المعارضة تطلق معركة «لهيب داريا» وتتقدّم نحو مطار المزّة العسكري

طردت القوات النظامية من بلدة القرقور وقتلت قائدين ميدانيين في سهل الغاب

المعارضة تطلق معركة «لهيب داريا» وتتقدّم نحو مطار المزّة العسكري
TT

المعارضة تطلق معركة «لهيب داريا» وتتقدّم نحو مطار المزّة العسكري

المعارضة تطلق معركة «لهيب داريا» وتتقدّم نحو مطار المزّة العسكري

أطلقت فصائل المعارضة السورية، ما أسمتها معركة «لهيب داريا»، الهادفة إلى فك الحصار المفروض على مدينة داريا في الغوطة الغربية لدمشق منذ سنتين، وتقويض القدرات العسكرية لقوات النظام في مطار المزّة العسكري الذي يستخدم قاعدة انطلاق الطائرات المروحية في قصفها لمدينة الزبداني ومواقع سيطرة المعارضة داخل دمشق وفي ريفها.
وقالت غرفة عمليات معركة «لهيب داريا» في بيان أصدرته أمس: «من وسط الخطوب وفي خضم المعاناة وبعد الإعداد المتواصل والمنظم والاستعداد الكامل لبذل الغالي والنفيس في سبيل الله، تعلن القوى العسكرية الثورية العاملة في مدينة داريا والمتمثلة في (الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام - لواء شهداء الإسلام)، عن معركة لهيب داريا التي بدأ الإعداد لها منذ صباح يوم الأحد (الماضي) عند المنطقة الشمالية من المدينة والمحاذية لمطار المزة العسكري». أضافت: «إن هذه الخطوة تعتبر متقدمة في مشروع فك الحصار عن المدينة وإضعاف القدرات العسكرية للنظام في مطار المزة العسكري الذي يقوم بتشريد أهلنا وإلحاق الأذى المستمر والتنكيل المتوقع بهم، وسعيًا نحو تخفيف معاناة إخواننا المرابطين على جبهات العز والكرامة على أرض سوريا». وأوضحت أن «تشكيل غرفة عمليات خاصة بالمعركة، هدفه الوصول إلى أفضل النتائج المرجوة، وسعيًا من كل الأطراف نحو مزيد من التنسيق وحسن الإدارة وتأدية المهام الموكلة بهم». وختم بيان غرفة عمليات معركة لهيب داريا «إننا إذ نؤكد التزامنا في هذه المعركة بالمضي قدمًا في مشروع الثورة المباركة فإننا نؤكد أيضًا على كل إخواننا تحقيق واجب النهوض والنصرة لإخوانهم في منطقة الزبداني خاصة وفي كل مناطق سوريا عامة التي تتعرض لأشد أنواع المحن والملمات من قبل عصابات الأسد المجرمة».
أما الأهمية العسكرية لهذه المعركة، فهي برأي الناشط الإعلامي في الغوطة ضياء الحسيني «فك الحصار عن داريا وانتزاع المزيد من أوراق القوة التي لا تزال بمتناول النظام في محيط العاصمة دمشق». مشيرًا إلى أن «داريا تتعرض لحصار من قبل النظام منذ أكثر من سنتين، وهناك معارك شرسة يخوضها الثوار لصدّ محاولات تقدم قوات النظام». وأكد الحسيني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجيش الحر وكتائب (شهداء الإسلام) و(أجناد الشام) كانوا تمكنوا من تحرير منطقة الجمعيات ذات الأهمية الاستراتيجية لكونها تطلّ على مطار المزة مباشرة، وسبق لبشار الأسد أن زارها قبل أشهر والتقطت له صور فيها بهدف رفع معنويات جنوده». وشدد على أن «استعادة داريا من الثوار يبقى هدفًا استراتيجيًا للنظام الذي يحاول احتلالها، لكونها قريبة من القصر الجمهوري، ومطار المزة ومقرّ المخابرات الجوية». وقال: «إن مطار المزة هو الآن الهدف الأساسي للثوار، لكونه يشكل قاعدة انطلاق لمروحيات النظام التي تقصف داريا والزبداني ومناطق جنوب العاصمة دمشق».
وفي المشهد الميداني، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «الطيران المروحي التابع للنظام، جدد قصفه بالبراميل المتفجرة لمدينة داريا، حيث ألقى 12 برميلاً متفجرًا على الأقل على أماكن متعددة في المدينة». وأشار إلى أن «الفصائل الإسلامية المقاتلة في المدينة تمكنت من قتل وجرح العشرات من قوات النظام والحرس الجمهوري والسيطرة على عدة مباني داخل المدينة، بعضها مطل على مطار المزة العسكري، في حين أسفرت المعارك عن استشهاد 17 مقاتلاً من الفصائل بالإضافة إلى ستة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال». وتحدث المرصد أيضًا عن «قصف مروحيات النظام لمدينة الزبداني المحاصرة بـ22 برميلاً متفجرًا، بالتزامن مع تواصل الاشتباكات في المدينة، بين قوات النظام و«حزب الله» اللبناني وجيش التحرير الفلسطيني وقوات الدفاع الوطني من جهة، والفصائل الإسلامية ومسلحين محليين من المدينة من جهة أخرى». وبالتزامن مع تجدد قصف الطيران المروحي لبلدة اللطامنة في ريف حماة، استهدفت الفصائل المقاتلة آلية لقوات النظام في منطقة الزيارة في سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، مما أدى إلى إعطابها وقتل عدد من عناصر القوات النظامية، في حين دارت اشتباكات عنيفة في محيط قرى المشيك والزيارة وتل واسط والمنصورة والبحصة، بين قوات النظام و«حزب الله» ومسلحين داعمين لهما، وبين عدد مقاتلين تابعين لعدد من الفصائل الإسلامية، كما تعرضت بلدتا قسطون والحويجة في سهل الغاب لقصف جوي مكثف. أما في أطراف محافظة إدلب القريبة من الحدود الإدارية لحماة، تمكنت الفصائل الإسلامية، من السيطرة على بلدة القرقور وتلتها الواقعتين عند أطراف محافظة إدلب، بعد هجوم عنيف أجبروا خلاله قوات النظام على الانسحاب إلى سهل الغاب. وأكد ناشطون أن «الهجوم أسفر عن مقتل القيادي الميداني البارز في قوات النظام علي كنعان، وقائد ما تسمى بـ«مجموعات الفهود»، وأحد أهم الأذرع العسكرية للعقيد سهيل الحسن المعروف بـ(النمر) في سهل الغاب». وأعلنوا أن «طيران النظام قصف مناطق في محيط مطار أبو الضهور العسكري، المحاصر من قبل جبهة النصرة وفصائل إسلامية منذ أكثر من عامين، كما تعرضت مناطق في قرية الكريز بسهل الروج لقصف من الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة، وامتد القصف الجوي إلى عين لاروز في جبل الزاوية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.