صلة

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

العالم إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

أعلنت السلطات المعينة من روسيا في القرم إسقاط طائرة مسيرة قرب قاعدة جوية في شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا، في حادثة جديدة من الحوادث المماثلة في الأيام القليلة الماضية. وقال حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجاييف على منصة «تلغرام»: «هجوم آخر على سيفاستوبول. قرابة الساعة 7,00 مساء (16,00 ت غ) دمرت دفاعاتنا الجوية طائرة من دون طيار في منطقة قاعدة بيلبيك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل روسيا، اليوم الخميس، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين الذي اتهمت موسكو كييف بشنّه، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا. وقال بوريل خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمي«ندعو روسيا الى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد» في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022. وأشار الى أن «هذا الأمر يثير قلقنا... لأنه يمكن استخدامه لتبرير تعبئة مزيد من الجنود و(شنّ) مزيد من الهجمات ضد أوكرانيا». وأضاف «رأيت صورا واستمعت الى الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، صباح اليوم (الخميس)، نقلاً عن خدمات الطوارئ المحلية، أن حريقاً شب في جزء من مصفاة نفط في جنوب روسيا بعد هجوم بطائرة مسيرة. وقالت «تاس»، إن الحادث وقع في مصفاة «إلسكاي» قرب ميناء نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود. وأعلنت موسكو، الأربعاء، عن إحباط هجوم تفجيري استهدف الكرملين بطائرات مسيرة، وتوعدت برد حازم ومباشر متجاهلة إعلان القيادة الأوكرانية عدم صلتها بالهجوم. وحمل بيان أصدره الكرملين، اتهامات مباشرة للقيادة الأوكرانية بالوقوف وراء الهجوم، وأفاد بأن «النظام الأوكراني حاول استهداف الكرملين بطائرتين مسيرتين».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

تثير الهجمات وأعمال «التخريب» التي تكثّفت في روسيا في الأيام الأخيرة، مخاوف من إفساد الاحتفالات العسكرية في 9 مايو (أيار) التي تعتبر ضرورية للكرملين في خضم حربه في أوكرانيا. في الأيام الأخيرة، ذكّرت سلسلة من الحوادث روسيا بأنها معرّضة لضربات العدو، حتى على بعد مئات الكيلومترات من الجبهة الأوكرانية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. تسببت «عبوات ناسفة»، الاثنين والثلاثاء، في إخراج قطارَي شحن عن مساريهما في منطقة محاذية لأوكرانيا، وهي حوادث لم يكن يبلغ عن وقوعها في روسيا قبل بدء الهجوم على كييف في 24 فبراير (شباط) 2022. وعلى مسافة بعيدة من الحدود مع أوكرانيا، تضرر خط لإمداد الكهرباء قرب بلدة في جنو

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.


​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.