5 مقابر جماعية في الباغوز

الباغوز تنتظر إيجاد حل لقضية مقابرها الجماعية (الشرق الأوسط)
الباغوز تنتظر إيجاد حل لقضية مقابرها الجماعية (الشرق الأوسط)
TT

5 مقابر جماعية في الباغوز

الباغوز تنتظر إيجاد حل لقضية مقابرها الجماعية (الشرق الأوسط)
الباغوز تنتظر إيجاد حل لقضية مقابرها الجماعية (الشرق الأوسط)

رغم مرور 4 أعوام على هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي في معقله الأخير ببلدة الباغوز فوقاني الواقعة أقصى شرقي سوريا؛ فإن إحصاء الجثث وهوية المدفونين في المقابر الجماعية ما زالا عالقين. ويقول الدكتور مشاري الحزوم، رئيس لجنة الطبابة الشرعية في دير الزور، ومسؤولون مدنيون وسكان من أهالي المنطقة، إنه توجد 5 مقابر جماعية معروفة وظاهرة للعيان، وقد قامت فرق مختصة بانتشال الجثث التي كانت ملقاة على سطح الأرض وجرى دفنها في مقبرة خاصة من دون شواهد، بعد توثيق وتدوين معلومات أصحابها في سجلات رسمية.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الدكتور مشاري الحزوم، الذي قاد فريقاً مختصاً لجمع الجثث داخل الباغوز بعد انتهاء العمليات العسكرية في ربيع 2019، إنهم جمعوا 465 جثة من جميع المناطق المحيطة بالبلدة؛ بما فيها المخيم القديم. وأوضح: «بعد انتهاء المعركة، تمت العملية (جمع الجثث) بالتعاون مع (برنامج إنماء الفرات)، وكانت المدة 3 أشهر. جمعنا كل الجثث الظاهرة فوق سطح الأرض، وقمنا بتوثيقها ثم دفنها في مقبرة القرية»، مشيراً إلى أنهم تركوا بقية المقابر الجماعية وعددها 5؛ «لأنها تحتاج إلى فرق مختصة وآليات ومعدات حديثة خاصة لإنجاز هذه المهمة، كما أن هناك حاجة لجهود محلية ودولية للتمكن من فتح كل المقابر».
وأوضح الدكتور الحزوم أنهم حاولوا فتح مقبرة تقع بجانب مستوصف القرية بعد مطالبة الأهالي أصحاب الأرض بالعمل على فتح المقبرة وانتشال جثثها. وتابع: «حصلنا بالفعل على موافقة رسمية من الإدارة المدنية وفتحنا قبراً واحداً لنفاجأ بوجود 3 جثث بعضها فوق بعض». ورجّح أن «بقية القبور في المقبرة تتراوح أعداد الجثث الموجودة في كل واحد منها بين 3 و7 جثث، وذلك نظراً إلى طول القبر وعمقه». وشدد على أن فريقه كان حريصاً على «توثيق (بيانات) الجثة؛ ذكراً أم أنثى، وتقدير العمر، وطريقة القتل... غالبية الجثث كانت لجنسيات آسيوية ومن دول الاتحاد السوفياتي (السابق) ومن العراقيين».
وكشف عن أنهم وجدوا جثثاً مقيّدة بسلاسل حديدية وتم قتل أصحابها بطريقة «الإعدامات الميدانية». وتابع: «عثرنا على 5 جثث أعدمت بشكل جماعي رمياً بالرصاص... كانت تلبس زي الإعدام الخاص بالتنظيم».
