«آرت بازل» هونغ كونغ يعيد فتح أبوابه باحتفال فخم

تبدو الحاجة الملحة للعودة إلى الحياة الطبيعية بعد ثلاث سنوات من جائحة فيروس كورونا قوية على نحو خاص في هونغ كونغ، نظراً لإجراءات الحجر الصحي الصارمة والقيود الأخرى التي فرضت على المسافرين، مما جعل على الزائرين -وكذلك السكان المحليين- الذهاب والإياب بحرية، حسب صحيفة (نيويورك) الأميركية.
وينعقد «آرت بازل هونغ كونغ» من الخميس إلى السبت، داخل مركز هونغ كونغ للمؤتمرات والمعارض، ليصبح بذلك في تمثيله الأكمل منذ عام 2019، مع مشاركة 177 تاجرا، ما يزيد عن العام الماضي بواقع 47 تاجراً.

منحوتة من البرونز بعنوان «التحليق»  للنحات الروسي داشي نامداكوف (غاليري هونغ كونغ)

في هذا السياق، قالت أنجيل سيانغ لي، مديرة المعرض: «هدفي إعادة هونغ كونغ للساحة، وتعزيز دورها كعاصمة ثقافية».
وتولت سيانغ، المقيمة في هونغ كونغ، منصبها حديثاً بعد أن عملت سابقاً لحساب «آرت بازل» في منصب مديرة شؤون العلاقات في آسيا.
وقالت: «الآن، أصبح باستطاعة الناس السفر بسهولة، مقارنة بما نطلق عليه (سنوات الخزانة)».
وعام 2020، تحول المعرض بالكامل إلى نسخة رقمية، ثم في العامين التاليين جرى تنظيمه شخصياً، بمعاونة «كبائن القمر الصناعي» التي كان بها ممثلون محليون لتجار لم يتمكنوا من الحضور شخصياً. إلا أنه حتى مع عودة المعرض الفعلي، لم تجر استعادة جميع القطاعات.


عمل لجورج ماثيو يحمل اسم «زونغولداك» عام 1978 (غاليري هونغ كونغ)

الآن، عاد المعرض من جديد إلى طابقين، بعد أن كان قد جرى قصره على طابق واحد، ولم تعد هناك كبائن قمر صناعي.
وقالت سيانغ لي إنها تشعر بسعادة خاصة لأن «جميع قطاعاتنا عادت الآن»، بما في ذلك «اللقاءات»، فيما يتعلق بالفعاليات الفنية الضخمة.
ويضم قطاع «اللقاءات» 14 عملاً، بما في ذلك تركيب نحتي بعنوان «مثل الدموع تحت المطر» (2023)، مصنوع من أوراق نقدية من اليورو ممزقة وخارج الخدمة، من إبداع الفنان الإسباني صاحب الإبداعات المتنوعة، كارلوس أيريس. العمل مقدم من «غاليري سابرينا أمراني».
ومن بين الأعمال الأخرى التي يستضيفها القطاع ذاته، «كوكبة الغابة» (2018)، من إبداع وو شانزوهان وإنغا سفالا ثورسدوتير. والعمل عبارة عن سلسلة من الأشكال الخشبية المقوسة، مثل أقبية الكنائس، والتي يمكن أن يمر منها زوار المعرض. أما التاجر الذي تقدم بهذا العمل، فهو «هانارت تي زد غاليري» من هونغ كونغ، والذي تأسس منذ 40 عاماً ماضية على يد جونسون تشانغ.
وعلق تشانغ بقوله: «لقد خرجنا أخيراً من إجراءات الحجر الصحي التي استمرت طويلاً، الأمر الذي يشعرنا براحة كبيرة»، إلا أنه استطرد قائلاً: «مثل هذا الافتتاح الراديكالي يأتي بمثابة صدمة للمنظومة».
ومن المقرر أن يكون لدى تشانغ كذلك كابينة داخل القطاع الرئيس في المعرض، ويعرض بها أعمالاً على صلة بالمناظر الطبيعية، منها منحوتة من البرونز بعنوان «التحليق» (2011) للنحات الروسي داشي نامداكوف.
فيما يخص الحضور، توقع تشانغ استقبال المعرض لأعداد غفيرة، بالنظر إلى رغبة الناس في «تنفس هواء ثقافي نقي». وأضاف: «بدأت السوق تستعيد عافيتها، وسيحقق هذا المعرض نجاحاً تجارياً». ويعني ذلك أيضاً اشتداد المنافسة. عن هذا، قالت كاثرين كواي، مؤسسة «غاليري كواي فونغ هين آرت» في هونغ كونغ: «عليك أن تكون بارعاً للغاية، وإلا ستضيع. ينبغي لك تقديم أفضل الأعمال».
وداخل الكابينة الخاصة بها، ستعرض كواي عملاً تجريدياً ضخماً مصنوعا من الزيت. يحمل العمل اسم «زونغولداك» (1978) لجورج ماثيو، ويعكس العمل واحدة من السمات المميزة لاختياراتها من الأعمال الأوروبية في القرن العشرين، وكذلك أعمال فنانين معاصرين، مثل نيكولاس بارتي وشارا هيوز.

