أوكرانيا تعدّ لهجوم مضاد... وموسكو تلوّح بالتوغل في اتجاه كييف ولفيف

الأمم المتحدة تتهم الطرفين بتنفيذ «إعدامات خارج نطاق القضاء» لأسرى حرب

وحدة مقاتلة أوكرانية قريبة من خط النار في باخموت على الجبهة الشرقية (أ.ف.ب)
وحدة مقاتلة أوكرانية قريبة من خط النار في باخموت على الجبهة الشرقية (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تعدّ لهجوم مضاد... وموسكو تلوّح بالتوغل في اتجاه كييف ولفيف

وحدة مقاتلة أوكرانية قريبة من خط النار في باخموت على الجبهة الشرقية (أ.ف.ب)
وحدة مقاتلة أوكرانية قريبة من خط النار في باخموت على الجبهة الشرقية (أ.ف.ب)

تخطط القوات الأوكرانية، التي ظلت في موقف الدفاع على مدى أشهر، لشن هجوم مضاد قريباً في وقت بدأ فيه أن الهجوم الروسي يتعثر، ولم ترد تعليقات بعد من موسكو على تلميحات بأن قواتها في باخموت تتراجع، لكن يفجيني بريجوجن رئيس مجموعة «فاغنر» أدلى بتصريحات في الأيام القليلة الماضية حذر فيها من هجوم أوكراني مضاد. ورصد مراسلون قرب جبهة القتال الأمامية شمالي باخموت مؤشرات تتسق مع ما قيل عن احتمال تراجع الهجوم الروسي في المنطقة. وفي قرية تسيطر عليها أوكرانيا غربي سوليدار على المشارف الشمالية لباخموت قلت كثافة القصف الروسي بشكل ملحوظ عما كانت عليه قبل يومين، حسب وكالة «رويترز».
وقال الجيش الأوكراني في وقت مبكر من صباح أمس (الجمعة)، إن القوات الأوكرانية صدت 80 هجوماً روسياً على ليمان وأفدييفكا ومارينكا وشاختارسكي، لكن التركيز الأساسي لا يزال منصبّاً على باخموت، وذكرت هيئة الأركان العامة الأوكرانية «لم يوقف العدو هجومه على باخموت». وقال أوليكسندر سيرسكي، قائد القوات البرية الأوكرانية، إن قواته ستبدأ قريباً هجوماً مضاداً بعد أن صمدت في وجه الحملة العسكرية التي شنّتها روسيا طوال الشتاء. وقال، إن مرتزقة مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة «يفقدون قدراً كبيراً من قوتهم وطاقتهم». وأضاف «قريباً جداً سنستغل تلك الفرصة كما فعلنا من قبل قرب كييف وخاركيف وبالاكليا وكوبيانسك» في إشارة إلى هجمات مضادة أوكرانية تمت العام الماضي وتمكنت من استعادة السيطرة على مساحات واسعة.

وحذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن الحرب قد تدوم لسنوات إذا لم تصل الأسلحة بوتيرة أسرع لبلاده، في حين اتّهمت الأمم المتحدة، الجمعة، القوات الأوكرانية والروسية بتنفيذ عشرات الإعدامات خارج نطاق القضاء لأسرى حرب خلال الحرب الدائرة. ذكرت الخدمة الصحافية بالجيش الأوكراني في منشور عبر تطبيق «تلغرام» أمس (الجمعة)، أن الهجمات الروسية في أوكرانيا على مدار اليوم السابق أسفرت عن مقتل تسعة مدنيين على الأقل وإصابة 26 آخرين. وضربت الهجمات ثماني مناطق في أوكرانيا، لكن شرقي دونيتسك كانت الأكثر تضرراً.
وقُتل خمسة أشخاص في ضربة روسية على مركز للمساعدة الإنسانية في بلدة بشرق أوكرانيا، في حين قُتل شخص في هجوم بجنوب البلاد، على ما أعلنت السلطات الجمعة. وقالت أجهزة الطوارئ على «تلغرام»، إن «بلدة كوستيانتينيفكا تعرضت لقصف صاروخي خلال ليل الخميس. أحد الصواريخ أصاب مبنى من طابق واحد»، مضيفة أن ثلاث نساء ورجلين قتلوا في الضربة التي أصابت منطقة تبعد 25 كيلومتراً غرب باخموت. وقال مكتب المدعي العام على منصة «تلغرام»، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية، إن النساء اللواتي انتشلت جثثهن من تحت الأنقاض كان قد تم إجلاؤهن في السابق من مناطق باخموت وتشاسيف أيار وأوبيتني، التي تضررت بشدة من المعارك، مضيفاً أن قذيفة من راجمة روسية مضادة للطائرات من طراز «إس – 300» أصابت المبنى الذي يضم المركز وسقطت أخرى بجواره. وفي هجوم آخر، قتلت امرأة وجرح أربعة مدنيين آخرين في قصف مدفعي على قرية بيلوزيركا بمنطقة خيرسون (جنوب). ولحقت أضرار بمنازل وخطوط كهرباء وغاز من جراء القصف، على ما أكدت السلطات. وسجلت الأمم المتحدة وفاة أكثر من 8300 مدني منذ بدء الحرب. وتفترض الأمم المتحدة، أن حصيلة القتلى الفعلية للمدنيين أكبر بكثير نظراً لغياب وصول المجموعات الإنسانية الدولية إلى المناطق التي تسيطر عليها روسيا.
وقالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا ماتيلدا بوغنر، إنها ومنظمتها وثّقتا عمليات قتل «25 أسير حرب روسياً» على أيدي القوات المسلحة الأوكرانية، وكذلك «إعدام 15 أسير حرب أوكرانياً بعد وقت قصير من أسرهم من قِبل القوات الروسية».
وبحسب وكالة «سبوتنيك» الروسية، تواصل القوات الروسية «عمليتها العسكرية الخاصة»، مستكملة تحرير المناطق الأربع التي انضمت إلى روسيا الاتحادية مؤخراً (جمهوريتا دونيتسك ولوهانسك ومقاطعتا زابوروجيا وخيرسون). وحددت موسكو منذ إطلاق العملية، يوم 24 فبراير (شباط) 2022، أهدافها بحماية سكان إقليم دونباس، والقضاء على التهديدات الموجهة لأمن روسيا، وإجبار أوكرانيا على الحياد العسكري، والقضاء على التوجهات النازية فيها.
وصرح نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيديف، متحدثاً عن العملية العسكرية، بأنه لا يمكن استبعاد أي شيء، مؤكداً أنه «إذا لزم الأمر»، سيصل الجيش الروسي إلى كييف أو لفوف من أجل القضاء على «المرض». ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن ميدفيدف قوله أمس «لا يمكن استبعاد شيء. إذا أردتم الذهاب إلى كييف فإنكم في حاجة للذهاب إلى كييف، إذا أردتم الذهاب إلى لفيف فعليكم الذهاب إلى لفيف من أجل تدمير تلك العدوى».
وناشد زيلينسكي القمة الأوروبية المنعقدة في بروكس بتسريع وتكثيف إمداد الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ طويلة المدى والطائرات الحديثة وفرض عقوبات إضافية على روسيا أو المخاطرة باستمرار الحرب. وأضاف «إذا ترددت أوروبا فسوف يتاح للشر الوقت لإعادة تجميع الصفوف وإعداد نفسه لأعوام من الحرب». وقال زيلينسكي، إن على أوروبا أن تسرّع من وتيرة إمداد بلاده بالأسلحة، وطالب مجدداً بتزويد أوكرانيا بصواريخ طويلة المدى وذخيرة وطائرات حديثة وبفرض المزيد من العقوبات على روسيا. وقال زيلينسكي من على متن قطار، وقد بدا عليه الإحباط، في خطاب مسجل الخميس لزعماء الاتحاد الأوروبي «إذا انتظرت أوروبا فربما سيكون لدى الشر الوقت لإعادة تنظيم صفوفه والاستعداد لحرب تدوم سنوات».
وتباطؤ الهجوم الروسي في باخموت ربما يعني أن موسكو تحول قواتها ومواردها لمناطق أخرى في الحرب. وقالت بريطانيا الخميس، إن القوات الروسية حققت مكاسب في شمال أوكرانيا هذا الشهر مما مكّنها من استعادة السيطرة جزئياً على مداخل مدينة كريمينا كما تدور معارك ضارية أيضاً في الجنوب. واتفق المحلل العسكري الأوكراني أوليج زدانوف مع ذلك الطرح، وقال في فيديو على «يوتيوب»، إن الهجمات الروسية على باخموت تتناقص، لكن موسكو تحول جهدها الحربي صوب الجنوب إلى مدينة أفدييفكا. وأضاف، أن القوات الروسية أصبحت أكثر نشاطاً في مناطق إلى الشمال عند خاركيف ولوجانسك، إضافة إلى زابوريجيا في الوسط وخيرسون في الجنوب.
وأعرب الحلفاء الغربيون عن تحفظات شديدة بشأن إرسال طائرات مقاتلة غربية على أحدث طراز إلى أوكرانيا. وشكا زيلينسكي من أن الاتحاد الأوروبي لا يسارع فيما يبدو بفرض مزيد من العقوبات على روسيا.
نقلت وكالة «إنترفاكس» للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية القول أمس (الجمعة)، أن استخدام قذائف اليورانيوم المستنفد في أوكرانيا سيضر بالقوات الأوكرانية والسكان ككل ويؤثر سلباً على قطاع الزراعة في البلاد. وردت روسيا بغضب على خطط أعلنت عنها بريطانيا في وقت سابق من هذا الأسبوع لإرسال قذائف تحتوي على يورانيوم مستنفد إلى أوكرانيا. وتقول لندن، إنه نوع تقليدي من الذخيرة، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن هذه الخطوة تظهر أن أعضاء حلف شمال الأطلسي يرسلون أسلحة بها «مكون نووي» إلى كييف.


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.