مالي وبوركينا فاسو... تحديات «متشابهة» قد تدفع لـ«اتحاد فيدرالي»

خروج فرنسا وتفاقم الوضع الأمني ولدا تفاهمات بين القادة العسكريين للجارتين

دوريات فرنسية سابقة خلال عملية «برخان» المناهضة للمتمردين في تاسيجا بمالي (رويترز)
دوريات فرنسية سابقة خلال عملية «برخان» المناهضة للمتمردين في تاسيجا بمالي (رويترز)
TT

مالي وبوركينا فاسو... تحديات «متشابهة» قد تدفع لـ«اتحاد فيدرالي»

دوريات فرنسية سابقة خلال عملية «برخان» المناهضة للمتمردين في تاسيجا بمالي (رويترز)
دوريات فرنسية سابقة خلال عملية «برخان» المناهضة للمتمردين في تاسيجا بمالي (رويترز)

تدرس الجارتان مالي وبوركينا فاسو (غرب أفريقيا) إمكانية تدشين «اتحاد فيدرالي»، في ظل تشابك وتشابه الظروف الأمنية والسياسية التي تواجه البلدين.
ويشترك البلدان في حدود طويلة، ويواجهان تحديات مماثلة؛ فكلتاهما يحكمهما مجلس عسكري أطاح بحكومتيهما في العامين الماضيين، كما يعاني البلدان من انعدام الأمن مع تصعيد جماعات مسلحة لهجماتها.
وتلقت الفكرة، التي طرحها رئيسا وزراء مالي وبوركينا فاسو، الشهر الماضي، دعماً شعبياً، أمس، حين خرج مجموعة من النشطاء من العاصمة المالية باماكو إلى واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو للتعبير عن دعمهم لفكرة الاتحاد الفيدرالي.
وقال المتحدث باسم المجموعة، سليمان ضيوف ديالو، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «علينا اليوم أن ندفع حكوماتنا ومؤسساتنا وشعبنا للتحرك نحو اتحاد فيدرالي، لأننا نعتقد أن الاتحاد وحده هو الذي يمكن أن يكون الحل العالمي والنهائي لأفريقيا». وأضاف: «نحن الأفارقة نريد أن يكون هناك اتحاد بين مالي وبوركينا فاسو، ولماذا لا تكون غينيا والسنغال وغانا في وقت لاحق؟!».
ووصلت المجموعة إلى واغادوغو، حيث اختتمت مسيرتها بالنصب التذكاري لتوماس سانكارا، تكريماً للرئيس السابق. وليس من الواضح بالضبط متى سيتم الإعلان عن هذا الاتحاد، وما الذي سيترتب عليه.
وقد تكثفت مؤخراً زيارات المسؤولين الماليين إلى بوركينا فاسو، حيث أوفد قبل أيام الرئيس الانتقالي المالي، عاصيمي غويتا، وزير دفاعه العقيد ساديو كامارا، حاملاً رسالة إلى رئيس البلاد، النقيب إبراهيم تراوري، أعرب فيها عن استعداد باماكو لتقاسم التجربة مع واغادوغو في مجال «محاربة الإرهاب».
وقبل ذلك، زار البلاد وفد مالي رفيع، برئاسة رئيس الوزراء شوغيل كوكالا مايغا، حيث عُقد اجتماع مشترك لحكومتي البلدين بواغادوغو. كما زار وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب بوركينا فاسو، وعقد رفقة نظيره من غينيا كوناكري، ووزيرة الخارجية البوركينية، اجتماعاً ثلاثياً تطرق للتحديات التي تواجه البلدان الثلاثة التي تحكمها أنظمة عسكرية انتقالية.
ومنذ 2015، تكافح بوركينا فاسو تمرداً عنيفاً تشنه جماعات مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، بدأ في مالي المجاورة عام 2012، وامتد إلى دول أخرى جنوب الصحراء الكبرى. وأودى العنف بحياة آلاف، وأدى إلى تشريد ما يقرب من مليوني شخص، وزعزعة الاستقرار السياسي.
والشهر الماضي، أعلنت حكومة بوركينا فاسو فسخ اتفاق عسكري أُبرم في 2018. ودعت باريس إلى سحب قواتها الخاصة التي تُقدَّر بنحو 400 جندي، في غضون شهر، في خطوة مماثلة لما قامت به مالي.
يقول المحلل البوركينابي والخبير بالشؤون الأفريقية محمد الأمين سوادغو، لـ«الشرق الأوسط»، إن «فشل الاستراتيجية الفرنسية في الساحل الأفريقي أدى إلى هذا الأمر»، مشيراً إلى وجود أكثر من 4500 عسكري فرنسي في مالي أكثر من 8 سنوات، قبل انسحابهم، وفي بوركينا فاسو أكثر من 400 عسكري، بينما الوضع يسوء يوماً بعد يوم في البلدَين، وقتل المدنيين وتهجيرهم مستمر من قبل الجماعات المسلحة الإرهابية.
وعمدت القيادة العسكرية في بوركينا فاسو، إلى تنسيق أمني وعسكري مع مالي. وقال سوادغو إن «مالي سبقت بوركينا فاسو في طرد السفير الفرنسي من باماكو، وإخراج القواعد الفرنسية من هناك، وأغلقوا عمل (إذاعة فرنسا الدولية)، ما رجح كثيراً أن بوركينا تتبع خطى مالي».



