رئيسة المفوضية الأوروبية تطالب الصين بموقف واضح من «حرب بوتين»

عشية زيارتها مع الرئيس الفرنسي لبكين

فون دير لاين (أ.ف.ب)
فون دير لاين (أ.ف.ب)
TT

رئيسة المفوضية الأوروبية تطالب الصين بموقف واضح من «حرب بوتين»

فون دير لاين (أ.ف.ب)
فون دير لاين (أ.ف.ب)

بعد مرور عام ونيّف على بداية الحرب الدائرة في أوكرانيا، لا يزال الموقف الصيني الحقيقي من الصراع بين الاتحاد الروسي والدول الغربية لغزاً يستعصي فكّه على واشنطن والعواصم الأوروبية. وثمّة فرضيّة تترسّخ يوماً بعد يوم، مفادها بأن بكين لن تحسم موقفها بوضوح من هذه الحرب المفتوحة على كل الاحتمالات، وأنها اختارت الغموض حرصاً على مصالحها الاقتصادية والتجارية الضخمة، وتحسباً مما يمكن أن يفرزه هذا الصراع من معادلات وتوازنات جديدة، فضلاً على أن ذلك يضعها في موقع الوسيط الوحيد القادر في الوقت الراهن على فتح ثغرة في جدار المفاوضات لوقف هذه الحرب التي بات واضحاً أن كل الأطراف تريد إنهاءها في أقرب فرصة ممكنة.
في هذا السياق تندرج الزيارة التي تبدأها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، برفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى بكين حيث ستكون خطة السلام الصينية لإنهاء الحرب في أوكرانيا المحور الرئيسي في المحادثات مع القيادة الصينية.
وقد استبقت رئيسة المفوضية هذه الزيارة بتصريحات أكدت فيها أن الصين يجب أن تلعب دوراً من أجل التوصل إلى سلام عادل في أوكرانيا، وأن موقفها من الحرب التي شنّها الرئيس الروسي «سوف يكون عاملاً حاسماً لتحديد طبيعة العلاقات بين بكين والاتحاد الأوروبي في المستقبل». وقالت فون دير لاين: «أي خطة سلام تقوم على تكريس الاحتلالات الروسية ليست قابلة للتطبيق، وعلينا أن نكون صريحين في هذا الموضوع».
وجاءت هذه التصريحات من رئيسة المفوضية في الكلمة التي ألقتها حول العلاقات الأوروبية - الصينية أمام «معهد مركاتور للدراسات الصينية» و«المركز الأوروبي للسياسات» في العاصمة البلجيكية، حيث قالت إن «الرئيس الصيني بدل أن يبتعد عن روسيا إثر غزوها الوحشي واللاشرعي أوكرانيا، حافظ على صداقته اللامحدودة مع بوتين. لكن في الفترة الأخيرة لمسنا تحولاً في دينامية العلاقات بين بكين وموسكو»، ثم أضافت: «يتضح من الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني مؤخراً إلى روسيا أن ثمّة تحولاً طرأ على دينامية هذه العلاقات، وأن الصين ترى في ضعف بوتين فرصة لزيادة نفوذها في روسيا، بعد أن كان ميزان العلاقات بين الطرفين راجحاً لمصلحة موسكو طوال القسم الأكبر من القرن الماضي».
وقالت رئيسة المفوضية إن تحديد الاستراتيجية الأوروبية للعلاقات مع الصين يجب أن ينطلق من تقييم رصين للعلاقات الراهنة، ومن النيات الاستراتيجية لبكين، وأكدت أن «علاقاتنا مع الصين من الأهمية بمكان بحيث لا يمكن تعريضها للخطر بسبب عدم القدرة على التوصل إلى اتفاق واضح بشأن إطار مستقر لها». واعترفت فون دير لاين بأن العلاقات الأوروبية - الصينية يعتريها الفتور وتواجه صعوبات منذ سنوات بسبب المواقف الاستراتيجية التي اعتمدتها الصين على الساحة الدولية، والتي ازدادت حدة في السنوات الأخيرة.ودعت فون دير لاين إلى إعادة تقييم العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين، لكنها أكدت أن عدم التواصل مع بكين «ليس مجديا ولا يصب في مصلحة أوروبا». ويخضع موقف الاتحاد الأوروبي تجاه الصين للتدقيق الشديد من قبل الولايات المتحدة. وقالت فون دير لاين إن إدارة العلاقات مع الصين مهمة لازدهار اقتصاد التكتل في المستقبل. ودعت فون دير لاين إلى إعادة تقييم اتفاقية الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين، بعد أن فرضت بكين عقوبات على نواب بالبرلمان الأوروبي ردا على عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد الصين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانج..وفيما بدت رسالة واضحة موجهة إلى بكين عشية زيارتها في معية الرئيس الفرنسي، قالت فون دير لاين إن «الصين، بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي، تتحمل مسؤولية الدفاع عن القيم والمبادئ المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة، والاضطلاع بدور نشط وبنّاء لتحقيق السلام العادل. لكن هذا السلام لا يمكن أن يكون عادلاً، إلا إذا قام على صون سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها ضمن الحدود المعترف بها دولياً».
في موازاة هذه التصريحات التي رأى فيها المراقبون الدبلوماسيون محاولة لتطمين الإدارة الأميركية التي كشف مسؤولون في المفوضية عن أنها لم تبد حماساً لمثل هذه الزيارة في الظرف الراهن، كان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز، الذي ستتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد مطلع الصيف المقبل، يصرّح من «منتدى بواو» في جزيرة هاينان الصينية: «أوروبا ستدافع عن القيم والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها الاتحاد»، داعياً الصين إلى «عدم الانغلاق على ذاتها، كي لا تجبر الاتحاد الأوروبي على السير في الاتجاه نفسه».
ومن المنتظر أن يصل سانتشيز اليوم الجمعة إلى بكين حيث سيجري محادثات مع الرئيس الصيني شي جينبينغ قبل وصول فون دير لاين وماكرون والمسؤول الأوروبي عن السياسة الخارجية جوزيب بورّيل. وفي تصريح لوسائل الإعلام المحلية، قال سانتشيز: «في أقل من أسبوع، التقيت ما يزيد على 40 رئيس دولة أو حكومة من قارات ثلاث، ولم أسمع منهم سوى دعوات إلى السلم والاستقرار، ونبذ للحرب والصراعات الاقتصادية».
يذكر أن الصين أصبحت منذ عام 2021 الشريك التجاري الأول للاتحاد الأوروبي، متقدمة للمرة الأولى على الولايات المتحدة، فيما تشير تقديرات «المركز الأوروبي للدراسات الاستراتيجية» التابع للمفوضية، إلى أن المبادلات التجارية بين الصين وبلدان الاتحاد الأوروبي يمكن أن تحقق نمواً سنوياً لا يقل عن 8 في المائة من الآن حتى عام 2030.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مونتينيغرو تسلم «دو كوون» مؤسس العملات الرقمية المشفرة إلى أميركا

