«الداخلية» العراقية تمنح إجازات علاج لمتعاطي المخدرات من عناصرها

TT

«الداخلية» العراقية تمنح إجازات علاج لمتعاطي المخدرات من عناصرها

يبدو أن ظاهرة تجارة وتعاطي المخدرات التي باتت الشغل الشاغل للأجهزة الرسمية العراقية خلال السنوات الأخيرة بعد انتشارها على نطاق واسع في البلاد، باتت تشكل أيضاً مصدر قلق وخطر حقيقيين لأجهزة الدولة الأمنية التي يقع على عاتقها محاربة الظاهرة. وبعد أن قرر وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، الأسبوع الماضي، إجراء فحوص طبية مفاجئة للضباط والموظفين والمنتسبين في الوزارة لكشف حالات تعاطي المخدرات، عادت الوزارة، أمس (الخميس)، وأصدرت تعليمات تقضي بمنح المتعاطين الذي يذهبون طوعاً إلى مراكز التشافي إجازات طبية.
وقالت المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، إن «وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، وجّه بمنح إجازة لمنسوبي قوى الأمن الداخلي من متعاطي المخدرات خلال فترة العلاج ممن يتقدم منهم من تلقاء نفسه لغرض العلاج».
وأضافت أن «اللجنة العليا التي تشكلت بأمر الوزير وبرئاسة المديرية العامة لشؤون المخدرات وعضوية المديريات المختصة، باشرت أعمالها بدءاً من تاريخ 1-4-2022، لفحص جميع الضباط والموظفين والمنتسبين في وزارة الداخلية بشكل مفاجئ وبأوقات مختلفة لكشف حالات تعـاطي المخدرات».
وأوضحت أن «عقوبة الطرد من الخدمة بانتظار المتعاطين ممن لم يتقدم من تلقاء نفسه لغرض العلاج».
وقال مصدر رفيع في وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك قلقاً حقيقياً داخل وزارة الداخلية بالنسبة إلى الاتجار بالمخدرات وتعاطيها، إذ إن نسبة غير قليلة بين صفوف المنتسبين تتعاطى نوعاً من الحبوب المخدرة أو بقية الأنواع على أقل تقدير، وهناك مشكلة تعاون بعض الضباط والمنتسبين مع تجار المخدرات».
ويضيف المصدر، الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «البلاد تعاني من كارثة حقيقية في قضية المخدرات منذ سنوات، والوزارات الأمنية بشكل عام جزء من هذه المشكلة، المنتسبون في هذه الوزارات جزء من فضاء عام يتأثر بعوامل كثيرة كالتعاطي والمتاجرة والتغطية على بعض العصابات».
وكشف عن «قيام وزارة الداخلية بحملة واسعة لاعتقال عدد كبير من الضباط والمنتسبين المتورطين في التعاطي أو التعاون مع عصابات المخدرات».
وعن قرار الوزارة القيام بفحوص طبية مفاجئة لعناصرها، يرى المصدر أن «الإجراء مهم لو طُبِّق بشكل جيد، لكنَّ المشكلة أنه سيخضع للمحاباة والواسطة وحتى لمبدأ الرشوة، ثم إن البلاد تفتقر إلى مشافٍ مناسبة لمعالجة المتعاطين، قصة المخدرات في العراق بحاجة فعلاً إلى إرادة صلبة من السلطات وحرب لا هوادة فيها، تبدأ بضبط الحدود السائبة وتنتهي عند أصغر تاجر أو متعاطٍ».
وتتفاقم قضية المخدرات مع مرور الوقت على الرغم من الجهود التي تبذلها الجهات المختصة في محاربة الظاهرة، وبات من المسلَّم به محلياً، أن العراق أصبح منذ نحو 10 سنوات من دول التعاطي والمتاجرة بعد أن كان مجرد ممر لعبور المخدرات إلى دول الجوار.
وتقول المصادر الرسمية إن نسبة التعاطي ترتفع بين الشباب والمراهقين والعاطلين عن العمل، وتعد حدود العراق مع إيران، خصوصاً في محافظة البصرة الجنوبية من بين أكبر منافذ دخول المواد المخدرة. وهناك أيضاً الحدود الغربية مع سوريا والأردن في محافظة الأنبار، ويتحدث بعض التقارير عن عبور المخدرات نحو محافظة السليمانية بإقليم كردستان المحاذية لإيران.
يشار إلى أن المادة 28 من قانون المخدرات العراقي والمؤثرات العقلية تنص على «عقوبة السجن المؤبد أو المؤقت وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار، ولا تزيد على ثلاثين مليون دينار لكل من أدار أو أعدّ أو هيّأ مكاناً لتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، ومن أغوى حدثاً وشجع زوجه أو أحد أقربائه حتى الدرجة الرابعة على تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية».


مقالات ذات صلة

رفض استئناف أميركي مدان بتهريب المخدرات في روسيا

أوروبا الأميركي روبرت وودلاند داخل قفص المحكمة (أ.ب)

رفض استئناف أميركي مدان بتهريب المخدرات في روسيا

تتهم واشنطن موسكو باستهداف مواطنيها واستخدامهم أوراق مساومة سياسية، بيد أن المسؤولين الروس يصرون على أن هؤلاء جميعاً انتهكوا القانون.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون صودرت شمال غربي سوريا أبريل 2022 (أ.ف.ب)

دمشق ترفع وتيرة القبض على شبكات ترويج المخدرات

تشهد سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في نشاط حملة مكافحة المخدرات التي تشنّها الحكومة على شبكات ترويج وتعاطي المخدرات في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود من الجيش الأردني عند نقطة حدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل مهرب مخدرات في اشتباك مع حرس الحدود الأردني

قُتل مهرب مخدرات على الحدود الأردنية السورية في اشتباك بين حرس الحدود الأردني ومجموعة من مهربي المخدرات حاولوا التسلل إلى أراضي المملكة، اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي ضباط شرطة أردنيون يفحصون السيارات عند معبر «جابر» الحدودي الأردني قرب نقطة تفتيش «نصيب» السورية (رويترز)

توافق بين دمشق وعمّان يسهل حركة السوريين عبر معبر «نصيب ـ جابر»

توافقت حكومتا سوريا والأردن على ضرورة إعادة تأهيل معبر «نصيب» وإزالة العراقيل من أمام انسياب الحركة بين الجانبين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
يوميات الشرق نجومٌ في الصغر... ضحايا في الكبر

نجومٌ في الصغر... ضحايا في الكبر

من مايكل جاكسون إلى ليام باين، مروراً بماثيو بيري وغيرهم من النجوم... خيطان جمعا ما بينهم؛ الشهرة المبكّرة والوفاة التراجيدية التي تسببت بها تلك الشهرة.

كريستين حبيب (بيروت)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.