ورصدت «الشرق الأوسط»، خلال جولة في الباغوز، 5 مقابر جماعية؛ منها اثنتان في المخيم القديم وسط أرض زراعية، ومقبرة واحدة بجانب المستوصف، ومقبرتان داخل شوارع القرية. ويقول سكان إن الجثث التي جُمعت من أحياء وشوارع البلدة دُفنت في مقبرة الباغوز نفسها على تلتها الاستراتيجية الواقعة في الجهة الشرقية. ويوضح سكان محليون أن تنظيم «داعش» أعد المقابر الجماعية قبل بدء الهجوم على البلدة، مشيرين إلى أن قسماً من الجثث يعود لمتشددين من أفراد التنظيم.
وتدل مقابر الباغوز على الأهوال التي عاشها سكان المنطقة تحت حكم «داعش» لنحو 5 سنوات ونصف السنة، قبل دحره في مارس (آذار) 2019. وفي هذا الإطار، يقول رشيد (45 سنة)؛ الذي يعمل في بلدية الباغوز المستحدثة، إن المقابر الجماعية قد تكون أكثر من ذلك بكثير لعدم اكتشافها وغياب الفرق المختصة بالبحث عنها، وكذلك نتيجة غياب المساهمة المحلية والدولية المختصة في فتحها والكشف عن حقيقة الجثث المدفونة فيها. ويوضح رشيد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أتذكر كيف كنا نجمع ما بين 3 و7 جثث يومياً بشكل وسطي على مدار 3 أشهر متتالية». ويزيد قائلاً: «نحاول نسيان ما شهدته قريتنا، لكن عند مشاهدة قبر جماعي والسماع بوجود جثث تحت الأنقاض، نتذكر الحقبة السوداء القديمة حين كانت المنطقة تخضع لتنظيم (داعش) المتطرف».
أما وليد، وهو ممرض يعمل في مستوصف القرية، فقال إن فريقاً مختصاً، بالتعاون مع منظمة مدنية محلية وبتوجيه من الإدارة الذاتية المدنية في دير الزور، جمع كل الجثث الظاهرة للعيان؛ وبينها جثث نساء وأطفال ورجال، موضحاً أن «معظم جنسيات القتلى كان لعراقيين أو من بلاد آسيا الوسطى ودول شرق آسيا. كنا نتعرف عليهم من ملامحهم أو وجود علامات تشير إلى ذلك. أما أعداد السوريين فقد كانت قليلة جداً». وأكد أنهم عثروا في قطعة أرض شرق البلدة على 6 جثث تعود لعسكريين: «كانت جماجمها مهشمة وتعود لرجال مسلحين يبدو أنهم كانوا ضحية تصفية جماعية». ولفت إلى أن الفريق المختص بعد توثيق الجثة، يقوم بـ«دفن الجثث على الطريقة الإسلامية في مقبرة البلدة الواقعة أقصى شرقي البلدة على تلتها المعروفة، ولكن من دون شواهد».
وأخبر الشيخ حواس سيدير الجاسم، وهو أحد وجهاء الباغوز، أن وفداً من أبناء القرية عقد بداية العام الحالي اجتماعات مع مسؤولي التحالف الدولي وسفراء أميركيين زاروا المنطقة، موضحاً: «طالبنا قادة التحالف ومسؤولي الإدارة الذاتية بالعمل على فتح المقابر الجماعية؛ لأنها تشكل أحد أبرز العوامل المانعة تعافي هذه القرية وعودة سكانها إلى حياتهم الطبيعية». وأكد أن الباغوز دفعت أكبر فاتورة في الحرب ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، مشيراً إلى أنها «كانت آخر معاقله الجغرافية والعسكرية التي تحصن بها مقاتلوه قبل استسلامهم».

