«العفو» الدولية تتهم جيش السودان بارتكاب جرائم حرب في جنوب كردفان

جنوب السودان: 800 ألف طفل نازح بسبب الصراع.. نصفهم غير ملتحقين بمدارس

«العفو» الدولية تتهم جيش السودان بارتكاب جرائم حرب في جنوب كردفان
TT

«العفو» الدولية تتهم جيش السودان بارتكاب جرائم حرب في جنوب كردفان

«العفو» الدولية تتهم جيش السودان بارتكاب جرائم حرب في جنوب كردفان

اتهمت منظمة العفو الدولية أمس الجيش السوداني بارتكاب تجاوزات، قالت إنها تصل إلى مستوى «جرائم الحرب» في منطقة النزاع داخل ولاية جنوب كردفان جنوب الخرطوم، بما في ذلك قصف المدنيين، واستهداف مراكز طبية.
وتواجه الحكومة السودانية تمردا مسلحا تخوضه «الحركة الشعبية - شمال السودان» في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ عام 2011.
وقالت ميشيل كغاري، نائبة المدير الإقليمي للمنظمة، في تقرير صدر أمس، إن «القوات المسلحة السودانية تمطر المدنيين قصفا دون تمييز، وتقضي على الحياة والثروة الحيوانية، وتتسبب في حدوث مشكلة إنسانية كبيرة».
وأكدت المنظمة أن فريقا من باحثيها زار المنطقة، التي يحتلها المتمردون في جنوب كردفان في مايو (أيار) الماضي، حيث جمعوا أدلة على أن القوات الحكومية السودانية تستخدم ذخائر عنقودية، وسبق لها أن استهدفت مباني مدنية، بما في ذلك المدارس والمراكز الطبية.
وقالت المنظمة الحقوقية إن 35 مدنيا قتلوا في الفترة الممتدة بين يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) الماضيين، في غارات جوية، وخلال القصف المدفعي الذي نفذته القوات الحكومة السودانية.
وأضافت كغاري أن «استهداف المنشآت والمناطق المدنية التي لا توجد فيها أهداف عسكرية مشروعة، واستخدام أسلحة محرمة وغيرها من الأسلحة دون تمييز، هي جرائم حرب». لكن لم يتسن الحصول على تعليق من المتحدث باسم الجيش السوداني على هذه الاتهامات.
ولم يزر فريق «العفو» الدولية المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، لأن الخرطوم ترفض بشكل متكرر السماح للمنظمات الحقوقية الأجنبية بالدخول إلى ولايتي جنوب كردفان، والنيل الأزرق وإقليم دارفور، حيث تواجه حركة تمرد منذ عام 2003.
ومثلما هي الحال في دارفور غرب السودان، يتهم متمردو جنوب كردفان، وهم في غالبيتهم من قبائل أفريقية، حكومة الرئيس السوداني عمر البشير بتهميشهم سياسيا واقتصاديا، في وقت لا يزال فيه الرئيس البشير مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، في إقليم دارفور.
وفي هذا السياق، يزور الخرطوم منذ الاثنين الماضي كبير وسطاء الاتحاد الأفريقي ثابو مبيكي لمناقشة النزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق؛ إذ أعلن النائب الأول للرئيس السوداني بكري حسن صالح أن الحكومة يمكن أن تعلق أحكاما أصدرتها محكمة سودانية ضد بعض زعماء التمرد، وذلك للحضور إلى الخرطوم من أجل محادثات سلام.
وعلى صعيد متصل بالأزمة في دولة جنوب السودان، كشفت منظمات إنسانية أمس أن نحو نصف الأطفال النازحين عن منازلهم بسبب الحرب الأهلية في جنوب السودان غير ملتحقين بالمدارس، مشيرة إلى أن عدد الأطفال النازحين بلغ نحو 800 ألف طفل.
وتعاني جنوب السودان من حرب أهلية منذ أخذ الصراع على السلطة بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار، منحى دمويا منذ ديسمبر (كانون الأول) من عام 2013، حيث أدى الصراع إلى مقتل عشرات الآلاف، فضلا عن تشريد نحو مليونين.
وأوضحت منظمات «وورلد فيجن»، و«أنقذوا الأطفال» و«إنترسوس» و«كير»، في تقرير مشترك، أنه رغم الوضع الإنساني الصعب، فإن كثيرا من الأطفال يبدون رغبة قوية في الذهاب إلى المدرسة، ويعطون لهذا الأمر أولوية على احتياجات أساسية أخرى. فيما قال بعض الآباء والأطفال للباحثين إنهم قرروا التحرك بأنفسهم، وشيدوا مباني لمدارس مؤقتة، وجمعوا أموالا لدفع راتب معلم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.