فيليب لام: «يورو 2024»... فرصة لإعادة التفاؤل والبهجة إلى أوروبا من جديد

قائد منتخب ألمانيا وبايرن السابق يؤكد أن البطولة المقبلة ستعزز الثقة بالنفس في القارة

جيرو أصبح مثالاً يحتذى به لتصرفه بعد استبداله في نهائي مونديال قطر أمام الأرجنتين (أ.ف.ب)
جيرو أصبح مثالاً يحتذى به لتصرفه بعد استبداله في نهائي مونديال قطر أمام الأرجنتين (أ.ف.ب)
TT

فيليب لام: «يورو 2024»... فرصة لإعادة التفاؤل والبهجة إلى أوروبا من جديد

جيرو أصبح مثالاً يحتذى به لتصرفه بعد استبداله في نهائي مونديال قطر أمام الأرجنتين (أ.ف.ب)
جيرو أصبح مثالاً يحتذى به لتصرفه بعد استبداله في نهائي مونديال قطر أمام الأرجنتين (أ.ف.ب)

في هذه المقالة يتحدث فيليب لام قائد المنتخب الألماني السابق وفريق بايرن ميونيخ عن كأس الأمم الأوروبية المقبلة، التي ستقام نهائياتها في بلاده بـ10 مدن ألمانية من 14 يونيو (حزيران) إلى 14 يوليو (تموز) عام 2024:
بدأ العد التنازلي لبطولة كأس الأمم الأوروبية 2024، حيث انطلقت التصفيات يوم 23 مارس (آذار) بمباراة كازاخستان أمام سلوفينيا. وتعد هذه أول مباراة دولية تنافسية منذ كأس العالم 2022 التي كانت جذابة من الناحية الرياضية، لكنها كانت مثيرة للجدل في أوروبا. إن إقامة كأس الأمم الأوروبية 2024 في قلب أوروبا تعد فرصة مثالية للقيام بذلك. وترحب ألمانيا بالقارة وتسعى للدفاع عنها من خلال الإنجازات المشتركة التي تجعلها قوية. وتُلزمنا هذه البطولة بإعادة كرة القدم إلى دائرة الضوء من جديد، خصوصاً أن عشاق كرة القدم في كل مكان يريدون أن تعود كرة القدم إلى الأشياء الأساسية التي جعلتهم يعشقونها في المقام الأول: اللعب، والرياضة، والمتعة، والعمل الجماعي.
لقد ساهمت كرة القدم في توحيد الجميع في أوروبا على مدار أكثر من قرن من الزمان، كما تعد محركاً ودافعاً دائماً نحو تكافؤ الفرص والتنوع والحرية. ومن المهم للغاية تعزيز ذلك في أوقات الاستقطاب والانقسامات في مجتمعاتنا. في الحقيقة، تقدم كرة القدم العديد من المقارنات السياسية الواضحة: كيف يتصرف الفرد في مجموعة؟ وما هي الحرية التي توفرها اللعبة في مواجهة حتمية الالتزام بالخطط التكتيكية؟ وكيف تشكل القواعد تعايشنا؟ فإذا كنت تتحدث عن كرة القدم، فأنت تتحدث عن الاستدامة الاجتماعية، كما لا يمكنك أن تفوز بأي شيء بمفردك، ومن المؤكد أن كل طفل يلعب كرة القدم يفهم ذلك جيداً.
وفي مونديال قطر، كانت أفضل المنتخبات تلعب بهوية واضحة، فكان المنتخب الأرجنتيني يلعب بإرادة فولاذية وعزيمة كبيرة، وكان يعرف تماماً ما الذي يسعى لتحقيقه، فكان كل لاعب يلعب من أجل زملائه ومن أجل بلده. يأتي التقدير من احترام الآخرين، وعندما يدرك كل فرد أن مساهمته مهمة فإنه يقاتل ويبذل قصارى جهده من أجل المجموعة. وبالنسبة لفرنسا، أصبح أوليفييه جيرو مثالاً يحتذى به. ففي المباراة النهائية أمام الأرجنتين، خرج جيرو مستبدلاً قبل نهاية الشوط الأول، واعترف المدير الفني للديوك الفرنسية، ديدييه ديشامب، بأنه اختار طريقة لعب خاطئة للمباراة. ورغم ذلك، تصرف جيرو بشكل رائع وتضامن مع الفريق، وكان يشجع زملاءه من على مقاعد البدلاء بكل قوة. لقد تفهم الأسباب التي جعلت المدير الفني يتخذ قرار تغييره، كما يعلم أن كرة القدم في فرنسا، كما هي الحال في كل الدول الأوروبية الأخرى، لها أهمية اجتماعية.
وفي مثل هذه الحالات، تترك بطولات كرة القدم بصماتها على الشعوب، ويكون الأمر أكثر أهمية لفترة طويلة في الدولة التي تستضيف البطولة، لذا فهناك مسؤولية هائلة على كاهل ألمانيا، خصوصاً بعد خروج المنتخب الألماني من أدوار مبكرة في البطولات الثلاث الماضية. لم يكن المنتخب الألماني يعاني من نقص في المواهب، لكنه كان يعاني من عدم وجود قيادة حقيقية وهوية واضحة وخطة مدروسة لتحقيق أهدافه. في الحقيقة، لم يكن هناك إدراك لما يعنيه أن تكون لاعباً دولياً، وما تعنيه كرة القدم لمصلحتنا المشتركة! هذه هي الأشياء المهمة التي غالباً ما يتم نسيانها.
ويجب أن يدرك الجميع أن المنتخب الوطني يختلف تماماً عن أي نادٍ. لقد أصبحت الأندية الكبيرة تمتلك أموالاً تصل إلى ثلاثة أضعاف ما كان عليه الأمر قبل 10 سنوات. وفي المقابل، لا يتعين على المنتخب الوطني أن ينظر إلى الأمور من وجهة نظر مالية، حيث لا يتعلق الأمر بحصول اللاعبين على مكافآت أعلى، فاللاعب الذي يتقاضى مع ناديه راتباً سنوياً يتراوح بين 15 مليون يورو و20 مليون يورو لا يحتاج إلى 200 ألف يورو أو 400 ألف يورو من منتخب بلاده!
ويجب أن يعرف اللاعب الدولي واجباته جيداً، وأن يكون نموذجاً للأطفال الصغار الذين يرتدون قميص المنتخب الوطني وللمتطوعين في أندية الهواة. وإذا منح هذا اللاعب الدولي هذه الجماهير شيئاً، فإنه يحصل في المقابل على شيء آخر. فما زلت أتذكر جيداً عندما احتفل بنا الملايين، واحتفلوا بأنفسهم أيضاً، في عام 2006. إن هذا الارتباط القوي بين اللاعبين والجماهير يخلق قيمة مضافة للاعبين لا يستطيع المال شراءها، كما يمكن أن يكون بمثابة حماية للاعبين في الظروف والأيام الصعبة. إن الحب الذي يحظى به ليونيل ميسي الآن من الأرجنتينيين لن يجد مثيلاً له في باريس سان جيرمان!
حلمي لعام 2024 هو أن يبذل كل لاعب قصارى جهده، وأن يلعب بحماس شديد من أجل منتخب بلاده، ومن أجل أوروبا ككل. ونتمنى أن تكون البطولة ممتعة ومثيرة ومليئة بالمفاجآت وبالمنتخبات القادرة على تحقيق نتائج غير متوقعة، كما فعلت آيسلندا في عام 2016، فإذا كانت البطولة بهذا الشكل والمستوى، فإن هذا سيخلق روحاً من التفاؤل والبهجة. فبعد وباء «كورونا» والهجوم الروسي على أوكرانيا وأزمة الطاقة، سيكون من الجيد أن نعيد اكتشاف أنفسنا معاً.
وإذا تماسكنا معاً، رغم كل تنوعنا واختلافنا، فإننا سنتمكن من مواجهة الأزمات والصراعات. ويتعين علينا أن نتكيف مع التحديات الجديدة المتمثلة في تغير المناخ والجغرافيا السياسية. وينطبق هذا الأمر على أي فريق لكرة القدم، سواء كان يلعب في دوري أبطال أوروبا أو في الدوري المحلي أو في أي بطولة. ويتعين على أوروبا أن تعبر عن نفسها بالشكل الذي تستحقه. ويجب على كل لاعب كرة قدم محترف أن يدرك مزايا الطريقة التي نعيش بها. سيشاهدنا المليارات من عشاق كرة القدم حول العالم ونحن نجتمع معاً ونحتفل بمهرجان أوروبي عظيم، وهو الأمر الذي سيعزز الثقة بنا.