مؤسس العملات الرقمية الكوري الجنوبي دو كوون (رويترز)
مؤسس العملات الرقمية الكوري الجنوبي دو كوون (رويترز)
TT

مونتينيغرو تسلم «دو كوون» مؤسس العملات الرقمية المشفرة إلى أميركا

مؤسس العملات الرقمية الكوري الجنوبي دو كوون (رويترز)
مؤسس العملات الرقمية الكوري الجنوبي دو كوون (رويترز)

قامت جمهورية مونتينيغرو (الجبل الأسود)، اليوم الثلاثاء، بتسليم مؤسس العملات الرقمية الكوري الجنوبي دو كوون «ملك العملات الرقمية المشفرة» إلى الولايات المتحدة، بعد القرار الذي اتخذته وزارة العدل في وقت سابق من الشهر الجاري بقبول طلب أميركي، ورفض طلب التسليم الكوري الجنوبي، حسبما قالت السلطات في الدولة الواقعة بمنطقة البلقان.

وقالت الشرطة إن ضباط المكتب المركزي الوطني للإنتربول في مونتينيغرو سلموا دو كوون، مؤسس شركة العملات المشفرة السنغافورية «تيرافورم لابس»، إلى ضباط مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) عند المعبر الحدودي بمطار بودجوريتشا.

وقال بيان للشرطة نقلته وكالة «أسوشييتد برس»: «اليوم، في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2024، تم تسليمه (دو كوون) إلى سلطات إنفاذ القانون المختصة في الولايات المتحدة ورجال مكتب التحقيقات الاتحادي».

يذكر أنه بعد صراع قانوني طويل، تقدّمت كوريا الجنوبية، وطن كوون الأصلي، والولايات المتحدة بطلبين لتسليم كوون.

ويتهم الادعاء في كلا البلدين كوون بالاحتيال من بين تهم أخرى. وقد تم اعتقال كوون في مونتينيغرو في مارس (آذار) 2023.

ومؤخراً، قضت المحكمة العليا في مونتينيغرو بأن طلبي التسليم صحيحان من الناحية القانونية، الأمر الذي ترك لوزير العدل مهمة الاختيار بين البلدين طالبي التسليم.

وكان كوون قد أنشأ العملتين المشفرتين «تيرا» و«لونا» في سنغافورة. ومع ذلك، انهار نظام العملتين بشكل مدو في مايو (أيار) من العام الماضي، ما ترك المستثمرين «بلا شيء».

وتردد أن الإفلاس تسبب في خسائر بلغت 40 مليار دولار.

ثم اختفى كوون. وأصدر الإنتربول «منظمة الشرطة الجنائية الدولية» مذكرة اعتقال دولية بحقه في سبتمبر (أيلول).

وفي مارس 2023، تم اعتقال كوون وشريكه التجاري هون تشاند يون في بودجوريتشا، أثناء محاولتهما السفر إلى دبي بجوازي سفر مزورين من كوستاريكا.

وحُكم عليهما بالسجن في مونتينيغرو لعدة أشهر بتهمة تزوير وثائق، وفي وقت لاحق تم احتجازهما في انتظار تسليمهما.