منظر لسان فرانسيسكو عام 1979 (نيويورك تايمز)

وأعربت كواي عن اعتقادها بأن تذوق الفن تنامى على نحو مذهل على مدار الأعوام الـ30 الأخيرة بين المشترين الآسيويين. وقالت: «إنهم لا يشترون الأعمال الفنية للاستمتاع فحسب، وإنما يشترونها لبناء مجموعات خاصة بهم». وأضافت: «بعضهم في الـ35 أو الـ40. إنهم لا ينتظرون حتى يصبحوا أثرياء».
من بين المهتمين باقتناء وجمع الأعمال الفنية من نيويورك الذين ينوون حضور المعرض، باتريسيا باي، وهي عضو بمجلس إدارة «مؤسسة الأصدقاء الأميركيين لإم بلس»، والتي تدعم متحف «إم بلس» في هونغ كونغ. وقد سبق لها حضور معرض «آرت بازل» في هونغ كونغ مرات عدة.
وقالت باي إنه من المهم أن تعيد هونغ كونغ فتح أبوابها على مصراعيها «لضمان عدم خسارتها الشغف الفني لصالح كوريا أو سنغافورة». وقد حضرت باي جزءاً من فعاليات أسبوع سنغافورة الفني في يناير (كانون الثاني)، والذي تضمن معرضين فنيين، وقالت إن الحضور كان نشيطاً. وأضافت: «لمحت اثنين من المليارديرات».
وجدير بالذكر أن باي، المتقاعدة حالياً، سبق لها العمل لحساب يوجين ثو، تاجر الأعمال الفنية المعروف. وقالت باي إنه لم يكن بحوزتها قائمة تسوق محددة أثناء ذهابها للمعرض. وأضافت: «أشارك في عالم الفن منذ سنوات كثيرة. لذا، أتحرك بتوجه من غريزتي فحسب».
من بين السبل التي تحاول المعارض الفنية من خلالها التميز في عيون الجمهور، الكبائن الفردية.
ومن جانبه، يشارك معرض «فينوس أوفر مانهاتن»، الذي أسسه جامع المقتنيات الفنية آدم ليندمان في «آرت بازل هونغ كونغ» للمرة الأولى، وينوي التركيز على إبداعات بيتر سول، الفنان البالغ 88 عاماً، والذي يهتم بأعمال الكرتون والكوميكس، ولطالما أبدى حساسية تجاه الثقافة الشعبية.
ومن ناحيتها، قالت آنا فيرني، مديرة «فينوس أوفر مانهاتن»، إن أحد مشروعات المعرض «إعادة صياغة سياق المشروعات التي نشعر بأن لها أهمية تاريخية للفن، ولم تلق التقدير المناسب بعد من جانب السوق».
وأضافت أن الموضوع يشكل امتداداً لجهود جمع المقتنيات الفنية من جانب ليندمان. يذكر أنه باع قريباً 36 من مقتنياته لدار كريستي للمزادات، وحقق عائدات تجاوزت 31 مليون دولار. ويجمع «فينوس أوفر مانهاتن» تسعة أعمال لسول، منها «فيو أو سان فرانسيسكو» (1979) و«لاست دايم» (2022). وقد شهدت مسيرته موجة انتعاش في الفترة الأخيرة، مع وجود قائمة من أعماله في متحف نيويورك الجديد عام 2021.
وقالت فيرني: «أصبحت سوق أعمال بيتر آسيوية على نحو متزايد، ولديه قاعدة في سنغافورة وطوكيو وهونغ كونغ». وشرحت أن ما جذب الجمهور لأعماله مزجه بين موضوعات تروق للجمهور والمهتمين باقتناء الأعمال الفنية. وقالت: «دائماً ما يبدي هذه القدرة المرحة والذكية على النظر إلى التاريخ وتاريخ الفن والسياسة».
ويبدو الإطار العام للسوق الآسيوية محل اهتمام الكثيرين، بعد نجاح النسخة الأولى من «فريز سيول» التي جرت في سبتمبر (أيلول) وجذبت أكثر عن 70000 زائر. وقال نواه هورويتز، الذي تقلد حديثاً منصب الرئيس التنفيذي لـ«آرت بازل» في أكتوبر (تشرين الأول)، إن الأمر أشبه بـ«مد متنامٍ». وأضاف: «ساعد (فريز سيول) على تحويل الكثير من الأنظار نحو آسيا. وتؤكد كل هذه الأمور على آسيا باعتبارها جزءا ضخما من مجال عملنا»
* خدمة {نيويورك تايمز}
.