وكالة استخبارات أوروبية: برنامج سري روسي لتصنيع مسيّرات عسكرية بالصين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

وكالة استخبارات أوروبية: برنامج سري روسي لتصنيع مسيّرات عسكرية بالصين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)

أفاد مصدران من وكالة استخبارات أوروبية، ووثائق راجعتها وكالة «رويترز»، بأن روسيا وضعت برنامجاً للأسلحة في الصين لتطوير وإنتاج طائرات مسيّرة هجومية بعيدة المدى لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

وتطور شركة «آي إي إم زد كوبول» التابعة لشركة صناعة الأسلحة الروسية المملوكة للدولة «ألماز-أنتي»، وتجري اختبارات الطيران لنموذج جديد لطائرة مسيّرة تسمى «جاربيا-3» (جي3) في الصين بمساعدة متخصصين محليين، وفقاً لإحدى الوثائق، وهي تقرير أرسلته «كوبول» لوزارة الدفاع الروسية في وقت سابق من العام يحدد عملها.

وأبلغت «كوبول» وزارة الدفاع في تحديث لاحق أنها قادرة على إنتاج طائرات مسيّرة، بما في ذلك طائرات «جي 3»، على نطاق واسع في مصنع بالصين ليتسنى نشر الأسلحة في «العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا، وهو المصطلح الذي تستخدمه موسكو للحرب.

ولم ترد «كوبول» و«ألماز-أنتي» ووزارة الدفاع الروسية على طلبات للتعليق.

وقالت وزارة الخارجية الصينية للوكالة إنها ليست على دراية بمثل هذا المشروع، مضيفة أن البلاد لديها إجراءات رقابة صارمة على تصدير الطائرات المسيّرة.

وقال فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة فكرية دفاعية مقرها في لندن، إن تسليم طائرات مسيّرة من الصين إلى روسيا، إذا تأكد، سيكون تطوراً مهماً. وأضاف: «إذا نظرت إلى ما يُعرف أن الصين سلمته حتى الآن، فقد كان في الغالب سلعاً مزدوجة الاستخدام، مكونات ومكونات فرعية يمكن استخدامها في أنظمة الأسلحة. هذا ما وردت تقارير عنه حتى الآن. لكن ما لم نره حقاً، على الأقل بشكل علني، هو عمليات نقل موثقة لأنظمة أسلحة كاملة».