الباغوز لنفض «غبار الحرب» بعد 4 سنوات على هزيمة «داعش»

شهادات ناجين من قبضة «داعش»

 فتية «سلاحهم» الحجارة والعصى للدفاع عن قسم «النساء المهاجرات» في الهول

مديرة مخيم الهول لـ «الشرق الأوسط» : تفكيكه يحتاج إلى سنوات... وهو الأخطر في العالم

 «لا شواهد» لقبور اللاجئين العراقيين



الحقيقة بين حَربَيْن: يوليو 2006 - أكتوبر 2023

رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
TT

الحقيقة بين حَربَيْن: يوليو 2006 - أكتوبر 2023

رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)

المحنة الخطيرة التي تعرّض لها لبنان في عام 2006، بالمقارنة مع المحنة التي لا يزال يتعرّض لها منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى الآن، تبينان أن هناك أوجه شبه متعددة في جذورهما، كما أن هناك فروقات شاسعة بينهما، لا سيما بسبب تغير الظروف والأحوال.

منذ اللحظة التي قام بها العدو الإسرائيلي بعدوانه على لبنان في شهر يوليو (تموز) 2006، بحجة العملية العسكرية لـ«حزب الله» واختطافه عنصرين من الجيش الإسرائيلي، دعوتُ مجلس الوزراء للانعقاد والبحث في مخاطر هذا العدوان وتداعياته، واتخاذ التدابير، لحماية الأمن الوطني وحماية أمن اللبنانيين وسلامتهم، في المناطق التي أصبح يستهدفها، وللحؤول دون إفراغ الجنوب اللبناني من أهله.

لقد طرحتُ الأمر على مجلس الوزراء، وقلتُ بوضوح، إننا كحكومة فوجئنا ولم نكن على علم مسبّق بهذه العملية، وإننا لا نتبناها، ونستنكر عدوان إسرائيل على لبنان، وعلى سيادته وعلى الشعب اللبناني، وعلينا تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن، والمطالبة بوقف إطلاق النار.

المسافة بين الدولة و«الحزب»

بذلك نجحت الحكومة آنذاك في إيجاد مسافة واضحة بين الدولة اللبنانية و«حزب الله»، وهو ما أفسح المجال أمامها في مخاطبة المجتمعين العربي والدولي، والتواصل معهما من أجل مساعدة لبنان وتعزيز صموده. وهذا أيضاً ما أهّلها ومكّنها بعد ذلك، وفي ظل عنف الجرائم التي باتت ترتكبها إسرائيل إلى أن تكتسب دور الضحية الذي حاولت إسرائيل أن تلبس رداءه منذ صباح الثاني عشر من يوليو (تموز).

حرصت منذ ذلك الوقت على أن تكون الدولة اللبنانية بكل مكوناتها وإمكاناتها هي المسؤولة عن كل ما يجري، وعن معالجة نتائج ما حصل وما سيحصل، وأنها ستتحمل مسؤولياتها باتخاذ كل القرارات والإجراءات التي تحمي لبنان واللبنانيين، وتوفير مقومات صمودهم والاهتمام بالنازحين اللبنانيين.

منذ ذلك اليوم، تحوّل السراي الحكومي إلى ورشة عمل وطنية لا تهدأ، كما تحول أعضاء الحكومة إلى فريق عمل واحد للدفاع عن لبنان، والعمل على استنهاض الجهود في كل إدارات الدولة ومرافقها وإمكاناتها من أجل توفير مقومات الحياة للبنانيين، كما استنهاض المجتمع المدني للقيام بدورهم بواجب الدفاع عن لبنان.

على المستوى الخارجي، تكثّفت الاتصالات اليومية وبالتعاون مع وزير الخارجية اللبناني بكبار المسؤولين في العالم، من الأمين العام للأمم المتحدة، ومروراً برؤساء الدول العربية الشقيقة، وكذلك الدول الصديقة ممن يملكون القرار، ولهم القوة والنفوذ والتأثير الدولي، وكان مطلبنا الأساسي والأول من مجلس الأمن الدولي وقف إطلاق النار.

في ذلك الوقت، استمرّ العدو الإسرائيلي في شن الحرب على لبنان، وفي استهداف المنشآت والمرافق، وتدمير الجسور والطرقات والمدارس والأبنية في القرى والبلدات، بينما جهدت الحكومة من أجل استنهاض العالم والمنظمات الدولية لإدانة ووقف ما يعانيه لبنان، وما يتعرّض له من مخاطر.

مهجرون في حرب تموز 2006 يعودون إلى مناطقهم بعد وقف إطلاق النار (غيتي)

خطة النقاط السبع

في ذلك الوقت، بادرت مع مجلس الوزراء، وبحضور رئيس الجمهورية ومشاركته الفعالة إلى بلورة صيغ الحلول للبنان، ووضعها بمتناول رؤساء دول العالم ومجلس الأمن من أجل وقف الحرب على لبنان ولإنهاء العدوان الإسرائيلي، حيث أقرت الحكومة خطة النقاط السبع التي عرضْتُها في مؤتمر روما، والتي اعتمدها مجلس الأمن من ضمن بناءاته في إصدار القرار الدولي بوقف إطلاق النار.

