11 محافظة عراقية تتظاهر ضد حكومة حيدر العبادي

المحتجون يهددون بالعصيان المدني وتغيير النظام

أهالي مدينة العمارة جنوب العراق تظاهروا أمس ضد الفساد الحكومي بينما تقف قوات مكافحة الشغب لحماية بناية المحافظة (رويترز)
أهالي مدينة العمارة جنوب العراق تظاهروا أمس ضد الفساد الحكومي بينما تقف قوات مكافحة الشغب لحماية بناية المحافظة (رويترز)
TT

11 محافظة عراقية تتظاهر ضد حكومة حيدر العبادي

أهالي مدينة العمارة جنوب العراق تظاهروا أمس ضد الفساد الحكومي بينما تقف قوات مكافحة الشغب لحماية بناية المحافظة (رويترز)
أهالي مدينة العمارة جنوب العراق تظاهروا أمس ضد الفساد الحكومي بينما تقف قوات مكافحة الشغب لحماية بناية المحافظة (رويترز)

عند النظر إلى خارطة العراق المكونة من 18 محافظة نجدها اليوم موزعة على النحو التالي، 3 تتمتع بحكومة شبه مستقلة عن المركز، وهي محافظات إقليم كردستان (أربيل، سليمانية، دهوك)، وواحدة غير مستقرة أمنيا سواء بفعل مكوناتها أو قرب تنظيم داعش منها وهي (كركوك)، وثلاث تعتبر ساحات قتال ومعارك وهي (صلاح الدين، الأنبار، ونينوى)، و11 محافظة بما فيها العاصمة بغداد تشهد حاليا حراكا شعبيا أسفر عن مظاهرات بسبب سوء الخدمات خرجت على حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وشارك بها مئات الآلاف من العراقيين وهي (بغداد، بابل، كربلاء، النجف، الديوانية، المثنى، واسط، ذي قار، ميسان، البصرة) ليكون العراق ساخنا وملتهبا كصيفه هذا العام والذي ارتفعت به درجات الحرارة إلى مديات غير مسبوقة.
السخط الشعبي على حكومة العبادي الذي تشهده محافظات الوسط والجنوب العراقية، لم يترك مدينة إلا وحط فيها حتى تلك التي تعتبر أكثر استقرارا كمدينة العمارة مركز محافظة ميسان (400 كلم جنوب بغداد) والتي يضرب فيها المثل في العراق بساعات تجهيز الكهرباء والخدمات المقدمة للمواطنين، لكن أكبرها كان في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار (375 كلم جنوب بغداد)، فيما قد تشهد مدينة الحلة مركز محافظة بابل (100 كلم جنوب بغداد) شرارة لعصيان مدني قد يغير خارطة الحكومة العراقية، بينما يستعد ناشطون مدنيون إلى التنسيق يوم الجمعة للخروج في مظاهرة موحدة في ذات التوقيت وبجميع المدن.
وقال حميد اللامي، أحد المتظاهرين الذين خرجوا إلى شارع دجلة بمدينة العمارة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إن «مظاهرات مدينة العمارة تعد الأكبر بالمقارنة مع المظاهرات التي خرجت خلال الأعوام السابقة وهي تتشابه بالمطالب مع بقية المظاهرات التي شهدتها مدن عراقية أخرى لكن مطلبنا المختلف نوعا ما هو أن تتحول الكابينة الوزارية إلى حكومة تكنوقراط فالحل يكمن هنا بإلغاء المحاصصة».
وأضاف أن «محافظة ميسان تشهد إعمارا وتجهيزها بالطاقة الكهربائية مرتفع لكن مللنا من سلب أموال الشعب من قبل أناس هم قطعان من الحرامية».
العصيان المدني قد تكون شرارته من مدينة الحلة، مركز محافظة بابل والتي شهدت بناء سرادق وخيم بالقرب من مبنى الحكومة المحلية، حيث توعد المتظاهرون بأن تكون لهم صرخة مدوية بعد مظاهرة شهدتها المدينة مؤخرا.
وقال أيسر الخفاجي، أحد المتظاهرين الذين خرجوا في مدينة الحلة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إن «مدينة الحلة مظلومة بساعات تجهيز الكهرباء رغم وجود أكثر المحطات لتوليد الطاقة الكهربائية ومنها (محطة المسيب العملاقة) لكن سياسة وزارة الكهرباء ضدها مبهمة وغير معروفة لذا خرجنا بمظاهرات وسط المدينة وحاليا نعمل على إقامة السرادق والخيم للبدء بعصيان مدني».
وأضاف أن «مطالبنا ليست مستحيلة التنفيذ ولكن هناك إهمال متعمد بأخذها بعين الاعتبار وهذا ما يدفعنا إلى النزول للشارع في عصيان مدني ومتأكدون أنه حق دستوري».
المتظاهرون في جميع المدن العراقية وكأنه وجد بينهم تنسيق في الرؤى والأهداف رغم أن مظاهراتهم عفوية وليس لها جهة تتحدث بها أو تنسيقيات كما حدث في المظاهرات التي شهدتها العاصمة بغداد قبل عامين أو تلك التي كانت في المناطق الغربية.
وقال المحلل السياسي الدكتور محمد فيصل في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إن «المظاهرات الأخيرة التي شهدتها 11 محافظة عراقية بما فيها مدن عدة من ذات المحافظة تشكل أكبر خطر على حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي التوافقية شكلا حيث يبدو أن الأحزاب المشكلة لها غير مسيطرة وغير مؤثرة في جمهورها وخاصة بعد سلسلة فضائح الفساد التي بدأت تعصف بها واختيار أشخاص غير مؤهلين وغير مرغوبين في الشارع العراقي ليكونوا واجهات لأحزابهم في هذه الحكومة».
وأضاف أن «اللافت للنظر هو أن مطالب المتظاهرين في كل المدن العراقية موحدة تقريبا رغم عدم إعلان جهة عن تنظيمها أو حتى عدم وجود تنسيقيات بين تجمعات المتظاهرين لذا فهي عفوية يسيرها فقط الآراء في مواقع التواصل الاجتماعي ومنها نلاحظ دعوات لأن يكون يوم الجمعة هو موعد لجميع المظاهرات».
وتابع: «على حكومة العبادي وأحزاب السلطة إن أرادوا امتصاص زخم هذه المظاهرات التعامل معها بحكمة وروية وإلا فإن شعارها (نريد إصلاح النظام) سيتحول إلى (نريد إسقاط النظام) وحينها لن يفيد أي حل».
يذكر أن العراق يشهد حراكًا جماهيريًا واسعًا وخلال الفترة الأخيرة احتجاجًا على تردي الخدمات وتفشي الفساد وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على معالجة ذلك وخرجت أولى المظاهرات في البصرة لتعم بعد ذلك جميع المدن الواقعة تحت سيطرة الحكومة العراقية.



​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.