مقالات ذات صلة

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

رياضة عالمية من مراسم قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم 2026 (رويترز)

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

أسفرت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2026، التي سحبت في زيورخ بسويسرا، الجمعة، عن مواجهة جديدة بين إنجلترا وصربيا.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
رياضة عالمية الجماهير الصربية تسببت في عقوبات من «يويفا» (رويترز)

«يويفا» يعاقب صربيا بسبب سوء سلوك مشجعيها

قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، الجمعة، معاقبة الاتحاد الصربي للعبة، بسبب تصرفات عنصرية من قبل المشجعين في مباراتين ببطولة دوري أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية فولر في حديث مع مدرب المنتخب الألماني ناغلسمان (الشرق الأوسط)

ألمانيا تستضيف إيطاليا في دورتموند بدوري الأمم

أعلن الاتحاد الألماني، في بيان، أن مدينة دورتموند سوف تستضيف مباراة منتخب ألمانيا ضد ضيفه الإيطالي، في إياب دور الثمانية لبطولة دوري أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
رياضة عالمية جمال موسيالا (أ.ف.ب)

موسيالا أفضل لاعب في المنتخب الألماني لهذا العام

اختير جمال موسيالا، لاعب وسط فريق بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم، اليوم الخميس، أفضلَ لاعب في منتخب ألمانيا للرجال لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (د.ب.أ)

«يويفا»: الأدوار النهائية ستقام في بلد الفائز بين ألمانيا وإيطاليا 

من المقرر أن تقام الأدوار النهائية لبطولة دوري أمم أوروبا لكرة القدم في ألمانيا أو إيطاليا، حسبما أفادت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».