صدر القرار رقم 1701 عن مجلس الأمن، وتوقفت الحرب، وعاد النازحون إلى ديارهم وقراهم ابتداء من يوم 14 أغسطس (آب) 2006، وأنجزت ورشة البناء والإعمار للبنى التحتية وللأبنية المدمرة والمتضررة على أعلى درجات الكفاءة والصدقية والفاعلية والسرعة، وبفضل المساعدات الكريمة التي قدمتها الدول العربية، لا سيما دول الخليج، والدول الصديقة، والتي استند لبنان في الحصول عليها على الثقة التي رسختها الحكومة اللبنانية في علاقاتها مع جميع الأشقاء والأصدقاء. وبناء على ذلك، فقد عاد لبنان من جديد إلى نهوضه وازدهاره، ولممارسة دوره الطبيعي عربياً وعالمياً، وحيث استطاع لبنان خلال السنوات من 2007 إلى 2010 أن يحقق أعلى نسبة نمو في تاريخه الحديث لـ4 سنوات متوالية، وأن يحقق فائضاً سنوياً كبيراً في ميزان المدفوعات، وكذلك فائضاً إيجابياً كبيراً في مجموع الاحتياط من العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي، وخفضاً نسبياً كبيراً في نسبة الدين العام اللبناني إلى ناتجه المحلي.

لقاء رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للاتفاق على مشاركة ألمانيا في قوات "يونيفيل" في 2006 (غيتي)

وحدة ساحات بلا مقوّمات

بالمقارنة، فإنَّ ما حصل في 8 أكتوبر عام 2023، نتيجة مبادرة «حزب الله» مستنداً إلى نظريته بوحدة الساحات، وهو قد قام بذلك منفرداً وعلى مسؤوليته، ومن دون اطلاع أو معرفة السلطات الشرعية في لبنان إلى إشعال الجبهة على حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وأيضاً دون الأخذ بالحسبان الظروف شديدة الصعوبة التي بات يعاني منها لبنان آنذاك، ولا يزال.

صباح اليوم التالي، في 8 أكتوبر 2023، أصدرتُ بياناً شدّدت فيه على أن لبنان لا يستطيع، ولا يمكن أن يُزجَّ به في هذه المعركة العسكرية، وعددت 5 أسباب أساسية فحواها الأزمة الوطنية والسياسية لعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم تأليف حكومة مسؤولة، والضائقة الاقتصادية الخانقة، وأزمة النازحين السوريين، وانحسار الصلات الوثيقة مع دول الاحتضان العربي، وعدم توفر شبكة الأمان العربية والدولية التي حمته في عام 2006، وكذلك عدم وجود عطف أو تأييد لدى غالبية اللبنانيين لدعم مثل هذا التدخل العسكري.

الآن، ولأنّ القرار 1701 لم يطبق كما يجب، ولأنَّ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لم يلعبا دورهما في السهر على تطبيق جميع القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان وبالقضية الفلسطينية كما يجب، وحيث أثبتت إسرائيل أنها لا تسعى لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، ولا تعترف بالقانون الدولي، ولا بالشرعية الدولية، ولا بالحقوق الإنسانية، وتمعن في جرائم الإبادة والقتل والتدمير في غزة والضفة الغربية، وترتد اليوم على لبنان لتعود وتقتل المدنيين وتهجر الآمنين وتدمر المنازل والمنشآت، وتَستعْمِل وسائل التكنولوجيا الحديثة واصطياد الناس الآمنين.

دور وطني يبحث عن أبطال

الآن، وقد أصبحنا على ما نحن عليه، من إرغامات ومن عوائق، وكذلك من نوافد يمكن الولوج منها نحو إخراج لبنان من نير هذا العدوان الإسرائيلي، فإنّه باعتقادي أن في لبنان الآن دوراً وطنياً كبيراً، يبحث عن أبطاله وفي غياب رئيس للجمهورية، وهما بنظري الرئيس نبيه بري بكونه رئيس السلطة التشريعية، والرئيس نجيب ميقاتي بكونه رئيس حكومة تصريف الأعمال، وعليهما أن يكتسبا بجهودهما وتفانيهما، شرف وأجر هذا الدور وهذه البطولة، وعلى جميع المسؤولين والحريصين على إنقاذ لبنان، أن يبادروا إلى مساعدتهما عبر تبني النقاط الست الآتية:

أولاً: إنَّ الواجب الوطني يقتضي من جميع اللبنانيين التضامن والتماسك والتصرف على قاعدة الوحدة والأخوة الوطنية الواحدة، وأن الشعب اللبناني بِرُمَّته يشجب ويدين هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي يستهدف لبنان كله والصيغة اللبنانية، بتآلف عناصرها وتفاعلها، والتي لا تحتمل غالباً أو مغلوباً.

