المرزوقي: الاتحاد المغاربي يوجد في غرفة الإنعاش.. ولا يزوره أحد

قال في محاضرة ألقاها بالرباط إن أزمة العالم العربي هي أزمة قيم وأخلاق

المرزوقي: الاتحاد المغاربي يوجد في غرفة الإنعاش.. ولا يزوره أحد
TT

المرزوقي: الاتحاد المغاربي يوجد في غرفة الإنعاش.. ولا يزوره أحد

المرزوقي: الاتحاد المغاربي يوجد في غرفة الإنعاش.. ولا يزوره أحد

اعتبر الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي أن الأزمة في العالم العربي هي أزمة قيم وأفكار، وليست أزمة مفاهيم، وأن «ما من ثورة سياسية يمكن أن تنجح دون ثورة أخلاقية»، وقال في محاضرة ألقاها في الرباط الليلة أول من أمس: «نحن في أزمة فكرية وليس أزمة مفاهيم».
وأضاف المرزوقي، الذي سلم الرئاسة إلى الباجي قائد السبسي امتثالا لنتائج الانتخابات، لقد «تمسكنا بالمفاهيم لأزيد من 50 عاما كما يتمسك الغريق بالقشة، بدءا بالاشتراكية والقومية والإسلام السياسي، وأخيرا الديمقراطية، لنكتشف في كل مرة أن واقعنا أعقد من أن تحل مشكلاته هذه المفاهيم».
وفي المحاضرة، التي ألقاها بدعوة من الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، ساق المرزوقي مثالا بمن يحاول أن يستثمر أموالا ضخمة في نظام صحي ليزدهر، وقال إنه «عندما نبني هرما على مستنقع فإن هذا الهرم يغرق. يمكن أن تضخ ما تشاء من الأموال في نظام صحي لكن في ظل غياب قاعدة أخلاقية عند الطبيب والمريض والممرض والإداري فإنه لن ينفع معه إصلاح».
وتابع قائلا: «هناك براكين وزلازل وهزات ارتدادية لن تقتصر على الدول العربية التي تعيشها الآن، بل ستتعدى إلى كل الدول التي لا تأخذ حذرها في المستقبل، ولا تقوم بالإصلاحات الحقيقية»، مضيفا أنه ينبغي التعامل مع الديمقراطية بحذر، و«يجب أن نحذر من مفاهيمنا وألا نعبدها ونعمل منها أصناما»، كما شدد على أنه «لا توجد ثورة ولن تنجح دون إحداث ثورة أخلاقية»، وأن العالم العربي يعيش مرحلة «لم يشهد لها مثيل في خطورتها عبر التاريخ... ستأتي فترة لن نبني فيها إلا على الخراب».
وعن تسليمه الرئاسة إلى السبسي قال: «أنا قبلت بنتائج الانتخابات ولست نادما على ذلك. بالنسبة لي فإنه على الشعب التونسي أن يختار من يشاء وأن يكون هو سيد نفسه... وأنا أكره مناقشة قرار الشعب».
وأثْنى المرزوقي على نهج الملك محمد السادس في التعاطي مع رياح «الربيع العربي» إبّانَ هبوبها مع مطلع سنة 2011، ووصولها إلى المملكة في شهر فبراير (شباط) من السنة ذاتها ببروز حراك اجتماعي في شوارع أكثر من خمسين مدينة مغربية، بزعامة شباب تنسيقيات «حركة 20 فبراير». وقال المرزوقي إن المغرب هو البلد الوحيد من ضمن بلدان المنطقة الذي التقط اللحظة التاريخية بسرعة، مضيفا أن «تعاطي المغرب بإيجاب مع الربيع العربي تمّ بفضل الذكاء السياسي الذي تعامل به الملك محمد السادس مع الوضع، وهو ما لم يترك للبركان فرصة الانفجار»، وفق تعبيره.
وعزا المرزوقي ما آلَ إليه الوضع بشمال أفريقيا والشرق الأوسط إلى وجودِ «أزمة قيم ومفاهيم» لدى شعوب المنطقة، بُنيت عليها منذ أزيد من خمسين سنة مخططاتهم، واعتبرَ أنَّ الأزمة الكُبرى التي تعوق تقدّم ذات الفضاء الجغرافي ليست سياسية أو اقتصادية، بل هي أزمة أخلاقيّة.
وبخصوص الوضع الراهن للاتحاد المغاربي أبْدى الرئيس التونسي السابق نوعا من اليأس تجاه نظرته لمستقبله، وقال إن «الاتحاد المغاربي يوجد في غرفة الإنعاش ولا يزوره أحد.. لقد كان حلما وانتهى».. مضيفا أننا «نواجه في العالم العربي انهيارا كاملا للتكتلات الإقليمية، ونواجه انهيارات بالجملة، وإذا كنا قد عجزنا عن تحقيق الوحدة المغاربيّة فكيف سنحقّق الوحدة العربية الشاملة» على حد تعبيره.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».