ومع ذلك، قال سامويل بينديت، الزميل البارز المساعد في مركز الأمن الأميركي الجديد، وهو مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، إن بكين ستتردد في الانكشاف على العقوبات الدولية بمساعدة آلة الحرب في موسكو، وإن هناك حاجة لمزيد من المعلومات لإثبات أن الصين تستضيف إنتاج طائرات مسيّرة عسكرية روسية.

وعبَّر مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض عن قلقه البالغ إزاء تقرير «رويترز» عن برنامج الطائرات المسيّرة، الذي قال إنه يبدو حالة عن شركة صينية تقدم مساعدات فتاكة لشركة روسية تخضع لعقوبات أميركية.

وقال متحدث إن البيت الأبيض لم ير أي شيء يشير إلى علم الحكومة الصينية بمثل هذه الصفقة، لكن بكين تتحمل مسؤولية ضمان عدم تقديم الشركات مساعدات فتاكة لروسيا لتستخدمها قواتها.

وأوضحت تقارير شركة «كوبول» لوزارة الدفاع الروسية أنه يمكن للطائرة «جي 3» أن تقطع مسافة تقدر بنحو ألفي كيلومتر بحمولة 50 كيلوغراماً. وفُرضت عقوبات أميركية على شركة «كوبول» في ديسمبر (كانون الأول) 2023.

وأفادت التقارير بأنه تم تسليم عينات من الطائرة وبعض نماذج طائرات أخرى مصنوعة في الصين إلى «كوبول» في روسيا لإجراء مزيد من الاختبارات عليها، بمشاركة خبراء صينيين مجدداً.

ولم تكشف الوثائق هويات المتخصصين الصينيين في الطائرات المسيّرة المشاركين في المشروع الذي أوردته، ولم يتسن للوكالة تحديد هوياتهم.

وكشفت وثيقتان منفصلتان راجعتهما «رويترز»، وهما فاتورتان أرسلتهما إلى «كوبول» في الصيف شركة روسية، قال مصدرا المخابرات الأوروبيان إنها تعمل وسيطاً مع الموردين الصينيين، عن أن «كوبول» تسلمت 7 طائرات عسكرية مسيّرة مصنوعة في الصين، بما في ذلك طائرتان «جي 3»، في مقرها الرئيسي بمدينة إيجيفسك الروسية.

ولم تحدد الفاتورتان، التي تطلب إحداهما الدفع باليوان الصيني، تواريخ تسليم، كما لم تحدد الموردين في الصين.

وقال مصدرا الاستخبارات إن تسليم عينة من الطائرات المسيّرة إلى «كوبول» لهو أول دليل ملموس عثرت عليه وكالتهما على تسليم طائرات مسيّرة كاملة مصنعة في الصين إلى روسيا منذ بدء حرب أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وطلبا عدم كشف هويتيهما، ولا وكالتهما؛ بسبب حساسية المعلومات. كما طلبا حجب بعض التفاصيل المتعلقة بالوثائق، بما في ذلك تواريخها الدقيقة.

وعرض المصدران على الوكالة 5 وثائق في المجمل، بينها تقريران من شركة «كوبول» لوزارة الدفاع في النصف الأول من العام والفاتورتان، لدعم ما ذكراه عن وجود مشروع روسي في الصين لتصنيع طائرات مسيّرة لاستخدامها في أوكرانيا. ولم ترد أنباء من قبل عن هذا البرنامج.

ولم تقدم تقارير «كوبول» للوزارة مواقع أكثر دقة للأماكن المتصلة بالمشروع. كما لم يتسن للوكالة تحديد ما إذا كانت وزارة الدفاع قد أعطت الشركة الضوء الأخضر للمضي قدماً في الإنتاج المتسلسل المقترح.

ودأبت بكين على نفي تزويد الصين أو الشركات الصينية لروسيا بأسلحة لاستخدامها في أوكرانيا، قائلة إن البلاد لا تزال محايدة.