بري متوسطاً ميقاتي وجنبلاط في لقاء عين التينة الأربعاء (إ.ب.أ)

ثانياً: إنَّ الحلول للبنان لن تكون ويجب ألا تكون إلا عبر الحلول الوطنية الجامعة، التي تركّز على التمسك بحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف والدستور اللبناني، وبالدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة والحصرية، وبقرارها الحر ودورها المسؤول في حماية الوطن والسيادة الوطنية، ومسؤوليتها الكاملة تُجاه شعبها وأمنه واستقراره.

ثالثاً: بما أنّ العدوان يطال كل لبنان ويصيب كل اللبنانيين، وليس من أحد منهم يتوسَّل العدوان الإسرائيلي، لكي يستفيد أو يدعم موقفه السياسي، فإنّ التفكير والبحث يجب أن ينصبَّ على ضرورة أن تعود الدولة اللبنانية لتأخذ على عاتقها زمام الأمور والمسؤولية، وما يقتضيه ذلك من موقف وطني جامع، بحيث يحتضن اللبنانيون بعضهم بعضاً ويكون همهم الوحيد إنقاذ لبنان وإخراجه من أتون هذه الأزْمة المستفحلة والخطيرة، التي تهدّد كيان الوطن ووحدة اللبنانيين وتماسكهم ومصيرهم.

رابعاً: مطالبة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرارٍ بوقفٍ فوري لإطلاق النار في لبنان، وتَحَمُّلِ مسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، عبر التزام جميع الأطراف بالتطبيق الكامل والفوري للقرار الدولي 1701 بمندرجاته كافة، واحترام جميع القرارات الدولية ذات الصلة.

خامساً: مبادرة رئيس المجلس النيابي بدعوة المجلس إلى الانعقاد لمناقشة المخاطر التي تتربص بالدولة اللبنانية وبالشعب اللبناني بما يحفظ الكيان اللبناني، ويحترم الدستور اللبناني، ويحافظ على وحدة لبنان وسلامة أراضيه. كما الدعوة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية دون أي إبطاء. رئيس يستطيع أن يجمع اللبنانيين، وبالتالي لتشكيل حكومة مسؤولة تتولى التنفيذ الكامل للقرار 1701، وتعمل لاستعادة العافية والسيادة اللبنانية وتعزيز دور الدولة اللبنانية الكامل في الحفاظ على استقلال وسيادة، وحرية لبنان، واستعادة نهوضه، واستقراره.

سادساً: السعي مع جميع الأشقاء العرب وجامعة الدول العربية بكونهم أشقاء الدم والهوية، وكذلك مع جميع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية الإنسانية لتقديم كلّ المساعدات اللازمة والعاجلة لصيانة كرامة النازحين المنتزعين من بلداتهم وقراهم والحفاظ على كرامة اللبنانيين، وكذلك لتأمين العودة العاجلة والفورية لعودة النازحين إلى بلداتهم وقراهم ووضع الآليات ورصد المبالغ اللازمة لإعادة إعمار ما تهدم وما تضرر.

لقد أثبتت هذه المحنة الجديدة أن لبنان لم يستفِد من تجربة ودروس عام 2006، وأنه بات مكشوفاً بتفاصيله أمام العدو الإسرائيلي الذي استثمر تفوقه الناري والجوي والتكنولوجي والاستخباراتي والدعم الدولي اللامحدود له بالترخيص بالقتل والتدمير، وهو الذي لا يزال يُراهن على التسبب بالانقسام، والفتنة بين اللبنانيين، التي لا ولن تحصل بإذن الله، وهو لذلك لم يتورع عن ارتكاب المجازر والاغتيالات، التي كان آخرها اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله.

اليوم لبنان والعالم كله أمام الامتحان، فهل تقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن لمناصرة الحق، وهل يبادر اللبنانيون بكل قواهم، للدفاع عن حق لبنان واللبنانيين في الوجود الكريم والآمن، وتلقين إسرائيل درساً في معنى الحق والإنسانية واحترام حقوق الإنسان؟!