تقرير «أممي» يدعو للتعاون المائي العابر للحدود بين 153 دولة

شدَّد في اليوم العالمي للمياه على تجاوز الخلافات حول الأنهار

تقرير أممي يشير إلى أن مليارَي شخص ليس لديهم مياه شرب «آمنة» (الأمم المتحدة)
تقرير أممي يشير إلى أن مليارَي شخص ليس لديهم مياه شرب «آمنة» (الأمم المتحدة)
TT

تقرير «أممي» يدعو للتعاون المائي العابر للحدود بين 153 دولة

تقرير أممي يشير إلى أن مليارَي شخص ليس لديهم مياه شرب «آمنة» (الأمم المتحدة)
تقرير أممي يشير إلى أن مليارَي شخص ليس لديهم مياه شرب «آمنة» (الأمم المتحدة)

أطلقت الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للمياه، الذي يتم الاحتفال به في 22 مارس (آذار) من كل عام، تقريراً عن تنمية المياه في العالم، دعت من خلاله إلى أن «تكون المياه مجالاً للتعاون وتجاوز الخلافات حول الأنهار، وليس النزاع». ويسلط التقرير، الذي نشرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، الضوء على الطرق التعاونية التي يمكن للجهات الفاعلة من خلالها العمل معاً للتغلب على التحديات المشتركة.
وقالت المديرة العامة لـ«يونيسكو»، أودري أزولاي، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمنظمة «هناك حاجة ملحة إلى إنشاء آليات دولية قوية لمنع أزمة المياه العالمية من الخروج عن نطاق السيطرة؛ فالماء هو مستقبلنا المشترك، ومن الضروري العمل معاً لتقاسمه بشكل عادل وإدارته على نحو مستدام».
وأشار التقرير إلى أن مليارَي شخص على مستوى العالم ليس لديهم مياه شرب «آمنة»، ويفتقر 3.6 مليار شخص إلى مرافق الصرف الصحي المدارة بأمان. وقال: إنه «من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان الحضر في العالم الذين يواجهون ندرة المياه من 930 مليوناً في عام 2016 إلى ما بين 1.7 و2.4 مليار شخص في عام 2050». وحذر من أن تزايد حالات الجفاف الشديدة والممتدة، يضغط أيضاً على النظم البيئية، مع عواقب وخيمة على كل من الأنواع النباتية والحيوانية.
وقال ريتشارد كونور، رئيس تحرير التقرير، للصحافيين في مؤتمر في مقر الأمم المتحدة: إن «المشاكل تتزايد، وإذا لم نعالجها، فستكون هناك بالتأكيد أزمة عالمية»، مشيراً إلى «زيادة الندرة التي تعكس انخفاض التوافر وزيادة الطلب، من النمو الحضري والصناعي إلى الزراعة، التي تستهلك وحدها 70 في المائة من مياه العالم». وأضاف، أن بناء الشراكات والتعاون أمران أساسيان لإعمال حقوق الإنسان في المياه والتغلب على التحديات القائمة.
ورداً على أسئلة المراسلين حول «حروب المياه» المحتملة في مواجهة أزمة عالمية. قال كونور: إن المورد الطبيعي الأساسي «يجب أن يكون سبيلاً إلى السلام والتعاون بدلاً من الصراع». وأضاف، أن «تعزيز التعاون العابر للحدود، هو الأداة الرئيسية لتجنب الصراع والتوترات»، مشيراً إلى أن 153 دولة تشترك فيما يقرب من 900 نهر وبحيرة وأنظمة طبقات المياه الجوفية، ووقّع أكثر من نصفها على اتفاقيات.
ويوضح التقرير بالتفصيل التجارب الجيدة والسيئة لجهود التعاون، وكيف يتوقف تسريع التقدم في تحقيق أهداف خطة عام 2030 ذات الصلة، على تعزيز التعاون الإيجابي والهادف بين المياه والصرف الصحي ومجتمعات التنمية الأوسع. وشدد على «تجاوز الخلافات حول الأنهار».
وقال كونور: إن «الابتكارات التي حدثت خلال بداية جائحة (كوفيد - 19) شهدت تكوين شراكات بين سلطات الصحة ومياه الصرف الصحي، والتي كانت قادرة معاً على تتبع المرض وتقديم بيانات مهمة في الوقت الفعلي».
ومن سكان المدن إلى صغار المزارعين، أسفرت الشراكات عن نتائج مفيدة للطرفين، وقال: إنه من خلال الاستثمار في المجتمعات الزراعية في المنبع، يمكن للمزارعين الاستفادة بطرق تساعد مدن المصب التي يغذونها، كما يمكن للدول وأصحاب المصلحة التعاون في مجالات، مثل مكافحة الفيضانات والتلوث، وتبادل البيانات، والتمويل المشترك في مجالات مختلفة، من أنظمة معالجة مياه الصرف الصحي إلى حماية الأراضي الرطبة، كما يجب تكثيف الجهود التي تساهم في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، المسببة للجفاف.
وقال يوهانس كولمان، المستشار العلمي الخاص لرئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: إن «الاستثمار في المياه هو مسألة استثمار حكيم». وتابع، أنه «في حين تؤثر موارد المياه وكيفية إدارتها على جميع جوانب التنمية المستدامة تقريباً، بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، فإنه تجب مضاعفة الاستثمارات الحالية أربع مرات لتلبية 600 مليار دولار سنوياً إلى تريليون دولار المطلوبة لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة بشأن المياه والصرف الصحي».
وأضاف «التعاون هو قلب التنمية المستدامة، والمياه هي رابط قوي للغاية، ولا ينبغي أن نتفاوض بشأن المياه، فهي بعد كل شيء، حق من حقوق الإنسان».
من جانبه، يرى حسن أبو النجا، الباحث المتخصص في المياه بجامعة كولن بألمانيا المدير التنفيذي للشبكة العربية للتنمية المستدامة، أن التحديات المتعلقة بالمياه التي أشار إليها التقرير، تكشف عن أهمية الحاجة إلى إنشاء نموذج جديد يربط بين المياه والمناخ. وأشار أبو النجا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «بعض الخطوات المحتملة لإنشاء هذا النموذج، ومنها تعزيز الفهم الشامل للمياه والمناخ، حيث يجب أن ندرك الطبيعة المعقدة والمتداخلة لقضايا المياه والمناخ، واعتماد نهج شامل يأخذ في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لهذه التحديات».
كما يجب «تعزيز ثقافة التعاون والابتكار»، وسيتطلب ذلك تطوير حلول جديدة لتحديات المياه والمناخ، ويحتاج ذلك إلى تعاون عبر القطاعات وتفكير مبتكر، ويجب علينا تشجيع ودعم الشراكات الجديدة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية لتطوير وتنفيذ حلول مستدامة.
ويشير أبو النجا أيضاً في هذا الإطار، إلى «التأكيد على أهمية المرونة»، حيث من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر وشدة الكوارث المتعلقة بالمياه، مثل الفيضانات والجفاف، وسيكون بناء المرونة في مواجهة هذه الآثار أمراً بالغ الأهمية للتكيف مع تغير المناخ. ويرتبط بذلك أيضاً، «تشجيع ممارسات الإدارة المستدامة للمياه»، حيث يمكن أن يساعد تعزيز ممارسات الإدارة المستدامة للمياه، مثل إعادة استخدام المياه والحفاظ عليها، في تقليل الضغط على موارد المياه العذبة ودعم التكيف مع تغير المناخ.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».