النيابة العامة الليبية تتعقب «الفساد» بقطاع النفط

حبست رئيس مجلس شركة «أكاكاوس» للخدمات البترولية

الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)
الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)
TT

النيابة العامة الليبية تتعقب «الفساد» بقطاع النفط

الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)
الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)

عقب حبسها لمسؤولي مراقبة الخدمات المالية في بلدية وردامة (شمال شرقي ليبيا) لاتهامهم بـ«تبديد المال العام»، أمرت النيابة العامة الليبية بحبس رئيس مجلس إدارة شركة «أكاكاوس للخدمات النفطية»، بتهمة «الفساد».
ويأتي هذه الإجراء من النائب العام الليبي في إطار جهود تعقب «عمليات التربح والإضرار بالمال العام» في قطاعات عديدة، من بينها النفط، والتحقيق في الشكاوى التي تصل إلى مكتبه، بينما قال مصدر من النيابة العامة في تصريح صحافي، إن نيابة مكافحة الفساد في مناطق عديدة بالبلاد: «تعمل على الانتهاء من فحص القضايا المتعلقة بتبديد المال العام، وستتخذ قرارات بشأنها قريباً».
وأوضح مكتب النائب العام في بيان مساء الأحد، أن النيابة العامة تجري تدابير قضائية «ترمي إلى منع الفساد»، تمثَّلت بالتحقيق في واقعة فساد خالطت النشاط الموكل إلى رئيس مجلس إدارة شركة «أكاكاوس للخدمات النفطية»؛ مشيراً إلى أن وكيل النيابة لمكافحة الفساد، في محكمة استئناف طرابلس، أجرى تحقيقاً في الأمر لكشف مدى إساءة المسؤول للسلطة المسندة إليه.
وأضاف أن «التحقيقات أثبتت تورط المسؤول في تحصيل منافع مادية بمخالفة للتشريعات»؛ مؤكداً أن المتهم «تغاضى عن النظم التي تعطي الأولوية لشركة تموين الحقول النفطية، وأبرم عقد خدمات تموينية مع إحدى أدوات التنفيذ بقيمة 12 مليون دينار».
وأشار إلى أن «تكلفة أجود الخدمات لا تبلغ ثمن العقد المبرم، حسب العروض المقدمة». وقال إن المتهم «تصرف فيما يعادل 500 ألف دينار، دون توفر سبب موضوعي يشرعن هذا السلوك، وبذلك انتهى المحقق إلى الأمر بحبسه احتياطياً».
وعقب القبض على رئيس مجلس إدارة شركة «أكاكاوس»، عبَّر موظفون من نقابة «حظيرة خزانات الزاوية»، عن استنكارهم لإيقافه وحبسه، كما اعتبر موظفون بشركة «أكاكوس» عملية استدعاء رئيسها والتحقيق معه، تخطيطاً من «أعداء النجاح بالشركة، ممن يسعون لإفشال أي تقدم من خلال تسريب مستندات مغلوطة، ولم يكترثوا لأخلاق العمل وسريته».
وأوقفت النيابة العامة رئيس مجلس إدارة الشركة، نهاية الأسبوع الماضي، وأخضعته للتحقيق، مع آخرين، بتهم تتعلق بتبديد المال العام.
ومطلع الأسبوع الجاري، أمرت نيابة مكافحة الفساد بمدينة البيضاء (شرقي ليبيا) بحبس 4 مسؤولين من بلدية وردامة، بعد إدانتهم بتزوير بيانات وثائق رسمية وتحقيق منافع مادية غير مشروعة لأنفسهم ولغيرهم، وذلك بصرف رواتب لأشخاص انقطعت صلتهم بإطار الوظيفة العامة، وتمكين أشخاص آخرين من تحصيل مبالغ مالية كرواتب، على الرغم من انتفاء الرابطة الوظيفية، ومنح مكافآت لموظفين دون سند من القانون.
وسبق أن أصدر مكتب النائب العام أوامر بالقبض على 103 أشخاص من مدن الغرب الليبي، بتهمة الاتجار بالنفط بطريقة غير شرعية، وضمت القائمة حينها أصحاب بعض محطات توزيع الوقود بمناطق: الزنتان وغريان والأصابعة ورقدالين والجميل وزوارة وبني وليد ونالوت.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.